العيدية.. طقوس العيد التي لا تغيب

الدوحة – بزنس كلاس:

تعتبر العيدية واحدة من أهم مميزات عيد الأضحى المبارك  باعتبارها رمزاً ودلالة في التراث الشعبي وتنتقل من جيل إلى آخر لتحمل معنى التواصل الإنساني مع الآخرين خصوصاً الأطفال الذين يعتبرون العيدية واحدة من أهم طقوس العيد.

وللعيد في قطر مكانة إسلامية واجتماعية تختلف عن أيام السنة الأخرى، إذ أن مظاهره تعم الجميع، ما جعلها مصدراً لكتابات العديد من الكتَّاب والفنانين، والذين تناولوها في أعمالهم الإبداعية، سواء الأدبية أو الفنية.
تلك المظاهر لاتزال تحظى بمكانة كبيرة ، رغم التطور الحضاري المعاش، إذ مازاك ينظر إلى “العيدية”، على أنها رمز في التراث الشعبي والإسلامي، موغل في القدم، ما يجعلها أحد أهم مظاهر العيد التي يعيشها الكبار، ويفرح بها الأطفال عندما يرددون تلك الكلمات، وهو ما يعيد الأذهان إلى بيوت الجيران وأهل الفريج بالمقولة الشهيرة”عيدكم مبارك يأهل البيت”.
وتبدأ مظاهر “العيدية” بعد أداء صلاة العيد ، وحضور جميع أفراد العائلة لبيت كبير العائلة أبًا أو جدًّا، خالًا أو عمًّا لاجتماع العائلة على مأدبة ” افاله العيد ” التي تتزين بأكلات شعبية لا تُعَد وتُحصى إلاَّ في هذه الأيام، وبعد فطور العيد، واجتماع كل أفراد العائلة الكبيرة على مائدة كبيرة واحدة، ينصرف الجميع لمعايدة الجيران والأهل والأقارب والأرحام من الصباح حتى المساء.
العيدية في نظر المبدعين
ويرى الفنانون والكتاب أن للعيدية قيمة اجتماعية مهمة جدًّا، وخاصةً بالنسبة للأطفال فهي كما تقول السيدة أم خلف الراوية الشعبية المعروفة إلى أن أهمية العيدية تكمن في أنها إحدى المهارات الخاصة بالموروث الشعبي لدى دولة قطر، وأنها تجعل الأطفال يحبون مناسبات العيد وبعبرون عن فرحتهم، ويترقبونها لزيارة الأهل والأقارب للحصول على العيدية التي تدخل السرور إلى قلوبهم وتعودهم بشكل غير مباشر على تواصل الأرحام وزيارات الأهالي في الأعياد، لذا حرصت الأسر القطرية على الاستعداد لها بالحصول على الريالات الجديدة من البنوك قبل أيام العيد والتي تطرحها البنوك لهذه المناسبة على تعزيز هذه الفعالية وتوزيع العيدية من الأطفال خلال أيام العيد.
يقول الفنان خليفة جمعان السويدي إن العيدية تنمي قدرة الطفل على التصرف وأخذ القرارات فيما يمتلك من نقود وتدربه في المستقبل على كيفية التصرف في أمواله والتخطيط السليم لصرف نقوده.
ويرى أن تشجيع الطفل على التصرف السليم في عيديته يعطيه ثقة بنفسه، إلا أنه عاد وقال: إن على الآباء عدم انتقاد أطفالهم صراحةً في طريقة صرفهم للعيدية واتهامهم بالإسراف والتبذير؛ لأن هذا يفسد سعادتهم بها.
وينصح جمعان الآباء بضرورة نصح الأطفال بلطفٍ في هذا الأمر بالذات حتى تتكون لدى الطفل شخصية قوية مستقلة تتعلم كيف تصرف أمورها بنفسها مع الوقت, ولم يمانع الفنان خليفة من أن يكون للأهل دور في مشاركة أطفالهم في التخطيط لإنفاق العيدية بشرط أن يكون القرار الأخير للطفل حتى يحقق رغباته.
وحول أثر العيدية على نفسية الطفل يقول السويدي : العيدية تشعر الصغير باهتمام الكبار ورعايتهم فيزيد إحساسه بالأمان وهو شيء ضروري لصحته النفسية، أما بالنسبة لفائدة العيدية للكبار فيقول: إن العيدية لها فائدة أيضًا للكبار فهي تخرجهم من انشغالهم بذاتهم إلى الانشغال بسعادة الصغار, وبذلك يكتشف الشخص أن السعادة الحقيقية تكمن في إسعاد الآخرين وبهذا تكتمل صحته النفسية.
مظاهر العيدية
ويقول الشاعر عيسى شاهين إن العيدية لابد أن تظل نقدية وأن طلب بعض الأطفال من الوالد أجهزة تكنولوجية كعيدية أمر غير مستحب، مشددا على تمسكه بالعيدية النقدية لما لها من أثر طيب في نفوس الطفل، قائلا إن العيدية اليوم اعترتها كثير من مظاهر المبالغة ، وأنها يجب ألا تخرج عن إطارها المعنوي، لافتا إلى أن بعض العائلات صبغت العيدية بإطار مادي، حيث قد تصل عيدية الأطفال في بعض العائلات إلى الآلاف من الريالات، مطالبا الاهالي بالتنبه لكيفية صرف أطفالهم لعيدياتهم حتى لا ينفقوها في أمور غير مفيدة وتضر بهم.
واعتبر شاهين ان قيمة العيدية تختلف بحسب صلة القرابة، مشيرا إلى أنه بغض النظر عن نوعية العيدية وقيمتها المادية يبقى لها تأثيرها المعنوي المهم على كل من الكبير والصغير، فهي تعبير واضح عن التلاحم والتواصل بين العائلة الواحدة فهي عادة قديمة توارثها الآباء عن الأجداد، لتضفي على العيد بهجة.
يرى الباحث الشعبي عبدالعزيز رفعت أن للعيدية أثرين مهمين؛ الأول أثر مادي والآخر معنوي، مشيرا إلى أن الأثر المادي للعيدية اندثر، وذلك بسبب غلاء المعيشة. أما عن الأثر المعنوي فيرى أنه قد قلَّ كثيرًا عما كان عليه في الماضي، وهو أثر طبيعي متواكب مع اندثار العديد من مظاهر العيد وفرحته.
ويصل رفعت إلى القول بأن العيدية اختفت نوعًا ما عن الماضي وأصبح الأب فقط وعدد محدود من الأقارب هم مَن يقدمون العيدية للطفل، على عكس الماضي عندما كان الطفل يأخذ العيدية من عشرة أشخاص على الأقل سواء أقارب له أو من أصدقاء والده.
تفاعل
اعتادت المجمعات التجارية على الاحتفال بتقديم العيدية للاطفال الذين يزورون تلك المجمعات ، إذ أعدت هدايا خاصة بهم كما فعلت مؤسسة الحي الثقافي في تجهيز العيدية للزوار من الاطفال وكذلك سوق واقف ايضا حيث يقدمان هدايا مادية وعينية للاطفال وأسرهم بهذه المناسبة.
السابق
بلدية الدوحة: 3600 أضحية من الأغنام في مقاصب السوق المركزي
التالي
الحلويات والمشغولات اليدوية التراثية تحقق تواجداً متميزاً في سوق العيد