“مسرحية كندا” السعودية لتشتيت الانتباه عن هروب رأس المال

وكالات – بزنس كلاس:

لا يزال رد الفعل السعودي العدواني حيال كندا، على خلفية انتقاد الأخيرة لاحتجاز الرياض ناشطين حقوقيين، محور اهتمام الإعلام الغربي. وفي مقال رأي نشر أمس رأى موقع “بلومبيرغ” أنّ مشكلة السعودية الحقيقية ليست في المعركة مع كندا، وإنما في هروب رأس المال. ويبدو أنّ التداعيات الاقتصادية للخطوات السعودية العدوانية، وهو الوصف الذي أجمعت عليه القراءات الغربية للخلاف، قد تأخذ أزمة “هروب رؤوس الأموال”، التي تعاني منها المملكة، إلى مكان أكثر سوءاً.
وبحسب موقع “بلومبيرغ”، فإن حجم التجارة بين البلدين ضئيل، إذ لا يتعدى الأربعة مليارات دولار أمريكي، لكن هذا الخلاف الدبلوماسي زاد من أجواء الشعور بالخطر داخل مجالات الاستثمار السعودي، ومن المؤكد أنه سيؤدي إلى إخافة المزيد من رؤوس الأموال ودفعها لمغادرة السعودية.
وبحسب دراسة لمصرف “جي بي مورغان”، فإن تدفق أموال المقيمين في السعودية إلى الخارج قدّرت بـ 68 مليار دولار للعام الحالي، أي 8.4 بالمئة من الناتج الإجمالي المحلي، وهو رقم أقل من الـ 80 مليار دولار التي خسرتها المملكة العام الماضي، ولكنه دليل على “تواصل النزيف”، بحسب تعبير الموقع المتخصص بالشؤون الاقتصادية.
وهذا التقدير لـ”جي بي مورغان”، هو أيضاً تقدير لبحث جرى قبل الخلاف الكندي – السعودي. وبحسب “ستاندرد تشارتر”، فإن هناك قلقاً من أن تكون السعودية تمارس سياسة الاعتماد على المصارف وإدارة الأصول للحد من التدفقات الخارجية، وهي سياسة غير رسمية لضبط الأموال.
ويؤشر هروب رؤوس الأموال من السعودية إلى تقلص التفاؤل الذي أحاط بخطة 2030 الاقتصادية التى طرحها النظام السعودي. فالعديد من الإصلاحات الدستورية المذكورة في الخطة، والتي تهدف إلى تنويع الاقتصاد السعودي، وجذب الاستثمارات الخارجية، وخلق الوظائف، هي ضرورية لتحرير اقتصاد المملكة المعتمد على النفط، والذي تديره الدولة.
وأمل المستثمرون أن تواظب الرياض على الإصلاحات الاقتصادية، ولكنهم أصيبوا بخيبة أمل جراء إجراءات اتخذت داخل البلاد، لا سيما احتجاز رجال أعمال معروفين العام الماضي (في ما عرف باعتقالات الريتز)، والحملة الأخيرة لإسكات المعارضين، خصوصاً الناشطات منهم. هذه الإجراءات، بحسب “بلومبيرغ”، يُضاف إليها الخلاف مع كندا، تشير إلى أن المملكة تفضل استقرار النظام وتثبيت حكمه على حكم القانون وبناء المؤسسات والقوانين التي تساعد على محاسبة السلطة.

وبحسب “بلومبرغ”، فإنه مهما كانت الدوافع السياسية التي تقف خلف عمليات الاعتقال التي تنفذها السعودية، وخلافاتها الخارجية، فإن هذه الإجراءات لم تساعد على تصحيح المشكلة الأساسية التي يعاني منها الاقتصاد السعودي، ألا وهو أنه أسير الدولة، وكثير الاعتماد عليها. ولكن من أجل نمو القطاع الخاص، على رؤوس الأموال أن تشعر بالأمان، ويحتاج المستثمرون لضمانات قانونية تحميهم. لكن ذلك لم يحصل في السعودية، وعوضاً عن ذلك، تواصل عجلة الاقتصاد الاعتماد على الإنفاق الحكومي على المشاريع المرتبط بعائدات النفط: الودائع الحكومية تظهر في المصارف المحلية، ومن ثم القروض تذهب للمتعاقدين في القطاع الخاص المفضلين لدى الدولة. أما نشاطات الأعمال فتعيش مدها وجزرها وفقاً لحال العائدات النفطية.

ويلفت الموقع النظر إلى أنه “من المستغرب أن هروب رؤوس الأموال يحصل اليوم في المملكة بالرغم من عودة ارتفاع أسعار النفط”، الذي لا يبدو أنه أدى إلى طمأنة المستثمرين، الذين لاحظوا غياب ارتفاع موازٍ في أصول الاحتياطي الأجنبي. ويقول الموقع إن كل ذلك “يعكس صورة كئيبة ومألوفة: الإنفاق الحكومي في السعودية يزداد، النمو بطيء، المستثمرون خائفون، والإنتاج في مستوى سحيق،لا سيما أن سوق العمل يواصل انكماشه بسبب مغادرة العمال الأجانب، فيما تكافح الأشغال للتأقلم مع توظيف السعوديين بأجور عالية”.

السابق
سوق العيد.. أسعار متباينة وتميز حضور المنتج الوطني
التالي
لندن.. انطلاق حملة تسويقية ضخمة لمشروع “ساوث بنك بلاس”