مترو الدوحة.. مركبة قطر إلى المستقبل

المهام الخدمية واحدة من حزمة أهداف اقتصادية 

محطات متلاحقة تكمل خط النمو وتوسع هامش الطموح

معالم المدينة شواهد حية على الغنى الثقافي والمترو همزة وصل جغرافية

الدوحة تقفز إلى مصاف المدن من فئة “الخمس نجوم”

بزنس كلاس – خالد العيسى

يحتل مترو الدوحة بما تشهده دولة قطر من نمو وتطور متسارع قلب مشروع تحويل المدينة إلى تحفة فنية إضافة إلى أداة اقتصادية مهمة جداً قبل أن تكون خدمية في مدينة مترامية الأطراف تحتفل بالحداثة والتطور التكنولوجي مع الاحتفاظ بعبق الأصالة في كل زاوية من زواياها العتيقة.

فعندما نتحدث عن مدينة الدوحة لا يخطر ببال المرء سوى مدينة عامرة بناطحات السحاب التي تتوفر في قلب مدينة تضج بالحياة في أكثر حالاتها تطوراً مع التقنية العالية التي تقابلك كيفما اتجهت رغم احتفاظ المدينة بعبق الأصالة المستمدة من روح الماضي المجيد للبناء على أساسها في القادم من الأيام.

شواهد حية

النمو الاقتصادي والثقافي والاجتماعي يبدو جلياً وواضحاً في كل ركن حيثما توجهت في المدينة التي لا تنام على ضفاف الخليج ويجري العمل بورشة عمل كبيرة على تحويل تلك المدينة الهادئة إلى مقصد سياحي ليس للمنطقة فقط بل للعالم بأسره لما فيها من مناطق جميلة تستحق الوقوف عندها ومعالم أثرية تخبر السائح قصصها عن الماضي الغابر إضافة إلى توفر جميع الخدمات اللوجستية على أعلى مستوى من فنادق مريحة للغاية ومتوفرة بباقة متنوعة بشكل كبير تناسب جميع الأذواق والميزانيات.

كوجهة سياحية من المهم عندما تبدأ جولتك في الدوحة أن تسأل نفسك كيف سأنتقل في رحاب هذه المدنية المترعة بالرحابة، فلا يتبادر لذهنك أفضل من المترو لأنه يجعلك أقرب من الناس والمدينة بكل تفاصيلها. وهذا بالضبط ما فكر به القيمون على مشروع مترو الدوحة. فكيف لهذا المشروع الحيوي والهام جداً والذي سينقل الدوحة من مصاف المدن العادية إلى مرتبة المدن عالية الجودة أو مدن “الخمس نجوم”، أن يتحول أداة نجاح ورافعة اساسية في نهضة قطر لاسيما خدمة قطاع النقل الداخلي والأهم القطاع السياحي بكل تفاصيله الصغيرة في إطار تنويع مصادر الدخل الاقتصادي لدولة ناجحة كقطر؟

في كل الاتجاهات

مترو الدوحة كما يعرف الجميع مشروع طموح وعنــد الانتهاء مــن إنشــاء الشــبكة فــي عــام 2026، ســوف يضــم المتــرو أربعــة خطــوط تغطـي معظـم مناطـق الدوحـة وتربـط بيـن أكثـر المراكـز حيويـة فـي العاصمـة. فـي مركـز مدينـة الدوحـة، سـوف يكـون المتـرو تحـت الأرض أمـا فـي أطـراف المدينـة فسـوف تكـون الخطــوط فــوق ســطح الأرض أو علــى مســتوى الأرض.

وسوف تتوزع خطوط المترو على الشكل التالي:

– الخط الأحمر “الساحلي” المعروف بخط الساحل، هذا الخط شمال – جنوب سوف يمتد من الخور في الشمال إلى مسيعيد في الجنوب عبر لوسيل، الخليج الغربي، ومشيرب مع فرع من مطار حمد الدولي.

– الخط الأخضر “الخط التعليمي”: يصل خط مترو الدوحة الأخضر )الخط التعليمي( المنطقة الصناعية في جنوب الريان، ومحطة مكتبة قطر الوطنية وممر لطريق الشمال باتجاه الشمال.

– الخط الذهبي “الخط التاريخي”: يشار إلى الخط الذهبي أيضا بالخط التاريخي، ويمتد من محطة مدينة المطار الشمالية في الشرق إلى المدينة الصناعية في الغرب ليخدم شارع الوعب وطرقات شارع سلوى.

– الخط الأزرق “خط المدينة”: يمر خط المدينة بشكل نصف دائري ويصل الجزء التجاري من المدينة، الخليج الغربي بمطار حمد الدولي عبر طريق الدائري الثالث.

 

مراحل زمنية

مـن المتوقـع إنهـاء المرحلـة الأولى “المبين مخططها أعلاه” مـن المشـروع فـي الربـع الأخير من عـام 2019.وسـوف تتضمـن إنشـاء ٣٧ محطـة، بمـا فيهـا محطـة مشـيرب “قلب العاصمة”، إلا أن المحطـات المنجـزة لـن تكـون جميعهـا متاحـة للجمهـور فوراً. كمـا سـيتم بنـاء أكثـر مـن 5.86 كـم مـن السـكك أغلبهـا تحـت الأرضأمـا الأجزاء التـي سـتكون فـوق الأرض وعلـى مسـتوى الأرض فلـن تزيـد نسـبتها عـن 10%.

فإذا افترضنا أن أعمال المترو للمرحلة الأولى انتهت في الوقت المحدد كما هو مقرر لها في 2019 سوف تشكل هذه الخطوة تحول كبير في القطاع السياحي تحديداً بدولة قطر لأنها سوف تتيح للسياح ببساطة اختيار الخط الذي يرونه مناسباً لزيارة أكبر عدد ممكن من المقاصد السياحية الأساسية دون تكبد عناء السفر بالسيارة والوقوع في فخ الاختناقات المرورية وبالتالي سوف يصلون إلى مقاصدهم سواء للتسوق أو الاستمتاع بالمرافق والخدمات السياحية بوسيلة نقل حضارية ضمن أرقى الشروط المتوفرة للنقل السككي.

جولة افتراضية

لذلك إذا افترضنا بأننا الآن في العام 2019 وبأننا نريد القيام بجولة سياحية في الدوحة على متن المترو فيمكننا ان نختار بسهولة الخط الأحمر أولاً وهو الذي سينقلنا من مطار حمد الدولي حيث حطت طائرتنا إلى قلب الدوحة في مشيرب. ومن هناك نتوجه إلى أحد الفنادق المتوفرة بباقة متنوعة جداً حسب الأذواق والميزانيات لكنها تتشابه في قضايا مهمة على رأسهاالتميز والأناقة.

في اليوم التالي لرحلتنا الافتراضية، نتوجه إلى محطة مشيرب ونركب بمترو الخط الذهبي لزيارة راس بوعبودثم نعرج في طريق العودة على المتحف الوطني لنقرأ ونشاهد ونعيش تاريخ قطر. وبعد أن نقضي فترة الصباح والظهيرة بين هذين النشاطين لن نجد أفضل من محطة المترو التالية، سوق واقف، لنجلس فنرتاح ونأكل وربما نحتسي فنجان قهوة قطرية لذيذة. ثم نجول في السوق برحلة تسوق تقودنا إلى خيارات كثيرة وشديدة التنوع بين مولات ضخمة وأسواق عديدة.

في اليوم الذي يليه، نغادر الفندق لنركب بمترو الخط الأحمر هذه المرة حتى نزور الوسيل في نهاية الخط ثم نعود على نفس الخط لنعرج على جامعة قطر، فالقطيفيةوكتارا والقصار، حتى نصل إلى مركز الدوحة للمعارض والمؤتمرات لعلنا نحظى بفرصة حضور محاضرة مهمة أو مؤتمر دولي في زحمة المؤتمرات والنشاطات الدولية التي لا تنقطع في الدوحة. بعد ذلك قد نذهب لبعض التريض في الخليج الغربي ونحتسي فنجان قهوة بدون سكر على الكورنيش البحري مساءاً قبل أن نعود أدراجنا إلى مشيرب.

أما إذا كنا نقصد الدوحة للعلاج أو للسياحة العلاجية فعلينا أن نأخذ خط المترو الأخضر لزيارة مدينة حمد الطبية والحصول على ما نريد من علاج في منشآتها المختلفة واختصاصاتها الكثيرة حتى ان بعضها غير متوفرة بنفس الجودة والأسعار في أي دولة خليجية أخرى ولعل هذا أحد أهم الأسباب التي تجعل كثير من الخليجيين يأتون للعلاج في قطر. كما يمكننا على نفس الخط إذا كنا من محبي الثقافة أن نزور مكتبة قطر الوطنية ونقضي وقتاً بين صفحات كتب نادرة نطلع على محتوياتها ونستفيد منها. إضافة لذلك يمكننا أن نعرج على الريان القديم ونقضي وقتاً مريحاً هناك قبل أن نمر بالقصر الأبيض ونعود أدراجنا إلى مشيرب.

ما رأيكم بهذه الجولة السياحية على مدار ثلاثة او أربعة أيام في زوايا الدوحة الأربعة وبوسيلة انتقال مريحة وآمنة ورخيصة للغاية؟!

وظائف متعددة

هذه واحدة من أهم الوظائف التي يمكن لمترو الدوحة أن يلعبها في المستقبل بعد تنفيذه بنجاح. لكن لاكتمال هذا النجاح لابد للمترو العتيد أن يكون مجهزاً بشكل ممتاز ووفق أحدث التقنيات بالعالم في هذا المجال، وهذا بالطبع أمر حرصت قطر على تنفيذه بشكل تام. إضافة إلى لزوم توفر نظام تحكم إلكتروني آلي بحركة العربات منعاً لأي حوادث. والأهم من كل ما سبق توفير نظام تهوية ممتاز بحيث لا يشعر المسافر عبر المترو بأي فرق يذكر عن الانتقال من مكان لآخر بسيارة مكيفة خصوصاً في ظل الحر الشديد الذي تشهده الدوحة صيفاً. ويمكن أن تتحول محطات توقف المترو والتي سيكون عددها 37 في المرحلة الأولى و تصل إلى 70 في المرحلة الثانية، إلى متاحف وورش فنية مفعمة بالحياة تعكس للمارين فيها حضارة قطر ونموها الاجتماعي إضافة إلى جعل المرء يعيش لمحات من تاريخها من خلال ما يمكن أن يراه من لوحات فنية على جدران تلك المحطات.

مترو الدوحة هو مركبة قطر التي ستنقلها إلى المرحلة التالية من التفوق والتميز والإبداع. وهو مشروع وطني بامتياز سيشكل حتماً إضافة على قدر كبير من الأهمية لمواطني الدولة والمقيمين فيها، كما أنه سيشكل حجر أساس في تعزيز نمو الاقتصاد القطري وتنويع مصادر الدخل.

 

السابق
الأمن الغذائي القطري ورهانات المستقبل
التالي
رئيس أشغال: الحصار فتح سوقاً جديداً للمصانع المحلية القائمة والمستقبلية