المتابع للمجمعات التجارية في الدولة يجد سلعا صغيرة ومستلزمات حياتية متوسطة مستوردة تملأ الأسواق من دول أجنبية ودول مجاورة مثل منتجات صناعات التمور والمكرونة والصلصة والورق واللحوم والمواد الزراعية والبلاستيك والألبان، وفي الوقت نفسه لم تحقق إلا شركات قطرية قليلة نجاحا في تثبيت أقدامها بالأسواق المحلية، مثل شركات منتجات ألبان ودواجن والورق والمياه، ومنتجاتها متوفرة بالمجمعات التجارية، ما يطرح سؤالاً وجيهاً: هل يتجه رجال الأعمال في الدولة بالشكل المرجو نحو الصناعات الصغيرة والمتوسطة؟ حيث تلخصت أجوبتهم فيما يلي، حيث يقول عبد العزيز بن حمد العقيل، الأمين العام لـ «منظمة الخليج للاستشارات الصناعية»: إن عدد المصانع العاملة في قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة في دولة قطر بلغ 596 مصنعاً نهاية العام الماضي تمثل 77.3 % من إجمالي عدد المصانع العاملة في قطاع الصناعات التحويلية والبالغ عددها 771 مصنعاً.
أما الاستثمارات التراكمية لهذه الصناعات فبلغت 852.3 مليون دولار، وشكلت نحو 1 % من إجمالي الاستثمارات الصناعية البالغة قيمتها نحو 82.4 مليار دولار.
ولفت العقيل إلى أن عدد العاملين في هذا القطاع بلغ نحو 35.4 ألف عامل، أي نحو 47 % من إجمالي عدد العاملين في الصناعات التحويلية البالغ عددهم حوالي 75.5 ألف عامل، وأشار إلى أن دولة قطر بذلت خلال العقدين الماضيين جهودا مكثفة من أجل تشجيع هذا النوع من الصناعات الصغيرة والمتوسطة.
الأسباب الحقيقية
ويرى رجل الأعمال أحمد الخلف رئيس مجلس إدارة الشركة العالمية لتطوير المشروعات، أن «بعض رجال الأعمال يفضلون البناء والمقاولات والاستثمار العقاري وهي ليست صناعة إنما هي تجارة وريعها سريع، ولكن الصناعة تختلف، فهي استثمار طويل الأمد يحتاج إلى صبر وخبرة وتسويق وهي تحتاج إلى أن توفر لها الدولة البنية التحتية والبيئة الملائمة، وقطر بها مقومات يمكن تطوير الصناعة فيها بشكل كبير كالبنية التحتية وتشجيع الدولة والقوانين والأنظمة والتشريعات وعندنا مقومات لنجاحها مثل رخص الكهرباء وتوفر المياه».
ويشير الخلف إلى أن الدولة شيدت بنية تحتية هائلة لابد أن تتم الاستفادة منها وبالإمكان تطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة بشكل يجعلها تنافس المنتجات الأجنبية وبإمكان الشباب عمل شراكات إستراتيجية مع شركاء آخرين واليوم بنك قطر للتنمية تملكه الدولة وهناك تشريعات وقوانين تعطي الشباب قروضا ميسرة.
ويستطرد قائلاً: تلك المشروعات تريد منظومة متكاملة ورعاية والقطاع الخاص القطري عليه دور لبناء تلك الأنواع من الصناعات المتوسطة والصغيرة.
تحطيم الروتين
ويخلص للقول: من أجل بناء قاعدة من الصناعات الصغيرة لابد أن يتم بناء صناعة متوسطة، ونتمنى من الوزارات الرئيسية الإنتاجية أن تمنح الشباب ورجال الأعمال منهم رخصا لإقامة صناعة متوسطة وتسهيل إجراءات الحصول على الرخص وتوفير الأراضي، لكون أن رجل الأعمال، من أجل بناء مشروع، يحتاج سنتين لإنهاء الإجراءات، وعلى الدولة أن تكون صارمة وتحدد إصدار الرخصة في أسبوع أو اثنين على الأكثر، هناك عقبات بيروقراطية كثيرة وليست أساسية وإذا حصل رجل الأعمال على الرخصة لا يستطيع تحصيل الأرض ومن هذا المنطلق فرجال الأعمال، والشباب منهم، يتجهون للأسهل بعيدا عن التعقيد أو البيروقراطية».
الدعم الحكومي
ويقول عبد الرحمن بن عبد الله الأنصاري، الرئيس التنفيذي للشركة القطرية للصناعات التحويلية: إن الصناعة بشكل عام خيار إستراتيجي لدولة قطر قيادة وشعبا، ولا سيما دعم الصناعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، ولذلك تطرح الدولة الآن العديد من البرامج المتخصصة العديدة لمساعدة أصحاب تلك المشاريع وخصوصا الشباب منهم بمختلف السبل، ولذلك يقوم بنك قطر للتنمية بتخصيص برامج تمول مثل الحاضنات، وجاهز، وضمين، من أجل توفير التمويل المالي اللازم للنهوض بتلك الصناعات ومن هنا تقوم الدولة بواجبها.
بيد أن مشعل بن عبد الله النعيمي عضو المجلس البلدي يؤكد أن الشباب يحتاج إلى نوع من التوعية بأهمية الصناعات الصغيرة، تشارك فيها وسائل الإعلام المختلفة والصحافة، لكي يستفيد من الفرص المتوفرة وخصوصا التمويل المتوفر بجهات التمويل المملوكة للدولة من أجل الإقبال بالشكل المفترض على تلك الصناعات.
ويرى المهندس جاسم بن عبد الله المالكي مدير إدارة المناطق الصناعية السابق أن إقبال الشباب على الصناعات الصغيرة هو عنوان لنهضة الدولة في المستقبل وتقدمها ويتعين تضافر الجهود من أجل تذليل أي صعوبات تواجههم من أجل دخول هذا المجال من أوسع أبوابه. وهو ما أكده عبد العزيز بن ناصر آل خليفة.
مصانع الأغذية ومنتجات الألبان.. نموذج لنجاح التجربة القطرية
ثمة شركات صغيرة ومتوسطة في دولة قطر بالمئات الآن ويعمل في تلك الشركات عشرات الآلاف، سواء كانوا فنيين أو مهندسين وعمالا.
يقول رجل الأعمال علي حسين إن إدارة تلك الشركات في غالبيتها قطرية، وباتت الآن تلعب دورا متناميا وإن كان صغيرا نسبيا في خدمة مخططات التنمية في الدولة، بيد أن ما لفت انتباه «لوسيل» خلال جولة قامت بها بالمجمعات التجارية أمس ومن بينها اللولو والميرة وكارفور، أن منتجات شركة «المها» لتصنيع منتجات الألبان والعصائر تحتل مكانة بارزة على أرفف تلك المجمعات إلى جانب منتجات الشركات الرئيسية الأجنبية المصنعة للألبان والعصائر بشكل يعتبر مفخرة للصناعة القطرية.
وتنتج شركة «المها» الجبن والزبد والألبان بأنواعها المختلفة ومنتجات الزبادي إلى جانب كافة أنواع العصائر وتعمل على إرضاء كافة الشرائح والأذواق.
يقول محمد غانم – مستهلك: لا أشتري إلا المنتج المحلي، سواء كان من منتجات المها أو منتجات أخرى مثل بيض المائدة ومنتجات التمور والخبز وذلك لضمان سلامته لوجود رقابة مشددة على جودته، ومنتجات المها تعتبر بالنسبة لي نوعا من الفخر بالصناعة القطرية.
وتعود ملكية علامة المها التجارية لشركة الروضة لمنتجات الألبان والعصائر وهي جزء من «غانم آل ثاني القابضة ذ م م»، واحدة من أكبر المجموعات التجارية في دولة قطر، وحسب موقعها على الإنترنت أدرجت الشركة في أبريل عام 1979 بواسطة الشيخ غانم بن علي آل ثاني، وتقول الشركة إن موظفيها يركزون على العملاء وأنها تفخر بتقديم منتجات طازجة ومغذية ونقية وذات جودة للأسر.
وتضيف: «جميع الحليب ومنتجات الألبان تأتي من مزارع الحليب الطازج الخاصة بنا. ولدينا في مزرعة الألبان أكثر من 4000 بقرة هولشتاي، بمزرعتنا التي تقع في نفس المبنى على 550 هكتارا من الأراضي الزراعية».
وتتم تغذية الأبقار الحلوب على الأعلاف المغذية الغنية المزروعة في هذه الأراضي، وتقف هذه الأبقار في حظائر تصل مساحتها إلى 200 ألف قدم مربعة وتحلب مرتين في اليوم في قاعات حلب أوتوماتيكية بالكامل.