وكالات – بزنس كلاس:
يسيطر تصاعد انتهاكات المملكة العربية السعودية لحرية أداء الشعائر الدينية على مشهد موسم الحج لهذا العام مع بدء العد التنازلي لانطلاقه وتوافد الحجاج المسلمين إلى الأراضي الحجازية، وتتصاعد الشكاوى المتعددة من عديد الدول والمؤسسات بشأن تسييس السعودية لأداء شعائر الحج وممارساتها الابتزاز بحق دول وأفراد، إضافة إلى تصرفات مثيرة للاستهجان من الرياض في التعاطي مع الملف بأكمله. ويسود الغضب العديد من البلدان الإسلامية عشية موسم الحج لهذا العام من التصرفات السعودية والفشل الذي تتسم به إدارة السلطات فيها لموسم الحج وما يعتريه من انتهاكات وتسييس غير مسبوق لموسم الحج وقداسته، ومع هذا الغضب تتصاعد المطالب بضرورة إشراك المؤسسات والحكومات الإسلامية في إدارة المشاعر المقدسة في السعودية، وذلك بعد فشل الرياض في إدارة تلك المناسك والتسبب في حرمان الآلاف من المسلمين من العمرة والحج لأسباب سياسية، وذلك لضمان أقصى درجات الشفافية والنزاهة في إدارة المشاعر الإسلامية في مكة والمدينة.
منع حجاج سوريا وقطر
يبرز في صدارة انتهاكات السعودية حرمان السلطات السعودية الآلاف من أداء فريضة الحج خصوصا السوريين للعام السابع على التوالي والقطريين للعام الثاني لأسباب سياسية، وتؤكد منظمات حقوقية ودولية أن المنع السعودي لحجاج سوريا وقطر يمثل جريمة ضد الشريعة والقانون الدولي ويخالف كافة المواثيق والاتفاقيات الدولية بشأن حرية العبادة وعدم المس بها.
استهداف شخصي
ومن جانب آخر حذر ناشطون قطريون في حساباتهم على “تويتر”، المواطنين القطريين من التوجه للحج هذا العام، في ظل حملة التحريض المتواصلة على قطر منذ أكثر من عام، في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الإعلام السعودي وإعلام دول الحصار، خصوصاً بعد اعتقال السلطات السعودية أربعة مواطنين قطريين، أحدهم خلال توجهه للعمرة في رمضان الماضي.
ومؤخرا دشن الناشطون القطريون وسم “#لا_لذهاب_القطريين_للحج_هذا_العام”، محذرين فيه مواطنيهم من الحج، خشية اعتقالهم وتلفيق التهم لهم، ناشرين مقاطع من تحريض وسائل الإعلام السعودية على القطريين. وترفض وزارة الحج والعمرة في السعودية التواصل مع وزارة الأوقاف القطرية ومقاولي الحج للتنسيق بشأن ترتيبات حجّ القطريين، والتي تشمل تحديد حصة قطر، وترتيبات السفر والإقامة والتنقلات، والأماكن المخصصة للإقامة في مكة، ومواقع البعثة القطرية في المشاعر المقدسة بالنسبة للمسلمين في كل من منى وعرفات ومزدلفة، أسوة بالدول الأخرى، وهو ما منع حجاج دولة قطر من التوجه إلى المشاعر المقدسة العام الماضي.
وتشترط السلطات السعودية قدوم ومغادرة القطريين الراغبين في أداء مناسك الحج لهذا العام، عبر مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة، وعن طريق أيّ من شركات الطيران، ما عدا الخطوط الجوية القطرية، ما يعني عدم تمكن الحاج القطري من السفر مباشرة جواً من الدوحة إلى جدة، وعدم التمكن أيضاً من السفر برّاً إلى مكة، نظراً لإغلاق السعودية للمعبر البري مع قطر، كما أن الإجراءات السعودية تستثني المقيمين في قطر من أداء مناسك الحج، حيث لم توضح تعليمات وزارة الحج والعمرة السعودية كيفية التعامل مع طلباتهم للحج. وتسلب الشروط السعودية، التي تمارس التمييز ضد الحجاج القطريين، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في قطر من حقّها في الإشراف على حجاج دولة قطر ومتابعة أوضاعهم، كما أنها تسببت بإغلاق حملات الحج والعمرة القطرية، وقطع مورد رزق المئات من العاملين في هذه الحملات، الذين لحقتهم بالفعل خسائر فادحة، وأغلقت بعض الحملات أبوابها، نظراً لعدم تمكن القطريين من أداء مناسك العمرة ومن ثم الحج للعام الثاني على التوالي.
مواقف حقوقية معارضة
مؤخرا دعا حقوقيون وقانونيون بريطانيون السعودية إلى التوقف عن تسييس شعيرة الحج وإقحامها في الخلافات السياسية، وذلك خلال ندوة عقدت في البرلمان البريطاني تحت عنوان “الحج والحريات الدينية تحت الحصار”، ترأسها النائب آندي سلوتر وزير العدل السابق في حكومة الظل، وحضرها مجموعة من خبراء القانون الدولي وحقوق الإنسان.
وأكد المتحدثون الحقوقيون أن السعودية تستخدم الحج لابتزاز الدول ومنع المعارضين السياسيين ممن لا يتماهون مع الأجندة السعودية من أداء فريضة الحج. كذلك قالوا إن السعودية تمنع شعوباً بأكملها من الحج كالقطريين واليمنيين والسوريين تحت ذرائع واهية، محذرين من أن ذلك يعد انتهاكا للقانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان ويستوجب العقاب.
كما سبق أن وجهت الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين، رسالة إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف واللجنة الدينية وحرية المعتقد المنبثقة عن لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي لحثّ المجلس والبرلمان على مناقشة الانتهاكات التي ترتكبها إدارة الرياض في المشاعر المقدسة في السعودية والتي تمس حرية الدين والمعتقد بشكل صارخ والعمل على فتح تحقيق دولي في هذا الشأن، وأعربت الهيئة في رسالتها عن قلقها البالغ جراء تزايد وتيرة الانتهاكات الدينية التي ترتكبها السعودية بحق ممارسة العبادة بحرية وبدون قيود.
وأشارت إلى أنّ إدارة الرياض تعتقل وتمنع وترحل وتهين المعتمرين المسلمين الذين قدموا إلى السعودية بشكل رسمي بعد استكمال كافة إجراءات الدخول لأداء العمرة أو حرمان المسلمين من التسجيل للحج بسبب آرائهم السياسية المخالفة لسياسات السلطات السعودية، وأيضاً تمنع السلطات السعودية مواطني دول بأكملها من الحج والعمرة بسبب خلافاتها السياسية مع حكوماتهم، واستخدام ملف العبادات الدينية من أجل تحقيق مكاسب سياسية ومفاوضة الدول الإسلامية على حصصها من الحج والعمرة مقابل مواقف داعمة لنظام الحكم في السعودية.
وركزت الهيئة على أبرز الانتهاكات الدينية ضد دولة قطر، وخاصة تحويل شعيرة الحج لابتزاز سياسي عن طريق ترتيب شؤون الحج ومنح تصاريح لدخول السعودية، واستغلال الراغبين في الحج كورقة ضغط سياسية على حكومات بلدانهم، وتحويل شعيرة الحج لابتزاز سياسي، وطول الإجراءات المتبعة للحصول على تأشيرة.
وكذلك عدم السماح لحملات الحج والعمرة القطرية بإدارة شؤون الشعيرة لمواطني قطر، وعدم التعامل بالريال القطري في السعودية وفي المراكز المالية، وإغلاق المجال الجوي أمام حركة الملاحة الجوية القطرية، وعدم السماح للخطوط الجوية القطرية بعبور الأجواء، وإغلاق المنفذ البري الوحيد الذي يربط قطر بالسعودية، وعدم السماح للمركبات الخصوصية من الراغبين في أداء شعيرة الحج بالعبور. كما أشارت إلى الغموض الذي يلف إجراءات منح تأشيرة الحج للمواطنين القطريين، بالرغم من عدم وجود قسم قنصلي سعودي في الدوحة يتابع الإجراءات، وإغلاق السفارة السعودية لأبوابها منذ بدء الحصار، ومنع وحرمان المواطنين القطريين من حقهم في ممارسة الشعائر الدينية الإسلامية بحرية وبدون قيود.