تأمين الحقيبة الاستثمارية القطرية في الخارج

وكالات – بزنس كلاس:

أكد عدد من الخبراء والمستثمرين الأهمية المتزايدة للاستثمارات الخارجية لدعم الاقتصاد الوطني، وأشادوا بالدور الحكومي في حماية وتأمين هذه الاستثمارات بعد أن بلغ عدد الاتفاقيات الثنائية التي وقعتها الدولة لحماية الاستثمارات مع مختلف دول العالم  أكثر من 50 اتفاقية ثنائية، وهو ما يمثل ضمانة أساسية للمستثمرين والكيانات الاقتصادية القطرية العامة والخاصة في الخارج.

تنويع الاقتصاد
وأكد الدكتور سيف الحجري، الخبير الاقتصادي ورئيس مركز أصدقاء الطبيعة، أهمية الدعم الكبير الذي تقدمه الحكومة للمستثمرين القطريين في الخارج من خلال تهيئة البيئة المناسبة والآمنة لاستثماراتهم، مشيرا إلى أن الدول الناجحة اقتصاديا اليوم هي الدول التي تعمل على تنويع اقتصادها، وقطر بدأت هذه السياسة منذ عقدين تقريبا، حيث بدأت تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل بعد أن كان الاعتماد الأساسي على النفط وفي وقت لاحق الغاز، وبعض الصناعات المحلية، إلا أن القيادة الرشيدة بدأت تنظر إلى الاقتصاد بنظرة شمولية وبالتالي ظهر العديد من الشركات الخاصة، وخرجت الدولة من نطاق التركيز على النفط والغاز إلى الاستثمار الداخلي والخارجي، ونظرا للعائد المتوقع من الاستثمار الخارجي والذي لايقل عن العائد من الاستثمار الداخلي بدأ النظر في حماية هذه الاستثمار واختيار الدول الآمنة حتى لا تتعرض هذه الاستثمارات لأي مخاطر، وبالتالي أصبحت هذه الاستثمارات ترتبط باتفاقيات دولية وثنائية إلى جانب اختيار الدول الأكثر أمنا، كما اشرت إلى ذلك آنفا.

ويضيف الدكتور الحجري أن هذه الاستثمارات تشكل رافدا مهما وحيويا للاقتصاد الوطني، وتنويعه في مختلف المجالات، فمثلا لو نظرنا إلى هذه الاستثمارات سنجدها استثمارات ذكية ونوعية في أوروبا وأمريكا وآسيا وافريقيا، كما سنجد أن هذه الاستثمارات كلها تتركز في قطاعات آمنة بفضل حسن تصرف الجهات الحكومية المسؤولة عن هذه الأموال، لأن قوة هذه الاستثمارات ونجاحها جزء من قوة ونجاح الاقتصاد القطري، وهناك ردة فعل إيجابية لهذه الاستثمارات، لأنه عندما ينظر إليك الآخرون كمستثمر وشريك موثوق وذي مصداقية، وخاصة في الدول الشقيقة والصديقة، يبدأ الآخرون يتطلعون إلى اقتصادك ومشاريعك، وعندما تكسب ثقتهم يبدأون في التطلع والرغبة في الاستثمار لديك.

ومن أهم الفوائد المترتبة على نجاح هذه الاستثمارات يقول الدكتور الحجري، إن قطر اصبحت تحمل ثقة إقليمية وعالمية كأهم الدول الناجحة اقتصاديا في المنطقة، كما أنها توسع علاقاتها الخارجية وحجم الاتفاقيات التي وقعتها لحماية الاستثمارات فتحت آفاقا واسعة في الاتجاهين لتعزيز الشراكات الاقتصادية مع مختلف دول العالم، وخاصة المؤثرة اقتصاديا. واليوم نرى الكثير من الاستثمارات الأجنبية تأتي لقطر سواء من خلال رؤوس أموال أو شركات أو مستثمرين أفراد لثقتهم في اقتصادنا الوطني الذي ينمو نموا متزنا ويحقق إنجازات متتالية تؤكد كل التقديرات الاقتصادية أنها ستستمر بنفس الوتيرة وأعلى نظرا لحجم الانفاق الكبير على المشاريع والتوسع في الاستثمارات والمداخيل محليا وخارجيا.

إستراتيجية ناجحة
ويقول السيد محمد مبارك السليطي: إن الاستثمار القطري في الخارج أحد الاستراتيجيات المهمة التي نجحت فيها حكومة قطر بفضل السياسات الحكيمة لقيادتنا الرشيدة من حيث اختيار الفرص والتركيز على الصفقات الناجحة، كما استفادت هذه الاستثمارات من العلاقات المتميزة التي أرساها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، أمير البلاد المفدى حفظه الله مع كل دول العالم، والتي كان آخرها زيارة سموه حفظه الله لبريطانيا ورأينا إطلاق مشاريع واعدة بالتزامن مع هذه الزيارة منها على سبيل المثال إعلان شركة الديار القطرية بدء أعمال تطوير فندق روزوود (Rosewood) الكائن في قلب حي مايفير بالعاصمة البريطانية لندن، بكلفة مليار جنيه إسترليني (1.32 مليار دولار)، وبفضل هذه العلاقات أصبح المستثمر القطري محل تقدير وترحيب في العالم أجمع أينما حل سواء في الدول العربية أو الأجنبية، وقد لمسنا ذلك بأنفسنا حيث نحظى بالترحيب في أي بلد نزوره ونجد الجهات المعنية بالاستثمار في هذه الدول مرحبة بالاستثمار القطري لثقها في قطر وفي اقتصادها، ولأن اسم قطر اليوم اصبح مقرونا بفضل الله وبحكمة قيادتها بالنجاح والتميز والريادة.

ويضيف السليطي إن الاستثمار القطري في الخارج يعتبر إحدى الآليات الرئيسية لتنويع مصادر الدخل في المديين المتوسط والطويل، فهو على تعبير بعض الخبراء هو نفط قطر غير الناضب والمصدر المتجدد لدعم وتنويع الاقتصاد القطري، كما تولي الحكومة أهمية قصوى للاستثمار الأجنبي في إستراتيجياتها الاقتصادية، حيث يحظى بخطط وبرامج طموحة من أجل تحقيق الأهداف الاقتصادية والتنموية المتضمنة في رؤية قطر لعام 2030. ومن هذا المنطلق نلاحظ تواجد الاستثمارات القطرية في كبرى الاقتصادات العالمية على غرار الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، حيث تؤكد الأرقام المعلنة في هذا الصدد بلوغ الاستثمارات القطرية في هذه الدول نحو 135 مليار دولار أي ما يمثل نحو 42% من استثمارات جهاز قطر للاستثمار في العالم والمقدرة بنحو 320 مليار دولار..

كما نلاحظ تنوع الاستثمارات القطرية في الخارج بالعديد من القطاعات مثل الطاقة والعقارات والفنادق والخدمات المالية والاتصالات والرياضة والسياحة والبنية التحتية وتكنولوجيا المعلومات والتقنيات الحديثة والنقل، وغيرها من المجالات التي جعلت من الاستثمار الخارجي قطاعا مهما من القطاعات الاقتصادية بالنسبة للدولة ليس فقط على المستوى الحكومي، بل على المستوى الشخصي، فالمستثمرون القطريون أصبحوا مهتمين بهذا القطاع وينظرون إليه كمصدر مهم من مصادر الدخل وتنويع المحافظ الاستثمارية.

نمو لافت 
السيد أحمد محمد الهتمي أن توقيع الدولة على أكثر من 50 اتفاقية ثنائية لحماية الاستثمارات مع دول مختلفة في شتى أرجاء العالم، يؤكد حرص القيادة الرشيدة على حماية مصالح الدولة والمواطنين، وتوفير الضمانات الأساسية للمستثمرين والكيانات الاقتصادية القطرية العامة والخاصة في الخارج، مشيرا إلى أن الآليات الدولية المتبعة في حماية الاستثمارات الخارجية تلعب دورا مهما في ضمان وحماية الاستثمارات الأجنبية في العالم، حيث تحرص المنظمات والاتفاقيات الدولية الخاصة بالاستثمار في العالم على وضع قواعد موحدة لمعاملة الاستثمارات دون تمييز بين الدول المصدرة للاستثمار والدول المضيفة له، وذلك لتحقيق التوازن بين المصالح المتعارضة ما بين المستثمر الأجنبي الذي يسعى إلى توظيف استثماراته، والدول التي تتمتع بقوانين حديثة وبيئة أعمال جاذبة للاستثمار.

ويضيف الهتمي إن الاستثمارات القطرية شهدت نمواً لافتاً خلال العقدين الأخيرين سواء على الصعيد الداخلي أوالخارجي، حيث شهدت الاستثمارات القطرية في الخارج نموا كبيرا، عززتها قوة الاقتصاد القطري وتنوعه، والجهود الحكومية التي تدعم هذا التوجه حيث لاحظنا الجولات الترويجية التي قامت بها وزارة الاقتصاد والتجارة وغرفة قطر ورابطة رجال الأعمال القطريين في مختلف دول العالم خاصة في أوروبا وأمريكا وآسيا للتعريف بالاقتصاد القطري وآفاقه الاستثمارية وكذلك التعرف على الفرص الاستثمارية في الخارجية وإطلاع المستثمرين القطريين عليها، وهو ما عزز الشراكات الاقتصادية والاستثمارية بين رجال الأعمال القطريين وشركائهم في الخارج.

وكدليل على هذا النشاط مثلا وقفنا على إحصائية صادرة عن إحدى الجهات الرسمية تقول إن نحو 90 وفدا تجاريا يمثلون حوالي 53 دولة من مختلف دول العالم، زاروا الدوحة خلال عام كدليل على جاذبية مناخ الأعمال في الدولة، ومن المعروف أن مثل هذه الزيارات المتبادلة لوفود رجال الأعمال تسهم في تنشيط التعاون التجاري والاقتصادي، ويتم خلال هذه اللقاءات بحث الفرص الاستثمارية المتاحة في قطر وفي تلك الدول، وإمكانية إقامة تحالفات وشراكات بين الشركات القطرية ونظيرتها في تلك الدول بما يدعم التعاون الاقتصادي، بالإضافة إلى مجالات التعاون المحتملة بين أصحاب الأعمال القطريين ونظرائهم من الدول الزائرة، كما يتم بحث الدخول في شراكات وتحالفات تجارية مع الشركات القطرية.

ويقول الهتمي إن المؤسسات المالية تتمتع بسمعة عالمية تجعل منها قبلة لكل الباحثين عن الاستثمار الآمن والموثوق، ومؤخرا حلت 6 بنوك قطرية في قائمة براند فاينانس العالمية لأفضل 500 علامة مصرفية في العالم لعام 2018، كما حققت الدولة عودة ناجحة إلى أسواق المال العالمية بعد أن طرحت سندات مكونة من 3 شرائح بقيمة 12 مليار دولار أمريكي وهو أكبر إصدار للسندات وحقق أعلى طلبات اكتتاب في الأسواق الناشئة منذ بداية العام الجاري، حيث أفادت وزارة المالية في تعليق لها على إصدار بأن إجمالي الاكتتاب على السندات التي طرحتها الدولة بلغ 52 مليار دولار، وهو ما يعكس متانة الوضع الائتماني للدولة وقوة اقتصادها والتوقعات المستقبلية المتميزة لنمو اقتصادها محليا ونمو استثماراتها خارجيا.

السابق
إيكونوميست: الإعلام السعودي أصيب بالسعار
التالي
أسعار صرف الريال القطري مقابل العملات الأجنبية ليوم السبت 28 يوليو / تموز