إيكونوميست: الإعلام السعودي أصيب بالسعار

وكالات – بزنس كلاس:

أكدت مجلة «الإيكونوميست»البريطانية أن الإعلام السعودي دخل في نوبة سعار عقب الأزمة مع قطر ؛ وان الذين اختاروا الصمت حيال الحصار تم اعتقالهم وكثيرون زج بهم في السجون لشهور دون أن يفعلوا شيئا.

وقالت: تعد السعودية الآن بالفعل واحدة من أسوأ دول العالم في حماية حرية الصحافة. وان الإعلام في السعودية والإمارات يخضع لسيطرة مطلقة. وانه لا يوجد مقال واحد في السعودية يكشف الأخطاء بالخطة الاقتصادية الحالية بالمملكة.

جاء ذلك في حوار أجرته مجلة «الإيكونوميست» البريطانية من واشنطن مع الإعلامي السعودي خاشقجي وقال انه مع أزمة حصار قطر، دخلت وسائل الإعلام السعودية في نوبة من السعار، والسعوديون الذين التزموا الصمت حيال الأزمة كانوا يتهمونهم بالخيانة ، وهو ما قادني للتفكير في الرحيل كي أكون آمناً؛ فحزمت حقائبي وذهبت إلى أمريكا، ولقد كنت خائفا من أن يتم منعي من السفر حيث سمعت أن العديدين قد تم وضعهم على قوائم الممنوعين من السفر، فقلت لنفسي “فلأرحل الآن مبكرا “.وحينما وصلت إلى واشنطن تصاعدت الأحداث، والاعتقالات.

وأضاف ان الاعتقالات الكبرى كانت (لبعض الأمراء ورجال الأعمال البارزين مثل الوليد بن طلال الذي تم احتجازه في فندق الريتز كارلتون) والعديد من أصدقائي تم اعتقالهم أيضا.

وردا على سؤال حول هل كان له أصدقاء بين هؤلاء الصحفيين قال : أصدقاء صحفيون ونشطاء وأشخاص بارزون بمواقع التواصل الاجتماعي، وأصدقاء عاديون ممن أعرفهم، ومعارف أيضا، وأكثر ما أزعجني أن ذلك كان دون وجود سبب، وقلت حينها إنه إذا كان يتم اعتقالك وأنت لم تقم بأي شيء فإنه أمر مؤلم حقا أن يحدث على هذا النحو، والآن وبعد مرور ثمانية أشهر فلم يتم توجيه لهم أي تهمة، والعديد منهم قضى شهورا في الحبس الانفرادي، وقد اتصل بي شقيق واحد منهم قائلاً إنه ليس بإمكاني تصور ما مر به، حيث زار شقيقه ووجده محطما للغاية، نحن نتحدث عن اقتصاديين ومثقفين وكتاب، ليسوا مجرمين اعتادوا على تلك الحياة القاسية. الأشخاص مثلي ومثلك- يقصد محرر الإيكونوميست- إذا ما تعرضوا لتجربة السجن، فإنها قد تكسرهم وتحطمهم خاصة إذا ما كانت في بلادك.

*منفى اختياري
وعما إذا كان يعتبر نفسه الآن في منفى اختياري قال خاشقجي أنا في منفى اختياري بالفعل، فلا أرى نفسي كمعارض للنظام، أريد فقط أن أكون كاتبا مستقلاً، وهذا ما أقوم به بصحيفة “الواشنطن بوست” ككاتب متعاون، أنا فقط أكتب وجهات نظري كمواطن سعودي، وقد شرعت بكتابة مقالي المقبل والذي أقترح فيه لماذا تحتاج الإدارة السعودية الجديدة للصحافة الحرة، وأطرح في المقال اتخاذ قانون النشر الكويتي كنموذج لتحقيق ذلك، فالإعلام الكويتي لديه مساحات أكبر للحوار وتبادل وجهات النظر ومراجعة الحكومة والحفاظ على توازنها.

* لا أفكر بالعودة خوفا على حياتي
وعن رأيه هل من الممكن أن تتواجد حرية تعبير في المملكة قال : نعم نعم بالتأكيد، فإذا ما كانت الكويت والأردن والمغرب تتمتع بذلك فلماذا لا نستطيع نحن.وعن خططته في حال عودته للسعودية قال : أنا لن أعود، فلا أستطيع المخاطرة بحريتي، فبالتأكيد لن أكون سعيدا حينما يتم وضعي بالسجن، كما لا أريد أيضا أن أكون مناضلا تضرب به الأمثال، كل ما أريده هو أن أكون كاتباً حراً، وأعتقد أنني أخدم وطني وشعبي عبر تقديمي لوجهة نظر مستقلة، وغالبا ما أتعرض للاتهامات في السعودية، ولكن الانتقادات الموجهة لي لا تستخف بأفكاري، فيوجد حوالي 30 أو 40 مقالا تمت مهاجمتي من خلالهم في الصحافة السعودية، ولكن أحداً منهم لم يناقش أيا مما أكتبه، هم فقط يهاجمون شخصي ويرونني كخائن من خلال كتابتي بالصحافة الأجنبية، ولكنهم لا يناقشون ما أقوم بكتابته.

* مهزلة الصحافة العربية
وردا على سؤال عن بقية الدول العربية وقدرة الصحفيين على الكتابة بحرية وخاصة في مصر على سبيل المثال رأى خاشقجني أن مصر تعيش في حالة فوضى، فلا توجد أي حرية على الإطلاق، بل يجعلون من الصحافة مهزلة، فإما أن يكذب الصحفيون أو تخبرهم الحكومة بأن يكذبوا أو بنسج نظريات المؤامرة، وإذا كنت تعمل في مؤسسة إعلامية فليس بإمكانك تصديق أي شيء تقرؤه في الصحف المصرية، ولا يمكنك الوثوق بأي رقم يتم ذكره بتلك الصحف، وهذا أمر محزن حقا لأن مصر هي موطن الصحافة العربية، لكن في الدول العربية، فإن البلاد التي يمكنك أن تجد بها صحافة لائقة فهي ترتبط أساسا بهامش الحرية فيها مثل: تونس والمغرب والكويت ولبنان. بينما تخضع لسيطرة شديدة، سواء في السعودية أو في الإمارات.

وقال إن الإدارة السعودية ستنفق عشرات الملايين في إنشاء مدينة ترفيهية جنوب الرياض، ولم يكن هناك مقال واحد يناقش جدوى هذا المشروع، ففي المقابل حينما تشرع أمريكا مثلا في إنشاء خط مترو أنفاق جديد، فستجد هناك مناقشات حول إذا ما كان ذلك قراراً حكيماً أم لا.

*قصة الرحيل من المملكة
وحول قصة رحيله من المملكة قال خاشقجني: لقد حدث هذا في مثل هذه الفترة قبل عام مضى، وكنا في شهر رمضان، وعادة نحن السعوديين وخاصة شخصا مثلي من المدينة كنت أحب أن أقضي الشهر الفضيل في السعودية وبالمدينة، ولكني لم أكن أشعر بالراحة، لقد كنت متوترا؛ حيث تم منعي من الكتابة أو “التغريد” في تلك الفترة.

وقال لم يعطوني سببا حينما أمروني بالتزام الصمت، ولكن كل هذا حدث بعد خطابي بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، والذي قلت فيه “إن السعودية ينبغي ألا تشعر بالراحة حيال فوز دونالد ترامب، فإذا كانت السعودية غير متقبلة لسياسات الرئيس السابق باراك أوباما بعدم دعمه للموقف السعودي بسوريا، فعليها توقع السياسات نفسها من ترامب بسبب علاقات ترامب مع روسيا”، وقد نقل معهد واشنطن تلك التصريحات، وقد علمت بعدها من أحد المصادر الوثيقة بالديوان الملكي، أنهم كانوا خائفين حينها أن تضر تصريحاتي بالمحادثات التي تجريها الإدارة السعودية مع فريق الرئيس ترامب، وكان ذلك أمراً في منتهى السخافة، فأنا لم أكن سوى مجرد صحفي.

*التوسع في قمع الحريات
ورأت المجلة في تقديمها للحوار انه إذا كانت السعودية تتبنى رؤية اقتصادية مختلفة لتحويل المملكة إلى اقتصاد غير نفطي، فإنها توسعت في قمع الحريات السياسية والقدرة على المعارضة والاحتجاج، وقد احتجزت المملكة ملاك وسائل الإعلام السعودية وحصلت على امتيازات منهم في مقابل إطلاق سراحهم، فيما كان الاعتقال من نصيب العديد من الناشطات اللاتي طالبن بحق المرأة في القيادة، كما حدث مع لجين الهذلول التي تم إيداعها السجن.، فيما يواجه الصحفيون السعوديون الذين تربطهم علاقات مع سفارات أجنبية خطر اتهامهم بالخيانة؛ حيث تعد السعودية الآن بالفعل واحدة من أسوأ دول العالم في حماية حرية الصحافة، وعلى الرغم من تودد الإدارة السعودية الجديدة للغرب.

السابق
الحكومة الإلكترونية.. 50% راضون جداً
التالي
تأمين الحقيبة الاستثمارية القطرية في الخارج