رجال الأعمال يعيدون كرة الأزمة إلى مرمى المحاصرين

استثماراتهم تكسر الحصار وتمتد داخلياً وخارجياً

الشركات والمصانع ترفع سقف الجودة والمنتج المحلي يقفز إلى واجهة السوق

اقتصاديون: الصناعة الوطنية ستشهد تطورا كبيرا

 

 

بزنس كلاس- إسلام السيد

رب ضارة نافعة، هذا لسان حال كل مواطن ورجل اعمال قطري، والذين تمكنوا في وقت قصير من تحويل الحصائر الجائر على قطر في مصلحتهم، حيث ساهم التعاون الكبير بين التجار والمستثمرين من جهة والجهات الرسمية من جهة أخرى في فتح قنوات جديدة لموردي السلع منذ بداية الحصار، خاصة السلع الغذائية وتلك المتعلقة بالمواد الأولية للبناء، وهو ما انعكس بالإيجاب على قطاع الاعمال بالدولة الذي سجل انتعاشا ملحوظا على كافة المستويات.

ويوما بعد يوم يثبت الاقتصاد القطري قدرته على تجاوز تبعات الحصار الاقتصادي الذي تفرضه الدول المقاطعة لقطر، ويحقق نجاحات متعددة في مختلف القطاعات وعلى راسها القطاع الصناعي الذي شهد حراكا كبيرا خلال الأسابيع الماضية في ظل رغبة رجال الاعمال الاستفادة من التسهيلات التي تقدمها الدولة في توسيع قاعدة قطاع الصناعة في السوق القطرية، خاصة ان توطين الصناعات هو أجدى وأسرع الطرق لتحقيق رؤية قطر 2030.

وأكد اقتصاديون ورجال اعمال بأنّ الظروف الحالية وفي ظل الحصار الجائر على قطر، تستوجب تكاتف جميع الجهات المختصة وصنّاع القرار والخبراء لوضع خطة عمل تحقق رؤية قطر، ومنها توطين الصناعات، مشيرين الى ان هناك الكثير من الصناعات التي يتم استيرادها بصورة مستمرة من مواد ومعدات وغيرها، هي صناعات قابلة للتوطين تستطيع المنشآت الصغيرة والمتوسطة تبنّيها إذا ما وجدت الدعم والتسهيلات من صناديق التمويل الحكومية وغير الحكومية.

استثمارات آمنة وذات جدوى

وقال رجال الاعمال: أن الاستثمار في القطاع الصناعي آمن ويحقق جدوى اقتصادية كبيرة، خاصة في وجود وعي لدى المستهلك بأهمية اختيار المنتج المحلي الذي ينافس المنتجات المستوردة من حيث النوعية والأسعار المغرية، وشدد رجال الاعمال على أهمية الاستثمار المحلي لسد حاجة السوق من الأغذية والمنتجات الزراعية ومواد البناء والحديد والأسمنت، وغيرها من المنتجات الحيوية والاستراتيجية، من خلال وضع برامج وخطط للنهوض بالاستثمارات المحلية في مختلف القطاعات. مشيدين  في الوقت نفسة بتحفيز رجال الأعمال للتوجه نحو الصناعة من خلال توفير المقومات الأساسية.

وأكد رجال الاعمال أن المنتج المحلي أثبت وجوده في الأسواق خاصة بعد الحصار، حيث نشطت الشركات والمصانع وعززت من جودة منتجاتها، ودعوا  إلى مزيد من تسهيل الإجراءات لتحفيز وتشجيع الاستثمارات ، فضلا عن دعم مؤسسات قطاع الأعمال لتكون قادرة على تحقيق رؤية الدولة.

دعم وتسهيلات وتنفيذ

وشددوا على ضرورة تعاون الجهات المعنية لتقديم التسهيلات اللازمة، وإصدار التراخيص وكل ما يتعلق بمزاولة الأعمال المحلية، بما في ذلك الزراعة والصناعة، مشيرين الى أن هذه المجالات تحتاج لكثير من الدعم والتسهيلات سواء من وزارة الاقتصاد والتجارة أو غرفة تجارة وصناعة قطر وبنك التنمية.

وافادوا بأن كثيرا من القرارات التي صدرت طوال السنوات الماضية لدعم المنتج الوطني، لم تكن تجد طريقها للتنفيذ، وكان يتم الالتفاف حولها من قبل مسؤولي التوريد في المؤسسات والشركات، أما اليوم فنجد ان الجميع يتكاتف لدعم المنتج المحلي في ملحة تبين اصالة الشعب القطري اثناء الازمات.

دور بنك التنمية

ونوه الخبراء بالدور الكبير الذي يقوم به بنك قطر للتنمية في هذا الخصوص، وقالوا: إنه يبذل جهودا جبارة لتمويل القطاع الخاص والمساهمة في إنجاح مشروعاته، خصوصا المشاريع الاستراتيجية، مشيرين إلى أن بنك قطر للتنمية لديه خطط وبرامج عملاقة للتمويل، وأيضا تشريعات من قبل البنك لتقديم الدعم اللازم من دون فوائد.

وفي هذا الإطار، نظم بنك قطر للتنمية مؤخرا ملتقى اشتر المنتج الوطني الذي جمع 70 شركة قطرية في خمسة قطاعات رئيسية مع 250 من المشترين المحليين وذلك بهدف تشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة على توسيع نطاق عملها المحلي في قطاعات الحديد والصلب والبلاستيك والخشب والألمنيوم والنحاس ومواد البناء العامة.

توطين الصناعات

وقال الخبراء ان هناك توجها من الجهات المعنية بالدولة خلال الفترة المقبلة لتشجيع رجال الأعمال على توطين المزيد من الصناعات أبرزها القطاع الغذائي، حيث سيتم منحهم حوافز جديدة، وتقديم التسهيلات التي تعينهم على البدء بمشروعاتهم.

وأشار الخبراء الى انه يمكن  تلبية احتياجات السوق المحلي من الخضراوات خلال السنوات الخمس المقبلة، وذلك في حال توفر الاراضي والتسهيلات اللازمة ووضع التشريعات لتشجيع المستثمرين، مؤكدين أن هذه الخطوات من شأنها تشجيع المستثمرين لتحقيق روية قطر الوطنية في مجال الأمن الغذائي السنوات القادمة.

وقال الخبراء: لتنفيذ ذلك يجب دراسة الأسواق وما تحتاج إليه ومدى توفر المواد الأولية لإقامة المصانع وخلق فرص عمل لتحقيق ما يسمى الأمن الصناعي والغذائي لتلبية احتياجات المستهلك والدولة. مشيرين إلى أن قطر تمتلك مميزات عدة ومنها موقعها الجغرافي.

تحقيق الأمن الغذائي

وأضافوا: أن رجال الاعمال يعملون على تعزيز الانطباع بمقدرة القطاع الخاص القطري على إنتاج أصناف متطورة من الخضار والفاكهة، خصوصا وقد أصبحت هناك سمعة جيدة ومشجعة للمنتجات القطرية في الاسواق، بل وأصبحت تنافس المنتجات العالمية، لأنها طازجة حيث تصل للمستهلك مباشرة من المزرعة، ولكونها أقل سعرا وأكثر جودة.

وذكر الخبراء ان تحقيق الأمن الغذائي في قطر لابد أن يتم في فترة قصيرة، في ظل وجود كل الامكانات التي تساعد على تحقيق ذلك، وبالتالي لابد من وجود تعاون بين جميع أطراف القطاع الخاص في شتى الصناعات الخاصة؛ سعياً وراء تخفيض نسبة الاستيراد من اللحوم والألبان والدواجن والبيض والخضروات الطازجة تدريجياً، لحين تحقيق القدرة على إشباع السوق المحلي بكافة المنتجات المحلية، وبعدها يتم التفكير في التصدير للخارج إن شاء الله.

نحو منتجات محلية

ودعا الخبراء الى ضرورة دعم المزارع القطرية المتخصصة في الخضروات الطازجة لهذا الأمر، عن طريق تخصيص مكان داخل المزرعة نفسها متخصص في الإنتاج الحيواني. وتكون عملية الاستيراد للأبقار الحلوب بالتعاون مع الشركات الكبرى، خاصة وأن وضع السوق الداخلي في هذا المجال يقبل المزيد من الشركات، وهذا التعاون يفيد السوق القطري بشكل عام.

وأشاروا الى أن التوسع في عملية الاكتفاء الذاتي من الألبان واللحوم والمنتجات المحلية المختلفة لابد أن يسير في نفس الاتجاه الخاص بعملية الاكتفاء الذاتي من الخضروات الطازجة، خاصة وأن المزارع القطرية يمكنها القيام بالمهام الثلاثة في وقت واحد، بل على العكس، هناك تربية الدواجن وصناعة العسل والأعلاف والسماد المحلي.

 

السابق
أسعار النفط تتأرجح بين تناقضات السوق وبيانات المخزونات المحسّنة
التالي
الصناعات التحويلية مولود اقتصادي مكتمل البنية ووداعم للنسيج الاقتصادي