الريال القطري فرس تجتاز خندق الحصار وتحفر قبر المحاصرين 

ماء الدوحة يكذّب “غطّاس” أبو ظبي والرياض معاً.. ونكبات تعقب النكسة

أرضية صلبة ترسخ حمولة الاقتصاد القطري وتحمي ظهره

زيادة الاحتياطي القومي رسالة تحدد عنوان المرسل والمستقبل

بزنس كلاس – رشا أبو خالد

عندما أُعلن قطع العلاقات مع دولة قطر وإطلاق المحاولة اليائسة لحصارها، كانت دول الحصار تمني النفس أن تسارع الدوحة لرفع يديها مستسلمة وتخضع لشروط أبوظبي والرياض دون نقاش، لكن لم يدر في خلد المحاصرين أن الباب الذي فتحوه على الدوحة ليحاربوها منه، أي الباب الاقتصادي واستهداف الريال القطري، إنما فتح أبواب خسائرهم على مصراعيها قبل أن يتمكنوا من إحداث ضرر يذكر بمحرك الاقتصاد القطري الذي ارتكز على أسس ثابتة في تواصل فعاليته دون تأثير يذكر للحصار رغم شراسة الحملة التي تم شنها ضده. وقد ارتكز أداء القطاع الاقتصادي القطري على عوامل ثابتة ومتغيرة في مرونة ملحوظة تجلت بوضوح خلال فترة الأزمة التي انقضى من عمرها أكثر من نصف عام حتى الآن.

نكبة تعقب النكسة 

وفي آخر الأخبار غير المفرحة للمحاصرين والمنطقية لأهل قطر والعارفين بمتانة اقتصادها، إعلان الدوحة عن زيادة احتياطياتها من النقد الأجنبي في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بقيمة تتجاوز نصف مليار دولار، حيث يقيس الاحتياطي الأجنبي قدرة البلاد على تغطية الواردات الخارجية وسداد الديون الخارجية.

وحسب بيانات مصرف قطر المركزي، فإن الاحتياطي الأجنبي للبلاد ارتفع إلى 131.5 مليار ريال (نحو 36.1 مليار دولار) في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي على أساس شهري، وبنسبة زيادة 1.5 % وما يعادل 540 مليون دولار، مقارنة بـ 129.6 مليار ريال (35.6 مليار دولار) بنهاية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي.

رسالة بعنوان محدد

وجاءت الزيادة في احتياطي قطر من النقد الأجنبي رغم مزاعم دول الحصار المستمرة بوجود ضغوط شديدة على الاحتياطي ناجمة عن عمليات نزوح للأموال للخارج والضغط المستمر على الريال القطري، وهو ما تكذبه أرقام البنك المركزي القطري الحديثة. وحسب بيانات البنك المركزي القطري، المنشورة على موقعه الإلكتروني، توزع الاحتياطي الأجنبي بين موجودات سائلة بالعملة الأجنبية بـ 69.2 مليار ريال، وأرصدة لدى البنوك الأجنبية بقيمة 41.6 مليار ريال، إضافة إلى 4.43 مليارات ريال رصيد الذهب. وحسب البيانات أيضاً، تضمن الاحتياطي الأجنبي القطري 14.7 مليار ريال استثمارات في أدوات دين ( سندات وأذون الخزانة)، و1.39 مليار ريال ودائع حقوق السحب الخاصة لدى صندوق النقد الدولي.

ديناميكية عاجلة

الجدير بالذكر أنه وعقب اندلاع الأزمة الخليجية، تراجع الاحتياطي الأجنبي القطري لبعض الوقت، إلا أن إجراءات الدولة والديناميكية النشطة للقطاع الخاص وقيادة غرفة قطر النشيطة للمشهد الاقتصادي بشكل عام مكنت الدوحة من النجاح في امتصاص تداعيات الحصار المالية وحافظت على قوة الريال القطري. وحسب بيان للمصرف المركزي، الأسبوع الماضي، تم توفير السيولة الكافية من العملات الأجنبية بأسعار صرف العملات المعلنة لتغطية طلبات جميع المستثمرين من الأفراد والمؤسسات المحلية والأجنبية. وأكد المركزي القطري أن العمليات المصرفية، بما فيها التحويلات، تتم بدون أي معوقات، مؤكداً على استمرار الحرية الكاملة في تحويلات الأموال من وإلى داخل الدولة بأسعار صرف العملات الرئيسية التي يعلنها المصرف المركزي بشكل يومي، كما أن لديه احتياطات عملات أجنبية أكثر من كافية لتغطية جميع متطلبات المستثمرين. ويتراوح سعر الدولار في البنوك التجارية وشركات الصرافة، بين 3.64 و3.65 ريالات، وتشهد العملة القطرية استقراراً في أسعارها رغم مرور نحو 6 أشهر على الحصار.

حرب فاشلة

وكان أحد أبرز أهداف دول الحصار وفي مرمى هدفها المباشر تدمير قيمة الريال القطري وتشويه صورته باعتباره الرمز الأساسي لقوة الاقتصاد القطري، حيث واصلت دول الحصار مساعيها غير القانونية للإضرار بالريال القطري منذ فرض الحصار على الدوحة في الخامس من يونيو/ حزيران الماضي، إلا أن الإجراءات القطرية أفشلت هذه المحاولات عبر 4 أدوات أساسية تجلت بالتالي: توفير السيولة الكافية من الدولار الأميركي لسد جميع احتياجات الأفراد والمستثمرين بشكل دائم، وتنويع مصادر الدخل، وزيادة إنتاج الغاز الذي يدر على البلاد إيرادات تقدر بنحو 100 مليار دولار سنويا، وتشجيع الاستثمارات الخارجية.

وكان موقع “إنترسبت” الأميركي قد كشف منذ مدة بسيطة عن وثيقة مسرّبة من بريد سفير الإمارات في الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، أظهرت أن أبوظبي خططت لشن حرب مالية ضد قطر، شملت هجوماً على العملة القطرية من خلال التلاعب بالسندات الحكومية المتداولة في الخارج.

إلا أن الريال القطري، وحسب مختصين مطلعين، لم يتأثر بمحاولات الإضرار به. ورغم وجود مضاربات على الريال خارج قطر من بعض دول الحصار لتخفيض سعره، إلا أنها لم تنجح في ظل الإجراءات الحكومية التي اتخذتها المؤسسات القطرية، ما أدى إلى استقرار العملة. واشار متابعون إلى أن قطر تتمتع بمصادر دخل متجدّدة وغنية، مثل الغاز، الذي يوفر عملات صعبة بشكل دوري ساهمت في دحر التأثيرات السلبية المترتبة على الحصار الذي فرضته كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر على الدوحة في الخامس من يونيو/ حزيران الماضي. كما ساهمت الإجراءات التي اتخذها مصرف قطر المركزي، ومنها المسارعة بتوفير العملات الصعبة لجميع المستثمرين والأفراد، بالمحافظة على قوة الريال القطري.

وحسب بيان للمصرف المركزي، تم توفير السيولة الكافية من العملات الأجنبية بأسعار صرف العملات المعلنة لتغطية طلبات جميع المستثمرين من الأفراد والمؤسسات المحلية والأجنبية، وذلك بعد أن أشارت تقارير صحافية إلى أن مؤشر MSCI للأسواق الناشئة يتابع سعر صرف الريال القطري مقابل العملات الأجنبية في الأسواق الآجلة، وقد يقوم بتغيير آلية تنفيذ التعاملات في أسواق المال القطرية بناء على أسعار الصرف الآجلة بدلاً من أسعار الصرف الرسمية. وأكد المركزي القطري أن العمليات المصرفية، بما فيها التحويلات، تتم بدون أي معوقات، مؤكداً على استمرار الحرية الكاملة في تحويلات الأموال من وإلى داخل الدولة بأسعار صرف العملات الرئيسية التي يعلنها مصرف قطر المركزي بشكل يومي، كما أن المصرف لديه احتياطات عملات أجنبية أكثر من كافية لتغطية جميع متطلبات المستثمرين.

البورصة دليل حي

ومن جانبها، أكّدت بورصة قطر أن إعلان مصرف قطر المركزي التزامه بتوفير السيولة الكافية من العملات الأجنبية بأسعار صرف العملات المعلنة قد بدّد مصادر قلق المستثمرين الدوليين. وأوضحت البورصة، في بيان، الأسبوع الماضي، أنها تتوقع اتخاذ قرار إيجابي من جانب مؤشر MSCI للأسواق الناشئة، في ما يتعلق بحساب قيمة الريال.

ويذهب يعض المهتمين بالشأن القطري والمختصين بالمجال المالي إلى أن الدول التي حاولت وما زالت تحاول الطعن بقيمة الريال القطري وتعمل بشكل ممنهج على إضعافه، إنما قد تؤدي بإجراءاتها غير الحكيمة إلى إلحاق ضرر بالغ ليس بالريال القطري، بل بعملات بعملاتها نفسها لأن جهود تلك الدول دفع قيمة الريال للانخفاض مقابل الدولار الأمريكي قد تنعكس سلباً لتضر بالعملات الأخرى المربوطة بالدولار في المنطقة. وهي تفعل ذلك في إطار “حرب اقتصادية متعمدة واستراتيجية لإثارة الخوف أو الفزع بين عموم الناس والمستثمرين لزعزعة الاقتصاد”. مثل محاولة أبوظبي وسواها تداول سندات الحكومة القطرية بأسعار منخفضة على نحو مصطنع، للإيحاء بأن الاقتصاد القطري في أزمة. إلا أن هذا المخطط قد فشل فشلاً ذريعاً، لأن السندات القطرية المتداولة في الخارج ضعيفة السيولة، ما يجعل من الصعب تداولها بأحجام كبيرة، فضلاً عن الخطوات الاحترازية التي اتخذتها قطر.

الجدير بالذكر أن انخفاضاً قد لحق بقيمة الريال القطري في الأسواق الخارجية وهو أمر تتحمل مسؤوليته  بعض البنوك من دول تقاطع قطر من خلال سعيها إلى التلاعب في السوق عن طريق تداول العملة عند مستويات أقل من السوق المحلية. ويمكن للدوحة إذا تعرضت عملتها للمزيد من الضغوط حسب خبراء أن تدرس في المستقبل خطوات أخرى لتعزيز الريال إذا اقتضت الضرورة، مثل طلب دفع مقابل صادرات الغاز المسال بالريال بدلاً من الدولار، وهو ما سيوجد طلباً عالمياً على عملتها. كما أن نمو مبيعات الغاز المتوقع بنحو 30%، خلال الفترة المقبلة، سيزيد من دخل البلاد من العملة الصعبة، بالإضافة إلى أن تنويع الاقتصاد وتنمية قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة ستوفر أيضاً موارد جديدة للنقد الأجنبي، ما يعزّز استقرار العملة القطرية. وبالتالي فإن ما ذهبت إليه دول الحصار من محاولات النيل من الاقتصاد القطري والعملة القطرية ذهبت أدراج الرياح وحملت خيبة المعتدين معها.

 

السابق
القطاع المصرفي القطري محور البحث الاقتصادي ونقطة عبور الأفكار الجديدة 
التالي
رابطة رجال الأعمال في ألمانيا تؤسس لصناعات غذائية ودوائية في قطر