رابطة رجال الأعمال في ألمانيا تؤسس لصناعات غذائية ودوائية في قطر

تحويل الأمنيات إلى وقائع ملموسة أولى نتائجها

الارتقاء بالمنتج يضع قطر على لوائح المنافسة العالمية

توطين الصناعات الألمانية بالمناطق الحرة في قطر طريق حرير عصري

فتح بوابات التعاون يوسع المجال الحيوي لحركة الاقتصاد

قطر شريك اقتصادي موثوق وسوق ذات أثر خاص

بزنس كلاس – ميادة أبو خالد

على مدار 60 عاماً حتى يومنا هذا، تكتسب العلاقات الاقتصادية بين دولة قطر وألمانيا الاتحادية بعداً استراتيجياً هاماً نظراً لحجم الاستثمارات القطرية الضخمة في صناعات حيوية في ألمانيا لعل أكثرها شهرة استثمار جهاز قطر في العملاق الألماني لصناعة السيارات “فولكسفاجن”. ويقابل ذلك استثمارات ألمانية في قطر بقيمة تبلغ نحو 20 مليار يورو، حيث تعمل العديد من الشركات الألمانية في الاراضي القطرية وتستثمر في مجالات حيوية أيضاً بالنسبة للاقتصاد الوطني لدولة قطر لا سيما في مجال الأمن الغذائي بالتركيز على المساهمة الألمانية الفعالة في تطوير القطاع الزراعي بدولة قطر إضافة إلى منح الصناعات الغذائية في قطر بعداً جوهرياً نحو التحول من صناعات تعمل بالحد الأدنى وبمواصفات لا يمكن وصفها بالقياسية في بعض المؤسسات الخاصة، إلى صناعة ترقى بالمنتج المحلي لدولة قطر إلى المرتبة العالمية لتحقيق اكتفاء ذاتي وبنفس الوقت فتح أسواق العالم أمام منتجات غذائية قطرية قادرة على المنافسة وكسب الأسواق في شتى أنحاء العالم لا سيما الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

مجالات أوسع

وهناك مجال حيوي آخر يمكن أن يلعب فيه التعاون القطري مع ألمانيا دوراً كبيراً في تطوير الاقتصاد القطري في مجال الصناعات الدوائية الذي تحتل ألمانيا فيه مرتبة متفوقة على مستوى العالم، حيث من المتوقع أن تثمر الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين عن مشاريع لصناعة الدواء في دولة قطر تكون ذات بعد عالمي إذا جاز التعبير، حيث يمكن للدوحة أن تتحول خلال فترة وجيزة نسبياً إلى دولة منتجة لأنوع رئيسية من الأدوية المعالجة لسلسة من الأمراض والأعراض المرضية على مستوى عالمي وذلك في إطار تعاون وثيق بين الخبرات الوطنية وتلك الألمانية في هذا المجال الهام. وبذلك تتحول قطر من مستورد لمختلف أنواع الأدوية إلى مصدر لها ما يرفد الخزينة العامة للدولة بكميات مهمة من القطع الأجنبي ويشكل دعامة أخرى في دعائم بناء اقتصادي متنوع المصادر ضمن رؤية قطر الوطنية 2030.

أجندة مشتركة

ولعل هذا كان أحد أهم أسباب الجولة الأوروبية التي قام بها وفد رابطة رجال الأعمال القطريين إلى عواصم القرار الأوروبي، سواء السياسي أو الاقتصادي، ممثلة ببرلين وباريس ولندن. وكان من أبرز نتائج زيارة الوفد القطري إلى ألمانيا الاتفاق مع المؤسسات المعنية في برلين على أجندة عمل مشتركة وتعميق الشراكة الاستراتيجية القائمة إضافة إلى توسيع آفاقها لتلامس حد تحول الأماني إلى الاستثمار المباشر بالسوق القطري من خلال مشاريع زراعية سوف يتحدد مجالها قبل وخلال مشاركة وزارة الزراعة والتغذية الألمانية بالمشاركة في معرض زراعي سيقام بالدوحة في 2018.

وفد رجال الأعمال

هذا وترأس وفد رابطة رجال الأعمال القطريين إلى ألمانيا سعادة الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني، إضافة إلى السيد حسين الفردان، وسعادة الدكتور الشيخ خالد بن ثاني آل ثاني، والشيخ حمد بن فيصل آل ثاني، والشيخ نواف بن ناصر آل ثاني، والسيد شريدة الكعبي، والسيد سعود المانع، والسيد صلاح الجيده، والشيخ تركي بن فيصل آل ثاني، والشيخ جبر بن عبد الرحمن آل ثاني، والسيدة سارة عبدالله نائب مدير عام الرابطة، حيث توجت الزيارة بتوقيع عدد من الاتفاقيات بين الطرفين لتنفيذ عدد من المشروعات والاستثمارات التي من شأنها أن توثق عرى التعاون الاقتصادي بين الدوحة وبرلين، وتزيد من حجم المبادلات التجارية والاستثمارات، حيث تم الإعلان عن مشاركة حكومية وخاصة في منتدى الأسبوع الأخضر الذي تحتضنه العاصمة الألمانية يناير المقبل، ويحضره 80 وزيراً، كما تم الإعلان عن منتدى قطر للأعمال وللاستثمار في ألمانيا خلال الربع الأول من العام 2018، إضافة إلى القيام بمعرض زراعي في الدوحة بمشاركة وزارة الزراعة والتغذية الألمانية، وأغلب الشركات المصاحبة ذات الاختصاص والنظر في سبل توطين عدد من الصناعات الألمانية في المناطق الحرة بقطر، كما سخرت الجهات المسؤولة في ألمانيا، إضافة إلى غرفة التجارة والصناعة الألمانية العربية إمكانياتها لتوفير كل ما يحتاجه السوق القطري.

منتدى الأعمال والاستثمار

كما تم الإعلان في برلين عن منتدى قطر للأعمال وللاستثمار في ألمانيا خلال الربع الأول من العام 2018، إضافة إلى القيام بمعرض زراعي في الدوحة بمشاركة وزارة الزراعة والتغذية الألمانية، وأغلب الشركات المصاحبة ذات الاختصاص، والنظر في سبل توطين عدد من الصناعات الألمانية في المناطق الحرة بقطر، كما سخرت الجهات المسؤولة في ألمانيا، إضافة إلى غرفة التجارة والصناعة الألمانية العربية إمكانياتها لتوفير كل ما يحتاجه السوق القطري.

البيت الثقافي القطري

استهل وفد الرابطة لقاءاته في العاصمة الألمانية بلقاء عدد من رجال الأعمال بالبيت الثقافي القطري، والذي يعد تحفة معمارية فريدة من نوعها، وهو البيت الثقافي الأول من نوعه خارج دولة قطر، وقد أعلن سعادة السفير الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني في كلمته الترحيبية أن هذا المركز الثقافي هو ملك لدولة قطر، تم إعادة ترميمه، وتم افتتاحه رسمياً يوم الثلاثاء 21 نوفمبر 2017، من قبل معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية، ووزير الخارجية الألماني السيد زيجمار جبيريل، وسط حضور عدد كبير من الدبلوماسيين ومجتمع الأعمال الألماني، والشخصيات الفكرية والثقافية، وقال الشيخ سعود إن فعاليات العام الثقافي «قطر – ألمانيا 2017» شهدت نجاحاً لافتاً بعدد من الفعاليات المتميزة، بمشاركة فنانين قطريين وألمان، وهو ما سيختتم بافتتاح البيت الثقافي القطري الذي سيكون معلماً أيضاً للبحوث والدراسات، تشارك فيه مؤسسات ألمانية متنوعة، كما ستكون مؤسسة قطر شريكاً مهماً له.

كسر الحدود

من جانبه، ألقى الشيخ حمد بن فيصل آل ثاني كلمة نيابة عن رئيس وأعضاء الرابطة، أكد فيها على أن للثقافة دوراً مكملاً ومهماً لنجاح الأعمال، والتقريب بين الشعبين الألماني والقطري، مؤكداً على أن الدوحة وبرلين تربطهما علاقات تعاون تزيد على 60 عاماً من العلاقات التجارية و44 عاماً من العلاقات الدبلوماسية، حتى أصبحت قطر شريكاً مهماً لا يُستهان به لألمانيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وأكد الشيخ حمد بن فيصل على أن علاقات البلدين وثيقة، ويوجد بينهم تطابق في وجهات النظر في كافة مجالات التعاون وعلى جميع الصعد. كما يرتبط البلدان بالعديد من اتفاقيات التعاون والشراكة في المجال العلمي، والتعليمي، والتدريب التقني، والبحث والتطوير، والتقنيات الحديثة، والمتجدّدة، وغيرها من المجالات.

 

20 مليار يورو

بدوره، بيّن سعادة الشيخ سعود بن عبدالرحمن -سفير دولة قطر- في كلمة مماثلة، أن العلاقات التجارية بين قطر وألمانيا شهدت تطوراً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، مع رغبة الطرفين في توسيع مجالات التعاون المشترك، وأشار إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ نحو 3 مليارات يورو حالياً، وهو ما يجعل ألمانيا من أهم الشركاء التجاريين لدولة قطر، وكانت الأنشطة الاستثمارية القطرية المتميزة في ألمانيا أحد أسباب الاهتمام بمد جسور التعاون التبادلي طويل الأمد بين البلدين على الصعيد الاقتصادي والمالي، كما أضاف أن حجم الاستثمارات القطرية في ألمانيا يبلغ نحو 25 مليار دولار، وتشمل مشروعات حيوية بقطاع السيارات وتكنولوجيا المعلومات والبنوك، مبيناً في ذات السياق، أن الشركات الألمانية تنفذ مشاريع في قطر يزيد حجمها عن 20 مليار يورو، وهو ما يؤكد عمق العلاقة بين البلدين.

كما قال سعادة السفير: «نعمل على المشاركة في معرض الأسبوع الأخضر ببرلين شهر يناير المقبل، من خلال جناح قطري مميز للاطلاع على أحدث التكنولوجيا، وهو فرصة للتواصل مع 80 وزيراً للزراعة حول العالم، وبالتالي يمكن لقطر أن تعمل على تحقيق اكتفائها الذاتي.

 

الفردان والأمن الغذائي والدوائي

وفي معرض تعليقه على نجاح الزيارة، اعتبر السيد حسين الفردان -نائب رئيس الرابطة- أن تحقيق الأمن الغذائي والدوائي ضمان للاحتياجات الأساسية بالنسبة لدولة قطر، ومنح البلاد مساراً إضافياً من أجل تأمين روافد أخرى تدعم الاقتصاد الوطني وتضمن الاستقرار الاقتصادي، ومن ثم أيضاً الاستقرار الاجتماعي. وأشار الفردان إلى أهمية تحقيق كافة أشكال الأمن والاستقرار؛ بدءاً من تحقيق الدعامات الأساسية التي تتمثل في تنمية رأس المال البشري في قطر، وتحقيق الأمن القومي، والاستقرار الاقتصادي ومن ثم الاجتماعي. وبالتالي فإن ما تم الاتفاق عليه في برلين إذا ما وجد طريقه للتنفيذ، وهذا ما نتوقعه ونتمناه في آن، نكون قد وضعنا أنفسا على السكة الصحيحة باتجاه ضمان الأمن الغذائي والدوائي في قطر وفتح مجال لصناعات مهمة في هذا الإطار ليس فقط لتحقيق الاكتفاء الذاتي، بل العمل على النوعية، كما عادة قطر في كل مجال، للوصول إلى الأسواق العالمية بسهولة من خلال طرح منتجات قطرية بتقنية ألمانية موثوقة عالمياً ما يفتح أبواب الأسواق الدولية مشرعة أمام المنتج القطري ويحوله إلى أداة تشبه إلى حد بعيد غازنا المسال الذي يعتبر شريان الحياة لجزء مهم من العالم في الفترة الراهنة.

 

السابق
الريال القطري فرس تجتاز خندق الحصار وتحفر قبر المحاصرين 
التالي
احتفالات بطعم الانتصار المزدوج باليوم الوطني القطري