البنوك القطرية ترسم خطط جديدة لمواجهة الحصار المصرفي

عبر افتتاح فروع خارجية جديدة في الأسواق الصديقة

توسيع الاستثمارات القطرية في القطاع المصرفي التركي خلال الفترة القادمة

مفاوضات جادة لشراء حصص في بنوك كويتية وعٌمانية

 

 الدوحة – بزنس كلاس

تأتي أخبار خطط توسع عدة بنوك قطرية في أسواق الدول التي وقفت بجانب الدوحة أو في فترة الحصار الجائر الذي ما زال قائماً لتصب في الإطار الصحيح للتوجه العام في الخطط التوسعية لتلك البنوك كما أشرنا في مقال سابق لنا قبل فترة. لكن هذا التوجه تعوزه بعض المرونة والسرعة رغم أن هكذا أمور تحتاج إلى التأني وهذه رفاهية لا نستطيع أن نستمتع بها كثيراً بظل الوتيرة المتسارعة لتطورات وتداعيات الأزمة الخليجية. ومن هذا المنطلق  يتوجب علينا نتحرك في قطر بالسرعة الكافية لنبقى على رأس التيار الذي وضع 10 من بنوك قطر  ضمن أفضل 1000 بنك في العالم برمته.

خطط جديدة

فقد شرعت البنوك القطرية في رسم خطط جديدة للتغلب على الحصار الخليجي تركز على افتتاح فروع خارجية جديدة مع الاهتمام بالدول التي سيتم الدخول في تحالف اقتصادي معها وفي مقدمتها دولة الكويت وسلطنة عُمان وتركيا، حيث من المُنتظَر أن تتوسع تلك المصارف المحلية في استثماراتها بهذه الدول، سواء من خلال افتتاح فروع جديدة أو الدخول في شراكات مع بنوك أو شركات في هذه البلدان.

تملك بنوك قطر فرصة ذهبية في تركيا، فالاستثمار بالنسبة لبنوك قطر في تركيا هو حتماً استثمار ناجح ورابح في آن لأسباب كثيرة يأتي على رأسها حقيقة أن تركيا الشقيقة تعتبر أكبر شركاء الدوحة وأهمهم سياسياً. يكفي أن ننظر إلى مواقفها تجاه قطر والأزمة الخليجية منذ اندلاعها في الخامس من يونيو الماضي. حيث بادرت أنقرة فوراً إلى اتخاذ كافة الخطوات التي تضمن أمن قطر وفعلت الاتفاقية العسكرية الثنائية بين البلدين لتلغي أي احتمال لتدخل عسكري في قطر بغض النظر عن احتمالية حدوثه أم لا. النقطة الثانية المهمة تتجلى بمسارعة أنقرة فور فرض الحصار على قطر إلى إقامة جسر جوي مع الدوحة نقلت من كافة أنواع السلع الغذائية التي منعت دول الحصار وصولها للسوق القطرية، لتتبع تركيا بعد ذلك بإقامة جسر بحري مع قطر تضمن شحن كميات ضخمة من المواد الأساسية والغذائية. أما النقطة الثالثة والتي يجب أن نضعها في عين الاعتبار لجهة الدفع بمزيد من الاستثمارات وتوسيع وجود بنوك قطر في البيئة الاقتصادية التركية المزدهرة ، إنما يتجلى بحقيقة أن الاقتصاد التركي، كمثيله القطري، يحقق قفزات كبيرة كل عام من حيث التنوع أو النمو في مجالات مختلفة في ظل تطورات جيوسياسية دراماتيكية تعيش المنطقة على وقعها ومن ضمنها تركيا وكان لهذه الاضطرابات أن تطيح بأقوى اقتصاد، لكن ذلك لم يمنع عجلة الإنتاج والنمو في تركيا  من البقاء دائرة لجني مزيد من الأرباح وتحقيق النمو الاقتصادي الإيجابي في مختلف النواحي لا سيما المجالات الحيوية منها. وتركيا كما نعرف وكما توقع رئيس وزراءها سوف تصبح ضمن نادي العشرة الكبار في أهم اقتصاديات العالم ليس بعد فترة بعيدة من الآن.

بيئة جاذبة

كل هذا يجب أن يشكل بيئة جاذبة ومهمة لكي تقوم بنوك قطر بتوسيع نشاطها في السوق التركية لأن عائدات العمل وتوسيع النشاط في هكذا سوق يعتبر صفقة رابحة بكل المقاييس  خصوصاً إذا ما كان ضمن نطاق دولة شقيقة وصديقة كتركيا التي لن تتردد من تقديم كافة التسهيلات اللوجستية والإدارية إضافة إلى تقديم بيئة استثمارية مثالية لبنوك قطر.

كذلك الأمر بالنسبة للكويت وسلطنة عُمان إنما مع فارق هنا بأن البنوك القطرية موجودة فعلاً في هذه الأسواق الشقيقة وهنا يجب أن تبحث في توسيع نشاطها بتلك البلدان مع ما تفرضه وقائع على الأرض بأن هذه الدول الخليجية الثلاث قد وضعت بخانة واحدة تقريباً لجهة التحالف الذي تقوده الرياض على الطريقة الأمريكية مع فارق بسيط للغاية بأنه تحالف فاشل للغاية لأنه لم يجد حتى الآن مبرراً لإعلانه سوى الاتفاق على عداوة قطر إعلامياً لتبرير التراجع أمامها اقتصادياً و الانهزام أخلاقياً.

ومن المُنتظَر أن يتم افتتاح عدد من الفروع الجديدة للبنوك المحلية في كل الكويت وسلطنة عُمان قبل نهاية العام الجاري، حيث دخلت هذه البنوك في مفاوضات جدية مع الجهات المختصة في هذه الدول، إضافة إلى بحث عدد من الشراكات تتضمن شراء حصص في بنوك بهذه الدول.

توسيع المحفظة المصرفية

لكن ما على بنوك قطر فعلاً أن تفكر به إضافة إلى توسيع محفظتها الاستثمارية المصرفية في تركيا والكويت وسلطنة غُمان، التفكير جدياً بدخول السوق الإيراني البكر في مجال الصناعة المصرفية والبنوك. إن الذهاب نحو إيران في هذا المجال ليس من الترف بشيء ايضاً. فعلى الرغم من الخلافات التي بين قطر وإيران في ملفات سياسية متعددة بحكم ربما التاريخ، يبدو الطرفان شريكان طبيعيان بحكم الجغرافيا سيما أنهما يتشاركان ملكية وإدارة أكبر حقل غاز في العالم على الإطلاق. ويجب أن لا ننسى أيضاً أن إيران سارعت مع إعلان الحصار على قطر إلى مد يد العون لها عرض تقديم كل ما تحتاجه الدوحة وفتح المجال الجوي الإيراني أمام الطائرات القطرية. فقد كانت طهران تبحث عن عودة العلاقات مع الدوحة لوضعها الطبيعي باعتبار الدولتين جارتين وباعتبار أيضأ أن الدوحة يمكن أن تشكل النافذة الأمثل لطهران على العالم خصوصاً من الناحية الاقتصادية.

من جانب آخر، تعتبر السوق الإيرانية سوقاً بكر في هذا المجال خصوصاً أن إيران تخرج مؤخراً من حصار وعقوبات اقتصادية قوضت نظامها المصرفي على مدار سنوات كثيرة ولا يوجد فيها مصارف خاصة كبيرة ومنافسة أو بمستوى منافسة البنوك القطرية ذائعة الصيت والتي تتربع على عرش بنوك المنطقة من حيث الأداء والفعالية والحلول المصرفية المبتكرة التي وضعتها بمستوى متقدم حتى على خارطة الصناعة المصرفية دولياً.

وكان اتحاد المصارف العربية قد أكد أن 10 بنوك قطرية تم إدراجها ضمن أكبر مصارف بالعالم، وفقاً لدراسة تحليلية أجراها مؤخراً، وأن قطر احتلت المرتبة الثالثة بالنسبة لعدد المصارف التي دخلت هذه القائمة، وذلك بدخول 10 مصارف قطرية ضمن لائحة أكبر 1000 مصرف في العالم، وهي وبحسب الترتيب: «QNB»، «المصرف»، «التجاري»، «الدوحة»، «الريان»، «الخليجي»، «قطر الدولي الإسلامي»، «بروة»، «الأهلي»، «قطر الدولي». وبلغ مجموع رأس المال الأساسي في هذه المصارف العشرة حوالي 39.8 مليار دولار، كما تدير موجودات تقدر بحوالي 383.2 مليار دولار. وتصدّر «QNB» المصارف العربية متفوقاً على البنك الأهلي التجاري السعودي الذي كان الأول في عام 2015 بالنسبة لحجم رأس المال الأساسي، واحتل المرتبة 82 عالمياً في نهاية العام 2016، متقدماً من المرتبة 89 في نهاية العام 2015، ويكون قد تقدم بالتالي 7 مراتب عالمياً. وقد تلاه البنك الأهلي التجاري في المرتبة الثانية عربياً، والمرتبة 87 عالمياً في نهاية العام 2016، وتستند دراسة اتحاد المصارف العربية إلى البيانات الصادرة عن مجلة «The Banker» خلال شهر يوليو 2017 والمتضمنة لائحة أكبر 1000 مصرف في العالم.

اهمية البنوك القطرية

كل ما سبق يأتي في سياق تأكيد ان بنوك قطر تملك مراكز مالية قوية تستطيع من خلالها تمويل الاستثمارات الجديدة التي تنوي الدخول بها، كما أن الأوراق المالية التي أصدرتها من سندات وصكوك تعزّز من هذا الوضع، وتتيح التمويل الكافي لعمليات التوسع، والدليل على ذلك الإقبال الكبير على هذه الإصدارات في الأسواق العالمية، بدعم من قوة الاقتصاد القطري، وقدرة البنوك على الوفاء بالتزاماتها دون أي مشاكل، حيث بلغت نسبة نمو الأصول في القطاع المصرفي القطري 3 % حتى يونيو 2017، كما شهدت الودائع نمواً بنحو 6 % منذ بداية العام وحتى يونيو 2017.

وفيما تبحث البنوك القطرية حالياً عدداً من الفرص الاستثمارية الجيدة في تركيا والكويت وسلطنة غُمان، يبدو التوجه نحو طهران في هذا الإطار خياراً جيداً ومجدياً بالترجمة الاقتصادية لمعنى الشراكة مع جار بحجم إيران والفرص الواعدة التي يقدمها السوق الإيراني. لكن هذا لا بد أن يأتي في إطار منظومة عمل وشبكة متكاملة لجهود بنوك قطر في توسيع محفظتها الاستثمارية وتنويعها خصوصاً بالاتجاه نحو شرق آسيا كما فعل بنك الدوحة في أستراليا منذ شهرين وضمن الضوابط الصارمة التي حددها بشكل دقيق للغاية مصرف قطر المركزي الذي يلعب دور المهندس الناجح للمشروع المصرفي القطري بكل اقتدار.

السابق
“كهرماء” تحرك مفاتيح الطاقة والصدمات الكهربائية الفاعلة تفتح شهية التنويع
التالي
ملاحة أطلقت خطوط نقل مباشر بين قطر وأكثر من 6 موانئ دولية