احتفالات بطعم الانتصار المزدوج باليوم الوطني القطري

فضاءات مفتوحة للمنافسة وأوتوسترادات اقتصادية بكافة الاتجاهات

قطر تقزّم الحصار و تسبق المحاصرين بنسب النمو

طريق الحرير وتفرعاتها ترسم شبكة العلاقات التجارية وقطر تمتلك كلمة السر

المناطق الحرة مراكز إشعاع وفعل وقرار وبوابات عريضة للتنمية 

الدوحة تحدد اتجاه الريح الاقتصادية وترسم حدود   القادم

بزنس كلاس – رشا أبو خالد

“أبشروا بالعز والخير”.. تمكن الاقتصاد القطري هذا العام من اجتراح ما يشبه المعجزة بتحقيق نمو بنسبة 2.5% متجاوزاً جميع دول الخليج العربي، رغم أنف الحصار الجائر وتوقعات المؤسسات الدولية بانحسار النمو الاقتصادي للدوحة إلى درجة متدنية بسبب الحصار وسياسات التضييق الاقتصادي التي مارستها السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ضد قطر.

وأتى الإعلان عن هذا الإنجاز على لسان وزير الطاقة والصناعة د. محمد بن صالح السادة حين قال بأن الدوحة على وشك إنهاء عام 2017 محققة أعلى معدلات النمو الاقتصادي في منطقة الخليج، بنمو نسبته 2.5%. وأشار إلى أن معدل النمو يتحقق رغم المقاطعة المفروضة على قطر منذ 6 يونيو/حزيران الماضي.

كرمى لليوم الوطني 

وفيما تحتفل البلاد بذكرى اليوم الوطني في هذه الأيام، لا بد من القول بأن جزءا عظيماً من هذا النجاح قد تحقق نتيجة استعداد جيد في كافة المفاصل الاقتصادية للدولة لأي طارئ مهما كان كبيرا إضافة إلى ردة فعل خلاقة على حالة الحصار تجلت بالسعي نحو تطوير الذات بأسرع وتيرة وتسريع جملة من المشاريع الحيوية وصولاً إلى نتيجة أعلن معها مصرف قطر المركزي بأن هناك إمكانية لتسجيل ارتفاع في مستوى الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي خلال العام 2018 بنسبة تصل الى مستوى 3.6% كنتيجة حتمية لاستمرار توسع القطاعات غير النفطية. فيما جاء في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في  أكتوبر/تشرين الأول 2017، والصادر عن صندوق النقد الدولي توقعه بتسارع نمو الاقتصاد القطري إلى 3.1% في 2018.

تكاتف نوعي

وقد ساهمت القطاعات غير النفطية بشكل حاسم في لعب دور محوري في تحقيق نسبة النمو الاقتصادي المشرفة هذه. وكان من بين أبرز القطاعات التي نجحت  في تحقيق الأمر قطاع النقل البحري والمناطق الاقتصادية حيث برز ميناء حمد البحري كعلامة فارقة ورمز لكسر طوق الحصار وفتح آفاق العالم أمام الدوحة فيما يستمر العمل بوتيرة متسارعة على الوصول بالناطق الاقتصادية في قطر إلى المشاركة بفعالية تامة في عملية التطور والنمو الاقتصادي للبلاد.

فقد نجحت قطر في الاعتماد على ميناء حمد الذي أصبح يستحوذ على نسبة كبيرة من التجارة العالمية واصبح ميناء عالمي يربط 72 دولة، كما قامت الدوحة بعمل منفذ رئيسي في ميناء صحار بسلطنة عمان وكذلك في ميناء بندره في الهند إضافة إلى ميناءين إضافيين في الهند يجري العمل عليهما في الفترة الحالية. وسجل النقل البحري إلى قطر نمواً مقداره 250% مقارنة بالعام الماضي، حيث استطاعت موانئ قطر فتح خطوط مباشرة مع الهند وتركيا وعمان والكويت وسنغافورة والصين. وأصبح ميناء حمد متصلاً بـ 14 ميناء و72 محطة عالمياً. كما بلغ عدد الحاويات إلى 250 ألف حاوية من منتجات دولة قطر تصدر لنحو 150 وجهة عالمياً وبعضها يصدر عن طريق موانيء وسيطة، بلغ عدد الحاويات في ميناء حمد منذ بدء الحصار وحتى نهاية نوفمبر نحو 409 ألاف حاوية في الوقت الذي بلغ فيه حجم التداول للحاويات منذ بداية السنة الي نهاية نوفمبر 650 الف حاوية بمعدل زيارة بلغ نحو 37% ، وبلغ عدد السفن التي دخلت قطر في فترة الحصار 2045 سفينة، فيما بلغ العدد الاجمالي منذ بداية العام إلى نوفمبر/تشرين الثاني 3346 سفينة بنسبة الزيادة بعدد السفن تقارب 7% شهرياً.

طريق الحرير وتفرعاته

وحول الخطط الحالية والمستقبلية لقطاع النقل في البلاد، أوضح وزير المواصلات والاتصالات جاسم بن سيف السليطي ان قطر بصدد استغلال طريق الحرير لفائدته الاقتصادية معتبراً أن الدوحة ستكون أول المستفيدين من طريق الحرير وهناك طريق يربط ما بين اذربيحان وتركمانستان وتركيا استخدمته قطر منذ أول يوم للحصار عن طريق ميناء الرويس الذي يشهد حركة تجارة قوية وتم تسجيله كميناء عالمي. واشار السليطي في هذا السياق الى ان هناك سكك حديد عبر طريق الحرير تربط الصين بالدول الاسيوية والاوروبية مما يقلل المسافات والتكلفة. وتنظر الدوحة إلى هذا الأمر من منظور استراتيجي لربطه بميناء حمد، حيث  أن هذه الطريق يساهم في تقليل الوقت والكلفة لنقل البضائع بين اسيا واوروبا. وتستغرق السفن 20 ساعة تقريباً لنقل البضائع من ايران الى قطر و 120 ساعة من روسيا الي قطر و 96 ساعة من تركيا الى قطر، والزمن المستغرق للشحن حالياً اقل مقارنة بالنقل البحري وهو مهم للبضائع وتصل السلع للمواطن والمقيم بتكلفة مناسبة. من هنا تنبع أهمية طريق الحرير وربطه بدولة قطر عبر طرق برية، بحيث أنها لن تكون معزولة وستكون لها منافذ برية وبحرية مع العالم اجمع.

مناطق حرة وتسهيلات

تولي دولة قطر وقيادتها الرشيدة اهتماماً متزايدا للمناطق الحرة بناء على الدور المؤمل منها في تحفيز وتنويع الاقتصاد القطري. وبدا ذلك واضحاً  منذ صدور القانون رقم 21 لسنة 2017 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 34 لسنة 2005 بشأن المناطق الحرة الاستثمارية، وما تضمنه هذا القرار من تسهيلات استثمارية تفتح آفاقا واسعة أمام المستثمرين القطريين والشركات العالمية، والقرار الأميري رقم (24) لسنة 2017 بتشكيل مجلس إدارة هيئة المناطق الحرة، وهو ما يؤكد حرص الدولة على منح هذه المناطق كامل التسهيلات للعب الدور المنوط بها في دفع عجلة الاقتصاد الوطني.

وقد لا قت تلك الخطوة ترحيباً كبيراً من رجال الأعمال والمستثمرين القطريين حيث عبروا عن أن المناطق الاقتصادية تقليد معمول به في كثير من الدول، ومردوده إيجابي نظرا لما يتيحه من عوامل الثقة والجاذبية للمستثمرين، وما تتمتع به من تشريعات مستقلة عن البيئة الاقتصادية الأخرى في الدولة. والدوحة اليوم بأمس الحاجة لمواكبة التطور الاقتصادي من خلال تنويع الحاضنة الاقتصادية، حيث من المتوقع بشكل واقعي مساهمتها في التنمية الوطنية ليس في مجال الاستثمارات فحسب، وإنما من خلال تنشيط حركة التصدير وإعادة التصدير والاستفادة من التسهيلات التي توفرها هذه المناطق لهذا الغرض.

وهنا تتحمل هيئة المناطق الحرة، التي صدر مرسوم أميري مؤخراً بتشكيل مجلس إدراتها من كفاءات وطنية مشهود لها بالتميز والخبرة كل في مجال اختصاصه، مسؤولية كبيرة، بحيث انها يجب أن تواكب رؤية حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى وتوجيهاته في تحقيق التنوع الاقتصادي وبناء اقتصاد قوي وتنافسي وقادر على تحقيق الاعتماد على الذات. وهذا أمر لا بد من مواجهته باقتدار العارف لأن هناك منافسة كبيرة بين المناطق الحرة سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي، وهو ما يتطلب الديناميكية والحركة لاستقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية والعمل على توطين التكنولوجيا من خلال إقامة شراكات إستراتيجية بين الشركات الوطنية والشركات العالمية التي تمتلك التكنولوجيا والأسواق.

فضاء تنافس مفتوح

وتمتلك دولة قطر في هذا الإطار ميزات تنافسية أفضل من الآخرين سواء من حيث الموقع الجغرافي والبنية التحتية المتطورة والبيئة التشريعية الجاذبة، هذا بالإضافة إلى وفرة المواد الأولية لصناعات كبيرة تحتاج لاستغلال وتطوير، وبالتالي فإننا نتوقع من مجلس الإدارة الجديد التحرك والعمل على استقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية لهذه المنطقة الحرة، والعمل على بناء صناعات تمثل إضافة حقيقية وتعزز قدراتنا التصديرية والعمل على استقطاب المستثمرين والشركات العالمية التي تمتلك التقنية والأسواق وإقامة الشراكات الإستراتيجية معها، لافتا إلى أنه لابد من العمل على الوصول لهذا النوع من المستثمرين وإقناعهم بالاستثمار في قطر.

واعتبر بعض رجال الأعمال القطريين إن المناطق الحرة تعتبر رافدا حيويا للاقتصاد الوطني، وستساهم دون شك في دفع النمو الاقتصادي و تنويع مصادر الدخل، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية ذات القيمة المضافة العالية. كما اشاروا إلى الامتيازات الكبرى التي يتمتع بها المستثمر القطري في عديد المجالات، مشيرا إلى أن القطاع الخاص القطري الذي ما فتئت مساهمته في ارتفاع من سنة إلى أخرى في النسيج الاقتصادي سيكون له دور أكبر في السنوات القادمة مع الارتفاع الكبير المسجل على طلبات الاستثمار في مختلف القطاعات الحيوية للاقتصاد و خاصة فيما يتعلق بمشاريع الأمن الغذائي و الصناعات الدوائية و غيرها من القطاعات.

هذه المناطق الحرة وبما يتوفر فيها من بنية أساسية متطورة مستجيبة لأعلى المواصفات العالمية، ستساهم في استقطاب المستثمر الوطني والأجنبي  الذي بدوره سوف يسهم  في بناء شركات وفق المصالح المشتركة، ستمكن المناطق الاقتصادية هذه المستثمرين من نقل التكنولوجيا و فتح أسواق جديدة أمام المنتج القطري الذي من المتوقع أن تكون السوق المحلية نقطة انطلاق نحو أسواق أخرى في المنطقة و العالم.

مناخ لوجستي موائم

من جانب آخر توفر قطر بنية تحتية قوية ومناطق لوجستية مهمة اضافة الى المناطق الاقتصادية الى جانب المناخ الملائم لتنفيذ الصناعات وبالتالي فإن الفرص الآن مواتية أمام رجال الأعمال لضخ استثماراتهم في هذه القطاعات التي تساهم في تطوير الاقتصاد الوطني والمساهمة في رفد الناتج المحلي بمداخيل جديدة بما يعزز نموه من عام الى اخر. واعتبر بعض رجال الأعمال القطريين أن الفرصة مواتية امام القطاع الخاص القطري لاستغلال مشاريع البنية التحتية والعمل على استكشاف الفرص الاستثمارية المهمة بهدف التحول من اقتصاد يعتمد على بعض الصناعات التحويلية المختصة في قطاعات مرتبطة بالطاقة والمحاجر الى صناعات تحويلية اخرى تتعلق بالاغذية والزراعة والمنسوجات والملابس والصناعات البلاستيكية وغيرها من القطاعات الاخرى.

وكانت مجموعة البنك الدولي توقعت في وقت سابق تسجيل تحسن واضح في الارصدة المالية العامة للدولة، خاصة بعد زيادة انتاج الغاز في حقل الشمال وعودة اسعار النفط في الاسواق العالمية الى الاستقرار عند مستويات تأقلمت معها الدول المنتجة والمصدرة للنفط وارتفاع الطلب وتمديد اتفاق منظمة اوبك بشأن تجميد مستويات الانتاج، وبالتالي تواصل التدفقات النقدية على دولة قطر بمستويات عالية مقارنة بالعام الماضي والعام الذي سبقه.

إن شعار اليوم الوطني لهذا العام “أبشروا بالعز والخير”، يختصر بكلمات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى قصة نجاح قطر دولة وشعباً في الانتقال من نجاح إلى نجاح وانتصار إلى آخر، لأن شعار حضرة صاحب السمو وبشراه بالعز والخير باتت النبراس الذي يضيء الطريق ويمنح الأمل بمستقبل يجعل قطر أكثر قوة وعزة من أي وقت مضى.

 

السابق
رابطة رجال الأعمال في ألمانيا تؤسس لصناعات غذائية ودوائية في قطر
التالي
أفكارنا الاقتصادية في خدمة المصلحة العامة والرقي أداتنا ومنهج عملنا