
بعد ماراثون استمر لـ 120 دقيقة تساقط خلالها لاعبو كرواتيا من التعب وصمد فيها لاعبو روسيا بشكل مريب، أخيرًا خرج صاحب الأرض بعد رحلة طالت أكثر من المتوقع وحامت حولها الشكوك والاتهامات، وتأهلت كرواتيا لنصف نهائي البطولة لتواصل كتابة التاريخ مع كاتبيه في هذه النسخة غريبة الأطوار من كأس العالم.
مباراة ربع النهائي كانت نقطة مهمة جدًا في تأكيد مجموعة الاتهامات التي وجهت لروسيا بتعاطي لاعبيها للمنشطات وصمت غريب من الفيفا، هنا لا يمكن الحديث عن النزاهة لبلد تعاطى كل رياضييها المنشطات وتم استبعادهم من أولمبياد ريو بعد برنامج تعاطي معتمد من رئيس البلاد نفسه.
ليس طبيعيًا أن يكون أعلى 3 لاعبين من حيث معدلات الركض من الروس، وليس طبيعيًا أن يكون المدافع الضخم سيرغي إيغانشيفتش قد قطع في مباراة إسبانيا 12.3 كيلومتر ليصبح خامس أكثر لاعبي المنتخب الروسي ركضاً، علماً بأنه يبلغ من العمر 38 عاماً!
الشواهد كلها ضد روسيا، سواء الحاضرة في البطولة أو تلك التي ذكرها التاريخ، وبالعودة إلى يورو 2008 وإلى الاتهامات التي لاحقت أندري أرشافين بعد تعاقده مع آرسنال بانخفاض المردود البدني وربط ذلك بما يحدث الآن وبصمت الفيفا عن مطالبات الخبراء بالتحقيق في الأمر يقول أن ما يجري لم يكن طبيعيًا، وبالأحرى كان متعمدًا من قبل الجميع وليس من قبيل الصدفة.
كرواتيا وروسيا كلاهما تأهل إلى ربع النهائي بعد مباراة في دور الستة عشر لعبوا فيها وقت إضافي وركلات ترجيح، لاعبو كرواتيا أغلبهم ينشطون في الدوريات الكبرى ويلعبون على مستويات عليا من التدريبات البدنية، فأن نشاهدهم ينهارون بدنيًا هكذا وتشهد كرة القدم على أول مباراة في تاريخها ربما يكون فيها لاعبو أحد الفريقين قادرين على الركض بسرعة أول المباراة حتى آخر دقائق الوقت الإضافي فهذا من ضروب الخيال أيضًا.
شاهد آخر من شواهد التاريخ يعود إلى السيرة الذاتية لأحد اللاعبين الأسكتلنديين الذين احترفوا في روسيا لفترة، حيث عبر اللاعب فيرناندو ريكسين، الذي التحق بنادي زينيت قادماً من رينجرز الاسكتلندي في 2006، عن مدى اندهاشه من كمية الحقن والعقاقير والمنشطات التي يتناولها لاعبو النادي الروسي.
ويروي ريكسين، «الإبر والحقن في كل مكان تقريباً، لقد بدا وأن جميع اللاعبين معتادين على تعاطي المنشطات، لقد بدت غرف الملابس وكأنها مختبرات سرية». وقد زعم ريكسين أن هذه المنشطات لها تأثير «مدهش»؛ مفصلاً «ستمكنك من استعادة لياقتك البدنية بشكل سريع جداً، وستجعلك قادراً على اللعب لمدة 90 دقيقة أخرى في ذات اليوم».
صُدم ريكسين من التأثيرات القوية لتلك الحُقن على جسده ومردوده البدنيّ. لقد كانت تمنع تلك العقاقير والحقن الشعور بالإرهاق العضليّ، «فبعد تناولي لها، شعرت وأنني قد حصلت على دفعة من الطاقة تفوق الخيال. فعادةً، يستغرق الأمر مني 48 ساعة حتى أتعافى بشكل كامل بعد المباراة، ولكنني تمكنت الآن من استعادة لياقتي بشكل سريع، لدرجة أنني كنت على استعداد للعب 3 مباريات أخرى. كما شعرت كأن مباراتي الأخيرة التي شاركت فيها كانت قبل أسبوع، بينما لم يمر عليها في الواقع إلا بضعة أيام».
بعد كل هذا لا يمكن أن يصدق احد أن كل هذا لا يدل على شيء، رُبما احتاجت كرة القدم إلى بعض العدالة التي افتقدتها منذ بداية البطولة بخصوص روسيا، فإن كانت المنشطات قادرة على رفع المردود البدني، فإنها ستقف عاجزة أمام تحويل مسار ركلة جزاء من يد الحارس إلى داخل الشباك، وهكذا حضرت عدالة كرة القدم في ثوب ركلات الترجيح.