يعتبر فصل الصيف أحد أكثر المواسم التي يرتفع فيها الطلب على الذهب، وذلك لعدة أسباب قد يكون أبرزها ارتباطه ارتباطا وثيقا بموسم الأعراس وكذلك بفترة الإجازات التي تكون فيها هذه المادة الثمينة على رأس قائمة الهدايا التي يسافر بها المقيمون إلى أحبائهم في بلدانهم، أو للمواطنين الذين يقبلون على اقتنائها لعائلاتهم كوسيلة للزينة وخزن الأموال في نفس الوقت.
ويشهد سوق الذهب في الأشهر القليلة الماضية حيوية كبيرة خاصة مع تراجع أسعار المعدن النفيس ووصل سعر الغرام الواحد فيه من فصيلة 24 قراطا إلى 140 ريالا و 122.5 لفئة 21 قراطا فيما بلغ سعر 18 قراط 105، وهو ما اعتبره الاقتصاديون أمرا طبيعيا مع انخفاض سعر الأونصة (31.10 غرام) من الذهب إلى 1200 دولار عكس ما كان عليه الحال سابقا بثمن قدره 1800 دولار.
وفي استطلاع أجرته الشرق كشف عدد من أصحاب المحلات والعاملين فيها بأن السوق يشهد انتعاشا كبيرا خلال هذه السنة مقارنة بالأعوام الماضية، وذلك بإقبال المواطنين والمقيمين من مختلف الجنسيات على اقتنائه.
وأشاروا إلى أن سوق الذهب في الوقت الحالي تجاوز الأزمة تماما ولا يعاني من أي نقص بل بالعكس تماما هو أفضل مما كان عليه في السابق بإيجاده لمصادر استيراد جديدة من دول كإيطاليا وتركيا وهونغ كونغ قد تعد أقل تكلفة من سلفها قبل الحصار، بالإضافة إلى توفره على كميات معتبرة من الذهب المنتج محليا، الذي بات المطلب الأول للمستهلكين وبالأخص القطريين منهم بعد أن ركز فيه أساسا على إعادة إحياء الحلي التقليدي وتقديمه بصورة تتماشى و متطليات الزمن الحالي، وذلك بفضل عدد من المصنعين المحليين الذين نجحوا في وقت قياسي من كسب ثقة الزبائن ، ما انعكس إيجابا على المستثمرين القطريين الذين يستعدون لإطلاق مصانع جديدة في الأشهر القادمة يكون الهدف منها تحقيق اكتفاء ذاتي على مستوى حاجيات السوق من المعدن الأصفر والعمل على تصدير الفائض منه مستقبلا، كما رأى البعض الآخر بأن نسبة الذهب المحلي داخل السوق والتي قدرت بعشرين بالمائة تعتبر جيدة إلا أنها لا تعد كافية ولا محققة لطموحات الزبائن الذين يثقون فيها ثقة عمياء ويتمنون زيادة كميات كبيرة منها تعطيهم فرص اختيار أكبر وتمنحهم القدرة على شراء الذهب بمبالغ أرخص بتقليص كلفة الاستيراد و الجمركة.
إطلاق مصنع
وفي حديث لـ الشرق كشف محمود سعيد مشرف المدير العام لشركة الصلاحي أحد أكبر مؤسسات التجارة في الذهب و المجوهرات باحتوائها على عشرين فرعا داخل قطر، بأن إجمالي الذهب المحلي الموجود في السوق في الفترة الحالية يقدر ب 20 بالمائة، وهو مالم يأتي من عدم بل بعد المجهودات الكبيرة التي بذلتها الدولة في سبيل تنمية المنتج المحلي على كل القطاعات وتقديمها لتسهيلات كبيرة للراغبين في الاستثمار في ذلك ولوج عالم تصنيع المعدن النفيس، متوقعا ارتفاعا في هذه النسبة في الأشهر القليلة القادمة مع استعداد العديد من رجال الأعمال لإطلاق مشاريع إضافية في هذا المجال، في صورة شركة الصلاحي للتجارة في الذهب و المجوهرات والتي من المنتظر أن تطلق مصنعا جديدا لصناعة المعدن الأصفر في الفترة القادمة بطاقة إنتاجية تبلغ 2 طن في السنة، ما سيساهم بشكل كبير في ترسيخ ثقافة تصنيع الذهب في قطر وتوطينها، بالإضافة إلى تغطية نسب كبيرة من متطلبات السوق وتحقيق حد كبير من الاكتفاء الذاتي داخله بالتعاون مع مختلف المحلات وشركات تجارة المجوهرات، ومن ثم العمل على تصدير المنتوج الفائض منه إلى الخارج خاصة وأن كل الإمكانيات متوفرة لذلك بوجود اليد العاملة والسمعة الطيبة التي تحظى بها المجوهرات القطرية بسبب نوعيتها، وبالأخص التراثية منها التي نجح الصناع مؤخرا في إعادة تصنيعها وتقديمها للمواطن أو المقيم الراغب في اقتنائها بشكل مميز ومطور يتماشى ومتطلبات الحقبة الحالية.
وعن تراجع أسعار الذهب في الأشهر الماضية بمختلف أنواعه قال سعيد بأن ذلك يعد طبيعيا وفق ما يحدث في بورصة الذهب بانخفاض ثمن أونصة الذهب ووصولها إلى 1200 دولار، عكس ماكانت عليه سابقا حينما قدر سعرها بألف 1800 دولار، وهو ما ساهم بالفعل في تنشيط وإنعاش تجارة المعدن النفيس في قطر بالضبط منذ بداية شهر رمضان الكريم، مؤكدا على أن السوق لا يعاني من أي نقص في الذهب بمختلف أنواعه،عقب نجاح القائمين عليه في إيجاد مصادر توريد جديدة من دول تعد الرائجة في هذا المجال كإيطاليا وسنغافورة والكويت وهونغ كونغ، ما مكننا في النهاية من تلبية حاجيات المستهلكين وتوفير خيارات مختلفة أمامهم مع عدم المساس بقدرتهم الشرائية بعدم زيادة تكلفة الذهب والحفاظ على سعره الثابت الذي لا يرتفع إلا بقيمة صغيرة ويعود للتراجع بعدها.
تراجع الأسعار
من جانبه أكد التاجر عبد الرحمن الميسري بأن أسعار الذهب شهدت تراجعا في الفترة الأخيرة بسبب انخفاض سعر الأونصة منه إلى 1200 دولار ما يعتبر مبلغا زهيدا بما كان عليه في الأشهر الماضية، ما نتج عنه تراجع سعر المعدن النفيس في محلة التجزئة بوصول الغرام الواحد منه إلى 140 ريالا فيما يخص فئة 24 قراطا و 122.5 بالنسبة لفئة 21 قراطا ، بينما تباع فصيلة 18 قراطا بمبلغ 105 ريالات، وهي الأسعار التي وصفها بالمنطقية وفي متناول الجميع إذا قورنت بما كانت عليه خلال شهر مايو المنصرم ، متوقعا عودة الأسعار إلى الارتفاع مرة ثانية مع نهاية موسم الصيف ببلوغ أونصة الذهب لسعر 1300 دولار.
ما اعتبر عبد الرحمن الميسري الفترة الحالية الأنسب والمثالية للراغبين في اقتناء المجوهرات سواء كهدايا ووسائل للزينة أو كطريقة لخزن الأموال على حد قوله، وتابع قائلا بأن سوق الذهب وبالضبط مع بداية شهر رمضان المنقضي شهد حيوية ونشاطا كبيرين منعاه حتى من التأثر في فترة الإجازات السنوية التي يقضيها معظم المواطنين والمقيمين خارج الدوحة، مشيرا إلى أن نسبة المبيعات لهذه السنة فاقت ما كانت عليه خلال السنوات الماضية خاصة وأن كل الاختيارات موجودة سواء تعلق الأمر باختلاف أصناف الذهب وموديلاته أو بلد نشأته، في ظل المجهودات الكبيرة التي بذلها التجار والصناع في تغطية الفراغ الذي عقب الأزمة التي مر بها السوق قبل سنة من الآن، واختتم قوله بالتأكيد على أن ذلك بات من الماضي، ولا توجد أي مشكلة نقص في المعدن النفيس داخل في السوق مع تحصيل مصادر استيراد جديدة للذهب من إيطاليا وتركيا و الكويت بأسعار مناسبة ونوعية أفضل مما كانت عليه من قبل.
إقبال على المنتج المحلي
صرح التاجر صدام زيد السعدي بأن الإقبال هذه السنة على المنتج المحلي من الذهب كان كبيرا ومضاعفا بثلاث مرات لما كان عليه خلال السنوات الماضية، بل لم يتأثر حتى في فترة الإجازات السنوية حيث احتلت مجوهرات ككرسي تميم وكرسي جابر صدارة المبيعات، بالإضافة إلى عقود مزانط التراثية التي تم إعادة تصميمها وتقديمها بشكل حديث يتماشى ومتطلبات الزينة في العصر الحديث، ناهيك عن حلي الأطفال والخواتم والأساور، مؤكدا على أن المنتوج المحلي بات يحظى بثقة كبيرة بالأخص من طرف الزبائن ما يرجع أساسا للجودة العالية التي يتمتع بها، مشيرا على أن الإقبال على شراء الصيغة المحلية ليس مرتبطا بالمواطنين فقط، بل حتى بالمقيمين الذين وجدوا فيه ظالتهم فبات مطلوبا منهم بكثرة، وتابع زيد السعدي بأن هذا النجاح جاء نتاجا للتسهيلات الكبيرة التي تمنحها الحكومة لرجال الأعمال في مجال تنمية المنتج الوطني والمضي به إلى الأمام، واستجابتهم بدورهم لتشجيعات الحكومة والانطلاق في فتح ورش وتطوير المصانع القديمة لتصبح بسعة إنتاجية أكبر ما يجعلها مرشحة في المستقبل القريب لتصبح الأحسن على المصانع مستوى الشرق الأوسط.
وفي ذات السياق قال التاجر محمد اليافعي إن الطلب على المنتوج المحلي خلال هذه السنة أكبر بكثير مقارنة بما كان عليه في السابق، بعد أن بات على رأس أولويات المواطنين والمقيمين الذين وجدوا فيه الجودة والعراقة التاريخية، باعتماده على الموروث التقليدي كمادة خام وتطويره لإخراجه بصورة حديثة جعل منه الموضة في الوقت الراهن، وذلك بفضل المجهودات الكبيرة التي باتت تقوم بها المصانع الوطنية في المرحلة التي تلت الأزمة، معتبرا ذلك بالإيجابي خاصة وأن هذه الورشات تسير اليوم لتحقيق اكتفاء ذاتي للسوق إذا وصلت العمل بذات الإستراتيجية، وأضاف محمد اليافعي بأن الحجم الحالي للذهب المحلي داخل السوق يعتبر مقبولا إلا أنه ومع ذلك لم يخف رغبته في الزيادة في نموه داخل السوق وذلك استجابة لرغبة قيادتنا الراشدة التي تحث رجال الأعمال القطريين على ولوج عالم التصنيع بمختلف قطاعاته للخروج من شبح الاستيراد وهو ما ينطبق على سوق الذهب الذي لازال ولحد الآن يحتوي على نسب كبيرة من السلع القادمة من الخارج.
مطالب بزيادة الإنتاج
من جهة أخرى طالب التاجر محسن اليافعي بضرورة الرفع من نسب المنتج المحلي بإطلاق مشاريع جديدة و تشييد ورش ومصانع قطرية أكبر تكون لها وجودها المؤثر داخل سوق الذهب، لأن الكمية الموجودة حاليا المقدرة بحوالي 20 بالمائة تعتبر ضعيفة بما يمكن للمستثمر القطري فعله، ومن الإجباري اليوم الرفع منها لتصل على الأقل 50 بالمائة لتقاسم السوق بذلك مع البضائع المستوردة، خاصة وأن كل التسهيلات متوفرة لذلك و لا يجب سوى الإقتداء بالمستثمر القطري الذي أثبت نجاحه في الفترة الماضية على مستوى العديد من القطاعات، و تمكن من إعطاء خيارات أكبر بالنسبة للمستهلكين وبالأخص المواطنين منهم الذين باتوا يثقون المنتج الوطني ثقة عمياء، عقب تأكدهم من نوعية منتجه العالية وسلامته من أي غش أو تلاعب، وهي الثقة التي يجب استغلالها من طرق المصنع الوطني لتوسعة رقعة نشاطه داخل سوق المعدن النفيس والزيادة من مكانته داخله، خاتما كلامه بالقول بأن التصنيع المحلي يعطي مزايا أخرى للمستهلكين الذين سيكون بإمكانهم شراء الذهب بقيمة أقل مما هي عليه الآن بسبب التقليص من تكلفة الاستيراد وقيمة الجمركة.