“Best Price”.. عروض ترويجية على مختلف المواد لتجنب الكساد

شهدت الفترة الأخيرة موجة من العروض الترويجية والتنزيلات على مجموعة واسعة من المنتجات الاستهلاكية ومنتجات الملابس وحتى الأثاث المنزلي، حيث عرضت المحلات التجارية والشركات المصنعة للمنتجات أسعارا وعروضا مغرية، أرجعها الخبراء إلى سعي قطاع التجزئة وتجار الجملة إلى رفع نسق المبيعات مع قرب نهاية العام الحالي في محاولة لتسويق ما تبقى من مخزون العام الحالي من السلع.
كما أكد الخبراء أن الطلب على أسواق التجزئة يشهد تراجعا في البلاد، وذلك رغم ارتفاع عدد سكان الدولة بنسبة %6.3 خلال أكتوبر الماضي إلى 2.61 مليون نسمة مقارنة بالشهر السابق، مبررين ذلك بتطور في الوعي الاستهلاكي لسكان الدولة، ما أدى إلى اشتداد المنافسة في قطاع التجزئة.
الأسعار
ويستطيع المراقبون لوضع السوق الملاحظة بكل سهولة لمختلف العروض التي وصلت إلى حد تكسير الأسعار نحو مستويات غير مسبوقة في ممارسات شبيهة بإغراق السوق، حيث وصل سعر لتر زيت الزيتون الإسباني نحو 10 ريالات مقابل معدل 25 ريالا لنفس المنتج، فيما بلغ سعر 5 كيلوجرامات من السكر 10 ريالات مقابل 7 ريالات للكيلوجرام من نفس الماركة في الأيام العادية.
كما تفننت بعض المراكز التجارية في العروض الترويجية، وأطلقت حملات مبتكرة عن السوق، حيث اعتمدت أسعارا منخفضة لفترات محدودة تدوم في المعدل يومين بهدف استقطاب العملاء إلى محلاتها.
وكانت وزارة الاقتصاد والتجارة قد بادرت حديثا بإطلاق حملات التوعية الاستهلاكية تم توجهها حسب القطاعات مثل نشر مجموعة من النصائح للمستهلكين حول كيفية اختيار السيارة المستعملة، أو جديدة، فضلا عن التعريف بحقوق المستهلكين أثناء إبرام عقود الشراء وتقديم الخدمات.
وبلغ عدد رخص التنزيلات المستندة من قبل وزارة الاقتصاد والتجارة للمحلات خلال نوفمبر الماضي نحو 465 ترخيصا، مقابل ترخيصين للتصفية النهائية، فيما بلغ عدد رخص العروض الترويجية 507 تراخيص خلال نفس الشهر.
ترشيد الاستهلاك
وأشار رجل الأعمال علي الخلف إلى أن حملة العروض الترويجية الواسعة التي تشهدها البلاد على المنتجات الاستهلاكية يعود إلى 3 أسباب رئيسية وهي تراجع الاستهلاك في البلاد وخصوصية الفترة الحالية بقربها من نهاية العام وتسابق التجار نحو تسويق منتجاتهم وتصريفها في السوق قبل حلول العام الجديدة، فيما تمثل السبب الثالث في ارتفاع عدد الناشطين في سوق التجزئة ما أدى إلى اشتداد المنافسة.
وأوضح الخلف أن المستهلك يحاول أن يقوم بترشيد استهلاكه لسبب أو لآخر أو لظرف أو لآخر، وقال: «يجوز أن المستهلك بصدد إعادة النظر في طريقة استهلاكه وترشيد نفقاته، لكن في نهاية الأمر فإنه مجبر على تلبية احتياجاته الاستهلاكية في نهاية الأمر ولن يتوقف كليا على الاستهلاك وعلى تلبية متطلباته وأسرته المعيشية».
وأضاف: «في حال أصبح هذا السلوك طريقة لتحكم المستهلك في السوق فإن ذلك يعتبر إنجازا محمودا ومؤشر على بلوغ السوق إلى درجات عالية من الوعي الاستهلاكي، والمستهلك مدعو إلى مثل هذا التصرف وإلى الترشيد الاستهلاكي والتوجه نحو الادخار الشخصي».
ترويج
وقال علي الخلف: «أما على مستوى الترويج، فإن هذه العروض والتخفيضات تعتبر من الأدوات المستخدمة من قبل تجار التجزئة بشكل خاص وكذلك تجار الجملة بهدف زيادة تحصيل السيولة، والتخلص من المخزونات وتسييلها بهدف تسديد هذه البضائع أو شراء بضائع تلائم الذوق المتغير للمستهلك، وهذا الأمر طبيعي».
منافسة
وأشار الخلف إلى أن السبب الثالث وراء الحملات الترويجية المكثفة في السوق يتمثل في اتساع رقعة الأسواق وانخفاض معدلات البيع في المراكز أو الأسواق التقليدية الموجودة، وقال: «كلما زادت رقعة السوق وزاد عدد المحلات التجارية وزادت المجمعات الاستهلاكية أو الشركات التجارية الناشطة في السوق، تزيد المنافسة وتنتشر القوة الشرائية للسوق على عدد أكبر العارضين، وسيبقى السوق على هذه الحالة إلى أن يستعيد توازنه في المستقبل، حيث يخرج من السوق كل من لا يستطيع مجاراة هذا النسق من المنافسة لتبقى الشركات المتينة التي يفسح لها المجال لمزيد التطور، وهذه آلية السوق الطبيعية المتبعة في الاقتصادات الحرة».
وقال: «من المحتمل أن يكون السوق قد تركز في أماكن معينة ومجمعات استهلاكية معينة، والآن بدأ السوق في التنفس والخروج بعيدا عن المناطق التقليدية نحو نطاق أوسع، وهذا يؤدي إلى المزيد من المنافسة وإلى استقرار الأسعار وإلى استقرار الإيجارات أيضا، إذ نجد أن إيجارات المحلات التجارية لا تزال مرتفعة، فهذه من الأدوات والعوامل التي ستؤدي إلى استقرار الأسعار وإلى توازن ومعقولية أسعار الإيجارات فلا ننسى مجموعة الإيجارات تعتبر مكونا رئيسيا في الرقم القياسي لأسعار المستهلك، وعندما يرتفع مؤشر هذه المجموعة فإن ذلك يؤدي إلى ارتفاع كبير في التضخم السنوي وعندما ينخفض، يقود هذا إلى هبوط التضخم بنسبة كبيرة جدا، فما زال عنصر الإيجار أو أسعار الإيجارات هي التي تقود معدلات تكاليف المعيشة في الدولة بالارتفاع أو الانخفاض».
وشدد على أن انتشار المحلات التجارية وتوسع السوق يؤدي إلى احتدام المنافسة وإلى استقرار الأسعار وهبوطها إلى مستويات معقولة، ولفت إلى أحد الظواهر التي تشهدها السوق حاليا والمتمثلة في الإعلان عن أسعار خاصة وغيرها، وأن كل هذه الممارسات تصب في مصلحة المستهلك، وقال: «نحن ننشد لأن تنزل أسعار المنتجات الاستهلاكية إلى مستويات معقولة بما يمكن أن يحول قطر إلى وجهة لسياحة التسوق وتتحول هذه الميزة إلى عنصر داعم إضافي إلى نشاط قطاع الضيافة بشكل عام، وهذا الأمر جيد، فكلما انخفضت الأسعار وأصبحت الأسعار أكثر تنافسية فإن الفائدة تعم على الجميع».
إغلاق العام المالي
بدوره أشار الخبير الاقتصادي عبدالرحيم الهور إلى وجود مجموعة عوامل قد تكون وراء تكثف العروض الترويجية، أولها أن الفترة الحالية تتميز باقترابها من نهاية العام المالي 2016، حيث تعمل الشركات في إطار السنة المالية المنتهية في 31 ديسمبر، والقوائم المالية التي يتم إعدادها منها قوائم الربح والخسارة واللوائح التجارية، وبالتالي فإن أغلب الشركات تعمل كل ما بوسعها لرفع مبيعاتها وتحقيق حجم المبيعات المستهدف ضمن هذه الفترة الزمنية، لذلك من الطبيعي، مع اقتراب نهاية العام المالي، أن يرتفع عدد الحملات الترويجية وتخفيض الأسعار بهدف زيادة المبيعات.
وزاد: «هذا مرفق بتراجع الطلب على أسواق التجزئة إلى حد ما وبالتالي حتى يتم تعويض هذه الفجوة من المبيعات اضطروا إلى تخفيض الأسعار واعتماد العروض الترويجية، خاصة أننا في شهر نوفمبر ولم يبق سوى شهر واحد على إقفال القوائم المالية».
وقال الهور: «يجب عدم الانتباه إلى أن المراكز التجارية والمحلات التجارية بشكل عام هي مؤسسات ربحية وتعمل على محاسبة ملاكها الذين لا يهتمون سوى بالنتائج المالية لهذه المحلات».
تباطؤ الطلب
فضلا عن ذلك، أشار الخبير الاقتصادي إلى وجود نوع من التباطؤ في الطلب على سوق التجزئة تشهده المنطقة بأسرها، وذلك نتيجة لتراكم مجموعة من العوامل منها أسعار البترول، وعرض النقد م1 وهو النقد السريع داخل الدولة، إلى جانب أسعار الفائدة وبالتالي فإن السياسة المالية والسياسة النقدية للدولة أثرت بشكل تراكمي تسلسلي على الإقبال على الاستهلاك في سوق التجزئة.
كما أنه مع بداية العام الجديد ينطلق موسم الجديد من الموضة والتصاميم الحديثة وبالتالي يتم تصفية كامل السلع الماضية.
ظاهرة صحية
وأشار رجل الأعمال عبدالله الخاطر إلى أن تراجع الأسعار واشتداد المنافسة بين الشركات والتجار يعتبر ظاهرة صحية للاقتصاد القطري، وقال: «المنافسة تعني قدرة الإدارة أو المؤسسة على خلق ميزة التنافسية، قد يكون جزءا من التكلفة وأن تكون تلك المؤسسة قادرة على تخفيض التكلفة، وبالتالي الضغط على الأسعار. فعامل السعر يعتبر الدافع والحافز في أي مؤسسة على العمل والبحث لتحسين كفاءة الاقتصاد. فالمنافسة هي الوجه الآخر لمؤشر الأسعار واشتدادها بين المؤسسات بما يؤدي إلى انخفاض الأسعار مطلوب، فالهدف من اقتصاد السوق هو خلق مستوى من المنافسة يدفع الشركات إلى مراجعة هيكلة التكلفة لديها والوصول إلى حلول تنعكس على مستوى الأسعار».
وأكد على أن عامل التسعير يعتبر أحد أهم الآليات في اقتصاد السوق الذي يتوقف عليه كل السياسات، وقال: «على السبيل المثال، بالنسبة للمستثمر أو التاجر أو الاقتصاد في حد ذاته إن شهد اختناقا في أي من قطاعاته فإن أول ما يشتكي جسد الاقتصاد من هذه الاختناقات ارتفاع السعر، وهو ما يجذب انتباه المستثمرين وبالتالي الاستثمارات في القطاع الذي يشكوا ارتفاع الأسعار وبالتالي تحل المشكلة، والعكس بالعكس»،
مشددا على أن تطور الأسعار في السوق لا يجب أن يشهد عمليات تثبيت حتى لا يتم تعطيل توازن الاقتصاد، وقال: «إذا ما ارتفعت الأسعار في قطاع ما واتخذت خطوة لتثبيت الأسعار أو تخفيضها فنحن بذلك قد دخلنا في اقتصاد مسير وقمنا بتعطيل أهم آلية في الاقتصاد تبعاتها على المستوى المتوسط والبعيد ستكون ضارة للاقتصاد ككل، لأن الأسعار تعتبر المؤشر الموجه للاستثمارات».

السابق
مجلس التعاون: التجربة القطرية في ترشيد الماءوالكهرباء مميزة للغاية
التالي
الرحالة السعودي القحطاني في ضيافة بيوت الشباب القطرية