الغاز القطري في صدارة المشهد الاقتصادي
حزمة عوامل موضوعية تحرك السوق العالمية وقطر تستفيد من ارتفاع الأسعار
قطر تعزز هيمنتها على السوق الفوري
أوبك مطالبة بالضغط على الدول غير الملتزمة بخفض الإنتاج
بزنس كلاس – باسل لحام
سجلت أسعار الغاز طوال الأشهر الثمانية الماضية ارتفاعا متواصلا، لتؤكد ارتفاع الطلب في الاسواق العالمية، وتبرز المكانة التي أضحى يتمتع بها لدى شريحة واسعة من المستهلكين في الشرق و الغرب لقدرته على الاستجابة للمتطلبات البيئة وبوصفه مصدرا رئيسيا للطاقة النظيفة.
ومن المنتظر وفق عديد الخبراء أن يساهم ارتفاع الأسعار في دعم موارد الدول المنتجة على غرار قطر التي تعد واحدا من أبرز المصدرين في العالم وتتمتع بإمكانيات كبرى للتأقلم مع متغيرات السوق.
ويعزى ارتفاع الأسعار في سوق الغاز العالمي إلى جملة من العناصر على رأسها وصول المخزونات إلى مستويات تقارب المتوسط طويل الأمّد بناءً على الأخبار التي كانت تشير بأن الولايات المتحدة في طريقها للتحوّل لمصدر صاف للغاز الطبيعي.
وفي مقابل ذلك ما زال المشهد العام لأسعار النفط متراوحاً بين رفع الإنتاج وخفض المخزونات رغم أن أسس النفط الخام تبدي بوادر تحسّن.
إنتاجات مارقة
ومع عودة سعر خام غرب تكساس إلى 50 دولار للبرميل، واقتراب برنت من الهدف للربع الثالث عند 55 دولار للبرميل، يلفت الخبراء النظر إلى ضرورة إلقاء نظرة على ما هو مطلوب للحفاظ على التعافي الأخير في النفط، والذي يمكن تلخيصه في تباطؤ المنصات الأمريكية والحد من نمو الإنتاج كاستجابة لتراجع الأسعار، وحدوث انخفاض موسمي في أسهم النفط الخام الأمريكية (يمتد الموسم عادةً حتى نهاية سبتمبر)، وقيام ’أوبك‘ بالتضييق على الدول غير الملتزمة بخفض الإنتاج، ولاسيما العراق والإمارات، وذلك مع حفظ الصادرات المنظورة (مثل الصادرات الأمريكية)، وتباطؤ الإنتاج الليبي والنيجيري أو حدوث انقطاعات فيه
تقديرات وترقب
وفي حين تبدو الصورة إيجابية مجدداً على المدى الطويل، من المرجح للسوق أن تبقى محصورة ضمن إطار محدود ومعرضة للبقاء لفترة أطول عند مستويات منخفضة نسبياً بالمقارنة مع ما تم تسجيله في مطلع العام. وقد نجد خام غرب تكساس محدوداً بنطاق بين 47 إلى 50.5 دولار للبرميل كنتيجة لتقلّب التركيز بين رفع الإنتاج وانخفاض المخزونات.
وخفضت وكالة الطاقة الدولية تقديراتها بخصوص كمية النفط الخام المطلوب من “أوبك” عن العامين 2017 و2018، وهو تطور سيكون من شأنه جعل زيادة الإنتاج صعبة أكثر فأكثر بالنسبة للمنظمة بعد انتهاء سريان مفعول الاتفاقية الحالية في مارس القادم.
وانحصر النفط الخام ضمن نطاق ضيّق نسبياً بعد ارتفاعه خلال يوليو في تطور يعزى إلى توقف السعودية عن التصدير وتراجع المخزونات الأمريكية، ما شكّل تغطية قصيرة المدى لهذه الحركة.
صعود محدود
وعند هذه المرحلة تبقى إمكانية الصعود محدودة بما أنّه من المرجح للإنتاج المتزايد في الولايات المتحدة وليبيا أن يعيد التوازن إلى هذا الهبوط المتواصل في المخزونات والصادرات.
وشكّل تدني مستوى الامتثال في “أوبك” وارتفاع الإنتاج الليبي أهم عنصرين ساهما في تحفيز دورة البيع القصيرة خلال يونيو، حيث وصل إجمالي المواقع قصيرة الأمد التي تملكها صناديق التحوّط في برنت وخام غرب تكساس إلى ثاني أعلى مستوى قياسي له. ومع حلول شهر يوليو وتفعيل سياسة الحد من الصادرات وتراجع المخزونات كما هو مذكور أعلاه، فقد أصبحت السوق معرّضة لقصر مدى التغطية وعانت من انحسار في المواقع قصيرة المدى بعدها.
وخلال فترة الأسابيع الخمسة التي سبقت مطلع أغسطس، أقدمت صناديق التحوّط على رفع صافي مواقعها طويلة الأمد في خام برنت وخام غرب تكساس بمقدار 294 مليون برميل. كما أن نشاط الشراء الجديد أضاف 102 مليون برميل، في حين تم خفض المواقع القصيرة بمقدار النصف (192 مليون برميل). وكانت زيادة الأسبوع الماضي (بمقدار 101 مليون برميل) أكبر زيادة أسبوعية منذ مطلع ديسمبر الذي شهد اجتماع منتجي النفط من أعضاء ’أوبك‘ وخارجها للاتفاق على مبادرة مشتركة لخفض الإنتاج.
منحنى متحرك
وعند هذه النقطة تبدو الأسس آخذة في التحسّن، مع تراجع المخزونات الأمريكية والعالمية في استجابة لنمو الطلب العالمي الذي بلغ مستويات تفوق ما هو متوقع؛ حيث أخذ القسم الأمامي من منحنى برنت بالتحّرك إلى الخلف مع تداولات أسعار أعلى من الشهر الماضي، وذلك بالتوازي مع إرسال إشارات بخفض المخزونات (إثر وصول الطلب الصيفي إلى ذر,ته)، وهو ما ساهم في تفضيل برنت على خام غرب تكساس، الأمر الذي قد يؤدي لزيادة طلب التصدير على الخام الأمريكي، وبالتالي يسفر عن خفض المخزونات الأمريكية.
دول مخلّة
وفي هذه الأثناء ما زالت ’أوبك‘ تعاني من ارتفاع الإنتاج وعدم التزام أعضائها بالإطار المتفق عليه؛ فقد أشارت أحدث نسخة من ” تقرير سوق النفط” الصادر عن وكالة الطاقة الدولية إلى أن مستويات الإنتاج خلال يوليو قد بلغت قمة جديدة مع مواصلة ليبيا زيادة انتاجها، وتراجع التزام أعضاء “أوبك” بخفض الإنتاج بمقدار 75% (وهو المستوى الأدنى هذا العام)، علماً بأن والعراق والإمارات العربية المتحدة تقف في طليعة الدول المخلّة بهذا الالتزام.