بزنس كلاس – خاص:
يمثل سوق واقف في قلب الدوحة رمزاً يختصر قطر بكل ما فيها من جمال وإنسان وحضور عنفوان الحياة في شرايين الصحراء. وفي الأزمة التي تعصف بالمنطقة نتيجة تجني وتعنت “إخوتنا وجيراننا”، برز سوق واقف باعتباره أحد اهم الرموز الشعبية ورافعة الجهد القطري للتصدي لعدوان غاشم وغير مبرر. فكان أن تحول السوق إلى معلم وقبلة لكل محبي قطر من ابناءها القطريين والمقيمين كما أحبائها من الكويتيين والعُمانيين على وجه الخصوص بين أهل الخليج جميعا.
في ثلاثة مشاهد منفصلة، أثبت هذا السوق التراثي العريق أنه كما كل القطريين قادر أن يقف سداً منيعاً بوجه الهجمة على قطر ليسجل أبناءه واصحاب الفعاليات التجارية، إضافة إلى ضيوفه من المواطنين والمقيمين والأخوة الحليجيين، مواقف رمزية برد “مقاطعة الإخوة” على أعقابها.
أهل الدار
لقد سجل سوق واقف في زمن الأزمة أول مبادرة شعبية في وقف بيع منتجات دول الحصار بحركة عفوية عبرت عن ألم هذا المكان الجامع لأبناء الخليج الواحد على ظلم ذوي القربى. وطبعاً كان أهل قطر هم أول من بادر في سوق واقف إلى اتخاذ قرارات وخطوات أثبتوا فيها علو كعبهم في الوطنية ومحبة قائد الوطن حيث، وحسب مدير سوق واقف محمد السالم، فإن عددا كبيرا من المواطنين ألغوا حجوزات سفرهم في إجازة العيد وفضلوا قضاء الإجازة في بلادهم في ظل الأزمة الخليجية وتضامنا مع وطنهم.
كما بادر أصحاب المحال التجارية في السوق إلى إيقاف بيع منتجات دول الحصار لدى محلاتها واستبدالها بسلع ومنتجات الدول الصديقة تضامناً مع قطر حكومة وشعباً، وقام أصحاب تلك المحلات بسحب كل البضائع لتلك الدول ووضعها في المخازن الخاصة بها، مما جعل المحال تستبدلها ببضائع من دول أخرى تعتبر أكثر جودة، وقال مدير سوق واقف: في بادرة أولى من نوعها قام أصحاب المحال التجارية في سوق واقف بمنع بيع بضائع ومنتجات دول الحصار لدى محلاتهم، وقاموا باستبدال تلك السلع بمنتجات من الدول الصديقة التي تعتبر أكثر جودة على حد تعبيرهم. وبالمقابل، لفت السالم إلى أن معظم فنادق ومطاعم السوق قدمت وتقدم خدمات مجانية للأشقاء من عمان والكويت، ومن المتوقع أن تشهد السياحة في قطر خلال هذا العام نشاطا كبيرا من الأشقاء الخليجيين والسياح من مختلف دول العالم.
الأخوة الخليجيون
ورد الأخوة الخليجيون من عُمان والكويت، التحية القطرية بأحسن منها، في مبادرة أخوية تعكس تلاحم وحدة أبناء الخليج، حيث قام عدد من أبناء سلطنة عمان، بتوزيع الحلوى العمانية على المواطنين والمقيمين بدولة قطر، في سوق واقف، تعبيراً عن رفض شعوب الخليج للحصار الذي يتعرض له أبناء دولة قطر من قبل أشقائهم في هذه الأيام المباركة.
وشارك في المبادرة 4 أفراد، بخلاف مصانع الحلوى العمانية التي ساهمت بألف كيلو من الحلوى التي تم تقديمها كهدايا مع الورود وصور حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد اَل ثاني أمير البلاد المفدى، وصاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد، سلطان عمان، وسعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن اَل ثاني وزير الخارجية، وشارك في الحملة مجموعة من المتطوعين من دولة قطر.
وقال القائمون على المبادرة إنهم يهدفون إلى إرسال رسائل لقادة دول مجلس التعاون الخليجي فحواها أن الشعوب يجب ألا تدفع ثمن خلافاتهم السياسية، وأضافوا أن الكثير من العمانيين سيحضرون عيد الفطر في قطر، لمشاركة شعبها المضياف الاحتفالات بهذه المناسبة، وقالوا: « إن ما يحدث حالياً من خلافات داخل دول مجلس التعاون الخليجي، سحابة صيف عابرة، وإن الشعب القطري لم نر منه سوى الخير».
وقال نصر البوسعيدي المتحدث باسم الحملة لـ «العرب»: «بعيداً عن السياسة، الشعوب الخليجية تجمعهم أواصر محبة كبيرة، ونحن لم نأت إلا محملين بهذه الأمانة، أمانة من شعب عمان إلى أحبائنا هنا بشعب قطر» وأضاف البوسعيدي: «دائماً في وقت الأزمات، يظهر الحب والتآخي بشكل أكبر، ونحن نريد أن نضرب مثلاً للجميع، ورسالتنا تقول مهما كانت هناك خلافات سياسية يجب ألا تدفع الشعوب ثمن هذه الخلافات».وكرر البوسعيدي عدة مرات: «اتركوا الشعوب، اتركوا الشعوب» بعيداً عن أي خلاف سياسي، هنالك إجراءات دبلوماسية وغيرها من الخطوات، لكن ما يجب أن يبقى حقيقة، هو محبة الشعوب فيما بينها، فنحن جيران وأحباء، والحوار يجب أن يكون اللغة السائدة بين الجميع.
أطفال قطر يحتفلون بـ “الأدعم”
المشهد الثالث وربما الأكثر تاثيراً وعمقاً ورمزية في التعبير عن التمسك بأهداب الوطن الغالي تجلى في أطفال قطر وهم يتزينون بعلم قطر الحبيب واسم صاحب السمو، رمز عزتنا وسيادتنا، على وجههم الغضة.
الأدعم يزين وجوه أطفال قطر
حيث شهد سوق واقف ورشة لفناني قطر ضمن فعاليته التي أقامها بعنوان “تميم المجد والعز”، تبارى فيها الفنانون لإنجاز أفضل ما لديهم من إبداعات حبًا في الوطن، انتماءً له، ووفاءً لقائده ورمزه.
الأطفال، ومن مختلف الجنسيات حرصوا على تسجيل عبارات صادقة تجاه الوطن ورمزه، حملت جميعها معاني الحب للوطن، وللوفاء لحضرة صاحب السمو، وذلك في تعبير عفوي وصادق، إما عن طريق تسجيل كلمات أو عن طريق رسومات. وأعرب الأطفال عن مدى سعادتهم بالمشاركة في مثل هذه الورش، مؤكدين حبهم الجارف لدولة قطر، وأنهم حرصوا على المشاركة فيها للتعبير عن رفضهم للحصار المفروض على قطر. معلنين وفائهم لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى.
أطفال قطر يخطون حبهم بكلمات لقطر الوطن
وقال الطفل حمد بن محمد إنه حرص على المشاركة بورشة المركز ليؤكد رفضه للحصار من ناحية، ومبديًا حبه للوطن بقيادة حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، فـ”كلنا قطر.. وكلنا تميم”. وهو ما عبّر الطفل أحمد بن عبد الله بالضبط، حيث أكد أنه حرص على إنجاز بعض الرسومات خلال الورشة حبًا في قطر، ووفاءً لقائدها حضرة صاحب السمو، “وهذا أقل القليل الذي نقدمه للوطن، تقديرًا له، وعرفانًا بفضله علينا جميعاً”.
اللافت أن إبداعات الأطفال تنوعت بين تلوين الأدعم على وجوههم، وكتابة عبارات الحب للوطن ولقائده، سواء على أيديهم أو وجوههم، وهي كلها إبداعات تعكس تفاعلهم الكبير في رفض الحصار، وتأكيد ولائهم للوطن وقائده.
سوق واقف بكل ما تقدم من مشاهد مؤثرة، إنما يشكل الرمز الذي تقف فيه قطر دولة وشعباً ومحبين من كل أنحاء العالم قامة شاهقة وصخرة عالية تتكسر عند أقدامها أوهام أمواج المعتديناترتد على أعقابها تجر ذيول الخيبة والهزيمة.