واشنطن – وكالات:
شهدت أزمة الصحفي السعودي جمال خاشقجي حلقة جديدة اليوم من حلقات مسلسل “هاسبل وبن سلمان” أضافت المزيد من الغموض بشأن موقف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان فيما يتعلق بجريمة القنصلية السعودية بإسطنبول 2 أكتوبر الماضي، ليظل رد واشنطن عن سؤال “من أمر بالقتل؟” غير واضحاً.
فبعد الإفادة التي تقدمت بها جينا هاسبل مديرة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “سي آي أيه” أمام بعض أعضاء مجلس الشيوخ في 4 ديسمبر الجاري، عادت هاسبل اليوم إلى الجلوس خلف أبواب مغلقة أمام زعماء مجلس النواب اليوم الأربعاء لتقديم إفادتها مجدداً بشأن مقتل خاشقجي.
وبينما امتنع أعضاء مجلس النواب عن التعليق بأكثر من قولهم إنهم لم يسمعوا شيئاً يغير وجهة نظرهم بشأن مقتل خاشقجي، بحسب رويترز، قال النائب الديمقراطي إليوت إنغل الذي سيرأس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب حين يسيطر الديمقراطيون عليه ابتداء من يناير المقبل “علينا مراجعة علاقتنا مع السعودية وتحديد الجوانب التي قد تتغير فيها”، وفقاً لـ”الجزيرة نت”.
وأدلى إنغل بتصريحاته للصحفيين في مقر الكونغرس بعد انتهاء الإحاطة التي قدمتها هاسبل لقادة مجلس النواب اليوم الأربعاء في جلسة مغلقة، واصفاً ما حدث لجمال خاشقجي بأنه “مأساوي”.
وقال إنغل “تنوي لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب عقد جلسات استماع بعد بداية العام المقبل بشأن كل جوانب السلوك السعودي”. وأضاف “بالطبع ما حدث للسيد خاشقجي مأساوي ويجعل مهمتنا أكثر صعوبة. وهناك أسئلة كثيرة لدى النواب بشأن سلوك السعودية في اليمن وسلوكها مع شعبها”.
وسئل إنغل عن رأيه بشأن اتهام ولي عهد السعودية محمد بن سلمان بالمسؤولية عن قتل خاشقجي فامتنع عن تقديم إجابة محددة لكنه قال إن “كل قادة الدول مسؤولون عما يحدث تحت سلطتهم”.
وأضاف إنغل -الذي رفض تقديم معلومات بشأن فحوى إحاطة هاسبل: “السعودية دولة مهمة وشريك لنا، لكن لا يمكننا أن نتغاضى عما يحدث وأن تجري علاقاتنا معها كالمعتاد”.
وأمس أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو أن تركيا تجري مناقشات مع منظمة الأمم المتحدة حول احتمال فتح تحقيق دولي بشأن جريمة قتل خاشقجي في اسطنبول، قائلاً: “في هذا الموضوع، التقينا مع الأمين العام للأمم المتحدة ونظرائنا ونستمرّ في القيام بذلك”.
وأضاف خلال مؤتمر صحفي في أنقرة “على هامش (قمة) مجموعة العشرين (في مطلع ديسمبر)، عبّرنا مع عدد من نظرائنا خصوصا الكندي، عن إرادة تقديم طلب مشترك”.
وأكدت أنقرة في البداية أنها لا ترغب في فتح تحقيق دولي وفضلت التعاون المباشر مع السلطات السعودية. لكنها تنتقد بشكل مستمر نقص التعاون من جانب الرياض التي تؤكد أن الجريمة ارتُكبت من دون علمها.
ورفضت السعودية طلب تركيا تسليمها المشتبه بهم بينهم شخصان قريبان من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تتهمهما أنقرة بأنهما “من بين الذين خططوا” للجريمة، وهما النائب السابق لرئيس الاستخبارات السعودية أحمد العسيري والمستشار السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني، اللذين تم إقالتهما من مهامهما في 20 أكتوبر بعد إقرار الرياض بالجريمة تحت قوة الأدلة التركية.
وشدد تشاوش أوغلو على أنه “يجب محاكمة هؤلاء المسؤولين بموجب القانون التركي”. وسأل “لماذا لا تريدون أن يُحاكم هؤلاء الأشخاص في تركيا؟ هل تخافون من أن يتمّ الكشف عن هوية أولئك الذين أمروا (بتنفيذ) الجريمة؟”
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكد أن الأمر بقتل خاشقجي صدر من “أعلى المستويات في الحكومة السعودية”، مشدّداً في الوقت نفسه على أنّ العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز هو فوق أي شبهة في هذه الجريمة.
وفي الوقت الذي كان يترقب العالم الإفادة الثانية وموقفاً أكثر وضوحاً من واشنطن بشأن مقتل خاشقجي، دافع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عن تعامل إدارة الرئيس دونالد ترامب مع أحداث القنصلية السعودية في إسطنبول، مشدداً على أهمية السعودية كحليف للولايات المتحدة ضد إيران.
وكرر بومبيو تأكيده بأنه لا يوجد دليل مباشر يربط ولي العهد السعودي بقتل خاشقجي 2 أكتوبر في القنصلية السعودية باسطنبول، رغم تقييم “سي آي أيه” الذي تم نشره في وقت سابق من نوفمبر الماضي بأن محمد بن سلمان هو على الأرجح من أمر بقتله.
وعندما سُئل خلال مقابلة مع شبكة فوكس نيوز عن النتائج التي توصلت إليها المخابرات، قال بومبيو دون الخوض في تفاصيل “بعض التقارير التي رأيتموها بشأن ذلك غير دقيقة”.
وأضاف بومبيو الذي رفض مراراً القول إن كان يعتقد أن بن سلمان يقف وراء قتل خاشقجي: “لا يزالون يعملون على هذا. لا تزال الحقائق قيد التطوير فيما يتعلق بقتل جمال خاشقجي”، مضيفاً أن الدليل المباشر الذي يربط ولي العهد بقتل خاشقجي “ليس متاحاً بعد”.
وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي أمس إنه يعتزم أن يقدم قراراً مشتركاً يندد بولي عهد السعودية فيما يتعلق بمقتل الصحفي.
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على 17 مسؤولاً سعودياً الشهر الماضي لدورهم في قتل خاشقجي، لكنها لم تصل إلى حد اتخاذ إجراء قد يؤثر على صفقات السلاح الأمريكية المربحة مع السعودية والتي تعهد ترامب بالحفاظ عليها.
وأشار بومبيو إلى العقوبات وقال إن الولايات المتحدة ستواصل محاسبة من يثبت أنهم ضالعون في قتل خاشقجي الذي كان يقيم في الولايات المتحدة ويكتب في صحيفة واشنطن بوست.
وتأتي إفادة هاسبل غداة تصريحات ترامب في مقابلة مع رويترز بالمكتب البيضاوي، التي اعتبر خلالها أن بن سلمان “زعيم السعودية وهي حليف جيد جداً”.
وكان أعضاء بارزون بمجلس الشيوخ الأمريكي قالوا الثلاثاء الماضي عقب جلسة الإفادة الأولى لجينا هاسبل إنهم على يقين أكثر من أي وقت مضى بأن ولي العهد السعودي ضالع في قتل جمال خاشقجي، وذلك بعد أن سمعوا إفادة وكالة المخابرات المركزية بشأن القضية.
وقال السيناتور بوب مينينديز زعيم الديمقراطيين بلجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، وهو واحد من الذين استمعوا لشهادة جينا هاسبل، خلال تصريحات صحفية “آرائي السابقة ترسخت”، داعياً إلى رد فعل أمريكي قوي على مقتل خاشقجي، معلناً في الوقت ذاته مساندته تشريعاً ينهي كل أشكال الدعم للتحالف الذي تقوده السعودية الذي يحارب في اليمن، بحسب رويترز.
ما قاله مينينديز أكده اليسناتور بوب كوركر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بعد أن “هز رأسه”، بحسب رويترز، تعبيراً عن النفي عندما سئل إن كانت إفادة هاسبل غيرت آراء أحد.
وقال السيناتور لينزي جراهام للصحفيين “ألاَ تصل إلى نتيجة مفادها أن هذا تم تدبيره وتنظيمه من قبل أشخاص تحت قيادة محمد بن سلمان فذلك يعني أنك تغض الطرف عمداً”.