50% من قضايا المحاكم شيكات و 60 الف قضية خلال 4 سنوات

حسابات بلا رصيد تعكر مياه الاقتصاد.. والبون شاسع بين أداة “الضمان” وأداة “الوفاء

الشيكات المرتجعة إرباك للبنوك وارتباك مالي موصوف

 جدولة القروض المتعثرة في مصلحة البنوك والعملاء

مطالب بسرعة إيجاد حلول للشيكات المرتجعة

اقتصاديون: الاستخدام السيئ للشيكات يؤثر سلباً على الاقتصاد

بزنس كلاس- محمد حسين

تمثل ظاهرة الشيكات المرتجعة حالة صداع مزمن لجميع ادارات البنوك، وتكمن مشكلة الشيكات في طريقة التعامل بها، حيث إن غالبية المتعاملين بها يستخدمونها كأداة ضمان وليست كأداة وفاء كما وصفها القانون، خاصة أن القانون عرف الشيك على أنه أداة وفاء وليس أداة ضمان

. وشهدت ظاهرة الشيكات المرتجعة التي تعد من المشاكل التي تواجه الجهاز المصرفي ارتفاعا ملحوظا خلال الأشهر القليلة الماضية. لتشكل أكثر من نصف القضايا المنظورة امام المحاكم، وتعتبر الشيكات من أهم وأكثر وأخطر الأوراق التجارية تداولاً في وقتنا الحاضر، كونها تقوم مقام النقود في التعامل بين الناس، ولأن حاملها يستطيع تحريك دعوى جزائية ضد الساحب عند عدم وجود رصيد له في حسابه البنكي.

ونظرا لأهمية الشيكات ومدى تأثيرها على الاقتصاد الوطني، قامت “بزنس كلاس” بفتح الملف لرصد تأثير الشيكات المرتجعة على كافة قطاعات الدولة، وإيجاد حلول مناسبة لهذه الظاهرة السلبية والتي تتطلب من الجميع التكاتف وبذل الجهود للحد من انتشارها سواءً من خلال تطوير التعليمات والإجراءات الناظمة لعمليات الإصدار والتعامل مع الشيكات، أو من حيث تنظيم طرق التعامل بها وتعزيز مستوى التوعية والإرشاد ومحاولة حصر التعامل بها كأداة وفاء فقط وليست كوسيلة ضمان أو ائتمان، واخيرا إعادة جدولة الديون المتعثرة، خاصة وأن هنالك العديد من الآثار السلبية الناجمة عن انتشار هذه الظاهرة كتراجع أداء الأنشطة الاقتصادية وانخفاض حجم السيولة لديها وتراكم الخسائر، إضافة إلى التشدد في عملية منح الائتمان المصرفي

شيكات بلا رصيد

وينبع الاهتمام المتزايد بالشيكات المرتجعة من إيجاد أفضل السُبل التي تقضي بمعالجة هذه الظاهرة، وذلك نظراً للتطورات المصرفية والمتغيرات الدولية المتسارعة التي تسود العالم، والتي تستدعي تطوير وإيجاد وسائل وإجراءات أكثر فاعلية في الحد من تفاقم هذه الظاهرة.

وبحسب اقتصاديين ومختصين، فان ظاهرة الشيكات المرتجعة تؤثر بشكل أو بآخر على الاقتصاد القطري والجهاز المصرفي المحلي، حيث أنها تفقد الشيك قيمته ومصداقيته كورقة مالية، وتؤدي الى تعطيل المعاملات وابطاء التدفقات النقدية، الأمر الذي يؤثر بدوره على دورة رأس المال

وارجع الخبراء تفاقم ظاهرة الشيكات المرتجعة خلال الفترة الماضية لأسباب متعددة، في مقدمتها التسهيلات الكبيرة التي تمنحها البنوك لعملائها، بالإضافة الى الأعداد الكبيرة من الوافدين للعمل في قطر من جميع الفئات والجنسيات، وأغلب الأسر حصلت على قروض لتسيير شؤون حياتها، خاصة الأسر الجديدة التي تحتاج إلى تأثيث المنزل والسيارة.

الريال الأبيض لليوم الأسود

وقال الخبراء: ان المستثمرين توسعوا في الاستثمارات خلال الفترة الماضية، مستغلين الطفرة الاقتصادية التي تتميز بها قطر في المنطقة وقوة الاقتصاد والطلب المتصاعد على السلع والخدمات، وفي مقدمتها العقارات، خاصة بعد ان جاءت الأزمة الاقتصادية الناتجة عن انخفاض اسعار النفط التي تسببت في الحد من الطلب واصابت السوق بحالة من الركود وتراجع المبيعات، بالرغم من توافر السيولة، ولكن من يملك ريالا حاليا يحافظ عليه ولا يفرط فيه بسهولة.

وأوضح الخبراء الى أن هناك الكثير من الأنظمة والمعايير الصادرة عن المصرف المركزي والتي تنظم عمل القطاع المصرفي بالدولة، ولكن الأمر يحتاج إلى مزيد من الرقابة على البنوك من أجل التأكد من التزامها بتلك المعايير وتطبيقها في سياساتها الائتمانية.

وأكد الخبراء على أهمية دور البنوك المحلية ومسؤوليتها القانونية في منح دفاتر الشيكات لعملائها والتي يجب ان تكون ضمن أسس واضحة ومحددة، معتبراً أن أساس الحد من اعادة الشيكات تنطلق بداية من البنوك بالإضافة الى قيامها بإعادة جدولة القروض المتعثرة لعملائها

إجراءات مصرفية واجبة

وأضافوا: أن مصلحة البنوك تكمن في إعادة جدولة القروض للمقترضين المتعثرين، معتبرين أن إعادة الجدولة تعفي البنوك من تجنيب مخصصات إضافية لمواجهة الديون المشكوك في تحصيلها، وفقاً لمعايير المصرف المركزي من جهة، ويسمح لها بتمديد فترة القرض وتحميل العميل المزيد من الفوائد المتراكمة التي ستثقل كاهله مرة أخرى بعد فترة من الزمن، من جهة أخرى.

وفي ظل الازمة التي تسبب فيها ازدياد الشيكات المرتجعة باعتبارها خطرا يهدد انشطة البنوك، طلب مصرف قطر المركزي من البنوك العاملة في قطر تعزيز الإجراءات المصرفية والبنكية على الشركات والأفراد خلال الفترة القادمة، بهدف معالجة قضية الشيكات المرتجعة على العملاء ومنح الشركات والأفراد فرص جديدة لتسوية أوضاعهم المالية في إطار القواعد والتعليمات التي يصدرها مصرف قطر المركزي للتخفيف عن عملاء البنوك بهدف التقليل من قضايا الشيكات المرتجعة أمام المحاكم حاليا والتي وصلت إلى حوالي 60 ألف شيك خلال الأربع سنوات الماضية.

وقالت مصادر مصرفية مطلعة إن مصرف قطر المركزي أصدر توجيهات إلى كافة البنوك بدعم وسرعة تنفيذ الإجراءات الردعية على أصحاب الشيكات بدون رصيد، والتي تشمل إرسال إنذار عند رجوع شيك أو أكثر للعميل، وفرض غرامات تصاعدية على الشيكات المرتجعة، واستعادة دفتر الشيكات القديمة التي في حوزة العميل أو تصعيب إصدار دفاتر جديدة له، إلى جانب الاحتفاظ بسجلات خاصة بالشيكات المرتجعة تتضمن بياناتها التفصيلية وأسماء العملاء الذين قاموا بإصدارها ومتابعة هذه السجلات بشكل دوري. بجانب أي إجراءات ردعية أخرى يرى البنك تطبيقها.

جرائم الشيكات

وقال الخبراء: أن هناك بنوكا في الدولة لا زالت تغرر بعملائها الأفراد، وتدفعهم للتوقيع على نماذج اتفاقيات وعقود على بياض، كشرط للحصول على القرض، ثم تقوم بتعبئة تلك النماذج في فترة لاحقة، بمعرفتها لوحدها، وتستخدمها كوثائق إثبات ضد العميل، أمام الجهات المختصة، مشيرين إلى أن بعض هذه النماذج تتضمن رهونا لممتلكات منقولة أو غير منقولة.

وأكدوا أن جرائم الشيكات نص عليها المشرع في قانون العقوبات بالحبس لمدة لا تقل عن 3 أشهر ولا تتجاوز 3 سنوات مع الغرامة، لافتين إلى أن المحاكم أصبحت مكتظة بقضايا الشيكات لأن الجمهور أصبح لا يعلم عقوبات جريمة الشيك.

السابق
هل يخرج المستثمرين من جلباب الدولة ؟!
التالي
مطعم أميركي لمساعدة المشردين..يأخذ أموالاً من الزبائن الأغنياء ويعطيها للفقراء