هل الحليب مفيد.. فكر مرة أخرى وتأمل هذه الأسباب

وكالات – بزنس كلاس:

وفقًا للمدافعين عن الحليب الخام على الإنترنت، يمكن لشرب الحليب غير مبستر أو خامًا أن يشفي الأمعاء، ويقوي جهاز المناعة، ويمنع الحساسيات، ويمنحك بشرة صحية أكثر، ويساهم حتى في بناء العضلات.

الفكرة الشائعة غالبًا هي أن عملية البسترة – أي تسخين الحليب للتخلص من البكتيريا الضارة فيه– تقلل من الفيتامينات والبكتيريا الجيدة، وبالتالي فإن الحليب الخام يُفترض أن يكون أفضل لك، وأظهرت تقارير إعلامية حديثة أن هذه الرؤية خلقت زيادة في الطلب على الحليب الخام، وهو الاتجاه الذي تجاوب معه المزارعون بكل سرور.

على الجانب الآخر من هذه النظرية، نشر موقع كوارتز مقالًا لجيمس بلاكسلاند – محاضر الأحياء الدقيقة في جامعة كارديف ميتروبوليتان– وفيتي أليندر – الأستاذة في جامعة كارديف ميتروبوليتان– تناولا فيه الحديث عن التوجه الجديد نحو تناول الحليب الخام وما يحمله من مخاطر.

 

ما الذي تقوله الأدلة العلمية عن الحليب الخام؟

يقول الكاتبان إن بعض البيانات تشير إلى أن عملية البسترة لها تأثير في العناصر الغذائية الموجودة في الحليب، لكن شرب الحليب الخام يحمل خطر الإصابة بعدوى شديدة، قد تكون مميتة.

سُمِّيَت عملية البسترة بهذا الاسم نسبة للعالم لويس باستر (1822– 1895)، وتتضمن تسخين بعض أنواع الأطعمة والمشروبات إلى درجة حرارة 71 درجة مئوية لمدة 15 ثانية على الأقل، ثم تُبرّد بسرعة إلى ثلاث درجات مئوية.

تقلل هذه العملية من عدد البكتيريا الضارة (البكتيريا الممرِضة) وبعض الأحياء الدقيقة التي تُقلل من مدة صلاحية المنتج.

يتابع المقال بالحديث عن تحليل تجميعي أجري عام 2011، قورنت فيه نتائج 40 دراسة أُجريت لملاحظة الأثر الذي تُحدثه عمليات البسترة في مستوى الفيتامينات في الحليب.

وجد التحليل أن البسترة قللت مستوى فيتامين «بي 1» و«بي 2» و«فيتامين سي» و«حمض الفوليك» في الحليب، لكن معدي التحليل ذكروا أيضًا أن مستويات الفيتامينات –فيما عدا فيتامين «بي 2»– منخفضة أصلًا في الحليب وبالتالي فهو ليس مصدرًا غذائيًّا أساسيًّا لهذه المغذيات.

ووجد الباحثون أيضًا بعض الأدلة العلمية المنشورة التي تشير إلى أن الحليب الخام قد يوفر بعض الحماية من الحساسيات، إلا أن العوامل البيئية المتعددة التي تتدخل في الزراعة لم تسمح للاستنتاج النهائي أن يكون واضحًا.

في دراسة أخرى عام 2015، بحثت عدد مرات إصابة 983 طفل تحت عمر الـ12 شهرًا بارتفاع الحرارة وبعدوى الجهاز التنفسي مثل البرد (وفقًا لرواية والديهم).

قارنت الدراسة بين الأطفال الذين جرت تغذيتهم بالحليب الخام، مقارنة بأولئك الذين تغذوا على الحليب المعالج بالحرارة العالية «يو إتش تي»؛ معالجة للحليب على درجة حرارة أعلى بكثير من البسترة العادية عند 135 درجة مئوية.

ينقل جيمس وفيتي ما توصل إليه الباحثون في هذه الدراسة، فقد تبين أن تناول الأطفال للحليب الخام في السنة الأولى من أعمارهم من الممكن أن يقلل خطر الإصابة بارتفاع الحرارة وأمراض الجهاز التنفسي بحوالي 30% مقارنة بحليب «اليو إتش تي».

وقال الباحثون: «لو كانت هناك طريقة لإزالة البكتيريا الممرِضة الموجودة في الحليب الخام بعمليات تصنيع أقل، فسيكون لهذا أثر كبير جدًا في صحة الأطفال؛ نظرًا إلى شيوع الإصابة بهذه الأمراض في هذا العمر».

يؤكد المقال أهمية الإشارة هنا إلى أن هذا لا يساوي القول بأن الحليب الخام لديه قدرة على الحماية لأي شخص يشربه. ومن المهم أيضًا الأخذ بالاعتبار أن طريقة التغذية الموصى بها للأطفال تحت عمر الـ12 شهرًا هي حليب الأم أو الحليب الصناعي مخصص للرضع؛ لأنهم لا يستطيعون الحصول على جميع المغذيات التي يحتاجونها من أي حليب بقر.

وربما الأكثر أهمية هنا، أن مثل هؤلاء الرضع الصغار عرضة للخطر بسبب البكتيريا الممرِضة الموجودة في الحليب الخام التي من الممكن أن تهدد حتى البالغين الأصحاء.

خطر البكتيريا الضارة

يحتوي جسم الإنسان حوالي 39 تريليون خلية بكتيرية، أكثر من مجموع خلايا جسم الإنسان، فنحن نحتاج إلى مزيج من الكائنات الحية الدقيقة المعروفة بالبكتيريا الجيدة لمحاربة الأخرى الضارة.

ولأن البكتيريا توجد في كل مكان – من أنتاركتيكا إلى أعماق البحار– فربما من غير المفاجئ أن نعرف أن مزارع الألبان هي مكان مألوف للبكتيريا. وبعض أنواع البكتيريا الضارة التي ارتبطت بتناول الحليب الخام تشمل: مايكروباكتيريوم بوفيس (العامل المسبب للسل البقري)، وكامبيلو باكتر، وسالمونيلا، وليستيريا، ومنتجة السموم الإي كولاي.

يقول جيمس وفيتي إن الأبحاث أظهرت أن تناول الحليب الخام من الممكن أن يؤدي إلى الإصابة بهذه البكتيريا الممرضة. في كولورادو عام 2015، أصيب 12 شخصًا بسلالة من بكتيريا كامبيلوباكتر جيجوني المقاومة للأدوية بعد تناولهم الحليب الخام.

على الرغم من أن أحدًا لم يمت، لكن واحدًا من المصابين أقام في المستشفى، وأصيب الباقون بأعراض تراوحت بين الإسهال المخلوط بالدم، وتشنجات المعدة، والصداع. وبالمثل في ويلز عام 2017، سُجلت 18 حالة إصابة ببكتيريا كامبيلو باكتر لأشخاص تناولوا الحليب الخام.

نظرًا إلى المخاطر المرتبطة بالحليب الخام، فبيعه يكون عادة خاضعًا للرقابة المشددة. على سبيل المثال: في معظم مناطق المملكة المتحدة، يمكن بيع الحليب الخام من قبل المنتجين المسجلين فقط، الذين يستخدمون وسائل إنتاج سليمة.

وتُفحص المزارع مرتين سنويًّا، ويُوضع ملصق تحذير صحي على العبوات، ويخضع الحليب للاختبار أربع مرات سنويًّا لفحص البكتيريا الممرِضة. ولكن في أسكتلندا، فإن بيع الحليب الخام ممنوع بالكلية، وكذلك الأمر في كندا وأستراليا.

يختم المقال: الأدلة على فوائد الحليب الخام مختلطة، لكن الأبحاث تشير عادة إلى أن احتمالية تلوث الحليب الخام بالبكتيريا الضارة عالية جدًّا مقارنة بأي فوائد صحية مرجوّه من شربه.

السابق
جديد الطب.. عودة الشباب أصبحت أمراً ممكناً!!
التالي
بلغ سعر 1.07 ريال.. سهم “بلدنا” ينعش البورصة في أول يوم تداول