“ناشيونال انترست”: حصار قطر كشف الأساس المتآكل للاستقرار الإقليمي

تصدعات الخليج وراءها سياسات الرياض..
الإصلاحات السعودية أدت إلى تفتيت الشرق الأوسط
غياب الإجماع الخليجي على النظام الإقليمي يعرضه لمزيد من الأزمات
السياسات السعودية أشعلت النيران في المنطقة
الربيع العربي ضرب الركائز التقليدية لسياسات المملكة

رأت مجلة “ناشونال إنترست” الأمريكية ان الإصلاحات السعودية تسببت في تقسيم الشرق الأوسط.
وقالت إنه في غياب الإجماع الخليجي على النظام الإقليمي، فإن تكرار الأزمات أمر حتمي، مؤكدة ان أزمة الخليج وحصار قطر سلطا الضوء على الأساس المتآكل للأمن والاستقرارالإقليميين، واعتبرت أن ثورات الربيع العربي كانت ضربة أساسية للركائز التقليدية للسياسة الخارجية السعودية، مشيرة إلى أن تراجع ضمانات الأمن الأمريكي تسبب في خلق فراغ سياسي وأسهم في تقويض الركائز المتداعية بالفعل، للنظام الإقليمي.

وقالت المجلة فى تقرير لها إنه الى جانب العوامل الهيكلية، كانت أزمة الخليج في جوهرها أزمة محلية ومنتجا لسياسة الخليج. وقد تسببت الأجندات المتضاربة بشأن الاستقرار الداخلي والإقليمي، ورغبة القيادة السياسية في تقليل الدور الذي يلعبه الإسلام على الصعيد الشعبي، وتناقضات أمن الخليج في مرحلة ما بعد 2011، والبدائل الأيديولوجية المتنافسة، في تهميش السعي إلى وحدة الخليج، وأنه في غياب الإجماع الخليجي على النظام الإقليمي، فإن تكرار الأزمات أمر حتمي، ومن المرجح أن تكون قدرة دول الخليج على الابتعاد عن الصراعات الإقليمية حلما أو محض أوهام.

  ضغوط فى كل اتجاه
ورأت المجلة أن دول الخليج تتعرض لضغوط من كل اتجاه، وأدت الشكوك المتزايدة بشأن الاقتصادات أحادية المورد، إلى جانب «التضخم» والحاجة الماسة إلى خلق فرص عمل، إلى فرض الكثير من الضغوط على الأنظمة في دول الخليج . وربما تكون دول مجلس التعاون قد نجت من الانتفاضات العربية بفضل مواردها المالية الضخمة، ومع ذلك، وكما أشارت تحركات السعودية الأخيرة، فإن التغيير يقترب من كونه خيارا حتميا.

وقالت “ناشيونال انترست”: لقد تبنت السعودية مؤخرا سياسة القبضة الحديدية ضد المنافسين السياسيين في الداخل، إلى جانب تعزيز دورها في قيادة الدعوة إلى التغيير في المنطقة. وانه رغم التناقضات التي تثيرها تلك السياسات والأسئلة المتزايدة حول صدق وجدوى التغيير المطروح، يمضي النظام في أجندته للإصلاح الاقتصادي والاعتدال الديني، ولكن عملية الإصلاح من أعلى إلى أسفل ستختبر جدواها مع مرور الوقت.

ضربة لركائز سياسات السعودية
واعتبرت المجلة أن الربيع العربي كان بمثابة ضربة أساسية لهذه الركائز التقليدية للسياسة الخارجية السعودية. موضحة انه أولا أصبحت القدرة على الحفاظ على الدرع الأمني ​​الأمريكي هشة بعد تراجع التزام الرئيس السابق أوباما تجاه الشرق الأوسط. ولم يكن سقوط الرؤساء الأقوياء مؤشرا على نهاية تلك الحقبة فحسب، بل أيضا على حتمية التغيير، خاصة مع تزايد الشكوك حول دعم الولايات المتحدة. واستلزم هذا الأمر ترتيب البيت من الداخل أولا، وهو ما رأته الرياض على أنه ضرورة لتحدي البدائل السياسية والأيديولوجية وقد أدت هذه القراءة الوجودية للأحداث إلى مواجهة سعودية لا تتزعزع ضد جماعة الإخوان المسلمون وإيران.

ورأت المجلة أن السعودية وضعت إستراتيجية للحفاظ على توازن القوى لصالحها، من خلال تأمين أنظمة متشابهة التفكير مع الحلفاء التقليديين مثل مصر واليمن ومواجهة طموحات إيران للهيمنة الإقليمية في سوريا. ولهذه الغاية، أطلقت العنان لتأجيج الخطاب الطائفي، معتقدة أن مواردها المالية الضخمة ستوقف موجة التغيير، ونجحت الرياض في الحفاظ على سلامة حدودها، والحفاظ على الحد من تأثير الربيع العربي بعيدا عن أراضيها، ومع ذلك، فقد كلف ذلك السعودية سياسة تدخلية جديدة ومزيدا من المشاركة في المنطقة.

 السياسة الجديدة
وأضافت المجلة لكن مقاومة السعودية لنداءات التغيير في المنطقة تسببت في زعزعة أمنها واستقرارها وقوضت تحركات الوحدة السنية. كما فقد مجلس التعاون الخليجي مظهر الوحدة والترابط، والأسوأ من ذلك، انقلب على نفسه. وقد تسببت السياسة السعودية لإبقاء النار مشتعلة في المنطقة في خطر تحول تلك النار إلى تهديد هيكلي ضد دول المنطقة. وأدت المحاولات التي قادتها السعودية لوقف انتشار الإسلام السياسي، والعمل ضد أنماط الحكم الانتخابية، إلى إضعاف الشرعية السياسية للأنظمة العربية. وكانت حركات «الإخوان المسلمون»، على الرغم من المآخذ عليها، قيد التطور إلى طريق ثالث بين الأنظمة البائدة للرؤساء المستبدين والدعوات الرجعية القائمة على التطرف.

ورأت المجلة أن القضية الرئيسية التي أدت إلى دق إسفين بين دول مجلس التعاون هي التنافس حول النظام الإقليمي، وأنه وفي محاولة للتغلب على أزمة الانقسام، أسست السعودية التحالف العسكري لمكافحة الإرهاب، بمشاركة 34 دولة إسلامية في البداية. وعلى الرغم من أن الهدف المعلن كان محاربة الإرهاب والتنسيق بين الدول الإسلامية، فقد اظهرالتحالف عدم قدرة السعودية على توحيد الدول السنية أو توجيهها نحو العمل المشترك.

تناقضات متأصلة
وقالت المجلة: تبدو التناقضات المتأصلة في السياسات السعودية لدعم الاستقرار المحلي والإقليمي واحدة من التحديات الرئيسية أمام النظام الخليجي المعاصر. وفي حين أثبت السعوديون نجاحهم في وقف التغيير خلال الربيع العربي، حتى لو كان ذلك بتكلفة باهظة، فإن التحول الذي يقوده النظام لدفع الإصلاح في الداخل أشبه بـ «صندوق الطماطم» الإقليمي. وما زالت معظم المشاكل الهيكلية بالمنطقة تتفاقم في خلفية المشهد، لذا، فإن الجهود السعودية للإصلاح قد تؤدي عن غير قصد إلى موجة جديدة من عدم الاستقرار الإقليمي.

ورأت المجلة أن ذلك يرجع جزئيا إلى أن قدرة السعودية على امتلاك وإدامة الإصلاح تبدو مشكوكا بها في أحسن الأحوال. ومع ذلك، يبدو السعوديون أكثر جرأة لاستمرار نشاط السياسة الخارجية الجديد، الذي يعتمد مرة أخرى على الركائز الهشة للقيادة الأمريكية، والطائفية المناهضة لإيران، والتحالف مع الجهات الإقليمية المؤيدة للغرب، بما في ذلك إسرائيل. وبدون توافق في الآراء، ولا سيما بين دول الجوار حول النظام الإقليمي، فإن تكرار الأزمات أمر حتمي، ومن المرجح أن تكون قدرة دول الخليج على الابتعاد عن النزاعات الإقليمية مجرد وهم.

تصدعات وحدة الخليج
وأضافت إن التصدعات في وحدة الخليج تعد سبباً كافياً لإعادة التفكير في النهج الحالي الذى تتبعه السعودية، حيث تختلف البلدان الإقليمية والإسلامية حول الصراعات الجارية في المنطقة، من سوريا إلى اليمن، وتؤكد أزمة الخليج في حد ذاتها على الحاجة إلى إيجاد أرضية مشتركة بين دول مجلس التعاون. وحتى إمكانية «السلام البارد» القسري الذي تمارسه واشنطن لا يمكن أن يحقق العمل المشترك الذي تشتد الحاجة إليه بين دول الخليج. وستكون للمواجهة التي تلوح في الأفق مع إيران عواقب وخيمة على أمن الخليج في كل السيناريوهات الـ3 المحتملة، اكتمال القنبلة النووية الإيرانية، أو الحرب الإقليمية، أو تغيير النظام في إيران.

وإضافة إلى ذلك، ترى المجلة أنه يجب على النظام الإقليمي أن يستوعب التطلعات المتزايدة للأمن والرفاهية والكرامة من قبل الشعوب وفي ذلك، فإن استبعاد إيران أو التيارات الإسلامية يعد أمرا غير مقبول. وبدلا من ذلك، فإن النظام الإقليمي الأكثر شمولا سوف يحتاج إلى الدعوة إلى التعددية السياسية والاعتدال، وتوفير مساحة كافية لدمج المظالم السياسية في السياسة العربية الجديدة بهدف عزل القوى الأكثر تشددا والتي تهدف إلى تقويض هذه السياسة بشكل كلي.

السابق
رونالدو يواصل التألق ويضرب شباك المغرب بهدف مبكر
التالي
مونديال روسيا يكشف الود بين تل أبيب والرياض