منع الرياض حجاج قطر.. ممارسة للفتنة!

الدوحة – وكالات:

أكد عطية عدلان أستاذ الفقه وأصوله بجامعة المدينة المنورة سابقاً، أن المملكة العربية السعودية تُقحم الحج في خلافاتها السياسية، مشدداً على أن الحج شعيرة عامَّة ولا يحق للسعودية شرعا ولا قانوناً أن تقوم بتسييسه.

وأوضح في حواره مع صحيفة “الشرق” القطرية أن تسريع قطار المشروع الصهيوني في المنطقة، اقتضى من الدول الأربع فرض الحصار على قطر، لافتاً إلى أن محاولة السعودية وحلفائها احتلال قطر من أعظم البغي.

ورأى أن اعتقال العلماء ودعاة الإصلاح يهدف لعلمنة الحياة السعودية والمظاهر العامة، مضيفاً ان دور علماء السلطة يكاد يكون منعدماً وضد رغبات الشعوب، وضد حقوقها في الحرية والعدالة والعيش الكريم، بل وضد شريعة الإسلام وأحكامه ومقاصده.

وإلى نص الحوار..

* منعت السلطات السعودية القطريين لعامين على التوالي من أداء فريضة الحج من خلال وضع العراقيل أمامهم.. ما حكّم هذا الأمر؟

*بكل أسف، عندما تفرض السلطات السعودية على القطريين السفر للحج على طائرات غير قطرية بدون سبب معقول أو مبرر مقبول ويأتي هذا في سياق الحصار المفروض على قطر، وضمن سلسلة من الإجراءات المتعنتة التي تخص بها قطر دون غيرها من البلدان، فهذا يعني ممارسة هذه السلطات الفتنة والصد عن سبيل الله وعن المسجد الحرام، وقد حذر القرآن الكريم من هذا أشد التحذير، فقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) (الحج 25)، وقد فعلوا أكثر من هذا عندما قاموا بتسليم بعض الحجاج لحكوماتهم الظالمة بدون وجه حق.

تسييس الحج

* ألا يعتبر إقحام فريضة الحج في الخلافات السياسية نوعا من تسييس الشعيرة؟
*بكل تأكيد، فالسلطات السعودية لا يحق لها شرعا ولا حتى قانوناً – حسب قواعد القانون الدوليّ العام – أن تقوم بتسييس فريضة الحج، أو إقحام الشعائر في سبيل تصفية حسابات سياسية مع أطراف إقليمية؛ لأنَّ الحج شعيرة عامَّة، وقد فرض الله تعالى على المسلمين أن يؤمنوا من دخله؛ لذلك رجح أكثر العلماء أن قوله تعالى: (وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا) (آل عمران97) انَّ هذا إنشاء وليس خبراً، أي المعنى: ومن دخله يجب عليكم أن تؤمنوه، والله تعالى عندما أمر إبراهيم أن يؤذن في الناس بالحج لم يأمره بذلك لتقوم السلطات السعودية بخصخصة منافعه وتسييس غاياته، وإنَّما أمره بذلك لمنافع الناس الدينية والدنيوية التابعة لها، قال تعالى: (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق (27) ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) (الحج 28).

حكم حصار قطر

* مر أكثر من عام على فرض الحصار على دولة قطر.. ما وجهة نظر الشرع في فرضه وكيف تنظر إليه؟
* في الحقيقة، فإن حصار السعودية وحلفائها لقطر هو من قبيل العدوان المرفوض شرعاً وقانوناً أيضاً؛ فالأرض أرض الله، وما فيها من سبل هي حق خالص لخلق الله، فمن قطع السبيل فقد اعتدى على حقوق الآدميين، وهذا مما لا يقره شرع ولا دين ولا عرف ولا قانون، قال تعالى منكرا على قوم لوط: (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ) (العنكبوت 29) وقال منكراً على قوم شعيب: (وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا) (الأعراف 86) ومن ثمَّ وجب على جميع المسلمين الوقوف بجانب المظلوم ضد الظالم، ودفع عدوان المعتدي.

* إذاً، ما أسباب هذا الحصار من وجهة نظرك؟

* أحسب أن حصار السعودية والإمارات ومصر وحلفائهم لقطر جاء في سياق التحول الكبير في سياسة المنطقة، ذلك التحول الذي جاء عقب الانقلاب على الربيع العربي، الذي يقضي بتسريع قطار المشروع الصهيوني ليصل إلى غايته؛ فكان لابد من القضاء على كل عقبة تعوق انطلاقة هذا القطار، إضافة إلى طمع السعودية نفسها ومعها الإمارات ووراءهما مصر في خيرات قطر، فهم في الحقيقة يبغون لو سنحت لهم الفرصة أن يحتلوها احتلالا، وهذا من أعظم البغي الذي يجب على المسلمين رده على طريقة القرآن: (فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ) (الحجرات 9)، كما أنَّ قطر في نظرهم تحتاج إلى التأديب لوقوفها بجانب الشعوب الثائرة ضد الظلم.

دور السعودية:

*هل فقدت السعودية دورها الرئيس كقائدة في العالم الاسلامي خاصة في السنوات الأخيرة ؟
* في الواقع، لقد كان للسعودية على الصعيد الإقليميّ دور قيادي بالتوازي مع دور مصر، وبعد الانقلاب اتيحت لها الفرصة لتنفرد بهذا الدور، لكنها لم تلبث أن فقدته على المستوى الشعبيّ، وعمَّا قليل ستفقده على المستوى الدوليّ؛ لفقدانها التوازن الذي يحفظ لها هيبتها، ولانسيابها في المسار الذي حدده لها الرئيس الأمريكي طائعة مختارة.

*ما تقييمك لأداء علماء السعودية خاصة في ظل ما يحدث في بلاد الحرمين من تطورات كانوا يرونها تتنافى مع القيم الإسلامية وثوابت الاسلام؟

*دور العلماء باستثناء القلة الذين يأتي على رأسهم سفر الحوالي، فهو يكاد يكون منعدماً، بل إنَّه ضد رغبات الشعوب وضد حقوقها في الحرية والعدالة والعيش الكريم، بل وضد شريعة الإسلام وأحكامه ومقاصده، فأغلبهم يحملون جرثومة الجامية والمدخلية وإن لم ينضموا إليهم صراحة، وكثير منهم يفتي بما يعلم أنَّه مصادم للحق رغبة وتزلفا أو خوفا وتحرزاً، وهذا مناف لسمت العلماء الربانيين الذين أمروا بالبيان وعدم الكتمان: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) (آل عمران 187).

اعتقال العلماء ودعاة الإصلاح

* برأيك، لماذا أقدمت السلطات السعودية على حملة اعتقالات نالت العلماء ودعاة الاصلاح؟ وهل هذا الاجراء يندرج في اطار علمنة المملكة كما تحدث بذلك يوسف العتيبة؟
*أعتقد أنّ الحملة الأخيرة التي استهدفت علماء وأساتذة جامعات بالاعتقال والتوقيف لها سببان أساسيان، الأول: تمرير مشاريع القيادة الجديدة وعلى رأسها توريث الحكم له، الثاني: تمرير مشاريع علمنة الحياة السعودية كلها بما في ذلك المظاهر العامة التي تميزت بها الحياة السعودية كالحجاب والدروس الفقهية وغير ذلك، فضلا عن إنهاء دور جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

نقلاً عن صحيفة الشرق القطرية

السابق
تفاصيل خطة “حصاد” لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الأعلاف
التالي
قطر: تسعة مشاريع لدعم الشباب في 2019