معرض “من قطر”.. جدول واسع حول جمع المخضرمين بالمبتدئين

أثار معرض “من قطر” الذي أقامته الجمعية القطرية للفنون التشكيلية أخيرا، وجمع أكثر من 90 فنانا تشكيليا يمثلون مشهدية الفن المعاصر، جدلا واسعا في الوسط الفني، خاصة في ما يتعلق بالجمع بين فنانين مخضرمين وفنانين شباب ومبتدئين في نفس المكان، وانقسم الفنانون بين مؤيد للفكرة ورافض لها، بعضهم انطلق من تجربته في هذا المجال، والبعض الآخر اتكأ على مبدأ لا يقبل النقاش، أو الحياد عنه، حيث إنه شرط أساسي من شروط البقاء والارتقاء بالتجربة الذاتية وبالحركة التشكيلية في قطر.. إلا أن نقطة الالتقاء التي جمعت بين هذا الفريق وذاك هي الوعي الفني المشترك، وبعد النظر، وعمق الرؤية.. فلكل فنان من الفنانين الذين تفاعلوا مع قضية اليوم وجهة نظر مبدأها ومنتهاها تبليغ رسالة عناوينها العريضة هي: التواضع والبحث والاطلاع والتريث والتسامح.. إذ لا يمكن للتجربة الفنية الحقيقية أن تكتمل أو تستمر إذا لم تحتكم لهذه العناصر أو غيرها من العناصر.

“الملف الثقافي” التقى عددا من الفنانين التشكيليين الذين شاركوا في معرض “من قطر”، فكان التالي:

لا فرق بين فنان وآخر إلا بمستوى ما يقدمه

بداية يقول الفنان التشكيلي حسن الملا: عندما كنت رئيسا للجمعية لمدة 12 سنة، كنت أنظم معرضا للفنانين القطريين ومعرضا آخر للفنانين القطريين والمقيمين، فكان نصيب الفنان القطري وفيرا، فلماذا لا تستمر مثل هذه الأفكار؟ لماذا نقطع مع الماضي وكأنها تجارب لا يعتد بها؟ أتمنى من الجمعية أن تعيد النظر في اسم المعرض فيكون مثلا تحت مسمى “معرض الفنانين القطريين والمقيمين”.

الفنان حسن الملا خلال المعرض

أنا مع اختلاط الأفكار والتجارب وأن يعطى كل فنان حقه، ولا أرى مانعا في أن توضع لوحتي بجانب لوحة فنان مبتدئ، كلنا نتعلم من بعضنا البعض، ولا فرق بين هذا وذاك إلا بمستوى ما يقدمه. هناك بعض الفنانين للأسف يرفضون أن يشاركوا في معارض مختلطة، لاعتقادهم بأنهم الأفضل. وهذا خطأ كبير.

واجب الفنان أن يساعد زميله الفنان، وأن يوجهه من خلال بعض الملاحظات، وأن يأخذ بيده بعيدا عن فكرة إقصاء الآخر.

الجمعية لم تدخر جهدا في إقامة المعارض، واستطاعت أن تعيد بعض الفنانين إليها، وعليها أن تحافظ على الموجودين، وأشكر السيد عادل علي بن علي الرئيس الفخري للجمعية على الدعم الذي يوليه للفنانين، وأتمنى من القائمين عليها أن يعيدوا النظر في مسألة العضوية ، وألا يتم إبعاد بعض الأسماء بسبب عدم دفعهم معلوم الانخراط.

الجمع بين جيلين مختلفين فخٌّ ينصب للشباب

من جانبه يقول الفنان التشكيلي سلمان المالك: أقف في منتصف الطريق ومتردد بين هذا الرأي والرأي الآخر، على اعتبار أن في كثير من الأحيان عندما نشرك الفنان الشاب في أعمالنا يعتقد أنه وصل إلى القمة، وهذا مطب يقع فيه البعض لاعتقادهم أن لوحتين تكفيان لتصنيفه ضمن الرواد. وبالتالي لن يبحث ويطلع ويجرب.. بينما نحن وأبناء جيلنا ومنذ أكثر من ثلاثين عاما ونحن نبحث في هذا المجال. حرق المسافات سلاح ذو حدين، وهناك دول كثيرة تغلبت على هذه الإشكالية من خلال توفير مجالات أخرى لتشجيع المواهب الشابة ودفعها لتطوير مهاراتها وتحفيزهم على تطوير تجاربهم.

سلمان المالك

إن الجمع بين جيلين مختلفين في معرض واحد فخ ينصب للشباب حتى يعيشوا في وهم النجومية من خلال تغطية وسائل الإعلام لأعمالهم، حيث تسبق صورته في التغطية صورة الفنان الرائد فأي تحفيز لهذا الشاب حتى يتحقق فعليا على أرض الواقع؟!

أقترح أن يتم عمل معرض للرواد وآخر للشباب بشكل سنوي، على غرار بعض التجارب الخليجية، والمتميزون في معرض الشباب يقدمون أعمالهم في معرض الكبار، وليتنافس المتنافسون.

لابد أن يكون هناك تصنيف بين فترة وأخرى

وتقول الفنانة التشكيلية موضي الهاجري: عندما شاركت في أول معرض في تسعينيات القرن الماضي كانت لوحتي بجانب لوحة الفنان حسن الملا، وشعرت حينها بسعادة غامرة.

جميل أن يتواضع الفنان الكبير ويتذكر أنه في يوم ما كان صغيرا، ولكن حبذا أن يكون هناك تصنيف بين فترة وأخرى، حتى في مستوى المعارض نفسها، فالمعرض الجماعي يختلف عن معرض يطرح ثيمة معينة مثلا، وعندما نقدم معرضا للجيل الأول أو الجيل الثاني، هناك جيل ثالث سيهضم حقه، وبالتالي فإن التصنيف في حد ذاته مسألة معقدة، ونسبية.

موضي الهاجري

إن تواضع الفنان الكبير لا ينقص من قيمته الفنية، وأحيانا تجد عملا لفنان كبير دون المستوى، كما أن بعض الفنانين الشباب للأسف يصابون بداء العظمة بعد عمل أو عملين. لابد أن يكون هناك وعي وتسامح مادام معرض “من قطر” للجميع.

وأنا سعيدة بمشاركتي لأن المعرض جمع فنانين من مختلف الثقافات والتجارب.

يجب الفصل بين الأجيال حتى لا يختلط الأمر على المتلقي

يقول الرسام الكاريكاتيري عبد العزيز صادق: أنا مع فكرة خلط الأعمال بمعنى أن يكون هناك تنوع بين التشكيل والخزفيات والكاريكاتور.. وهو ما نجحت الجمعية القطرية للفنون التشكيلية في تحقيقه في معرض “من قطر”، ولكني لست مع فكرة اختلاط الفنانين، فلكل جيل تجربته وأهميته في المشهد التشكيلي، ولا يجدر أن توضع لوحة فنان مبتدئ بجانب لوحة فنان كبير. كنت أفضل لو أن أعمال الفنانين الكبار توضع في مكان، وأعمال المبتدئين في مكان آخر تقديرا لمن قدموا للمشهد التشكيلي القطري.

عبدالعزيز صادق يشرح بعض أعماله

لا شك أن معرض “من قطر” تجربة تحسب للجمعية ونتمنى أن تكون أكثر تنوعا في السنوات القادمة، وأن يكون هناك فصل بين التجارب حتى لا يختلط الأمر على المتلقي، وباعتباري عضوا في “الفنون التشكيلية” فإننا بصدد دراسة فكرة إقامة معارض كاريكاتير محليا وخليجيا من باب التجديد في الجمعية.

بعض الفنانين الكبار يغارون من الفنانين الشباب

يقول الفنان التشكيلي أحمد سلطان: معرض “من قطر” جمع أجيالا مختلفة، ولا أتفق مع من يذهب إلى ضرورة الفصل بينها خاصة أن المناسبة سنوية وميزتها في أنها تجمع تجارب ومدارس مختلفة. أعتقد أن وجود الفنان المبتدئ بجانب الرواد يعطيه حافزا كي يقدم الأفضل ويشجعه على الاستمرار في مجال الفن، لا أن نحبطه ونشعره بأنه أقل قيمة من الآخرين.

هناك فنانون شباب أعمالهم أفضل من أعمال بعض الرواد، وإن كنت لا أشكك في قيمة هؤلاء. أتذكر عندما بدأت مشواري الفني قبل ثمانينيات القرن الماضي، كنا نقدم أعاملنا بجانب الرواد مثل الفنان جاسم زيني ـ رحمه الله ـ وسلطان الغانم وغيرهما.. ولكن للأسف هناك بعض الفنانين الكبار اليوم يغارون من الفنانين المبتدئين.

أتمنى أن توفر الجمعية قاعة أفضل مما هو موجود لتقديم الورش، بمعنى أن تكون مهيئة فنيا وبها إضاءة متخصصة. كما نطمح أيضا لوجود بينالي سنوي.

لابد أن يكون هناك تصنيف بين فترة وأخرى

وتقول الفنانة التشكيلية موضي الهاجري: عندما شاركت في أول معرض في تسعينيات القرن الماضي كانت لوحتي بجانب لوحة الفنان حسن الملا، وشعرت حينها بسعادة غامرة.

جميل أن يتواضع الفنان الكبير ويتذكر أنه في يوم ما كان صغيرا، ولكن حبذا أن يكون هناك تصنيف بين فترة وأخرى، حتى في مستوى المعارض نفسها، فالمعرض الجماعي يختلف عن معرض يطرح ثيمة معينة مثلا، وعندما نقدم معرضا للجيل الأول أو الجيل الثاني، هناك جيل ثالث سيهضم حقه، وبالتالي فإن التصنيف في حد ذاته مسألة معقدة، ونسبية.

إن تواضع الفنان الكبير لا ينقص من قيمته الفنية، وأحيانا تجد عملا لفنان كبير دون المستوى، كما أن بعض الفنانين الشباب للأسف يصابون بداء العظمة بعد عمل أو عملين. لابد أن يكون هناك وعي وتسامح مادام معرض “من قطر” للجميع.

وأنا سعيدة بمشاركتي لأن المعرض جمع فنانين من مختلف الثقافات والتجارب.

السابق
وزارة الصحة: إلزام المستوردين بـ “بطاقة البيان”
التالي
موظف يستولي على أموال مستثمرتين بالبورصة القطرية.. الحبس 3 سنوات