مجلس التعاون.. ماذا يعني خروج الدوحة منه؟!

عواصم – وكالات – بزنس كلاس:

بدأت في الآونة الأحدايث والتصريحات ترتفع وتزداد حول موضوع تجميد عضوية دولة قطر بمجلس التعاون الخليجي أو حتى خروجها من هذه المؤسسة التي لم تؤدي الدور الصحيح المتوقع منها في الأزمة الخليجية بل غابت عن المشهد منذ بداية الأزمة قبل 5 أشهر ليظهر أمينها العام مؤخراً وهو يهاجم قطر الدولة العضو بالمجموعة الخليجية والتي كانت ضحية عدوان بعض دول من نفس المجموعة محملاً إياها مسؤولية العدوان بشكل يتنافى مع أبسط قواعد المنطق. لكن ماذا يعني خروج قطر من المنظمومة الخليجية اقتصادياً خصوصاً بأن مجلس التعاون يقوم أساساً على التنسيق والتكامل الاقتصادي بين دوله الأعضاء قبل الخوض في غمار الحديث عن مسائل أخرى.

ففي مادته الرابعة، وعلى رأس أهدافه، ينص النظام الأساسي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي تأسس عام 1981، على أن المجلس يسعى إلى “تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً الى وحدتها”.

وإن لم تتحقق هذه الوحدة المنشودة، رغم مرور 37 عاماً على تأسيس المجلس السداسي، فإن احتمال إخراج قطر من المجلس، أو تجميد عضويتها، ربما يقود إلى تفكك المجلس، ما يهدد منطقة الخليج بمخاطر وأضرار أكبر من الوضع الراهن، في ظل أزمة خليجية مستمرة منذ 5 يونيو/ حزيران الماضي.

ومنذ ذلك اليوم يواجه مجلس التعاون، المكون من السعودية والإمارات والبحرين وقطر والكويت وسلطة عمان، أزمة غير مسبوقة، حيث قطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين، إضافة إلى مصر، علاقاتها مع قطر، متهمة إياها بدعم الإرهاب، وهو ما تنفي الدوحة، متهمة بدورها الطرف الآخر بمحاولة فرض الوصابية على قرارها الوطني.

ورغم مرور أشهر لم يقدم الرباعي دليلاً على ضلوع قطر في تمويل أنشطة إرهابية، وهو ما أوجد حالة من الانقسام بين شعوب الخليج، التي ترتبط بواقع تاريخي وثقافي واجتماعي مشترك يتجاوز الحدود بين الدول الست.

ولا يبدو أن الأزمة ستستمر على وضع الثبات، إذ إن تهديد البحرين بتجميد عضوية قطر من مجلس التعاون، بل واحتمال إخراجها من المجلس، ينذر بتطورات لا يمكن حصر تداعياتها الخطيرة.

ففي تدوينة على موقع” تويتر”، يوم 30 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، اعتبر وزير خارجية البحرين، خالد بن أحمد الخلفية، أن “الخطوة الصحيحة للحفاظ على مجلس التعاون الخليجي هي تجميد عضوية قطر حتى تحكم عقلها وتتجاوب مع مطالب دولنا. وإلا فنحن بخير بخروجها من المجلس”.

وهي مطالب ترى الدوحة أنها غير منطقة، وغير قابلة للتنفيذ، وتمثل تدخلاً مروفضاً في شؤونها الداخلية، ومن بينها: إغلاق شبكة “الجزيرة” التلفزيونية، وتقليص علاقاتها مع إيران، وإغلاق القاعدة العسكرية التركية في قطر.

إن احتمال إخراج قطر من مجلس التعاون، أو حتى تجميد عضويتها، يهدد بتفكك المجلس، أو على أقل تقدير إصابته بمزيد من الضعف، لاسيما وأن كلاً من الكويت وسلطنة عمان ما تزال تحتفظ بعلاقاتها مع الدوحة.

هذه الاحتمالات ليست مستبعدة، فالمعلن عن الأزمة يبدو أقل خطورة بكثير مما تخفيه أطرافها، فمن كان ليصدق أن حرباً كانت ستندلع بين بعض دول الخليج وقطر، وهي الحرب التي كشف أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، في واشنطن، سبتمبر/ أيلول الماضي، أن بلاده استطاعت منعها.

ويزيد من احتمال هذه المخاطر أن بعض دول مجلس التعاون ترتبط بعلاقات مع دول إقليمية توازي متانة علاقاتها مع بقية دول المجلس، مثل سلطنة عمان، المرتبطة بعلاقات متميزة للغاية مع إيران، التي تتنافس مع السعودية على النفوذ في المنطقة.

هذه العلاقات الوثيقة بين سلطنة عمان وإيران لا تواجه انتقادات خليجية، بينما تواجه قطر، المرتبطة بعلاقات مع طهران، انتقادات واتهامات بسبب هذه العلاقات، من قبل الدول الأربعة، التي فرضت على الدوحة إجراءات تعتبرها “حصاراً”، فيما يراها الرباعي “مقاطعة”.

كما أن دول المجلس، وبلا استثناء، ترتبط بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتعتبرها عاملاً رئيسياً للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

ورغم حالة الانقسام في البيت الخليجي والاتهامات المتبادلة بين أربعة من أعضائه، إلا أن إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لم تنحاز إلى طرف على حساب الآخر، ضمن سياسية تستهدف استثمار الوضع الراهن لتحقيق مزيد من المكاسب.

وتنوع الأيدلوجيات التي تحكم دول الخليح الست، وهي حقيقية تمثل أحد أبرز أسباب عدم تحول وضع التعاون إلى تكامل ووحدة، فلم تُطرح هذه الصيفة المتقدمة إلا عام 2011، في القمة الخليجية بالرياض، مقر المجلس، من قبل العاهل السعودي، الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز (1924-2015).

وفي حال تفكك مجلس التعاون الخليجي فإن اصطفافات وتحالفات ستحل في الساحة الخليجية من خارج دول المجلس، ما سيربك استقرارها، أو على أقل تقدير ستحتاج الدول الست إلى سنوات للتأقلم على وضع جديد.

إن المخاطر المحدقة بالخليج جراء استمرار النزاع واحتمال تفكك المجلس، ستكون بالتأكيد أضخم من مخاطر النزاع الدائر في حلقة ضيقة بين الأشقاء الخليجيين، فالدول التي ستتدخل عنوة عبر التحالفات ستكون لها مصالح لا ينسجم جان منها مع مصالح بعض دول الخليج.

ويبدو أن أمير الكويت، الذي يتولى جهود الوساطة، يستشرف جيداً تلك المخاطر، ويحاول، عبر زيارات مكوكية، طهي هذه الصفحة من تاريخ دول المجلس الخليجي.

ويأمل كثيرون أن تثمر تلك الجهود قريباً، حتى لا يتم تأجيل أو إلغاء اجتماع أعضاء مجلس التعاون، المقرر قبل نهاية العام الجاري، لا سيما مع تهديد البحرين بأنها لن تحضر قمة فيها قطر، فمجلس التعاون يبقى إطارا حاضنا وجامعا لدول الخليج رغم تبايناتها.

السابق
بالاتجاه الصحيح.. تراجع عجز الميزانية 48%
التالي
انخفاض أسعار النفط.. وبرنت فوق 60 د/ب