ما يميز قطر ليس ثروتها بل التطور في جوهر سياساتها الداخلية والخارجية.. وزير الخارجية: الدول المحاصرة تطالب بتغيير النظام في قطر وإحداث انقلاب

 

لندن- بزنس كلاس- وكالات:

في كلمة بجلسة للمعهد الملكي للعلاقات الدولية في بريطانيا (تشاتام هاوس) أمس أكد سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وزير الخارجية على أن دولة قطر لا تتسبب في تقويض الأمن الجماعي للمنطقة مشددا على إيمانه بأن أي تهديد للمنطقة إنما هو تهديد لقطر. وقال سعادته إن دولة قطر تواصل الدعوة للحوار مع دول الحصار في عملية مفاوضات ذات إطار واضح ومجموعة مبادئ تضمن سيادتنا ولا يتم الانتقاص منها وذلك بالرغم من انتهاكات القانون الدولي واللوائح الدولية وتفريق 12 ألف أسرة والحصار الذي هو اعتداء صارخ وإهانة لكافة المعاهدات والهيئات ودوائر الاختصاص القضائية الدولية.

وبين سعادته أن المسؤولين من البلدان المُحاصرة لا ينتقدون سياسات قطر فحسب بل يطالبون بتغيير النظام في قطر وإحداث انقلاب والتحريض على الكراهية والعنف، وأشار في بداية كلمته إلى فرض السعودية والإمارات والبحرين حصارا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا على دولة قطر ولفت إلى وجود رسالتين مزدوجتين من الدول المحاصرة واحدة موجهة إلى المتلقي الغربي وأخرى لشعوب هذه الدول. وأوضح أن الرسالة الموجهة إلى شعوب هذه الدول جاءت بعد أن فشلت هذه الدول في تبرير إجراءاتها الظالمة ضد دولة جارة في شهر رمضان الفضيل لافتا إلى تجريم التعاطف مع قطر في بعض من هذه الدول مشيرا إلى أن ذلك يدل على عدم القبول الشعبي لهذا التصعيد في داخل الدول التي بدأت هذا التحرك. وقال سعادة الوزير إن ما يميز قطر في المنطقة ليس ثروتها ولا مواردها الطبيعية ولا مبانيها العالية ما يميزها هو حقيقة أن التطور الذي يجري فيها يتم في جوهر سياساتها الداخلية والخارجية.

وأشار سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى أن دولة قطر اليوم تتمتع بوضع اقتصادي متميز وأعلى درجة من الشفافية وأهم من ذلك أعلى مستوى من الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إضافة إلى أنها تأتي في المركز الأول في العالم من حيث كفاءة الأداء الحكومي وفقا لتقييم المنتدى الاقتصادي العالمي واحتلالها المرتبة الأولى إقليميا في مكافحة الفساد الإداري وتبنِّي الوسائل القضائية لحماية سيادة القانون بجانب المرتبة الأولى فيما يختص بالموارد البشرية، وأوضح أن هذا التقدم يستمد من مبادئ الحكم الرشيد نظرا لأن قطر تحتل المرتبة الأولى في العالم من حيث الثقة في اتخاذ القرارات السياسية والمرتبة الثانية في مستوى كفاءة النظام التشريعي. وبين سعادته أن المرأة القطرية شريك في هذا التطور بانضمامها إلى القوى العاملة وحصولها على التعليم إلى أعلى المستويات موضحا أن قطر اليوم بها أعلى نسبة من النساء العاملات في دول مجلس التعاون الخليجي كما يتجاوز عددهن عدد الرجال في التعليم الجامعي.

ولفت سعادة وزير الخارجية إلى تحقق هذا التطور أيضا في سياق حرية العبادة في قطر بفضل تبرعات من صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لبناء أكبر كنيسة في دول مجلس التعاون الخليجي، ونبه سعادة الوزير إلى أن وسائل البث الإعلامي التي تستضيفها قطر غيرت المشهد تماما في العالم العربي مع ظهور قناة الجزيرة على الهواء لتغطي دون قيود مختلف الاتجاهات الاجتماعية والثقافية إلى جانب السياسية سواء كانت يسارية أو ليبرالية أو إسلامية التي يمنع التعبير عنها في بقية أجزاء المنطقة.

وتطرق سعادة الوزير إلى الوساطات القطرية لتسوية الصراعات الإقليمية والدولية قائلا “على الصعيد الإقليمي توسطت دولة قطر في حوالي 10 ملفات إقليمية ودولية في غضون أقل من 8 سنوات (2008 – 2016) وبذلت جهوداً دبلوماسية وسياسية مضنية على الصعيدين الإقليمي والدولي في التوسط بين الفصائل والكيانات والبلدان بطلبٍ من الأطراف المعنية ودون التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين بغية تحقيق التقارب في الآراء وإيجاد حلول مستدامة للصراعات والاختلافات.

حملة تشويه

وتحدث سعادة الوزير بإيجاز عن بعض الأحداث الأخيرة موضحا أنه اعتبارا من أبريل تعرضت دولة قطر لحملة تشويه مدبرة بعناية وغير مسبوقة تهدف إلى تشويه سياساتها ومواقفها بشأن القضايا الرئيسية التي تؤثر على منطقتنا، وأضاف “جاءت ذروة تلك الحملة في 24 مايو عندما تم اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية الرسمية ونُشرت مباشرة أقوال زائفة نسبت إلى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى كما أرسلت بعض الاقتباسات الوهمية باسمي على موقع تويتر الخاص بنا”. وتابع سعادة الوزير “بمجرد أن قمنا برصد التفاصيل التقنية أرسلنا رسائل عاجلة إلى جميع المؤسسات الإخبارية في المنطقة ونبهناهم بأن هذه التصريحات التي تم نشرها على موقعنا إنما هي تصريحات كاذبة.. أصدر الجميع تقريبا تصحيحات على الفور ونبهوا القراء والمشاهدين إلى أن “التصريحات” المفتعلة هي في الحقيقة “أخبار مزورة” وأكاذيب باستثناء وسائل الإعلام في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر التي استمرت في الإبلاغ عن الأخبار المزيفة على أنها حقيقة. وتجدر الإشارة إلى أن وسائل الإعلام القطرية خضعت للرقابة في هذه البلدان المُحاصرة قبل ساعتين من نشر الأخبار المفبركة.

مطالب دول الحصار

وواصل سعادته شارحا “لما يقرب من ثلاثة أسابيع بعد 5 يونيو كنا نطالب بمطالب محددة عندما قرر جيراننا وضع العربة أمام الحصان. وفقط تحت الضغوط الدولية وخاصة الأمريكية قدموا لنا في 23 يونيو قائمة من 13 “مطالبا” قالوا إن علينا أن نوافق عليها في موعدٍ أقصاه 3 يوليو”، وأضاف سعادته “كان واضحا لنا على الفور أنها لا تمثل شكاوى “معقولة وقابلة للتنفيذ” ضد دولة قطر كما كان يأمل وزير الخارجية الأمريكي وأنها ليست “مدروسة وواقعية” كما طالب وزير خارجية المملكة المتحدة.

وتابع “بدلا من ذلك طُلب من قطر (1) الحد من حرية التعبير (2) تسليم الأفراد المعرضين لخطر التعذيب والتعسف (3) الحد من قدراتها الدفاعية (4) مخالفة القانون الدولي (5) الاعتماد في سياستها الخارجية على الرياض وأبوظبي و (6) التوقيع حرفيا على شيك مفتوح لصالح دول الحصار بمبالغ مالية غير محدودة تم وصفها كتعويض”، وأوضح سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن “الإنذار لم يطالب فقط بإغلاق قناة الجزيرة بل أيضا إغلاق محطات إخبارية أخرى مقرها هنا في المملكة المتحدة تمثل الصحافة الحرة لشعوب الشرق الأوسط “. وقال “إذا قرأنا بين السطور فقد كانت دول الحصار تطالبنا أن نسلم سيادتنا كثمن لإنهاء الحصار – وهو أمر يعرفون أن قطر لن تفعله أبدا”.

وأكد سعادته أن معظم المطالب كانت فقط موضع اهتمام جيراننا العرب إلا أن الادعاء القائل بأن قطر تدعم الإرهاب فمن الواضح أنه تم اختلاقه لأجل نشر مشاعر معادية لقطر في الغرب.

تسييس الإرهاب

 

وأكد سعادته على أن دولة قطر تشعر بقلق بالغ إزاء تسييس الإرهاب المزعوم الذي قد ينتج عن هذه الأزمة إذا لم تتخذ الحكومات الغربية موقفا واضحا تجاه التلاعب بالمفاهيم والمصطلحات مشيرا إلى أن هذا التلاعب ما زال وسيظل يحجب المصادر الحقيقية للتطرف العنيف لأن بعض جيراننا يصنفون المعارضين السياسيين على أنهم إرهابيون، ورأى سعادته أن دمغ الناس الذين يقدمون مظالم مشروعة بطريقة سلمية بأنهم إرهابيون- وقمع الحركات الداعية إلى التغيير السلمي – إنما يقود الناس ذوي النوايا الحسنة إلى الارتماء في أحضان المتطرفين. وأضاف “إننا نشعر بأن حجب الأخبار والمعلومات المستقلة عن أعين وآذان الشعوب إنما يدل على الخوف والضعف”.

وذكر سعادة الوزير بقول حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إن “المشكلة لا تتعلق بالإسلام وإنما باليأس وافتقاد الأمل … وأسباب هذا اليأس في كثير من الأحيان هي الحكومات التي تفشل في تلبية احتياجات شعوبها”، وقال سعادته إنه يدرك تماما أن هذه الرسالة لن يتم تلقيها جيدا في بعض العواصم المجاورة لنا. ولكن هناك مسائل خطيرة في منطقة الخليج وفي الشرق الأوسط وإسكات قطر لن يحلها”. وأضاف “أن الرد على عدم اتفاقنا ليس الحصار ومذكرات الإنذار الرد يتمثل في الحوار والواقعية. ونحن في قطر دائما منفتحون نحو الاثنين معاً بل ونرحب بأي جهود جادة لحل الخلافات مع جيراننا”.

وأكد سعادة الوزير أن “قناة الجزيرة واصلت ولا تزال تواصل النظر بعين النقد الفاحصة لكل الدول العربية بما في ذلك قطر وتستضيف الرأي والرأي الآخر يوميا. وهو أمر لا يوجد له مثيل في أي مكان آخر في المنطقة”.

وختم سعادة الوزير كلمته في الجلسة بقوله “إذ نتطلع إلى المضي قدماً إلى الأمام ينبغي أن نضع كافة الاهتمامات المشروعة ونبحث الدعاوى والمزاعم من خلال تقديم الأدلة والبينات والاشتراك في حوار بناء. إن قطر تقف على أهبة الاستعداد للدخول في عملية مفاوضات ذات إطار واضح ومجموعة مبادئ تضمن أن سيادتنا لا يتم الانتقاص منها”.

السابق
ليبيا: إعلان بنغازي مدينة خالية من المسلحين الإسلاميين
التالي
مرفوضة بالمطلق.. أردوغان: مطالب دول الحصار “تجرد” قطر من سيادتها