وكالات – بزنس كلاس:
تابعت وسائل الإعلام الدولية تسليط الضوء على تداعيات الحصار الجائرالمفروض على قطر. وقال موقع لوموند آراب الفرنسي انه بعد مضي أكثر من عام منذ أن فرضت السعودية والبحرين والإمارات ومصر الحصار على قطر، سعياً إلى خنق اقتصادها من خلال حصار جوي وبرّي وبحري فان هذا يدعو للتساؤل عن شرعية مثل هذا الإجراء.
وأضاف الموقع في تقرير بعنوان “بعد عام واحد من الحصار قطر تظهر قدرة على التجاوز” أن الحصار أريد منه إعاقة التقدم الاقتصادي للدوحة التي أثبتت في المقابل مرونة مهمة فيما فشلت دول الحصار في إثناء الدوحة عن سلك سياسة خاصة ومستقلة. ورغم أن الدوحة تجاوزت تداعيات الأزمة الخليجية فانه من الضروري استئناف الحوار بين جميع الأطراف سيما وأن الحصار فاقم التوترات داخل مجلس التعاون الخليجي.
تجاوز الحصار
وبين التقرير أن قرار الحصار المفروض على الدوحة تم اتخذه وفقا لمزاعم غير مدعومة بقرائن بالدعم القطري للإرهاب، واضطر الحصار دولة قطر الى أن تنفق أكثر مما كان مدرجا في ميزانيتها، وهي مشكلة تم التغلب عليها من قبل أكبر مصدر للغاز المسال في العالم، وبعد فترة وجيزة، استؤنفت الأعمال في الدوحة بشكل جيد في معظم القطاعات الرئيسية بما في ذلك مشاريع كأس العالم لكرة القدم. ويتوقع المسئولون نموًا بنحو 3 ٪ في عام 2018، وهو رقم أفضل من معظم البلدان المجاورة.
وواصل التقرير: سرعان ما تم تجاوز النقص في المنتجات الغذائية المستوردة من خلال فتح طرق تجارية جديدة مع عدد من البلدان على غرار تركيا وعدد من المنتجين الأوروبيين. فيما حذر العديد من المراقبين من تواصل هذا الحصار الذي أصبح أطول حصار جوي منذ الحرب العالمية الثانية، مما يعوق قطاع النقل ويؤثر على سيره، حيث تأثرت الخطوط الجوية القطرية بالفعل بالحصار المفروض من قبل السعودية والإمارات ومصر والبحرين، ولكن الخطوط القطرية تجاوزت الخسائر التي ألحقت بها،وأعلنت بفخر أنها نقلت أول منتجات الطوارئ بعد اندلاع الحصار ومؤخراً قال مسئولوها انها ستفتح خطوطا جديدة.
نمو في قطاع الطاقة
وقال التقرير انه على عكس المنتظر، شهدت موانئ قطر نمواً قوياً، كما واصلت قطر نشاطها المكثف في قطاع الطاقة، وحافظت على مكانتها كرائد عالمي في تصدير الغاز المسال، كما أعلنت قطر للبترول عن عزمها زيادة إنتاجها من 77 إلى 100 مليون طن سنوياً، مما يضمن لها المركز الأول للسنوات الخمس والعشرين القادمة. وفي محاولة للحفاظ على دورها كمنتج ومصدر للطاقة، كانت دولة قطر حريصة على تأمين التزاماتها التعاقدية على الرغم من الوضع الذي كان تعيشه والذي يمكن وصفه ب “القوة القاهرة”.
كما تم تسليم الصادرات لجميع العملاء عبر المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي. وعلى الرغم من محاولة الإمارات للضغط على الشركات الأجنبية، فإن أكبر شركات النفط والغاز في العالم، بما في ذلك إكسون موبيل وشل وتوتال، استمرت في الاستثمار وتم الترخيص لأكثر من 120 شركة جديدة من قبل مركز قطر للمال.، للعمل في الدوحة. ومن حيث الطاقة، طمأنت الدوحة شركائها من خلال إظهار قدرتها على ضمان أمن العرض في جميع الأوقات، مما أدى إلى تحسين الانتقال إلى القدرة التنافسية للأسواق العالمية.
كما منحت القوانين الجديدة التي تم إقرارها في عام 2017 العديد من أشكال الحماية للعمال الأجانب، بما في ذلك ضمان الدفع المنتظم للأجور في الحسابات المصرفية المحلية، وآليات حل النزاعات في العمل، وإنشاء لجنة جديدة لمكافحة الاتجار بالبشر.
وبين التقرير أنه بعد التهديدات الأولى لعام 2013 التي تعرضت لها الدوحة من قبل دول الحصار، دفع هذا الاختبار الجديد قطر إلى تنفيذ خطط للأمن الغذائي طويلة الأجل. علاوة على ذلك، كشفت الأزمة أن الدولة القطرية لها قدرات تمكنها من الاستجابة الشاملة، من خلال توفير برامج للاكتفاء الذاتي الاقتصادي وإقامة الحملات دبلوماسية وعلاقات عامة فعالة للغاية على المستوى الدولي.
العلاقات الدبلوماسية
وذكر التقرير أن دولة قطر حافظت على شركائها الاقتصاديين الرئيسيين، كما أكدت واشنطن على أهمية قاعدتها القطرية “العُديد”، التي تضم مقر قيادة العمليات الجوية لـ “التحالف ضد الإرهاب” في جميع أنحاء المنطقة. وأبرمت عقد بيع 72 طائرة مقاتلة من طراز F — 15 لصالح لدوحة. كما باعت بريطانيا 24 طائرة يوروفايتر تايفون لقطر، وستزود فرنسا القدرات الدفاعية القطرية بما لا يقل عن 36 طائرة رافال، بالإضافة إلى ما يقرب من 500 مركبة قتال مشاة مدرعة. وتشهد علاقات التعاون بين الدوحة وأنقرة في المجال العسكري نموا هائلا، الى جانب هذا تتفاوض روسيا لبيع نظام الدفاع الجوي S — 400 الخاص بها للدوحة.
وأورد التقرير انه رغم تجاوز الدوحة لتداعيات الحصار، إلا أنه من ناحية أخرى، أدى إلى تفاقم التوترات داخل مجلس التعاون الخليجي، وبشكل عام، فقد سبب الحصار انقسامات كثيرة في العالم العربي والإسلامي، مما أجبر بعض الدول الصغيرة على اتخاذ خيارات اضطرارية، وبسبب عجزه عن فرض عقوبات فعلية على قطر على مستوى الاقتصاد الكلي، فقد خلق الحصار خلافات دبلوماسية غير مسبوقة، تحولت إلى حالة عبثية من عدة نواح، ولكن يمكن حلها بسهولة إلى حد ما، حيث تعمل الدوحة على الحفاظ على قنوات اتصال مفتوحة بحيث لا تحدث أية عوائق للمصالحة، في حالة حدوث أي تحول في المواقف من قبل دول الحصار. وبعد عام، أظهرت قطر قدراتها على تجاوز الحصار ولكنها لا تتخلى عن الحوار القائم على احترام السيادة.
واختتم التقرير: تبقى الحقيقة أن مراجعة دول الحصار لموقفها يبدو احتمالا ضعيفا بعد الاتهامات الخطيرة التي وجهتها ضد قطر. بينما الضحايا الرئيسيون لهذه الحرب الباردة في المنطقة هم ما يقرب من 16000 عائلة مختلطة من دول مجلس التعاون الخليجي، التي تتألف من واحد أو أكثر من أصحاب الجنسية المزدوجة، وعلى وجه الخصوص الآلاف من الأطفال المنفصلين عن أحد والديهم على الأقل.