بزنس كلاس – خاص:
بعد مرور فترة لا بأس بها على صدور القرارات الجائرة من دول الحصار الخليجية بحق شقيقتهم دولة قطر وتصعيد الموقف معها لتوجيه مطالب لها أشبه بالإنذار أكثر مما هي نقاط للحوار، يعتبر كثير من المراقبون أن رد الفعل القطري حتى الآن اتسم بضبط النفس وعدم الانجرار إلى اتخاذ مواقف انفعالية أو الذهاب نحو شخصنة الأزمة السياسية على غرار الطريقة العربية المعتادة.
كان واضحاً أيضاً بأن قطر ومنذ بداية الأزمة كان يمكنها بسهولة متناهية أن تفتح أبوابها أمام إيران وأن تعزز علاقاتها معها حيث يمكن لطهران أن تحل بسهولة ودون أي تعقيدات لوجستية أو جغرافية محل السعودية والإمارات قياساً بتطوير العلاقات القطرية مع تركيا البعيدة جغرافياً عن الدوحة. لكن، والكلام هنا للمحللين، القيادة القطرية أدركت منذ اليوم الأول للأزمة بأن أحد أهم أسباب الحراك العدائي لجيرانها يهدف بشكل رئيسي لدفعها إلى الحضن الإيراني، حيث لم تمنح الدوحة سوى هذا الباب للخروج “القسري” من علاقتها مع أشقاءها. وهو أمر يبدو مبرراً ومنطقياً جداً بالنسبة لكثيرين. إذ طالما وصل “الأشقاء” إلى حد وضع السكين على رقبة الدوحة وتهديدها بكل انواع العقوبات إضافة إلى نجاحهم بدعم “المتهور” ترمب لخطتهم، يسقطون هم عن أنفسهم صفة “الأخوة” ويصبحون بحكم الخصوم والأعداء. وبالتالي فإن الخلاص من شر هؤلاء ربما يكمن بوضع اليد بيد خصم أقل عدائاً مثل إيران التي جهدت منذ اليوم الول للأزمة على مد يد العون والصداقة لقطر بغض النظر عن مبررات هذا الأمر وما تفكر به طهران.
لذلك يجب على واشنطن، حيث يوجد وزير الخارجية القطري الآن لعقد لقاءات مع مسؤوليها، أن تقوم بدورها الحقيقي المطلوب منها في هذه المسألة وتتجه إلى المنطقة لحل الخلاق القائم فوراً، لأنها إن لم تفعل سوف تؤذي نفسها أولا بانفراط عقد حلفاءها في المنطقة وبالتالي إضعاف دورها الذي ستسعى قوى كثيرة متأهبة للتمدد فيه نظراً لما تتمتع به المنطقة من أهمية وحساسية جيوسياسية كبيرة جداً على مستوى العالم.
إن ذهاب الأمريكي نحو الضغط على الدوحة،بشكل غير مباشر كما فعل ترمب، أو بشكل آخر سيؤدي بالدوحة أن تلتفت مجبرة نحو الشرقإذا ضاق الأفق غرباً في وجهها.
ففي الوقت الذي تطالب فيه كل من السعودية والإمارات والبحرين، بدعم من مصر، قطرَ بتقليص علاقاتها مع إيران، تزداد المخاوف من ارتداد ذلك بنتائج عكسية على الدول الخليجية المحاصِرة، وفقاً لما نشرته صحيفة التايمز البريطانية.
وازدادت هذه المخاوف عندما أجرى الرئيس الإيراني حسن روحاني اتصالاً هاتفياً مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، أبلغه برغبة طهران في إقامة علاقات أوثق مع الدوحة.
غير أنَّ هناك دلائل متزايدة على أنَّ قطر في المقابل تأمل بتعزيز العلاقات مع المنافسين الاستراتيجيين مثل تركيا وحتى إيران، وفقاً للصحيفة البريطانية.
ونقلت الصحيفة عن للموقع الإلكتروني للرئيس الإيراني، قوله في مكالمةٍ هاتفية مع صاحب السمو الأمير تميم بن حمد: “إنَّ سياسة إيران هي تطوير العلاقات مع الدوحة”.
وأضاف أنَّ “مساعدة اقتصاد قطر وتطوير العلاقات بين القطاع الخاص في كلا البلدين يمكن أن تكون أهدافاً مشتركة لنا. نعتقد أنَّه إذا كانت هناك خلافات بين دول المنطقة، فإنَّ الضغط، والتخويف، والعقوبات لن تكون سبلاً جيدة لتسوية تلك الخلافات”.
وتطالب كلٌّ من السعودية، والإمارات، والبحرين، بدعمٍ من مصر، قطرَ بتقليص علاقاتها مع إيران، المنافس الاستراتيجي في منطقة الخليج، فضلاً عن قطع الارتباطات بالإسلام السياسي وإغلاق شبكة تلفزيون الجزيرة.
وقد فرضت تلك الدول حصاراً، وسحبت دبلوماسييها، وأوقفت رحلات الطيران المباشرة، وفي حالة السعودية، أغلقت الحدود البرية الوحيدة لقطر.
ولم تتوقف الحرب الكلامية بين قطر وجيرانها طوال عطلة نهاية الأسبوع، وذلك رغم الدعوات من جانب الولايات المتحدة، والقوى العظمى الداعِمة لكلا الطرفين، لتخفيف اللهجة.
وأصدر وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، الذي تحدَّث إلى كلا الطرفين، بياناً الأحد، 25 يونيو/حزيران، قال فيه إنَّ قائمة المطالب تُعَد أساساً للنقاش.
وقال: “في حين سيكون من الصعب للغاية على قطر أن تلبّي بعض المطالب، فإنَّ هناك مجالات مهمة تُمثِّل أساساً لحوارٍ مستمر يقود إلى حل. ومن شأن تهدئة الخطاب أن يساعد أيضاً في تخفيف التوتُّر”.