موجة وعي جديدة تغّير معايير الإنشاءات
تطبيق الحلول الكيميائية في مواد البناء والتشييد أكثر استدامة وأقل تكلفة في الصيانة
حزمة من الأنظمة والمنتجات تحافظ على الموارد الطبيعية وتساهم في حماية المناخ
الحد من استخدام مواد البناء التي تحتاج إلى صيانة دورية أولى النتائج السريعة
بزنس كلاس – خليل فهمي
أكد خبراء تنامي سوق كيماويات البناء في قطر في ظل الوعي بشأن نوعية وتحسين معايير المباني في جميع أنحاء البلاد، مشيرين إلى أن موجة الإنشاءات التي تشهدها قطر سوف تعزز من سوق هذه المواد على مدى السنوات الخمس المقبلة.
وأضافوا، في حديثهم لـ”بزنس كلاس”، أن سوق مواد البناء الكيماوية في قطر يسيطر عليها عدد محدود من الشركات، منها “باسف” الألمانية لمواد كيماويات البناء الحديث، “سيكا قطر” السويسرية، “القرق فوسروك”، “سودامكو قطر” و”مابي”.
إلا أنهم أشاروا إلى أن التحكم في استهلاك الطاقة والتكاليف والمواد الخام والموارد، فضلاً عن الانبعاثات الكربونية من أبرز التحديات الرئيسية التي تواجه مقاولي البناء والمهندسين المعماريين في قطر قبل وبعد البناء.
وعي كيميائي جديد
وكان تقرير حديث نشره موقع نيوزوير الكندي على شبكة الإنترنت، قد أشار إلى أن قطاع المنتجات الكيماوية المستخدمة في البناء والإنشاءات في قطر سوف ينمو بمعدل سنوي مركب بنسبة 13% خلال السنوات من 2015 إلى 2020، وذلك وفقا لدراسة حديثة أجريت في هذا الخصوص من قبل ” TechSci” وهي شركة استشارات بحثية عالمية.
وأشار التقرير إلى عدة عوامل تعزز هذا النمو في سوق كيماويات البناء في قطر، وتشمل بشكل رئيسي زيادة الطلب على المساكن نظرا لزيادة عدد السكان في المناطق الحضرية، ارتفاع الوعي فيما يتعلق بنوعية المواد الكيميائية المستخدمة في البناء، التوسع في الاقتصاد، الإنفاق الكبير على أعمال البناء من قبل الحكومة، وزيادة بناء العديد من مشاريع البنية التحتية مثل المطارات ومترو الأنفاق والطرق السريعة والجسور والأنفاق وشبكات السكك الحديدية ومحطات الطاقة كجزء من الاستعدادات لنهائيات كأس العالم المقبلة لكرة القدم في عام 2022.
ولفت التقرير إلى أن هنالك عوامل أخرى تدفع سوق كيماويات البناء في قطر إلى الارتفاع مثل زيادة الإنفاق الحكومي على بناء الطرق السريعة، شبكات الصرف الصحي، والملاعب والفنادق، وتطوير البنية التحتية في مدينة الدوحة، متوقعا أن يشهد الطلب على مواد البناء الكيماوية النمو القوي مع المنتجات المتطورة تكنولوجيا وشبكة توزيع واسعة.
نحو استدامة أطول
وحول كيفية استخدام مواد البناء مع الالتزام بمبادىء الاستدامة، يقول أحمد عيد مدير مبيعات نظم البناء في شركة “باسف قطر” إن الالتزام بإنشاء هيكل البناء الذي يراعي معايير الاستدامة البيئية من أهم التحديات التي تواجه المؤسسات الخاصة والعامة والمجتمع ككل، مؤكداً أن الحلول الكيميائية تمثل الحل الأمثل لهذه التحديات.
يقول عيد إن تطبيق الحلول الكيميائية في مواد البناء والتشييد، تجعل المباني أكثر استدامة، كما أنها تقلل من تكلفة صيانة المباني، وذلك إذا تم استخدامها بشكل صحيح، خاصة أثناء مرحلة الخرسانة.
ويضيف أن كيماويات البناء الحديث تقدم مجموعة من الأنظمة والمنتجات التي تحافظ على الموارد الطبيعية والمساهمة في حماية المناخ، وذلك عن طريق الحد من استخدام مواد البناء التي تحتاج إلى صيانة دورية.
ومن هذه المواد، على سبيل المثال، MasterMatrix، التي تعزز من كفاءة عملية البناء، والتي يتم إضافتها في شكل سوائل على الخرسانة، مما يخلق هياكل بناء أقوى، كما أنها تسهم في الحد من تكاليف الصيانة وتخفيض وقت العمل، وتعتبر أحد أهم منتجات البناء المستدامة في العالم.
ويشير مدير مبيعات نظم البناء في شركة “باسف قطر” إلى أن استخدام المواد العازلة، مثل العزل الخارجي من الممكن أن تزيد من كفاءة التبريد والتدفئة على حد سواء، مما يحد من استخدام الوقود الأحفوري.
كما يشير إلى أن الخلطات تلعب دورا هاما في مجال الاستدامة، لافتاً إلى أن الخرسانة الخضراء الخفيفة المكونة من خليط معاد تدويره من الإسمنت ومواد أخرى غير لاصقة، من أهم المواد الصديقة للبيئة، وهي أقل من حيث التكلفة من الخرسانة العادية، كما أنها أقوى منها من حيث الصلابة.
ويضيف: “هناك جيل جديد أيضاً من البوليمرات المعروفة باسم MasterEase، التي تقلل من اللزوجة البلاستيكية بنسبة تصل إلى 30٪، وهي مناسبة جدا للخلطات الخرسانية، والتي تعد الأمثل في خصائص الهندسة المتقدمة والاستدامة”.
وتشهد قطر نهضة معمارية هائلة في العديد من المناحي أهمها تلك المتعلقة بمشاريع عملاقة للبنية التحتية مثل إنشاء شبكات للصرف الصحي وشبكة للقطارات والعديد العديد من مشروعات الطرق والملاعب الرياضية الدولية استعداداً لاستضافتها لكأس العالم لكرة القدم في عام 2022.
نظم ومعايير
من جانبه، يقول أحمد العروقي المدير العام لشركة روتس العقارية، إن شركات مواد البناء الكيميائية لديها نظم محددة تسهم بشكل فعال في تطبيق الاستدامة في المباني، منها على سبيل المثال، نظم الدمج عالية الأداء، اللدائن المرنة، وتلك الخاصة بالطلاءات وغيرها من المنتجات التي تحافظ على البيئة، كما أنها تقلل من تكاليف البناء.
ويضيف العروقي أن هذه الشركات سيزيد الطلب عليها بشكل كبير خلال الفترة المقبلة، خاصة مع إلزام المقاولين بمواصفات قطر للإنشاء التي تراعي الاستدامة كمبدأ أساسي في مرحلة البناء، متوقعاً أن ينمو الطلب على كيماويات البناء بنحو الضعف خلال السنوات الخمس المقبلة.
ويطالب العروقي بضرورة تقديم حوافز تشجيعية للمستثمرين العقاريين لكي يتبنوا معايير الاستدامة في مشاريعهم بمنحهم ارتفاعات أو مساحات أكبر في مشاريعهم حال تقيدهم بمستويات مرتفعة في معايير المباني الخضراء، فمثلاً يمكن تحفيزهم بزيادة مساحة “البنت هاوس” في الفيللات من 30% حاليًا إلى 50%، وفي الأبراج والمباني الرأسية يمكن منحهم حوافز في الارتفاعات، وهكذا.
ويقول إنه رغم أن تكلفة البناء الأخضر تزيد بحوالي من 10 – 20% عن البناء التقليدي، إلا أنه يتم استرداد هذه النسبة مع مرور 5 سنوات بعد تشغيل المبنى ثم يزيد العائد الاستثماري للمبنى بمرور الوقت من خلال توفير استهلاك الطاقة والمياه وطول العمر الافتراضي للمبنى مقارنة بالمبنى التقليدي.
ويضيف أن المباني الخضراء تعطي قيمة مضافة للاستثمار العقاري، ولكن هذا يستلزم تهيئة مكاتب الاستشارات الهندسية وقبلها الملاك والشركات العقارية للاقتناع بأهمية الانتقال بصناعة العقار إلى ما هو أفضل لها وللقاطنين في هذه العقارات عن طريق التوجه نحو المباني الصديقة للبيئة والمستدامة.
ويشير إلى أن التغيرات المناخية الحالية تتطلب أهمية الاستعداد لها خاصة في القطاع العقاري ومن الواضح أن أحوال الطقس في السنوات القادمة ستشهد تغييرات كبيرة، الأمر الذي يتطلب سرعة المبادرة بتصميمات يمكنها التعامل مع تلك التغيرات، ولعل المباني الذكية والخضراء أفضل من غيرها في مواجهة هذه المتغيرات.