الصيرفة الرقمية استحقاق عصري والبنوك القطرية في انتظار عمليات التحديث

اللحاق بالتكنولوجيا فرض عين والتطور لا ينظر إلى الخلف

خبراء: تجاهل المعاملات المصرفية الإلكترونية يعرض البنوك للتهميش

المنافسة الشرسة مع البنوك الخليجية سبب كافٍ لتحديث البنوك المحلية

بزنس كلاس – محمد عبد الحميد

يعيش العالم طفرة تكنولوجية هائلة خاصة تلك المتعلقة بالتكنولوجيا الرقمية والتي غيرت الطريقة التي يتم من خلالها تقديم الخدمات المصرفية، وأصبحت الخدمات المصرفية عبر الإنترنت، والخدمات المصرفية عبر الجوال، والبطاقات المصرفية بكافة أنواعها جزءًا لا يتجزأ من حياتنا المصرفية اليومية.

ورغم أن الهواتف الذكية تشكّل نمط حياة بالنسبة للغالبية العظمى من عملاء المصارف في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يمتلك نحو 98% من عملاء المصارف هواتف ذكية حديثة، إلا أن 14% فقط من تعاملات العملاء المصرفية تتم عبر تلك الهواتف في دول المجلس، وذلك وفق دراسة ل”إرنست ويونغ” عن الخدمات المصرفية الرقمية بدول مجلس التعاون الخليجي لعام 2015.

وكشفت الدراسة أن 78% من العملاء بدول التعاون أبدوا استعدادهم لتحويل خدماتهم المصرفية إلى مصارف توفر تجربة رقمية أفضل.

بعيداً عن التهميش

وفي هذا الإطار، حذر مصرفيون وخبراء من مخاطر تجاهل البنوك القطرية لقطاع المعاملات المصرفية الإلكترونية، مشيرين الى أن عدم الاستثمار في هذا القطاع الهام بالشكل الكافي سوف يهمش دورها ويعرضها لتراجع حصتها حتى في أسواقها المحلية ويقلص من فرص منافستها خارجيا.

وأشاروا الى أنه في الوقت الذي بدأت فيه المؤسسات المصرفية حول العالم الاستثمار الكثيف في أحدث حلول تقنية المعلومات لتسهيل الخدمات على عملائها وتخفيض تكلفة العمالة لديها، فإن الخدمات المصرفية الرقمية بدول الخليج عامة وقطر خاصة لا تزال تعاني من ضعف الإقبال عليها لعدم اهتمامها بتطوير منصاتها الرقمية، وهو ما يؤثر تأثيراً مباشراً على شهية المستهلكين وقرار اقتحامهم عالم التجربة الرقمية.

نسب متدنية

وقدر الخبراء نسبة عملاء البنوك الذين يستخدمون أحد الحلول المصرفية للقنوات الرقمية بنحو 20% فقط، رغم أن نسبة استخدام الهواتف النقالة ارتفعت إلى أكثر من 100%، وعزا الخبراء عزوف العملاء عن استخدام التقنيات الحديثة في معاملاتهم المصرفية الى عدة أسباب منها أن البنوك القطرية لم تعط الخدمات المصرفية الرقمية الاهتمام المطلوب بما في ذلك المتغيرات العالمية التي تفرض على الجميع السير في ركب التطور الذي شهده القطاع المصرفي حول العالم، والذي من المتوقع أن يكون عنوانه الرئيس هو الصيرفة الرقمية خلال السنوات القليلة المقبلة.

منافسة شرسة

وقال الخبراء إنه في ظل العولمة والمنافسة الشرسة التي سوف تتعرض لها البنوك المحلية من نظيرتها الخليجية، فيجب على البنوك المحلية أن تستبق الأحداث وتسعى إلى تقديم منتجات وخدمات جديدة تعزز من مكانتها سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي، مشيرين الى أن الاهتمام بالصيرفة الرقمية سيعمل على جذب عملاء جدد للبنوك ويفتح أمامها أوعية استثمارية متنوعة.

ودعا الخبراء المصارف والبنوك العاملة في الدولة الى ضرورة الاستثمار في الخدمات المصرفية الرقمية وتطويرها خاصة أن المستقبل سوف يكون لمثل هذه الخدمات، وأوضح الخبراء أن اهتمام البنوك بالخدمات المصرفية الرقمية سيسهم في زيادة الإيرادات من خلال انضمام عملاء جدد، بالإضافة الى أن الاهتمام بهذه الخدمة سوف يخفض من تكاليف التشغيل وذلك من خلال تقليص عدد الفروع العاملة والاستعاضة عنها بالخدمات المصرفية الرقمية.

العملاء يشتكون

من ناحية أخرى، اشتكى بعض العملاء من الخدمات المصرفية الرقمية التي يقدمها عدد من البنوك، خاصة المتعلقة بخدمة تحويل الأموال عبر الإنترنت أو الموبايل، مشيرين الى أن هناك أخطاء ومخاطر كبيرة في تحويل الأموال باستخدام هذه الطريقة ومنها أخطاء تقنية ينتج عنها خطأ في استلام المستفيد للأموال المحولة له، وأن تصحيح الخطأ قد يأخذ أسابيع وهو ما يفقد هذه الخدمة الميزة التي كانت تتمتع بها وهي سرعة التحويل.

وقال العملاء إن البنوك لا تعطي الخدمات المصرفية عبر الجوال الاهتمام الكافي، الأمر الذي يضطرهم إلى الذهاب للبنوك أو فروعها للحصول على الخدمات التي يريدون الحصول عليها، مشيرين الى أن هذا الوضع أصبح غير مقبول حاليا في ظل تقدم التكنولوجيا العالمية.

تحويلات تخطئ الهدف

وفي هذا الإطار قال سمير رشيد “مقيم” إنه قام بتحويل مبلغ من المال الى أسرته في الهند عن طريق الموبايل ،ولكنه فوجئ أن قيمة التحويل لم تصل، وعند الاستفسار من البنك الذي يتعامل معه أخبره البنك أن هناك خطأ حدث في عملية التحويل، وانتظر رشيد أكثر من أسبوعين لمعالجة هذا الخطأ، وأوضح أنه بعد هذه التجربة لم يعد يستخدم الموبايل في تحويل الأموال وفضل عنها الطرق التقليدية للتحويل.

وأوضح رشيد أنه كان يتمنى أن تكلل عملية التحويل عن طريق الموبايل بالنجاح، لأن هذه الخدمة سوف توفر عليه عناء الذهاب الى البنك أو شركة الصرافة لإتمام تحويل الأموال..

الثقافة الرقمية المحدودة

من جهته قال الخبير المصرفي عبد الله خاطر إن سوق الصيرفة الإلكترونية بقطر ما زالت لا تحظى بالدعم الكافي من المؤسسات المالية العاملة في الدولة ،كما أن ثقافة استخدام التقنيات الحديثة في عمليات الصرافة الرقمية تعتبر محدودة، رغم النمو الهائل في التقنية الرقمية وازدياد عدد مشتركي الهاتف النقال التي من شأنها أن تكون نقطة تحول نحو الصيرفة الرقمية وإلغاء الخدمات التقليدية.

وأضاف أن انخفاض أعداد العملاء المستخدمين لتقنية الصيرفة الرقيمة،يعتبر أمراً مستغرباً بالنظر إلى الأعداد الهائلة من عملاء المصارف الذين يستخدمون الهواتف الذكية، كما أن المصارف التي تعتمد بشكل حصري على الخدمات المصرفية الرقمية والتي لا تمتلك شبكة فروع تشهد نموا كبيراً نظراً لمرونتها وانخفاض تكاليفها.

وأكد أن المصارف المحلية مطالبة بتحسين الخدمة المقدمة لعملائها عبر طرح عروض أفضل من خلال الخدمات المصرفية الرقمية. ويُمكن للبنوك استقطاب العملاء عبر قنوات التواصل الاجتماعي.

وأوضح الخاطر أنه كي تحقق البنوك المحلية النجاح في السوق يلزمها أيضاً ترويج وبيع الخدمات غير المالية، مشيرا الى أن الخدمات المصرفية الرقمية قد أحدثت تطورًا هائلاً في العلاقات بين البنوك وعملائها.

وأشار الى أن المؤسسات المصرفية حول العالم بدأت الاستثمار الكثيف في أحدث حلول تقنية المعلومات لتسهيل الخدمات على عملائها وتخفيض تكلفة العمالة لديها، وباتت الخدمات المصرفية الذكية قطاعاً هاما يدر عوائد تنمو عاما بعد عام.

بين الإيرادات والعملاء

بدروه قال الخبير الاقتصادي أبو سلطان اليافعي إن اهتمام البنوك بالخدمات المصرفية الرقمية سوف يزيد إيراداتها ويجذب اليها عملاء جدداً،كما أنه سيوفر عليها تكلفة افتتاح فروع جديدة وتقليص الفروع القائمة، بالإضافة الى أن تقديم الخدمات المصرفية الرقمية بشكل جيد يسهم في تعزيز مكانتها محليا وإقليميا.

وأضاف: عند تحول الفروع إلى التجربة الرقمية قد لا يكون هناك داعٍ إلى عدد كبير من الموظفين، وقد تُغلق بعض المصارف فروعاً لتخُصص بعضاً من موظفيها في المقر الرئيسي لإدارة عمليات هذا الفرع الرقمي.وهذا الموضوع يتم بسهولة حالياً في أوروبا وأميركا حيث قل الاعتماد على شبكة فروع أعمال التجزئة بالمصارف.

وقال اليافعي: إن الاستثمار في الخدمات المصرفية الرقمية يعتبر استثماراً مضموناً لأن العائد منه جيد وسريع، في ظل انتشار الهواتف النقالة والأجهزة الحديثة.

وأضاف أن الخدمات المصرفية الرقمية ستكون بمثابة قناة جديدة لتحسين وتيرة الإيرادات والبيع الضمني، وعلى ما يبدو أن البنوك الخليجية قد أعدّت نفسها جيدًا للاستفادة من هذا التوجه بناءً على التقدم الكبير الذي شهدته في مجال الخدمات المصرفية الإلكترونية، مشيرا الى أن على البنوك المحلية مواكبة التطور الذي تشهده البنوك الخليجية في مجال الخدمات المصرفية الرقمية خاصة مع قرب افتتاح هذه البنوك فرعاً لها بالدوحة.

على مدار الساعة

وذكر أن ما يميز الخدمات المصرفية الرقمية هو وصول العملاء إلى حساباتهم على مدار الساعة وطوال الأسبوع، مشيرا الى أن العملاء سوف لا يحتاجون لكشوف الحسابات الورقية بعد الآن، حيث يتم إنشاء كشوف حساب إلكترونية بشكل شهري مما يتيح لهم إمكانية الوصول إليها بأمان من خلال الخدمات المصرفية عبر الإنترنت، فضلا عن الحصول على أسعار مخفضة على التحويلات البرقية.

وقال اليافعي إن تطويع واستخدام الهاتف المحمول في العمليات المصرفية والمالية وضع المصرفيين تحت ضغط، ورفع لديهم الرغبة للتحرك داخل هذا الملف، خاصة في ظل التقارير التي تؤكد أن دور الهاتف المحمول من المتوقع أن ينمو بشكل ضخم، ليصبح الوسيلة التي يعتمد عليها الأفراد في المدفوعات، بينما مازالوا غير قادرين على الوصول لكيفية استخراج الأموال وتسييلها من الهواتف المحمولة، وهو ما يشكل أمامهم معضلة واضحة.

وأضاف أن المدفوعات عبر الهاتف المحمول تعد إحدى الطرق التي ترفع من حجم المشاركة وانخراط العملاء مع البنك، واصفًا إياها بالمعبر الذي يتم المرور منه لتكوين العلاقة مع العميل.

 

السابق
البنك التجاري لاعب أساسي في مونديالات النجاح
التالي
كيماويات البناء تحت مجهر المباني الحديثة وسوق المواد رهين المحبسين