كاتب تركي: الإمارات أنفقت 3 مليارات دولار لإسقاط تجربة تركيا الديمقراطية

الأتراك أطاحوا بآمال إسرائيل في وضع حد لانتصارات أردوغان
الإعلام الغربي كثّف حملاته الإعلامية لشيطنة أردوغان وحزبه
فوز أردوغان انتصار تاريخي له أبعاد إقليمية ودولية
5 ملايين عربي كانوا يترقبون إعلان الفوز الأكبر
لم يكن الفوز القوي الذي حققه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية المتحالف مع الحركة القومية، فوزاً ضد خصوم محليين فحسب، بل كان انتصاراً مزدوجاً وفوزاً مركباً ذا أبعاد محلية وإقليمية ودولية، تجعل منه انتصاراً تاريخياً، مما يجعل يوم 24 يونيو 2018 يوماً من أيام التاريخ التركي والإقليمي؛ حيث كتبت الانتخابات الرئاسية والتشريعية صفحة جديدة في مستقبل تركيا، ووجهت صفعات قوية إلى قوى دولية وإقليمية راهنت وعملت على سقوط أردوغان.

خيبة أمل عميقة
ومما لا شك فيه أن المفاجآت التي حملتها نتائج هذه الانتخابات المبكرة ستفرض نفسها على جدول أعمال الجميع، فبقدر ما أثارت ارتياحاً وابتهاجاً في أوساط عديدة، بقدر ما أثارت حسرة وغيظاً وخيبة أمل عميقة بين العديد من قادة دول المنطقة والعالم.
وكان لافتاً أن نسبة المشاركة قاربت 90%، وهي نسبة نادرة حتى على مستوى الانتخابات في الدول الغربية، وتؤشر من بين أمور أخرى، على حدة الاستقطاب وضراوة المواجهة الانتخابية التي انجلت عن فوز أردوغان وحزبه.

انتخابات دولية
والأكيد أن فوز تحالف الشعب بقيادة الرئيس أردوغان لم يكن شأناً تركياً خاصاً، بل إن الانتخابات كانت دولية وإقليمية في أبسط تأثيراتها الخارجية، ورسم الانتظار والترقب لوحة الاهتمام العربي بهذه الانتخابات بين شعوب ترى فيها نافذة للأمل وأنظمة تعمل منذ سنوات من أجل عرقلة الفارس التركي.

الجالية العربية
وعاش نحو 5 ملايين عربي على أعصابهم في انتظار يوم الفوز الأكبر، وكان أغلبهم ممن قذفت بهم صراعات واضطرابات ما بعد الربيع العربي طوعاً أو كرهاً إلى تركيا، ومن بينهم أكثر من 3 ملايين سوري، عاشوا على وعيد مؤلم من منافس أردوغان محرم إينجه بطردهم وإبعادهم إلى الأرض التي فروا منها خلال السنوات الماضية.

وإذا كانت الحسابات الذاتية حاضرة بدرجة أو بأخرى، في دعم عرب الداخل (داخل تركيا) لأردوغان وحزبه؛ فإن الملاحظة أن تأييد الرجل كان حاضراً وبقوة على مستوى الشارع العربي شرقاً وغرباً، ولم يقتصر في الغالب على أطياف سياسية أو أيديولوجية معينة بل كان سمة غالبة جعلت من الاستحقاق الانتخابي التركي شأناً داخلياً في كل دولة عربية.

انتصار على حلف الحصار
على أن قائمة الخاسرين من الانتخابات التركية تشمل دولاً عربية تناصب أردوغان العداء في سياساتها ومواقفها وتحالفاتها، وبعضها وُجّهت إليه أصابع الاتهام بعيد المحاولة الانقلابية الفاشلة عام 2015، ولاحقاً قبيل الانتخابات الحالية بقليل.
وتوجهت أصابع الاتهام بشكل خاص إلى الإمارات والسعودية في محاولة إسقاط أردوغان انتخابياً من خلال ضرب الاقتصاد والإضرار بالليرة التركية قبيل الانتخابات الرئاسية الحاسمة.

ورغم أن تركيا تفضل في العادة عدم الحديث صراحة عما يصفه البعض بمحاولات إسقاط النظام الحاكم من بعض الدول الخليجية؛ فقد كان مفاجئاً أن وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، كشف أواخر مايو الماضي أن هناك دولتين مسلمتين تقفان وراء الحملة التي استهدفت إضعاف الليرة التركية وأدت إلى هبوطها الحاد مقابل الدولار. وأضاف أن الأطراف التي فشلت في تحقيق أهداف المحاولة الانقلابية الفاشلة ليلة 15 يوليو 2016، لجأت إلى محاولات أخرى لزعزعة الاقتصاد التركي. وسارعت وسائل إعلام عديدة بعد حديث أوغلو إلى توجيه أصابع الاتهام نحو السعودية والإمارات، وهو ذاته ما أشار إليه أوغلو تلميحاً لا تصريحاً.
وكان الكاتب في صحيفة يني شفق التركية محمد أسيت قد كشف في يونيو الماضي أن دولة الإمارات أنفقت ثلاثة مليارات دولار للإطاحة بالرئيس أردوغان والحكومة المنتخبة ديمقراطياً في تركيا.

الإعلام الغربي
من المؤكد، كذلك، أن الإعلام الغربي المتناغم مع “المال الخليجي” لم يكن بعيداً هو الآخر من مشهد الانتخابات التركية وذلك من خلال حملات إعلامية مكثفة لشيطنة الرجل وحزبه ووصفه بالديكتاتور المستبد، فقدم خلال الأسابيع الماضية لوحة قاتمة مغايرة لما رآه أنصار أردوغان وهم يعيدون تزكيته للرئاسة.
فقد كثفت الصحف الأوروبية متابعتها للشأن التركي خلال مراحل العملية الانتخابية، بالتركيز على التنقيب عن مساوئ النظام التركي وتقديم أردوغان في صورة “ديكتاتور” حتى وإن وصل للسلطة عبر صناديق الاقتراع، دون الإتيان على ذكر برنامجه الانتخابي أو العملية الديمقراطية التي تشهدها تركيا.

وحتى بعد طي صفحة الانتخابات وظهور النتائج الأولية التي تعطي تقدماً واضحاً للرئيس أردوغان وحلفه الانتخابي، جاء انتقاد التجربة هذه المرة عبر “الطعن” بشكل غير مباشر في النتائج على اعتبار أنها جرت على ملعب غير متكافئ على خلفية انتهاكات حقوق الإنسان التي وصفتها منظمة العفو الدولية بأنها تمثل مناخاً من الخوف وفقاً لصحيفة الغارديان.
وعنونت صحيفة “لو موند” خبرها بخصوص الانتخابات بعبارة “أردوغان في المقدمة بحسب النتائج الجزئية والمعارضة تعترض”، فيما اختارت صحيفة “لو فيغارو” عنوان “أردوغان يدّعي الفوز بالانتخابات الرئاسية”.
أما صحيفة “التايمز”البريطانية فقد كتبت أن “أردوغان فاز بانتخابات شابها العنف وادعاءات التزوير، ومنحته سيطرة مطلقة على ما تبقى من الأجهزة المستقلة في الدولة” التركية.

المشهد الإقليمي
ومع ذلك فإن تركيا ستشهد سياقاً جديداً يعزز مكتسبات العدالة والتنمية، ويفتح آفاقاً جديدة أمام أوردغان لإعادة تشكيل الساحة السياسية في تركيا، ووضع بصمات جديدة على المشهد الإقليمي، فيما تتآكل عواصم عربية حنقاً وترقباً من المستقبل التركي.. ولسان حال الناصح لهم يردد: “اترك الترك ما تركوكم، وإلا فالبادئ أظلم”.

السابق
أغرب المحظورات في سنغافورة 
التالي
ملابسها وأزياؤها.. ميلانيا ترامب تسير عكس التيّار