قطر تقتحم عالم المدن وتنافس على الواجهة

سجلها الاقتصادي اللافت يدخلها في طور التحولات العميقة

انتخاب الدوحة “وصيفة” للمدن العالمية العريقة دون الثمان الخليجيات

العاصمة القطرية مركز للتجارة والثروة والتطور والحوكمة

بزنس كلاس – باسل لحام

تمتلك الدوحة كل المؤهلات لتكون في طليعة المدن الحضارية على المستوى الدولي، ولأن ما تكتنزه من مزايا وفرص وحضور وتألق وغنى يعد من الطراز الأول فإن مدينة كهذه -وفق كل الحسابات- تقترب من العالمية كمركز للتجارة والثروة المادية والبشرية والبنية التحتية المتطورة والحوكمة لتقترب من مدن عالمية عريقة كلندن ونيويورك التي تعتبر المدن الأكثر عالمية إلى جانب العاصمة الفرنسية باريس.

ومع أن العديد من المدن الخليجية أطلقت خططاً طويلة الأجل لتكون مدناً عالمية ناجحة في العديد من المجالات، وذلك من خلال قياس النفوذ والسلطة في المشهد العالمي ومدى مشاركتها للأفكار والقيم المؤثرة على المدن الأخرى وإذا ما كانت جاذبة لرؤوس الأموال والمواهب من جميع أنحاء العالم. فقد تقدمت مدينة الدوحة ثماني مدن خليجية تصدرت المراكز الأولى على مستوى المدن العربية في تقرير المدن العالمي2017م. وجاء هذا الترتيب في تغريدة لمركز الإحصاء الخليجي بمناسبة إصدار التقرير في يوم المدينة العربية الموافق 15 مارس الجاري. ويؤكد هذا المؤشر متانة الاقتصاد الوطني القطري وجاذبيته الاستثمارية، حيث يسهم تقرير المدن العالمية في جذب أكثر العاملين إنتاجية وكذلك الشركات المعروفة ومؤسسات التمويل الناجحة وكذلك الشركات الناشئة التي ستصبح مستقبلاً عمالقة التكنولوجيا. ويلقي التقرير الضوء على مواطن النمو التي تقود إلى فرص استثمارية عقارية في اقتصاد هذه المدن في ظل العولمة.

نقطة انعطاف حاسمة

وفي الوقت الذي قالت فيه دراسة لـ «أكسفورد إيكونوميكس» إن حملة التنويع الاقتصادي التي تقوم بها حكومات دول الخليج تؤتي ثمارها، يذكر خبراء أن التحول نحو مزيد من التنويع سيعود بالفائدة على المدن في المنطقة. ومع انتقال الناس بصورة متزايدة نحو المناطق الحضرية في جميع أنحاء العالم، سيؤدي ذلك إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي للمدن الكبيرة بشكل مطرد، ومدن الخليج ليست استثناء من ذلك. ووفق الدراسة تم تصنيف ست مدن في دول مجلس التعاون الخليجي ضمن أكبر 10 مدن من حيث الناتج المحلي الإجمالي في الشرق الأوسط بحلول عام 2035، حيث تم اختيار مدينة الدوحة ضمن القائمة.

وهذا التحول في تاريخ قطر وعاصمتها الدوحة وفق مراقبين يشكل منعطفاً مهماً لحاضرة لطالما كانت وماتزال مركزاً تعليمياً بوجود العديد من فروع المؤسسات التعليمية العالمية فيها والجامعات الدولية، ولديها القدرة على جذب المزيد من الشركات الأجنبية والاستثمارات والكفاءات العالمية ويمكن أن تتحول إلى مركز للشركات العالمية على الرغم من الاضطرابات التي تهز الشرق الأوسط. ولهذا تدعو التقارير العالمية الحكومات الخليجية إلى الحفاظ على مكانة مدنها وسط المدن الرائدة على مستوى العالم من حيث الاستثمار في الابتكار كعامل تحفيزي، وتطوير النماذج الجديدة لأنشطة الأعمال من أجل تعزيز تدفقات التجارة والاستثمارات الأجنبية المباشرة والتي تجلب معها أفكارا ومحفزات من جميع أنحاء العالم.

سجل اقتصادي لافت

ويأتي ذلك في وقت كشفت تحليلات اقتصادية أن الاقتصاد القطري استطاع تجاوز اقتصادات دول المنطقة وشمال إفريقيا رغم إجراءات الحصار مسجلا نسبة نمو بلغت 2.5 %، متجاوز النسبة التي حققها في 2016 عند 2.2 %. علماً أن  اقتصادات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لن تتذكر عام 2017 ، مع تسجيله نسب نمو “نصفية” متواضعة كانت الأدنى – منذ الأزمة المالية العالمية – للعديد منها. أما اقتصادات الدول المنتجة للنفط في المنطقة العربية، لم تكن أفضل حالا من المستهلكة له، وسط توقعات بتسجيلها نموا فقيرا خلال 2017.

وتنقل إحدى الوكالات عن كبير الاقتصاديين في صندوق النقد، قوله إن اقتصادات دول الشرق الأوسط تعاني من أزمة هبوط أسعار الطاقة من جهة، والتوترات الجيوسياسية لعديد الدول المستهلكة من جهة أخرى.

وتكافح دول الخليج، لتعزيز إيراداتها المالية بعيدا عن النفط الخام الذي تشهد أسعاره تراجعا بنسبة 54 بالمائة من أعلى أسعاره المسجلة في 2014، نزولا من 120 دولارا. بينما تجتهد الدول المستهلكة له، أن تنفض عن نفسها غبار التوترات الجيوسياسية، وبعضها الآخر يحاول التخلص من تأثير تبعات النفط والتوترات عن اقتصاده كالأردن ولبنان.

وتوقع صندوق النقد نمو اقتصادات الدول المنتجة للنفط بنسبة 1.7 بالمائة في 2017، مقابل 5.6 بالمائة في 2016، على أن تصعد إلى 3 بالمائة في 2018. بينما توقع نمو اقتصادات الدول المستوردة للنفط بنسبة 4.3 بالمائة في 2017 مقابل 3.6 بالمائة في 2016، على أن تصل إلى 4.4 بالمائة في 2018.

مقارنات واجبة

وبالنسبة للدول المنتجة للنفط، توقع الصندوق نمو الاقتصاد السعودي بنسبة محدودة هي 0.1 بالمائة مقابل نمو بلغت نسبته 1.7 بالمائة في 2016، ومن المتوقع أن ينمو اقتصاد الإمارات بنسبة 1.3 بالمائة في 2017 وذلك في مقابل نمو قدره 3 بالمائة في 2016. فيما تشير التوقعات إلى نمو الاقتصاد القطري بنسبة 2.5 بالمائة في 2017 و3.1 بالمائة في 2018 مقابل 2.2 بالمائة في 2016. ويقدر الصندوق، أن ينمو الاقتصاد الإيراني بنسبة 3.5 بالمائة في 2017 تصعد إلى 3.8 بالمائة في 2018، مقابل نمو قدره 12.5 بالمائة في 2016، فيما سيسجل الاقتصاد الجزائري نمواً بنحو 1.5 بالمائة في 2017 وصولا إلى 0.8 بالمائة في 2018.

ويتوقع الصندوق ان يتراجع الاقتصاد العراقي إلى 0.4 بالمائة في 2017 على أن يعاود النمو بنسبة 2.9 بالمائة في 2018، وذلك مقابل نمو بنسبة 11 بالمائة في 2016. كذلك، سيتراجع الاقتصاد الكويتي إلى 2.1 بالمائة في 2017، قبل أن ينمو بنسبة 4.1 بالمائة في 2018، في مقابل نمو بنسبة 2.5 بالمائة في 2016.

 

السابق
المبادرات التي أطلقتها الدولة شقت شوارع اقتصادية جديدة وعبّدت الطرق
التالي
الخليجي يطلق أول روبوتات مصرفية في قطر