ملعب الطاقة يتوسع والغاز لاعب قلب هجوم
روابط متينة مع القوى الاقتصادية العالمية تنظم رحلة المستقبل
شراكات فاعلة ترافق مناخ الاستثمار الحر في دولة قطر
بزنس كلاس – باسل لحام
تتسارع الحركة النشطة لأجهزة القطاع الاقتصادي في دولة قطر على أكثر من جبهة وجهة بانتظام دقيق ووتيرة سريعة لإضافة خطوط وفتح قنوات اقتصادية بالاتجاهين مع دول مهمة وصاعدة على خارطة الاقتصاد العالمي كروسيا والهند. وذلك حتى تتمكن الدوحة من إقامة روابط اقتصادية متنوعة ولا تعتمد على تجمع اقتصادي بعينه فتقع فريسة المقاطعة أو الحصار كما حدث ويحدث مع بعض دول الخليج حالياً.
طبعاً قطر تتمتع بعلاقات اقتصادية استراتيجية مع أهم اللاعبين الاقتصاديين في العالم من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة غرباً إلى اليابان شرقاً لكنها في السنوات الأخيرة لا سيما 2016 و 2017 ركزت على تعميق وتنمية علاقاتها الاقتصادية مع قوى الاقتصاد العالمي الصاعدة لاسيما روسيا التي تعتبر شريكا مهماً جداً للدوحة لا سيما في مجال الطاقة وتحديداً الغاز باعتبار أحدى أبرز القوى المنتجة لهذه المادة الحيوية مع قطر إضافة إلى الهند والصين والبرازيل وجنوب افريقيا أو ما يعرف في الوسط الاقتصادي الدولي بمجموعة الـ “بريكس”.
وخير دليل على الخطوات العملية التي تعمل وفقها دولة قطر على تنمية علاقاتها الاقتصادية مع موسكو الاستثمار الضخم الذي نفذه جهاز قطر للمال العام الفائت في قطاع الطاقة الروسي الذي سناتي على ذكره لاحقاً إضافة إلى توالي الزيارات التنسيقية المتبادلة بين الطرفين لعقد اتفاقيات تعاون بمختلف المجالات الاقتصادية وحتى العسكرية منها.
تنسيق عال
فقد استقبلت الدوحة مؤخراً ممثلة بشخص وزير الاقتصاد والتجارة الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني أحمد بلانكويف رئيس مجلس الأعمال القطري الروسي، حيث بحث الطرفان جملة من الآراء والاقتراحات التي تسهم بتعزيز التعاون الاقتصادي المتنامي بين البلدين لا سيما في مجال الأمن الغذائي وبروز هذا الملف كأولوية قطرية خصوصاً بعد تداعيات الأزمة الخليجية. كما استقبل محمد بن أحمد بن طوار نائب رئيس غرفة قطر بلانكويف والدكتور لؤي يوسف المدير التنفيذي بنفس الفترة، حيث ركز اللقاء على بحث سبل التعاون بين أصحاب الأعمال القطريين ونظرائهم الروس في جميع القطاعات وخاصة الأمن الغذائي. ولمست غرفة قطر في هذا اللقاء اهتماماً كبيراً من جانب أصحاب الأعمال القطريين للتعاون مع الجانب الروسي في مشاريع الزراعة والإنتاج الحيواني وإنشاء المستودعات الغذائية، وهو الأمر الذي تُحقق فيه روسيا تقدماً كبيراً. وينبع هذا الاهتمام ولتركيز لقطاع الأعمال القطري على هذه القضية من التشجيع والتسهيلات الكبيرة التي تقدمها الحكومة القطرية التي من شأنها أن تعمل على تحقيق الأمن الغذائي المنشود، إضافة إلى أن هناك نمواً كبيراً في الصناعات الغذائية في قطر، وذلك لتحقيق الاكتفاء الذاتي والتصدير لاحقاً إلى خارج البلاد.
وركزت المباحثات بين الطرفين أيضاً على الترحيب بالاستثمارات الروسية في قطر والتي ستحقق إضافة كبيرة للاقتصاد القطري. كما أن هناك شركات روسية تعمل في قطر، وهناك ترحيب بوجود المزيد من هذه الشركات بالتعاون مع شركات قطرية، وأن هناك فرصاً حقيقية للتعاون بين القطاع الخاص القطري والروسي كبيرة ومتنوعة وتشمل قطاعات كثيرة ، خصوصاً في إطار مشاريع الأمن الغذائي الضخمة التي تعتزم قطر الاستثمار فيها والتي تشمل قطاعات مختلفة يمكن للتجربة الروسية المتقدمة أن تسهم بإغنائها من الخبرة الروسية العريقة في قطاع الزراعة إلى التصنيع الغذائي وإنشاء المستودعات الخاصة بتخزين الحبوب والقمح.
من جانبه، قال رئيس مجلس الأعمال القطري الروسي إن هناك الكثير من أصحاب الأعمال الروس يرغبون في الدخول إلى السوق القطري وإنشاء شراكات فاعلة، خاصة في ظل المناخ المشجع على الاستثمار والتسهيلات التي تقدمها الحكومة القطرية لراغبي الاستثمار.
تبادل تجاري واستثمارات
يُذكر أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ في النصف الأول من عام 2017 ما يقرب من 66 مليون ريال. وبلغ عدد الشركات الروسية العاملة في دولة قطر 41 شركة، منها 40 شركة مشتركة برأس مال قطري روسي بلغ 20.1 مليون ريال، بالإضافة إلى شركة واحدة برأس مال روسي بنسبة 100 %.
هذا و تشهد العلاقات الروسية القطرية بعد مرور 25 عامًا منذ تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين البلدين مرحلة جديدة في الجانب الاستثماري منها. فقد ابرمت قطر عبر ذرعها الاستثماري، جهاز قطر للاستثمار، العديد من الصفقات الضخمة بمليارات الدولارات في شراء حصص مهمة جدًا في الشركات الروسية في قطاعات متعددة في البنية التحتية والطاقة والقطاع المصرفي.
وبدأ التعاون الاستثماري بين روسيا وقطر يتطور منذ العام 2013 عندما اشترى صندوق الثروة السيادي القطري أسهمًا بقيمة 500 مليون دولار في بنك “في تي بي” ثاني أكبر مصرف في روسيا. وفي نهاية العام الماضي 2016 توج التعاون بين البلدين بمشاركة قطر في خصخصة أسهم شركة “روس نفط” المملوكة للدولة مقابل 10.5 مليار يورو وتعد هذه الصفقة التي ستدرّ نحو 11.4 مليار دولار للميزانية الروسية، الأكبر في تاريخ روسيا وفي سوق الطاقة العالمية خلال 2016.
وعلى هامش اجتماع مع المساهمين الجدد للشركة حضره الرئيس الروسي بوتين أكد فيه أن قطر ستشارك في مشاريع إنتاج الهيدروكربونات في روسيا، وحسب خبراء فإن قطر التي كانت منافسًا كبيرًا في سوق الطاقة لروسيا وخصوصًا في مجال الغاز انتقلت إلى شريك مهم بامتلاكها حصص في شركات عديدة في قطاع الطاقة الروسي. وبموجب الاتفاق سوف تحصل شركة “غلينكور” المتخصصة في الطاقة التي تملك قطر حصة مهمة فيها على عقود طويلة الأجل، حيث استفادت من عقد مغرٍ سيتم بموجبه توريد النفط الروسي لمدة خمس سنوات لدول عديدة حول العالم.
صفقات عاجلة
وأعلن رئيس جهاز قطر للاستثمار الشيخ عبد الله بن محمد بن سعود آل ثاني أن الجهاز والصندوق الروسي للاستثمار المباشر أبرما صفقة جديدة بقيمة ملياري دولار مشيرًا إلى أنه قد تم استثمار 500 مليون دولار أخرى وأنه يجري الاستثمار في مطار “بولكوفو” في مدينة سانت بطرسبورغ.
كما وافقت اللجنة الحكومية الروسية للاستثمار الأجنبي على بيع حصة تبلغ نحو 25% من أسهم شركة “بولكوفو” المشغلة لمطار بولكوفو في سان بطرسبورغ مقابل 239 مليون يورو، وبحسب صحيفة “فيدوموستي” الروسية المتخصصة في الشأن الاقتصادي أشارت أن هناك اسثمارات جديدة بين روسيا وقطر من بينها صفقة قد تصل إلى 49% من أسهم شركة “يارغيو” صاحبة ترخيص استكشاف وإنتاج الهيدروكروبونات بحقل ياروديسكي في دائرة “يامالو نينتس” ذات الحكم الذاتي حتى العام 2029.
والواقع أن قطر تشتري وتستثمر في روسيا وفي دول عديدة حول العالم ضمن استرتيجية وخطة متبعة لديها تهدف لتنويع اقتصادها واستثماراتها لتفادي أي صدمة قد تحصل لاقتصادها جراء هبوط أسعار الطاقة العالمية حيث لا تزال الميزانية تعتمد على إيرادات الطاقة بشكل كبير أو أي أزمة طارئة مثلما حدث ويحدث هذه الفترة مع الحصار الجائر الذي تحاول بعض الدول الخليجية ومصر خنق الاقتصاد القطري عن طريقه.