قطر ترفع إنتاج الغاز.. ماذا سيحل بالسعودية؟!!

عواصم – بزنس كلاس:

كيف سيتحول قرار قطر برفع زيادة إنتاج الغاز المسال إلى عقاب خطير للسعودية إثر إعلانها “حرب مفتوحة” على الدوحة؟ وما هي المصاعب الاقتصادية التي تنتظر السعودية هذا العام إضافة لما تعانيه سلفاً رغم أنها البلد الذي يعوم على بحر من النفط؟!!

في الرابع من شهر يوليو (تموز) الحالي قلبت الدوحة طاولة “التفاهمات الخليجية” من جهتها بعد أن حطمتها الرياض وابوظبي من الجهة الأخرى. فقد خرج على غير المتوقع الرئيس التنفيذي لشركة قطر للبترول سعد شريدة الكعبي في مؤتمر صحافي بالدوحة؛ ليعلن أن قطر تعتزم رفع طاقة إنتاج الغاز الطبيعي المسال بنسبة 30% خلال السنوات الخمس أو السبع القادمة. وتأتي هذه الأخبار “الحزينة” للرياض وليس أبوظبي، بالتزامن مع بالتزامن مع توقيع طهران لعقد “ضخم” مع توتال الفرنسية لاستثمار الجزء الإيراني من أكبر حقل غاز بالعالم على افطلاق تتشاركه غيران مع قطر.

يمكن أن تؤدي الزيادة الإنتاجية في الغاز القطري إلى إحداث وفرة للغاز المسال عالميًا، وبالتالي يحدث انخفاض للأسعار؛ ما يغرق العديد من المنافسين ممن ترتفع تكلفة الإنتاج لديهم، على رأسهم الشركات الأمريكية للغاز المسال، والشركات الأسترالية والروسية، بينما لن تتأثر قطر كثيرًا إذ تعد تكلفة إنتاج الغاز أقل تكلفة موجودة بين البلدان المنتجة والمصدرة للغاز قاطبة، حيث أجاي سينغ المستشار الخاص في شركة اليابان للتنقيب عن الغاز والمدير التنفيذي السابق للغاز في شل: «لدى قطر واحدة من أدنى تكاليف إنتاج الغاز الطبيعي المسال في العالم، وقد اتبعت سياسة صارمة لتعظيم القيمة من أسعار السوق في جميع أنحاء العالم» .

من جانب آخر، أكد خبراء اقتصاد أن تخفيض صادرات السعودية من النفط، وتراجع أسعاره إلى مستويات أقل بكثير من التقديرات المستهدفة إلى جانب تزايد الإنفاق العسكري، وعدم وجود بدائل تنموية واستثمارية حقيقية سيضاعف من عجز الموازنة العامة للمملكة، وسيؤثر بالسلب في كافة القطاعات الاقتصادية بالسعودية.

وقال المحلل الاقتصادي، أحمد مصبح، إن القرارات الاقتصادية في السعودية يتم اتخاذها بناءً على تقديرات وحسابات خاطئة، موضحًا أن غالبية هذه الحسابات والتقديرات سياسية أكثر منها اقتصادية، وهو ما يضر بالاقتصاد السعودي بشكل كبير. وأضاف: «متخذ القرار الاقتصادي السعودي يستهدف تقليل الإيرادات النفطية في 2017 بناءً على توقعات 50 دولارًا لسعر برميل النفط في 2018، في حين أن التقييم الدولي المتوقع لسعر النفط أقل من 40 دولارًا للبرميل، وهناك تقديرات تشير إلى انخفاض الأسعار إلى مستويات 30 دولارًا للبرميل».

وفي سياق متصل، قال التقرير السنوي التفصيلي لمنظمة الأونكتاد الخاص بالاستثمار العالمي 2017، إن قيمة الاحتياطات السعودية بنهاية أبريل/ نيسان 2017 بلغت 1.875 تريليون ريال، متراجعة من 2.177 تريليون ريال، كما انخفضت الاحتياطات مقارنة بشهر مارس/ آذار 2017، بقيمة 32 مليار ريال، وبنسبة 1.65%. كما تراجعت قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر، المتدفق إلى السعودية خلال العام الماضي 2016 (العام الذي طُرحت فيه رؤية 2030)، إلى 7.453 مليارات دولار، مقارنة بـ 8.141 مليارات دولار في 2015.

مكاسب سياسة قطر المتوازنة بوجه سياسات عدوانية تحصد الخسائر

بالعودة إلى قصة الغاز القطري والألم السعودي، توضح التقارير الإعلامية أنه على مدار العقود الماضية انتهجت قطر سياسة تحترم حقوق جارتها الشرقية، إيران في الآبار المشتركة بينهم، وربما فضلت قطر تجميد أية مشاريع في الحقل المشترك لحين تخفيف العقوبات الاقتصادية على إيران حتى تتمكن الأخيرة هي الأخرى من إقامة مشاريع في الجزء الشمالي الخاص بها في الحقل والمعروف في إيران باسم حقل غاز بارس الجنوبي، كي تدرأ بنفسها أية شبهات حول زعزعة جيولوجيا الحقل.

وهو ما حدث بالفعل إذ قامت إيران قبل الإعلان القطري بيوم واحد بتوقيع اتفاق تاريخي مع عملاق الطاقة شركة توتال الفرنسية وشركة النفط الصينية سي إن بي سي، بقيمة خمسة مليارات دولار لتطوير الجانب الشمالي من حقل الشمال، على إثر رفع العقوبات الغربية عليها إذ يعد أول اتفاق مع شركة غربية.

وقد أثبتت السياسة القطرية المتوازنة تجاه إيران نجاعتها ببراعة في أزمة الحصار العربي، حيث بادرت إيران لمساعدة قطر بالمؤن وفتح الموانئ البحرية، والسماح لناقلات الغاز المسال القطرية العملاقة من المرور في الجزء التابع لإيران من الخليج العربي، ومن ثم الخروج بسلاسة من مضيق هرمز لضخ الغاز إلى أكبر زبائنها، اليابان وكوريا الجنوبية والهند وباقي الأسواق العالمية، دون مضايقات من الإمارات، أحد الأضلاع الأربعة للحصار، وربما الأكثر عنفًا تجاه الإمارة الصغيرة.

وربما تأتي خطوة زيادة الإنتاج غير المتوقعة إلى الاستعداد القطري للاستقلال الاقتصادي بالكلية عن المنطقة الخليجية بعد أزمة الحصار الحالية والتي من المحتمل أن تطول، ويحتاج ذلك الاستقلال إلى رفع مستويات التدفق النقدي الحالي، فالدولة الجزرية تنوي الإكتفاء الذاتي من السلع والخدمات التي شكلت أزمة تجارية لها بعد الحصار، عن طريق إقامة مشروعات ضخمة توفر تلك المنتجات على الأراضي القطرية، وبالتالي فتلك الاستثمارات تحتاج إلى فوائض نقدية لا يدعمها مستوى الإيرادات الحالية، وبخاصًة في ظل التوسع الإنفاقي الحالي في البنية التحتية الذي بلغ 200 مليار دولار وسط استعدادات إقامة كأس العالم.

وقد تهدد قطر بإغراق الأسواق بالغاز الطبيعي المسال ليحل محل النفط، ومن ثم عقاب الدول النفطية المحاصرة لها على رأسها السعودية. جوناثان ستيرن يختصر القصة الطويلة فيقول، أن ما تقوله قطر بالأساس لأكبر منتجي النفط في العالم السعودية هو: «أننا سنقوم بترويج الغاز الطبيعي المسال كبديل للنفط»، وتعد هذه الرسالة تحديًا خطيرًا للمملكة.

السابق
المرشحين لخلافة البغدادي!
التالي
تعنت دول الحصار يعطل جهود العالم لمكافحة الإرهاب