قطر تجاوزت بسهولة المرحلة الأسوأ من الحصار

كما كان متوقعاً تمكنت الدوحة من تجاوز المرحلة الأسوأ عندما باغتها بعض الشقاء بقرارات جائرة حاولت أن تمنع عنها الغذاء والماء وحتى الهواء. فقد أكد خبراء اقتصاديون ورجال أعمال، قدرة دولة قطر على تحقيق الأمن الغذائي في السلع والمنتجات الغذائية، من خلال التوسع في الإنتاج الزراعي والاستثمارات الجديدة في المزارع ذات المعايير العالمية، مشيرين لـ«العرب» إلى تجارب القطاع الخاص الناجحة في هذا المجال. وطالب الخبراء بالتوسع في مخازن ومستودعات تخزين السلع الغذائية، خاصة الخضر والفواكه، لتأمين احتياجات الأفراد في قطر بصورة مستمرة، ودون الاعتماد على الخارج إلا في الحالات القليلة.
شددوا على قدرة القطاع الخاص على دعم الاستثمارات في الصناعات الغذائية، بالتنسيق مع الدولة التي تشجع الاستثمارات الزراعية والغذائية، وإتاحة الفرص الاستثمارية أمام القطاع الخاص، بما يعزز من الأمن الغذائي في الدولة ويحقق الاكتفاء الذاتي في عدد كبير من السلع الاستراتيجية.
استراتيجية جديدة للتنوع
ويؤكد رجل الأعمال، صاحب الاستثمارات الزراعية المميزة في قطر أحمد الخلف، أنه لن يكون هناك أي نقص في السلع الغذائية بالدولة، بعد أن تم بالفعل الاستيراد من عدد من الدول، حيث إن الاستيراد البري فقط هو الذي توقف، أما الاستيراد من خلال الخطوط البحرية والجوية فتم تعزيزه.
ويضيف أن توقف الاستيراد البري جاء في وقت غير ملائم على الإطلاق في ظل ارتفاع الطلب على المواد الغذائية خلال الشهر الكريم، مما يشير إلى تعمد هذا التوقيت غير المناسب، وكأن العملية مقصودة لإحداث أزمة غذائية في قطر.
ويشدد الخلف على أن المطلوب خلال الفترة القادمة هو تأمين احتياجات الأفراد بصورة مستمرة من السلع الغذائية، وذلك من خلال استراتيجية تتضمن عدداً من المحاور في مقدمتها التوسع في الاستثمارات الزراعية والغذائية، سواء من القطاع العام أو من القطاع الخاص، الذي أبدي رغبة كبيرة خلال الفترات الماضية في زيادة هذه الاستثمارات بالتنسيق مع الدولة.
وأردف: «القطاع الخاص قادر على إنشاء صناعات غذائية جديدة على أعلى مستوى من خلال دعم الدولة لهذه الصناعات، التي تقوم أولاً على زيادة عدد المزارع، مع الزراعة بأحدث مستوى عالمي، وهناك تجارب قطرية ناجحة في هذا المجال لزراعة الخضر والفاكهة بأساليب غير تقليدية تتناسب مع الطقس وعدم توافر المياه».
مشاريع المخازن المستودعات
أما المحور الثاني الذي يشير إليه الخلف فهو التوسع في إقامة مخازن ومستودعات تخزين المواد الغذائية، خاصة الخضار والفاكهة، بحيث تكون هناك مستودعات قادرة على استيعاب وتخزين مخزون استراتيجي، يسد احتياجات قطر لفترات طويلة، ويؤكد الخلف أن ميناء حمد قادر على استيعاب هذه المخازن وتشييدها وفقاً لأحدث النظم العالمية وإدارتها بما يحقق، توفير المواد الغذائية طوال العام، على أن تكون هناك شركات ذات مستوى لإنشاء وإدارة هذه المخازن.
ويضيف الخلف أن هذه العوامل كفيلة بتحقيق الأمن الغذائي في قطر بدون أية مشاكل، مع انخفاض التكاليف وانخفاض الهدر من هذه المنتجات بسبب التخزين السيئ.
ويضيف أن الاستيراد مفتوح حالياً أمام الدولة والقطاع الخاص من العديد من الدول، مثل تركيا، التي بدأت بالفعل في زيادة صادرات المواد الغذائية إلى قطر واليونان وقبرص ولبنان والهند وباكستان ودول أوربا القريبة من قطر.
ويؤكد أن ميناء حمد هو بوابة الأمن الغذائي في قطر خلال الفترة القادمة من خلال التوسع في المخازن والمستودعات لكافة السلع الغذائية التي يمكن تخزينها. ويوضح أن قطر قادرة على زيادة الإنتاج الزراعي في الدولة، سواء من خلال القطاع العام أو القطاع الخاص، الذي أعلن جاهزيته لذلك خلال اليومين الماضيين، مشيراً إلى التجربة الناجحة التي قامت بها شركته في مجال الزراعة وتوفير خضر وفاكهة على أحدث مستوى، وتحت أي ظرف مناخي، مما يؤكد إمكانية التوسع في الاستثمارات الزراعية بدون أية عوائق، حيث تمتلك الدولة كافة الإمكانيات التي تمكنها من تحقيق الأمن الغذائي، وتوفير السلع الاستراتيجية على آجال طويلة.
دور متزايد للقطاع الخاص
من جانبه يري السيد عبد العزيز العمادي، رجل الأعمال ونائب رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر الأسبق، أن القطاع الخاص قادر على المساهمة بقوة في توفير الأمن الغذائي لقطر، وذلك من خلال التوسع في الاستثمار في القطاع الزراعي وقطاع المواد الغذائية، وهو مطلب للقطاع الخاص منذ فترة طويلة، حيث يسعى رجال الأعمال القطريين لزيادة الاستثمارات الزراعية والغذائية بالتنسيق مع الدولة.
ويضيف العمادي أن تحقيق الأمن الغذائي في قطر ليس مشكلة كبيرة أو معضلة ليس لها حل، وإنما يمكن تحقيقها بكل سهولة من خلال المبادرات الحكومية، لتوزيع الأراضي على المستثمرين الجادين، ودعمهم بالتكنولوجيا الحديثة للزراعة والإنتاج، موضحاً أن القطاع الخاص يسعى منذ فترة طويلة لتعزيز الاستثمار في هذه القطاعات باعتبار تحقيق الأمن الغذائي من استراتيجيات الدولة الرئيسية.
ويوضح العمادي أن هذه العملية تتطلب عدداً من العناصر، في مقدمتها الأراضي وتوزيعها على المستثمرين، وهي المشكلة الأولى والرئيسية التي تواجه الاستثمار في هذا القطاع، وبعد توفير الأراضي ليس هناك أي مشاكل أخرى بعد التطور الكبير في أساليب الزراعة في العالم، وقدرة القطاع الخاص والدولة على جلبها إلى قطر، وهو ما حدث في عدد من المشاريع الزراعية الناجحة.
ويضيف العمادي أن الأساليب التكنولوجية الحديثة تتيح الزراعة طوال العام من خلال تقنيات البيوت المحمية – الصوبات – التي تمكن من توفير المناخ المناسب لزراعة المحاصيل طوال العام من خلال إعداد البيئة المناخية المناسبة، واستخدام أساليب الري الحديثة التي تتيح الاقتصاد في كميات المياه من خلال استخدام أساليب الرش بدلًا من الري، وهي تقنيات مستخدمة على نطاق واسع في الزراعة الحديثة وتحقق أعلى معدلات الإنتاج. ويؤكد العمادي ضرورة قيام الدولة بالتأكد من استخدام الأراضي في الزراعة، وفرض رقابة جدية على عمليات تحويل الأراضي إلى مخازن أو بيوت للعمال كما يحدث حالياً، حيث يجب سحب الأراضي من هؤلاء الأفراد وتوزيعها على المستثمرين الجادين، لبدء عمليات الزراعة والإنتاج بصورة فعلية.
تطور تقنيات الزراعة
من جانبه يؤكد الخبير المالي إبراهيم الحاج عيد أن تطور تقنيات الزراعة يجعل من تحقيق الأمن الغذائي في قطر عملية ممكنة بدون أية مشاكل، فالدولة والقطاع الخاص لديهم الإمكانيات المادية والتكنولوجية القادرة على توفير الزراعة وفقاً لأحدث الأساليب العالمية، وهي تجارب موجودة بالفعل في عدد من المزارع القطرية، التي تتبع أحدث الأساليب العالمية في الزراعة والإنتاج والتغليف.
ويضيف عيد أن زيادة الاستثمارات الزراعية والغذائية أصبحت مطلباً وطنياً في ظل الوضع الحالي، والدولة من جانيها تسعى إلى ذلك من خلال المبادرات التي تطرحها وزارة الاقتصاد والتجارة للقطاع الخاص، إضافة إلى دور شركة حصاد في تحقيق الأمن الغذائي من خلال التوسع في قطاعات الزراعة والثروة الحيوانية، مشيراً إلى أن الشركة تهدف إلى تأمين مصادر الغذاء. واتخذت الشركة منذ تأسيسها نموذجاً استثمارياً فريداً يعتمد بشكل أساسي على الاستثمار في الأسواق العالمية المتميزة بهدف توفير مصادر الغذاء لدولة قطر، وذلك بتلبية المتطلبات المحلية. وتمتلك حصاد العديد من الاستثمارات في كل من قطر وأستراليا وباكستان وعُمان، بالإضافة إلى عدد من الاستثمارات المستقبلية المحتملة في آسيا وإفريقيا وأوروبا وأميركا الشمالية والجنوبية. كما تقوم الشركة حالياً من خلال الشركات التابعة لها بإنتاج 250 ألف رأس من الأغنام و179 ألف طن من الحبوب، بالإضافة إلى 8 آلاف طن من الأعلاف الخضراء سنوياً، بالإضافة إلى عدد من المنتجات الأخرى، مثل اللحوم البيضاء والخضراوات والأرز البسمتي والتمور وزيت الزيتون وغيرها من المنتجات عالية الجودة.
ويؤكد الحاج أن وجود مثل هذه الشركات والمشاريع العملاقة يشجع القطاع الخاص على التوسع في هذه الاستثمارات، وكلها جهود تسعى إلى تحقيق الأمن الغذائي في قطر، والتي يمكن تحقيقه من خلال التضافر والتنسيق بين هذه الجهات وصولاً إلى هذا الهدف المنشود.

السابق
محامي بحريني يقاضي المنامة لرفع الحصار عن قطر
التالي
مصانع إعداد اللحوم تعمل بطاقة عالية لسد الفجوة بالسوق المحلية