قطر -الكويت.. خطان متوازيان يلتقيان في ذروة التقاطع

خط اقتصادي ساخن يربط أوتوسترادات التعاون ذهاباً وإياباً

الكويت رفضت حصار الدوحة وساهمت بتعويض خسائرها المحتملة

قطر فتحت نوافذ متعددة من خلال البوابة الكويتية

مساعدات الأشقاء تصفّر عداد الحصار وتأثيراته وتعيد الحصان إلى مقدمة العربة

بزنس كلاس – اسلام شاكر

شهدت العلاقات الاقتصادية بين دولة قطر ودولة الكويت نمواً مطرداً في العام الماضي 2017 لاسيما بعد الخامس من يونيو 2017 حيث دخلت الكويت على خط الأزمة الخليجية من باب الدفع نحو وضع حد للأزمة بأسرع وقت ممكن تفادياً لأي تداعيات سلبية على جميع الأطراف لكنها بنفس الوقت رفضت المشاركة بحصار قطر بل زادت من وتيرة تعاونها الاقتصادي مع الدوحة لتعويض ما قد يلحق بالدوحة من خسائر محتملة نتيجة الحصار. زد على ذلك، فقد جاء تعزيز التعاون الاقتصادي مع قطر من الجانب الكويتي لينسجم من المزاج العام في الكويت الذي عبر بوضوح عن غضبه من الخلاف وتعنت دول الحصار في إصرارها على إلحاق الأذى بأهل قطر.

جسر للبضائع البديلة

وقال رئيس غرفة قطر، خليفة بن جاسم آل ثاني، إن حجم التبادل التجاري بين بلاده ودولة الكويت ارتفع خلال العام الماضي بنسبة 9% ليصل إلى 2.5 مليار ريال قطري ما يعادل 686.5 مليون دولار. واضاف بيان لغرفة قطر بهذا الشأن، أن واردات قطر من الكويت حققت نمواً بلغ نسبة 25% خلال عام 2017، لترتفع  إلى 789.6 مليون ريال (217 مليون دولار)، مقابل 634.2 مليون ريال (174 مليون دولار) في العام السابق.

وأشار خليفة بن جاسم آل ثاني إلى أن الشركات الكويتية ساهمت في مد السوق القطري بجزء مهم من احتياجاته منذ الحصار الذي حاولت بعض الدول الخليجية ومصر فرضه على دولة قطر في يونيو السابق. ووفق البيان قامت الغرفة بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والتجارة بتسهيل مشاركة نحو 13 شركة قطرية من القطاع الخاص في المعرض، بحيث تقوم هذه الشركات بعرض منتجاتها والترويج لها خلال المعرض والذي تشارك فيه شركات من دول مختلفة؛ مما يتيح فرصة لتبادل الأفكار وبحث التعاون.

ويأتي تعزيز العلاقات الاقتصادية القطرية الكويتية وتأسيس تحالفات تجارية واستثمارية ومشروعات جديدة بينهما كأحد أبرز مكاسب الحصار ، حيث أوضح رئيس الغرفة أن العديد من الشركات القطرية أجرت مباحثات مع نظيرتها الكويتية لإبرام تحالفات تجارية واستثمارية لتأسيس مشروعات جديدة في البلدين الشقيقين، وبما يخدم الجهود المبذولة لتعزيز التجارة البينية، معربا عن أمله في أن تسهم مشاركة الشركات القطرية في معرض منظمة التعاون الإسلامي الذي أقيم بالتزامن أيضا مع معرض الكويت التجاري الدولي “كويت اكسبو 2018″، في فتح أسواق جديدة أمام المنتجات القطرية تشمل كافة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي. وحقق جناح قطر في “كويت إكسبو 2018” جائزة أفضل جناح بالمعرض في نسخته التي اختتمت منذ ايام، حيث أتت مشاركة الغرفة ضمن جناح قطر المشارك في المعرض والذي ضم كذلك وزارة الاقتصاد والتجارة ومركز قطر للمال، وشركة المناطق الاقتصادية (مناطق)، إلى جانب 13 شركة من القطاع الخاص القطري.

اختراق جدران الحصار

وحققت قطر من خلال الاختراق الذي أنجزته في جدارالحصار عبر البوابة الكويتية إنجازاً أساسياً في إطارها الخليجي بالتوازي مع تحركاتها في أنحاء العالم لفتح منافذ تجارية، ومن أكبر المكاسب التي حصدتها الدوحة، خلال الفترة الأخيرة، زيادة التعاون مع دولتين خليجيتين وهما الكويت وسلطنة عمان.

وفي هذا السياق يوضح خبراء في الشأن الاقتصادي الإقليمي بأن الحكومة القطرية أفشلت مخططات دول الحصار الهادفة إلى إقصائها من منطقة الخليج الاستراتيجية. فقد نجحت الدوحة بتعزيز العلاقات الاقتصادية  مع الكويت وعمان خلال 2017 وهو ما ظهر عبر مؤشرات رسمية كشفت عن زيادة التبادل التجاري والاقتصادي بين الدول الثلاث.

وتمكنت قطر من إنجاز هذا الأمر من خلال عدة عوامل ساعدت في تعميق العلاقات الاقتصادية بين قطر والكويت منها فتح خط ملاحي بين مينائي الشويخ الكويتي وحمد القطري. وكانت شركة الملاحة القطرية “ملاحة”، أعلنت عن إطلاقها أول خدمة نقل مباشر للحاويات بين الدوحة والكويت في شهر أغسطس/ آب الماضي.  وقالت الشركة إن الخدمة الجديدة ستعمل بشكل أسبوعي بين ميناء حمد في قطر، وميناء الشويخ في الكويت، من خلال سفينة ذات سعة 515 حاوية نمطية، و50 حاوية مبردة، بمدة عبور تبلغ يوماً واحداً.

إضافة لذلك ومن جانب آخر،  هناك العديد من المجالات التي ستتجه إليها كل من قطر والكويت لعقد شراكات استراتيجية جديدة بها، ومنها الصناعات الغذائية والسياحة بالإضافة إلى النفط والغاز، مع العلم بأن الخبرات الكبيرة التي تتمتع بها الكويت في عدة مجالات،  يمكن للدوحة الاستفادة منها عبر نقلها.

ضبط الميزان التجاري

وفي ذات السياق، شدّد نائب رئيس غرفة قطر السابق عبد العزيز العمادي على أهمية العلاقات الاقتصادية القطرية الكويتية، مشيراً إلى أن الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من اتفاقيات التعاون بين البلدين سيحظى القطاع الخاص فيها بنصيب الأسد في ظل تزايد الثقة باقتصاد البلدين. وأكد العمادي أن الميزان التجاري بين قطر والكويت يصب في صالح الدوحة، مشدّدا على أن كلا البلدين سيسعيان لتعظيم الاستفادة من تنامي العلاقات بما يحقق مصلحتهما خلال الفترة المقبلة.

وأوضح أن الكويت حققت مكاسب ملحوظة عبر زيادة صادراتها الغذائية لقطر التي استحدثت بدائل استيرادية عوضا عن دول الحصار، في حين استفادت قطر من زيادة أعداد السياح الكويتيين للدوحة.

وأشار إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول أخرى سواء خليجية مثل سلطنة عمان أو آسيوية مثل تركيا وماليزيا أو أوروبية، متوقعا قيام الحكومة القطرية بتوسيع وزيادة منافذها التجارية خلال الفترة المقبلة.

شركات وشراكات متبادلة

الجدير بالذكر أن العلاقات الاستثمارية بين اصحاب الاعمال في البلدين شهدت نموا متسارعا في السنوات الاخيرة، حيث بلغ عدد الشركات الكويتية المملوكة بنسبة 100% لمستثمرين كويتيين في قطر نحو 140 شركة بنهاية العام 2017، برؤوس أموال بلغت 480 مليون ريال، في حين بلغ عدد الشركات القطرية ـ الكويتية المشتركة العاملة في قطر نحو 261 شركة برؤوس أموال بلغت 2.1 مليار ريال، ليصبح إجمالي عدد الشركات الكويتية والقطرية المشتركة نحو 400 شركة بإجمالي رؤوس أموال 2.6 مليار ريال.

وقد ساهمت هذه الشراكات بدعم قيمة التجارة البينية، حيث بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 2.5 مليار ريال بنهاية 2017، مقارنة بـ 2.3 مليار ريال في 2016 وبنمو 8.7%، فيما صدرت قطر إلى الكويت ما قيمته 1.7 مليار ريال من السلع والبضائع خلال العام الماضي في حين بلغت قيمة وارداتها من الكويت نحو 800 مليون ريال.

لقد تمكنت الدوحة بعد أن فتحت المزيد من أبوابها للكويت وسلطنة عُمان من إنجاز مهم اقتصادياً وسياسياً حيث خففت كثيراً بمساعدة الأشقاء من آثار الحصار إلى الحدود الدنيا لا سيما في المرحلة الأولى وتجاوزت كل آثاره في المرحلة التالية لكنها بنفس الوقت وبالتعاون مع مسقط والكويت نجحت في اختبار اقتصادي آخر وهو فتح آفاق جديدة ليس لنفسها فقط بل للكويت وسلطنة عُمان أيضاً. فقد أدركت دول الحصار بأن نهجها الذي تعاملت فيه مع قطر قد سقط واحتمال تنفيذ نفس السيناريو مع الدول التي لم تنصاع للرياض وابوظبي كالكويت ومسقط لم يعد ممكناً لأن ثلاثي الخليج الذي أسقط حصار قطر بات يملك كل الأدوات التي تمكنه هزيمة أي حصار ممكن مستقبلاً أو التعامل معها على انها دول تابعة لهيمنة السعودية والإمارات.

 

السابق
“القطرية” تنوي إقامة فندق 5 نجوم في كانبيرا
التالي
182 سفينة رست في ميناء حمد خلال يناير الماضي