قطاع الزراعة يستعيد زمام المبادرة والصحارى تنطق بالخضرة

البذور ارتوت ومواسم الحصاد تعلن ولادة التوائم

خطط فاعلة تضع قطر على أعتاب نهضة زراعية شاملة 

مشاركة فاعلة لـ”الخاص” بحقول الاستثمارات الضخمة والحسابات على البيدر

 

يشكل مناخ دولة قطر الصحراوي تحدياً يستهدف تطوير المشروعات الزراعية والسمكية على نطاق واسع، فمع أولوية الإنبات في تأمين مستقبل مستدام للدولة. نجحت البلاد في تطوير القطاع الزراعي المحدود نسبيًا عن طريق المحميات الزراعية وأنظمة الري الحديثة، في وقت تدعم الحكومة عدداً من المبادرات من بينها مشروع الإحصاء الزراعي وتطوير العديد من أنظمة الري ومراقبة المياه وتنفيذ برنامج العلوم الزراعية في جامعة قطر.

وحتى تكتمل عناصر الإنجاز تجتهد الهيئات الحكومية والمشاريع المشتركة مع القطاع الخاص في توفير عدد من الخدمات للمزارعين، إن بدأت بالبحوث والتطوير حيث تساعد المزارع التجريبية التي تقيمها الحكومة في توليد محاصيل تناسب البيئة المحلية، وتطوير أنظمة جديدة للأسمدة والري. فلن تنتهي عند عنصر التسويق عبر ما تسهّله الشركة الوطنية للتسويق الزراعي من عمليات تعبئة وتوزيع وتصدير المنتجات الزراعية.

الحكومة وروافع النهضة

لا يبدو أن الحكومة توفر جهداً ولاسيما في هذه المرحلة من ضرورات الاكتفاء الذاتي واختزال الاستيراد لتستنبط خطة للنهوض بالإنتاج الزراعي والسير بخطى واسعة نحو زيادة الاستثمار في القطاع الزراعي لتلبية حاجة السوق المحلي. ولهذا تمتلك قطر رؤية شاملة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية بشكل عام ومن المنتجات الزراعية بصفة خاص من خلال برنامج قطر الوطني للأمن الغذائي والخطة الشاملة للأمن الغذائي من خلال تطوير سياسة شاملة ترمي إلى زيادة الإنتاج الزراعي الوطني.

ومما يهدف إليه البرنامج تنمية مصادر الاستيراد من خلال الاستثمار في جميع المجالات بما فيها النقل والتكنولوجيا الزراعية والغذائية للتخفيف من مخاطر الاستيراد ، ولهذا يتنبأ المراقبون بأن قطر على أعتاب نهضة زراعية شاملة تقوم على عدد من الخطط الفاعلة من بينها زيادة فرص التعاون مع الدول الصديقة في مجال الاستثمار والتعاون الزراعي ومن بينها تركيا في مجالات الزراعة والأمن الغذائي من خلال عدد من المشروعات المشتركة وتبادل الخبرات في هذا الشأن على المستويين الحكومي والخاص فضلاً عن العمل على استزراع مساحات من الأراضي الزراعية في عدد من الدول.

ضمانات وإيرادات

ولهذا تعمل وزارة البلدية حالياً على زيادة مشاركة القطاع الخاص في مشروعات التنمية الزراعية، حيث تم البدء بـ 12 مشروعاً من مشروعات الإنتاج الزراعي باستثمارات ضخمة سيبدأ إنتاجها قريباً، في وقت زاد عدد المزارع بنسبة 15% تقريباً في السنوات الثلاث الماضية فيما يشهد الإنتاج نمواً لا يقل عن 12% سنوياً، ومرد ذلك الدعم الكبير من الدولة الذي يشكل ضمانة كبيرة في تحقيق نسبة من الأمن الغذائي ما يعاظم استفادة الدولة من الإيرادات العالية في تطوير القطاع واعتماد التقنيات والمعدات الحديثة التي تساعد على تقليل وقت حصاد المحصول الزراعي والذي يتراوح بين شهر و3 أشهر لكل مزرعة تقريباً.

وفيما يخص التسويق فقد تبنت وزارة البلدية والبيئة خلال السنوات الماضية عدداً من التجارب التسويقيّة التي أثبتت نجاحها في التعريف بالمنتج القطري وساهمت في خلق نوافذ تسويقيّة لأصحاب المزارع، فتجربة ساحات بيع المنتج الزراعي المحلي في كل من ساحات المزروعة والخور والذخيرة والوكرة أثبتت نجاحها بشكل كبير منذ انطلاقها في عام 2012 حيث شهدت الساحات إقبالاً كبيراً من قبل المواطنين والمقيمين على شراء كافة مستلزماتهم من المنتجات الزراعية والحيوانية المحلية نتيجة جودة المنتجات المعروضة بالساحات بأسعار تنافسيّة ما جعلها تحقق نسب مبيعات قياسية، بالإضافة إلى ما حققته التجربة على مستوى دعم المزارع والمربي القطري بتوفير كافة مستلزمات الإنتاج من الأعلاف وتسويق منتجاتهم وهو ما تصبو إليه وزارة البلدية والبيئة من وراء هذه التجربة.

مساحات للاكتفاء الذاتي

وتقول الوقائع أن إجمالي المساحة القابلة للزراعة في قطر تبلغ نحو 65000 هكتار تنتج نحو 567981.3 طن من المنتجات الزراعية، أما إجمالي المساحة المحصولية للمساحات المكشوفة 10777.7 هكتار فيما تبلغ مساحة البيوت المحمية 244 هكتاراً. وتبلغ المساحة المزروعة بالخضراوات 2140.5 هكتار تنتج 53598.9 طن من الخضراوات سنوياً كما تبلغ المساحة المزروعة بالحبوب 293.5 هكتار تنتج 1377.2 طن من الحبوب وتبلغ المساحة المزروعة بالفاكهة نحو 26521.1 هكتار تنتج 29794.7 طن وتبلغ المساحة المزورعة بالأعلاف الخضراء 5935 هكتاراً تنتج 483210.5 طن من الأعلاف الخضراء. في حين أن عدد المزارع المسجلة في إدارة الشؤون الزراعية 1307 مزارع منها 902 مزرعة نشطة بنسبة 70 % من بينها 364 مزرعة منتجة تقوم بتسويق إنتاجها في السوق المحلي ويبلغ عدد المزارع المهملة 395 مزرعة بنسبة 30 %. وبالتالي فإن المنتجات الزراعيّة المحليّة توفر نحو 30% من الاكتفاء المحلي، و المبيعات السنوية للقطاع الزراعي تصل إلى 500 مليون ريال تقريباً تساهم بنحو 4% من الناتج المحلي السنوي في الدولة.

حالة استنفار

والجديد الذي يحسب في خدمة القطاع استنفار أصحاب المزارع غير النشطة للمساهمة في الإنتاج الزراعي، حيث قصد أصحاب المزارع مبنى الإدارة للتعرّف على النصائح والإرشادات المهمة لزراعة محاصيل جديدة والاستفسار من المهندسين الزراعيين بالإدارة عن كيفية الارتقاء بمزارعهم للمساهمة في نمو الاستثمارات الزراعية، بما يحقق الأمن الغذائي، ومن بين النصائح ما يتعلق منها بإنتاج بعض الأشجار القادرة على التكيّف مع الطقس الحار مثل شجرة المانجو أو الموز، كما تمّ تقديم شرح كامل حول طرق الري والتسميد للنباتات ومكافحة الآفات الزراعية.

بين المنتج والسوق

ويشهد المنتج الزراعي المحلي إقبالا كبيرا من المستهلكين بالسوق المركزي، وسط مطالب بوضع استراتيجية تضمن التوسع في المحاصيل وزيادتها على مدار العام. وأكد خبراء ومنتجون أن سبب الإقبال على المنتج المحلي يرجع إلى الجودة الأكبر والسعر الأقل بالمقارنة بنظيره. وأشاروا إلى أن المنتج المحلي أكثر أمنا على صحة المستهلكين بسبب عدم استخدام مبيدات صناعية وكيميائية والاعتماد على الأسمدة العضوية، فضلا عن عدم التخزين حيث تصل المنتجات من المزارع للمستهلك مباشرة عكس المحاصيل المستوردة التي يتم استخدام مبيدات صناعية في زراعتها، وتمكث في الثلاجات فترة طويلة قبل وصولها للمستهلكين.

وأكدوا أن زيادة مبيعات المنتجات المحلية في السوق المركزي والساحات الزراعية مثل المزروعة وغيرها فضلا عن منافذ التوزيع في المجمعات والمحلات التجارية تعكس نجاح تجربة الزراعة العضوية في قطر والتي بدأت في جني ثمارها بكسب ثقة المستهلكين.ودعوا لتعزيز الجهود وزيادة دعم المزارع القطري وتطوير آليات الزراعة لزيادة مساهمة الثروة الزراعية في تحقيق الاكتفاء الذاتي عبر اعتماد أحدث آليات الزراعة ونظم الري الحديثة.

 

السابق
قطر تحصّن أمنها الغذائي من ثرواتها المحلية والشواهد تتراكم
التالي
جون جوزيف دور مدير المزرعة لـ “بزنس كلاس”: ٣ بليون ريال قطري حجم استثماراتنا الحالي والقادم مبشر