قطار الاندماج ينطلق.. والمصارف الإسلامية في قمرة القيادة

نقطة تحول مهمة في مسيرة العمل المصرفي بقطر بشهادة الخبراء

تداعيات انخفاض أسعار النفط أطلقت صافرة الإنذار

الكيان الجديد سيشكل أكبر مصرف إسلامي في قطر

8.8 مليار دولار اندماجات واستحواذات لشركات قطرية في 2015

بزنس كلاس – محمد حسين

يبدو أن قطار الاندماج استفاق من سباته الطويل، وبدأ في التحرك من جديد، وكالعادة حجزت البنوك الإسلامية مكانا لها في المقصورة الأمامية، وذلك بعد الكشف عن نية كل من مصرف الريان وبنك بروة وبنك قطر الدولي “IBQ” الأسبوع الماضي دمج أعمالهم لتثمر عن تكوين كيان بنكي قوي، وهو ما يعد نقطة تحول مهمة في مسيرة العمل المصرفي القطري.

وسوف يشكل الكيان الجديد أكبر مصرف إسلامي في قطر، ويطرح هذا الخبر عدة تساؤلات حول أهمية هذا الاندماج بالنسبة للسوق القطري والشركات العاملة في الدولة، وهل يكتب لهذا الاندماج النجاح؟ وهو ما سوف تجيب عليه بزنس كلاس في هذا التحقيق من خلال استطلاع أراء الخبراء والمصرفيون.

كيانات كبرى

وفي هذا السياق أكد خبراء ومصرفيون على اهمية الاندماج المصرفي في ظل التوجه الى عولمة المصارف وتزايد حجم واهمية الكيانات الاقتصادية الكبرى لتصبح قادرة على التعامل مع المتغيرات الاقتصادية الناتجة عن انخفاض اسعار النفط، مشيرين الى ان البنوك العاملة في الدولة عامةـ والمصارف الاسلامية خاصة تواجه تحديات كبيرة ومنافسة حادة في ظل العولمة المالية، التي فرضت واقعا لحركة الأموال والاستثمارات والخدمات، الأمر الذي يتطلب ضرورة أن تسارع المصارف الإسلامية في بناء قدراتها التقنية التي تمكنها من المنافسة.

وقال الخبراء أن الظروف الحالية تتطلب التكتل وتكوين كيانات كبيرة لمواجهة المتغيرات الاقتصادية على مستوى العالم، مشيرين الى ان المؤسسات التي كانت توسع حضورها خلال الفترة الأخيرة، ستضطر إلى إعادة هيكلة قاعدة انطلاقها الحالية، القائمة على الظروف السائدة في الأسواق حالياً.

وذكر الخبراء ان عمليات الاندماج ان كتب لها النجاح سوف تسهم في زيادة الإيرادات وتنويعها من خلال زيادة قدرة الكيان الاقتصادي على تعزيز الموقف المالي والتنافسي من خلال زيادة النصيب السوقي نتيجة القدرة التسويقية الأعلى نسبياً للكيانات الكبيرة أو تحقيق التنويع في السلع والخدمات المقدمة. كما تسهم عملية الاندماج في تخفيض التكلفة من خلال الاستفادة من اقتصاديات الحجم الكبير (وفورات الحجم) وتخفيض التكلفة المصاحبة لإنتاج عدد أكبر من المنتجات أو الخدمات، بالإضافة توفير السيولة الازمة لدعم خطط التوسع التداخلي والخارجي.

ارتدادات مباشرة

وأوضح الخبراء ان ازمة انخفاض النفط ضربت أسواق رأس المال الدولية والمحلية، الأمر الذي جعل من الصعب الحصول على الأموال المطلوبة من أجل تلبية متطلبات الائتمان المتزايدة وخطط التوسع الداخلي والخارجي.

وأشاروا الى دول مجلس التعاون الخليجي لم تكن بعيدة عن مثل هذه التوجهات، حيث شهدت أعداد وقيم عمليات الاندماج والاستحواذ بها زيادة ملحوظة. إذ ارتفع عدد العمليات بها من حوالي 197 عملية اندماج واستحواذ بقيمة نحو 23 مليار دولار في عام 2006، لتصل إلى نحو 423 عملية بقيمة 40 مليار دولار العام الماضي، مع توقعات بارتفاع قيم العمليات لتبلغ 50.1 مليار دولار لعدد 395 عملية بنهاية عام 2016، ووصل عدد عمليات الاندماج والاستحواذ التي نفذتها شركات قطرية في الخارج العام الماضي إلى 26 عملية بقيمة 8.8 مليار دولار.

صفقات متكافئة

واكد الخبراء ان اندماج اكبر بنيكن في الامارات هما بنك الخليج الأول وبنك أبو ظبي الوطني قد اطلق شرارة تحرك قطار الاندماجات مرة اخرى، حيث  يسعى كلا البنكين لتنفيذ صفقة اندماج متكافئ بهدف إنشاء أكبر بنك في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث الأصول. إذ سيبلغ إجمالي أصول البنك الدامج نحو 175 مليار دولار، وإجمالي حقوق المساهمين 24.5 مليار دولار، وستبلغ قيمته السوقية حوالي 29.1 مليار دولار. ومن المقرر أن يحتفظ البنك الموحد بالعلامة التجارية “بنك أبو ظبي الوطني”، ومن المرجح أن يصبح الاندماج نافذاً في الربع الأول من عام 2017.

متغيرات عميقة

وتشهد البنوك الخليجية من بداية العام الحالي حركة استحواذات واندماجات نشطة وتغيرات جوهريه في استراتيجيتها لمواجهة الضغوط كبيرة التي تتعرض لها نتيجة تراجع الايرادات الحكومية بسبب انخفاض أسعار النفط وضبابية البيئة التشغيلية والاستثمارية في المنطقة الخليجية بشكل خاص والعالمية بشكل عام وهو ما أجبر هذه البنوك على التحفظ في عمليات الإقراض والانتقائية في عمليات الاستثمار بالإضافة الى سعيها الى تعزيز مراكزها المالية من خلال زيادة راس مالها.

وتبنت بعض البنوك الخليجية استراتيجيات جديدة سواء من خلال اصدار سندات او صكوك او التوسع داخليا او خارجيا، او بحث يسبل الاندماج مع بنوك اخرى لتكوين كيان اقتصادي ومصرفي قوي.

عقبات معرقلة

ونوه الخبراء الى ان عمليات الاندماج والاستحواذ قد تواجه عدة تحديات أو عقبات يتعين أخذها في الاعتبار، لتلافي سلبياتها، ومنها قد يصاحب الاندماج والاستحواذ إعادة تنظيم وهيكلة الكيانات المندمجة، والذي قد يشمل أيضاً إعادة هيكلة للعاملين، وخفض عددهم نتيجة دمج الأقسام المتماثلة التي تؤدي نفس الوظيفة، وهو ما يزيد من التزامات أصحاب العمل بدفع مكافأة نهاية الخدمة، والتي يمكن أن تشكل مبالغ كبيرة.. وفي هذا الصدد، فإن المستثمرين في بعض الدول يتحققون من مدد خدمة الموظفين قبل اتمام عمليات الاندماج والاستحواذ.

هذا، وقد أعلن كل من مصرف الريان وبنك بروة وبنك قطر الدولي “IBQ” الاسبوع الماضي عن نيتهم بشأن احتمال دمج أعمالهم لتثمر عن تكوين كيان بنكي قوي يعمل بكفاءة أعلى ولديه من السيولة والملاءة المالية ما يمكنه من المساهمة بقوة في الاقتصاد الوطني، من خلال تمويل المشروعات التنموية التي تساعد على تحقيق رؤية قطر 2030.

تكتلات محتملة

وبحسب البيان الصحافي المشترك من هذه البنوك ، ان الاندماج في حال حدوثه سوف يؤدي إلى تكوين أكبر بنك إسلامي في دولة قطر بقيمة أصول تزيد على 160 مليار ريال، ورأسمال يزيد على 22 مليار ريال، وثالث أكبر بنك إسلامي في الشرق الأوسط.

وجاء في البيان: “إن عملية الاندماج سوف تدعم التنمية الاقتصادية في دولة قطر من خلال دعم الأعمال والكيانات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى خلق كيان يعتبر شريكاً استراتيجياً للدولة ومؤسساتها، وسوف تحقق عملية الاندماج الفائدة لكافة الأطراف المشاركة فيها، بما فيها المساهمون وعملاء هذه البنوك والاقتصاد الوطني”.

وأضاف البيان: إن عملية الاندماج إذا ما تمّت ستثمر عن تجميع الخبرات المتراكمة لدى البنوك الثلاثة والتي تمثل مجالات قوة لكل منها، في مجال خدمة الأفراد، وخدمة الشركات والمؤسسات الحكومية، وإدارة الثروات، والعمليات الاستشارية حول إصدار الصكوك، والعمليات البنكية الخاصة”.

عن البنوك القطرية

ويبلغ عدد البنوك المحلية والدولية بقطر نحو 18 مصرفا، منها 9 بنوك مدرجة في بورصة قطر، وتبنيت المصارف القطرية استراتيجية تهدف البحث عن فرص استثمارية جديدة في المنطقة، وذلك من خلال الاستحواذ علي حصص اقلية واغلبية من البنوك الخليجية والاجنبية اعتمادا علي المقومات الضخمة التي تملكها والاداء القوي التي حققته خلال السنوات الماضية وارتفاع الاعمال والارباح بصورة غير مسبوقة جعلها تفكر في التوسع الخارجي وشراء حصص في البنوك الأخرى.

من ناحية أخرى، أعلنت قائمة مؤشر قياس أداء المصارف الإسلامية، قائمة التصنيف العالمي للمصارف الإسلامية من حيث نسبة التكلفة إلى الدخل وهي أحد مؤشرات الأداء المالية الفرعية لقائمة المتصدرين، وظهر في المراكز الخمسة الأولى للمصارف الإسلامية في منطقة مجلس التعاون الخليجي ما لا يقل عن ثلاثة مصارف في قطر بناء على تصنيفات نسبة التكلفة إلى الدخل. فوفقاً لقائمة التصنيف، جاء مصرف الريان وبنك قطر الدولي الإسلامي في مقدمة المؤسسات المالية الإسلامية في منطقة مجلس التعاون الخليجي بنسبتين بلغتا 20.6 % و24.4 % على الترتيب.

فيما توقع تيموشين انجن المدير المساعد لشؤون المؤسسات المالية في ستاندرد أند بورز نمو أصول المصارف الإسلامية في قطر إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2017 من 54 مليارا العام الماضي مع استفادة المصارف الإسلامية من مشروعات البنية التحتية التي تعتزم قطر إنجازها بعشرات المليارات من الدولارات في العقد الجاري.

 

السابق
تجارة التجزئة في سباق مفتوح وقطر سوق سريعة النمو
التالي
رياضة الجولف لعبة الأثرياء الغائبة عن قطر