فيلسوف أمريكي: جرائم النظام السعودي تجاوزت كل الحدود

الدوحة – بزنس كلاس:

شن المفكر السياسي والفيلسوف الأمريكي أندريه فيتشيك، هجوماً حاداً على السعودية، قائلاً إن الفرصة سانحة الآن لمعاقبة النظام السعودي على جرائمه التي فاقت كل الحدود وكانت من أكثر الجرائم وحشية وبربرية في التاريخ الحديث، وأن اغتيال خاشقجي غير معادلة التعامل الغربي مع المملكة والذي كان يصمت في السابق على العديد من خطايا وجرائم النظام السعودي، وذكر فيتشيك في مقال نشره بموقع “opednews” الأمريكي حمل عنوان «السعودية يجب ردعها والفرصة تبدو سانحة الآن لتحقيق ذلك»، جاء فيه أن السعودية يبدو أنها تجاوزت كل الحدود الأخلاقية، وبات الغرب ينظر لها على هذا النحو ليس لكونها تقتل بوحشية عشرات الآلاف من المواطنين اليمنيين الأبرياء، ولا باستمرار دعمها للإرهاب في سوريا وأحيانا تدعم الإرهاب نيابة عن بعض الدول الغربية، وليس لفرضها حصارا على دولة قطر وفرض قطيعة شاملة عليها.

 

◄ جرائم بربرية

 

وتابع فيتشيك في مقاله قائلاً إن الجرائم المروعة والبربرية التي ارتكبتها المملكة بحق الإنسانية تتعدد وتتراكم كل يوم، وإن تلك المملكة القمعية (والتي تخاف حتى أن تصدر تأشيرات سياحية رغبة في إغلاق القبضة الداخلية على المملكة وتجنب التدقيق والمراجعة) لم يتم اتخاذ أي عقوبات أو مقاطعة بحقها بعد إلا مع بعض الاستثناءات مثل ألمانيا، وإن الجرائم التي ترتكبها المملكة تعد من أكثر الجرائم الوحشية والبربرية في التاريخ الحديث، وذلك وفقاً لكافة الأعراف والتقاليد لأي شخص ولأي مكان في العالم، ولكن رغم هذا التاريخ الدموي فإن الغرب كان يقف صامتاً أمام الاستثمارات والعوائد الكثيرة التي حققتها الدول الغربية من علاقتها المربحة مع المملكة، كما أن السعودية لطالما ما كانت ترعى المصالح الإسرائيلية لكسب الرضا وشراء الصمت الغربي.

 

◄ تغير عاجل

 

وعلق الكاتب في مقاله إن السبب وراء عدم التعرض للجرائم السعودية بصورة علنية في وسائل الإعلام الغربية والأوروبية من قبل كان بسبب صفقات السلاح التي تبلغ مئات الملايين من الدولارات، والنفط السعودي المتدفق لخدمة الأسواق الأوروبية؛ ويتساءل فيتشيك هل الرياض تمتعت في السابق بحصانة كاملة؟

 

ويعقب المفكر الأمريكي أن كل هذا بصدد أن يتغير وبصورة عاجلة جداً، والسبب ليس في الجرائم المذكورة سابقاً وحسب، ولكن السبب يرجع إلى شخص واحد، أو بالأحرى اغتيال شخص واحد.. جمال خاشقجي.

 

◄ تاريخ الجرائم السعودية

 

وأوضح فيتشيك أنه قبل عام مضى كنت تجد أن كافة الجرائم التي تفوح رائحتها من السعودية لا يُسمع عنها شيء، وكانت كافة الجرائم البشعة التي ارتكبها النظام السعودي حول العالم يتم احتواؤها، وهذا نفسه هو ما حدث تماماً مع المعلومات التي أشارت لتورط سعوديين في تهريب مواد مخدرة من لبنان باستخدام طائراتهم الخاصة، وبعض من تلك المواد المخدرة كانت تغيب الحواس ويتم استخدامها في مناطق الحروب وفي الهجمات الإرهابية، دون أن تجد أخبارا كثيرة بعدها عن القضية، ولكن الأمر الآن قد اختلف ونحن في نهاية عام 2018؛ فتركيا ليست على استعداد أن تتغاضى وتتسامح في جرائم وفظائع نظام دولة معادية لها وفي أكبر مدينة على أراضيها، ولفترة ليست بعيدة فإن العلاقات التركية – السعودية ليست إيجابية بكل حال من الأحوال، كما أن علاقة تركيا توطدت مع إيران والتي تعد ألد الأعداء للنظام السعودي.

 

◄ المملكة «دمية» للغرب

 

ويواصل الكاتب الأمريكي في مقاله قائلا: إن وسائل الإعلام الأمريكية يجب أن يصرخ بها أحد قائلاً إن السعودية ليست لها أي سياسة خارجية مستقلة على الإطلاق، بل كانت دائماً دمية في أيدي النظم الغربية، وتنوب عن النظم الغربية في دعم سياساتها، ومن غير المستبعد أن الإرهاب السعودي الذي انتشر في كافة أنحاء المنطقة العربية وفي آسيا وآسيا الوسطى وبامتداد المحيط الهادي وبعض الأجزاء من أفريقيا، كان يتم دعمه أو تشجيعه أو الموافقة عليه على أقل تقدير من قبل دوائر الحكم في واشنطن ولندن وحتى في تل أبيب، كما أن النظم الغربية استخدمت السعودية في حروبها في أفغانستان وفي إطار محاربة أمريكا للفكر الشيوعي والاشتراكي والتقدمي عبر إعطاء الضوء الأخضر للإرهاب الممول من السعودية في تلك الدول.

 

◄ حماقة بن سلمان

 

وأكد أن هناك تغيراً محورياً لم يكن متوقعاً، وقبل عامين لم يكن أحد يتصور أن تتجرأ السعودية على اختطاف وقتل كاتب في الواشنطن بوست واغتياله في إحدى الدول الحليفة بالناتو مثل تركيا، ولكن هذا يمكن إرجاعه إلى تصاعد نفوذ ولي العهد محمد بن سلمان والذي توهم بحماقة أنه يمتلك ضوءا أمريكيا أخضر ليفعل ما يريد، وفي الحقيقة إن العديد من أعضاء الأسرة المالكة بالسعودية أغدقوا ملايين الدولارات على بعض من النخب الحاكمة وفي دوائر صناعة القرار بواشنطن بل إنهم استثمروا في شخصيات عديدة ولكنها نافذة رغم قلة عددها في المشهد السياسي الواسع بالولايات المتحدة، ولهذا فإن بن سلمان الذي تصادق مع بعض الجهات بواشنطن تبنى سياسة قمعية ودون رحمة قد توهم أن كل ما يقوم به سوف ينال الرضا الأمريكي، ولكن اغتيال خاشقجي لن يمر بصمت مثلما يتمنى النظام السعودي وبعض من الحريصين على العلاقات مع المملكة، فإن أمريكا باتت تتحمل متاعب من وراء بن سلمان أكثر بكثير من عوائد العلاقات الطيبة معه، والغضب الدولي والأصوات التي كانت حبيسة في السابق ولم تجد لها صدى في وسائل الإعلام الغربية، باتت يسلط عليها الضوء الآن لكشف جرائم النظام السعودي بالشكل الذي أثار الخوف في نفوس الأسرة السعودية المالكة، وربما يذهب البعض إلى أن أيام بن سلمان وربما النظام السعودي بالكامل باتت معدودة، فحتى أمريكا نفسها لديها تاريخ حافل من التخلص من الحلفاء الذين يجلبون لها المتاعب، واغتيال خاشقجي واقعة لن تمر مرور الكرام.

 

◄ معادلة فاسدة

 

ويوضح فيتشيك أن المعادلة التي كان يعتمد عليها الغرب في استقدام ملايين الأموال عبر صفقات الأسلحة وأموال النفط من المملكة وأن تلك الأموال تساهم في خلق وظائف في البلدان الأوروبية، هي معادلة فاسدة كون تلك الأسلحة يتم استخدامها في قتل الرجال والنساء والأطفال في كل من اليمن وسوريا وأفغانستان وأماكن عديدة أخرى من النظام السعودي الذي يهدد باحتلال دول مثل إيران وقطر ويجلب الخراب والدمار لدول أخرى في العالم.

 

◄ كراهية للسعودية

 

كما يرى الفيلسوف والمفكر الأمريكي البارز أن الاعتقاد الغربي بشعبية السعودية بين الدول العربية هو ظن متوهم وخاطئ، فلا يوجد أي حب أو شعبية تتمتع بها السعودية في الشرق الأوسط، ربما ينفذ الدعم السعودي عبر المصالح التجارية أو باستغلال الجهل والحماس الديني في دول بعيدة فقيرة، ولكن المملكة لا تتمتع بأي شعبية حقيقية داخل الدول العربية، فإن العديد من الدول العربية – إن لم يكن كلها – قد اكتفت في نصيبها من البلطجة والغطرسة السعودية، خاصة عقب الجرائم الوحشية للنظام السعودي في اليمن أو بدعم وزرع الإرهابيين والمتطرفين في كل من سوريا وأفغانستان وأماكن عالمية عديدة.. فبماذا يشعر اليمنيون تجاه السعودية بعد كل ما ارتكبته بحقهم من جرائم؟ وما هو شعور الشعب السوري من الدعم السعودي للإرهاب على أراضيهم؟ وكيف سيتعامل اللبنانيون مع المملكة التي قامت باختطاف رئيس وزرائهم واحتجازه كرهينة؟ وما هو شعور المغرب بعد الإساءات السعودية المتكررة تجاههم؟ وكيف سيتسامح المسلمون مع التجارة والنفاق السعودي بالأماكن الدينية المقدسة وتحويل تلك الأماكن المقدسة إلى ورقة ضغط سياسي أو ورقة استثمارات ربحية وسط استمرار النفاق الملكي تحت عبارة خادم الحرمين ؟

 

◄ إنقاذ الإسلام من الإرهاب السعودي

 

ويوضح الكاتب أن العديد من المسلمين المستنيرين العرب باتوا يلومون السعودية الآن على تحويل الدين الإسلامي إلى الصورة العالمية التي تحول إليها الإسلام الآن عقب الإرهاب السعودي، وبالطبع يريد الغرب أن تستمر السعودية كمرآة جامعة للإسلام رغبة في السيطرة على المنطقة ونهب ثرواتها دون اعتراض، ولكنه جعل من السعودية واحدة من أكثر الدول تفاوتاً وتناقضاً في ظل امتلاكها لأكثر النخب ثراء وبذخاً في ظل الفقر والبؤس الذي يعاني منه الإقليم بأكمله، ولكن واقع الأمر أن السعودية دولة “مكروهة” وكان يتم احترامها في الحقيقة على أساس من “الخوف”.

 

والمفكر أندريه فيتشيك فيلسوف سياسي أمريكي ولد في الاتحاد السوفييتي، ويعمل بالصحافة الاستقصائية وصناعة الأفلام الوثائقية وتغطية الحروب في بلدان عالمية مختلفة، كما أنه يكتب في الرواية السياسية والخيال العلمي الروائي، ويعد فيلمه حوار مع نعوم تشوميسكي واحداً من أبرز الأفلام التي قدمها، كما قدم أيضاً فيلما وثائقياً رائداً عن رواندا، ولديه العديد من المؤلفات منها “فضح أكاذيب الإمبراطورية” والتي تناول فيها علاقة الغرب في التأثير على السياسات في العالم العربي وطبائع الإرهاب السعودي في الشرق الأوسط.

السابق
عام على المرأة القطرية في مجلس الشورى
التالي
الدليل الدامغ على تورط ابن سلمان باغتيال خاشقجي