بين التقرير العقاري الشهري لمكتب مراقبة السوق بمجموعة صك القابضة أن قرار مواصلة العمل بالاتفاق الخاص بخفض إنتاج النفط كان متوقعاً، حيث وافق وزراء نفط الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وبعض الدول المنتجة من خارج المنظمة على تمديد قرار خفض الإنتاج لمدة تسعة أشهر إضافية تنتهي في مارس 2018، بمقدار 1.8 مليون برميل يوميا، أي ما يعادل 2 % من الإنتاج العالمي للنفط، وأكد أنه حقق الأهداف المباشرة وغير المباشرة لقرار خفض الإنتاج، سواء في بلوغ الاستقرار المنشود في أسواق النفط أو في تحسن الأسعار، سيكون له تداعيات تستحق المتابعة عن كثب، ومفاعيل إيجابية على القطاع العقاري، كذلك بالنسبة للقطاع غير النفطي، وفرصة لتسريع العمل بالمشاريع الرئيسية والتطويرية التنموية ومحفزاً لإطلاق مشاريع أخرى جديدة، وهو أمر جيد، بالرغم من آراء آخرين ممن كانوا يتوقعون تمديداً لفترة أطول، وربما تخفيضات أكبر للإنتاج، تؤدي إلى تقليل المعروض بنسبة جيدة تضمن لها الخروج من عنق زجاجة أسعار النفط التي تحاصر اقتصاديات الدول المنتجة للنفط، مما أجبر بعضها على اتخاذ إجراءات تقشفية، وبعضها الآخر إلى السحب من احتياطيات النقد الأجنبي لسد فجوات في ميزانياتهم.
وأضاف التقرير أن الاقتصاد القطري سيكون من أكثر الدول المستفيدة من تحسن أسعار النفط، وذلك بفضل قوة أسس الاقتصاد الكلي، وهو ما أدى إلى صموده بشكل جيد أمام صدمة تراجع أسعار النفط، وذلك مصدر تمايزه الذي يجعله مؤهلاً للاستمرار في النمو، مع مواصلة جهود وخطط الجهات المعنية للتنويع الاقتصادي على المدى المتوسط، كما أنه حسب تقرير بنك قطر الوطني الذي صدر مؤخراً فإن ارتفاع أسعار النفط خلال الفترة من 2017 -2019 سينعكس إيجابياً على زيادة دخل الحكومة وتخفيف القيود المالية ودعم برنامج الإنفاق الاستثماري، في ظل تقديرات بأن يصل سعر خام برنت إلى 55 دولاراً أمريكياً للبرميل في عام 2017، من 45 دولاراً للبرميل في عام 2016، وأن يرتفع إلى 60 دولاراً للبرميل بحلول عام 2019.
الرصد الميداني
يرى التقرير العقاري لمكتب مراقبة السوق أن عمليات الرصد الميداني والتحليلي لاتجاهات المستثمرين العقاريين، بأنه مع قدوم شهر رمضان فإن الهدوء سيكون السمة الطاغية على السوق، وهو هدوء سيؤدي إلى مزيد من الانخفاضات في الأسعار، والأراضي أكبر المتأثرين، في الوقت الذي سيحتاج فيه الملاك إلى الاستعداد لفكرة خفض إيجارات فئات متنوعة من الوحدات السكنية خاصة تلك التي لا تقدم مزايا خدمية وتنافسية لقاطنيها، فمع تخمة السوق أصبح المستأجر في موقف قوي للتفاوض مع المؤجر، بحيث بات ملاحظاً بأن العديد من المستأجرين يتوقعون الاستفادة من الواقع المستجد، للحصول على مسكن جديد بقيم إيجارية أقل وبخدمات ومزايا تنافسية أفضل، مما سيضغط على أسعار الإيجارات وبنسب متفاوتة.
ويتوقع التقرير العقاري الشهري لمجموعة صك القابضة، أن تتواصل حركة البناء والتشييد في ظل تراجع أسعار مواد البناء والتشييد الذي تشهده الأسواق الخارجية والإقليمية، بهدف استفادة المستثمرين والمطورين من التأثيرات الإيجابية لتراجع الأسعار على التكلفة الإجمالية للاستثمارات العقارية، حيث بات واضحاً أن أسعار الأسمنت والحديد والرمل تتجه إلى انخفاض لاسيما مع قرار شركة قطر الوطنية لصناعة الأسمنت بتخفيض أسعار الأسمنت بنوعيه العادي والمقاوم، ورأى التقرير أن ذلك من شأنه تسريع عملية تنفيذ المشروعات المتأخرة والبدء في تنفيذ مشاريع كأس العالم 2022.
إنتاج النفط
لا شك أن القطاع العقاري سيكون من المستفيدين الكبار من جهود تخفيض كمية النفط في الأسواق العالمية، فنجاح ذلك سيقلل العرض مقابل الطلب ما يؤدي إلى تحسن الأسعار، وهذا سيكون له تأثيراته الإيجابية والمباشرة على موازنات الدول المصدّرة للنفط، وفي خفض العجز، وعلى اقتصاداتها ككل، مما سيعني بطبيعة الحال وفرة في السيولة التي ستوظف في سرعة إنهاء المشاريع الحيوية والرئيسية الكبرى بكل سهولة وتنفيذ المشاريع الجديدة والطموحة الهادفة إلى تنويع اقتصاداتها، وبالتالي تعافي المشهد العقاري مع الوقت، بفعل استمرار الإنفاق على المشاريع الرئيسية والتطويرية التنموية الكبرى ومشاريع البنية التحتية وشبكات الطرق، التي كانت ولا تزال تشكل رافعة للقطاع العقاري، علماً بأن تقدم مسيرة الإنجاز لكل تلك المشاريع بالوتيرة التي تجري حالياً، سيسهم في استعادة التوازن والاستقرار للسوق العقاري في قطر خلال السنوات المقبلة لاسيما ونحن على أعتاب موعد استضافة قطر لكأس العالم 2022.
ويستدرك التقرير ليسأل: ولكن ماذا بعد؟ هذا هو حال الدول المصدرة للنفط والدول التي هي من خارج أوبك المنضمة لاتفاق تخفيض الإنتاج، التساؤلات التي يطرحها المراقبون في ظل القراءات المتضاربة لاتجاه الأسواق في المرحلة المقبلة، ويبدو أن شيوع مفاعيل التفاؤل العام يبقى مرهوناً بجملة عوامل ضاغطة، منها ما هو اقتصادي، وآخر جيوسياسي، ومنها ما هو داخلي يتصل بالتعقيدات الاقتصادية الخاصة ببعض الدول، لاسيما تلك التي هي من خارج أوبك، مما سيبقي الأسعار في مرحلة اختبار لطريقة تفاعل أو تعامل السوق معها، أو لتأثيراتها عليه، وهي مرحلة قد تحتاج إلى أشهر، ويقول التقرير الشهري لمجموعة صك القابضة بأن عيون المراقبين ستبقى تراقب ذلك تبعاً لنشاط الحفر والإنتاج للنفط الصخري في الولايات المتحدة والمتوقع أن يواصل ارتفاعه في يونيو بمقدار 122 ألف برميل يوميا ليصل إلى 5.4 مليون برميل يومياً وذلك حسب تقرير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
المبادرات العقارية
واعتبر التقرير أن قرار مجلس الوزراء بالموافقة على مشروع مرسوم بالترخيص لبنك قطر للتنمية بالانتفاع بأراضٍ لإقامة مشروع بناء وحدات سكنية ومحلات تجارية ومرافق وخدمات، بالمبادرة الإيجابية على خفض أسعار العقارات والإيجارات التجارية، بسبب دخول لاعب ومطور جديد وقوي إلى الميدان العقاري، مما يفيد القطاع ككل، فهو مؤشر حقيقي وملموس على أن الملف العقاري في قطر ليس متروكاً، وأن هناك سهراً حكومياً واهتماماً بمسألة تعزيز دوره من خلال ابتكار المبادرات البناءة، فمن خلال إسناد هذا الدور لبنك قطر للتنمية، ستتحقق مصالح وأهداف فئة كبيرة من المجتمع وفي طليعتها رواد الأعمال القطريون من الشباب للارتقاء بالاقتصاد الوطني، بما يخدم رؤية قطر الوطنية 2030.
واحة إزدان
وأضاف التقرير أنه على غرار مشاريع مجموعة بروة العقارية ومجموعة صك القابضة، اللتين تقدمان خدمات متكاملة لساكني مشاريعها الكبرى، فإن مشيرب العقارية يتوقع أن تشكل علامة فارقة في المشهد العقاري في الدوحة، في الوقت الذي يتوقع أن تشكل واحة إزدان، الممتدة على مساحة مليون متر مربع وبوحداتها السكنية والتجارية والخدمية التي تقترب من العشرة آلاف وحدة، حلاً مناسباً لفئة وشريحة واسعة من المجتمع الذين ستجذبهم الخدمات المتكاملة والمتميزة، للعيش والسكن في منطقة الوكير، والتي بدأت التأجير في مرحلته الأولى من المشروع، وستوفر وحداتها الجديدة والمؤثثة بالكامل خدمات متميزة وتجربة إقامة رائعة ومريحة لسكانها، إضافة إلى مدرستين دوليتين وهايبر ماركت ومئات المنافذ التجارية والخدمية.
الدعم العقاري
وتوقع التقرير أن تلعب المبادرة التي أثمرت قيام شركة المناطق الاقتصادية “مناطق”، دوراً بارزاً في تطوير بيئة التنوع الاقتصادي في قطر، الذي من شأنه أن يفيد في نمو القطاع الإنشائي والعقاري بتفرعاتهما المختلفة، حيث إن إسهامات الشركة التي تأسست في العام 2011؛ في إطار رؤية قطر الوطنية 2030، سيكون لها تأثيراتها الإيجابية على مختلف القطاعات الاقتصادية ونصيب القطاع العقاري سيكون وفيراً، فالدعم العقاري الموازي للتطوير الاقتصادي مطلوب وضروري، فهو على عاتقه ستقع مهمة التكامل مع المناطق الاقتصادية الخاصة، والمناطق الصناعية، والمناطق اللوجستية، ومناطق التخزين، ليوفر لها وللمستثمرين والشركاء المحليين والإقليميين والعالميين، وللعاملين فيها، الدعم الإنشائي والعقاري اللازم.
مناخ مزاولة الأعمال
وفي سياق متصل؛ تجدر الإشارة إلى أن مؤشر “أجيليتي” اللوجيستي للأسواق الناشئة 2017، أظهر أن دولة قطر قطعت أشواطا كبيرة في قطاع الخدمات اللوجستية، لتحل في المرتبة الثانية بامتياز، بين 50 سوقاً ناشئة حول العالم عن فئة أفضل مناخ لمزاولة الأعمال، وذلك في ظل تنافس محموم بين دول المنطقة، حيث تتبارى في تخفيض الحواجز التجارية، وفتح آفاق جديدة في كافة المجالات، وسهولة الاستثمار، حيث إن عامل البنية التحتية، ووجود خطوط الإمداد والاتصال والنقل، تعمل على تعزيز القدرة التنافسية للأسواق الناشئة، وترابط الأسواق.
ويتوقع التقرير العقاري لمكتب مراقبة السوق في مجموعة صك القابضة، أن يبقى السوق العقاري المحلي نشطاً وملاذاً آمناً بالنسبة للكثيرين، وذلك بفضل ما يملكه من مكامن قوة وعناصر جذب، لاسيما بالنسبة لأصحاب الرؤى البعيدة المدى، ممن يمتلكون ملاءة مالية كافية لتجنيبهم أي تحديات غير محسوبة.