رفع أسعار الوقود يحبط الشارع المصري

القاهرة- وكالات:

جاءت أحدث زيادة في أسعار الوقود في مصر لتصب الزيت على النار في وقت مازال فيه المصريون يحاولون التكيف مع موجة غلاء فاحش في الأسعار مما أشعل الغضب والإحباط بين مؤيدي الحكومة ومعارضيها على حد سواء. وبدلا من الخروج للشوارع للاحتفال بذكرى 30 يونيو لجأ المصريون لوسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن مشاعر الصدمة من القرارات الأخيرة التي أعلنت أول أمس والتي تؤذن بمزيد من المعاناة وضيق العيش وتأتي أحدث زيادة لأسعار الوقود بنسب تصل إلى 100 بالمئة في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تطبقه الحكومة ضمن اتفاق مع صندوق النقد الدولي. لكنها تجيء أيضا قبل عام من موعد الانتخابات الرئاسية التي يتوقع على نطاق واسع أن يرشح الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه فيها لفترة رئاسة ثانية. وتتباين آراء المحللين في مدى تأثير زيادات الأسعار على شعبية السيسي.

الفجوة كبيرة

يقول حسن نافعة المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة «عندما تقارن التوقعات التي صاحبت مجيء السيسي للسلطة وما يحدث الآن تجد الفجوة كبيرة. ويضيف قائلا «أظن أن شعبية الرئيس بدأت تتآكل رويدا رويدا بسبب أخطاء فادحة آخرها زيادة أسعار الوقود». لكن حسن سلامة أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية قال «حالة التوتر أو الاستياء ستقف عند حد الحكومة ولن تتجاوزها إلى السيسي».

وبدت المرارة الممزوجة بالسخرية واضحة في نبرة تعليقات كثيرة على فيسبوك وتويتر. ولخص أحد التعليقات صدمة المصريين من زيادة سعر البنزين قائلا «بنك … يقدم ‘قرض التفويل‘(ملء خزان البنزين). فوّل سيارتك من أي محطة وقود الآن وسدد على خمس سنوات!» بينما قال أحدهم «شعار المرحلة: واحشني بس البنزين حايشني (يمنعني من زيارتك)».

معاناة الناس

الهجوم اللاذع على الحكومة واتهامها بتجاهل معاناة الناس لم يقف عند حد التعبير عن مشاعر الغضب والاستياء بل تعداه إلى دعوات للاحتجاج العلني على زيادة أسعار الوقود بإيقاف السيارات في الشوارع. وتوقف عدد من السيارات بالفعل على كوبري 6 أكتوبر الذي يعد شرياناً رئيسياً في القاهرة مساء يوم الخميس مما عرقل حركة السير لبعض الوقت احتجاجاً على رفع الأسعار.

نعيش إزاي !

ويشكو مصريون من بين ملايين يعيشون تحت خط الفقر من إنهم قد لا يجدون قوت يومهم بعد زيادة أسعار الوقود مجددا. كان تهاوي قيمة الجنيه إلى النصف تقريبا مقابل العملات الأجنبية بفعل قرار التعويم وما صاحبه من زيادة في أسعار الوقود في أواخر 2016 قد أطلق العنان لموجة غلاء عاتية. وقفز معدل التضخم السنوي إلى 32 في المئة في أبريل مسجلا أعلى مستوى منذ 31 عاما قبل أن ينحسر قليلا في مايو. وفي رد فعل سريع على قرارات الخميس، اندلعت مشاجرات بين ركاب وسائقي سيارات أجرة رفع بعضهم التعريفات بنسب وصلت إلى 80 في المئة. غير أن الحكومة وجهت المحافظين لاعتماد زيادات لا تتجاوز 20 بالمئة في تعريفات الركوب. واشتكى محمد أحمد، وهو عامل موسمي، من رفع سائقي سيارات الأجرة تعريفة الركوب بين مدينته بني سويف جنوبي القاهرة ومدينة السادس من أكتوبر غربي العاصمة إلى 28 جنيها (1.5 دولار) من 18 جنيها. وقال «عندي أربعة أولاد. أجيب منين؟… والله اللي بيحصل فينا دا حرام!» ووصف البعض ما يحدث مع قفزات في نفقات المعيشة «بالموت البطيء».

جحيم الغلاء

وقال السياسي الناصري حمدين صباحي الذي خسر أمام السيسي في انتخابات الرئاسة في 2014 في صفحته على فيسبوك «إنها سلطة معادية للشعب… وتفقد ما تبقى من شعبية برفع الأسعار ورمي الناس بلا رحمة في جحيم الغلاء… الله ثم شعبنا يمهل ولا يهمل».

الخطوات متسارعة

ويتفق الخبير الاقتصادي جلال الجوادي مع الحكومة في أن زيادة أسعار الطاقة ضرورية لخفض دعم المواد البترولية وبالتالي خفض العجز في الموازنة العامة للدولة. لكنه يضيف قائلا «المشكلة أن الخطوات متسارعة». والزيادات الأخيرة أثارت حنق حتى بعض مؤيدي الحكومة.

حماية الفقراء

أما رئيس لجنة الطاقة والبيئة في مجلس النواب طلعت السويدي فقال: إن وزير البترول لم يبلغ المجلس بنسب الزيادة في الأسعار قبل إعلانها، وإنه سيعترض رسمياً على ذلك في المجلس. وعاب السويدي، في حديث للصحفيين بالبرلمان، على الحكومة ما وصفه بالتقاعس عن اتخاذ إجراءات مسبقة لحماية الفقراء مما وصفه بمغالاة تجار في أسعار السلع ومغالاة سائقي سيارات الأجرة في التعريفات بعد زيادة أسعار الوقود.

مخاطر شديدة

وقال ياسر قورة مساعد رئيس حزب الوفد الليبرالي «الحالة الاجتماعية والاقتصادية لا تسمح بمثل هذه الزيادات التي تتسبب في زيادات في جميع أسعار السلع والخدمات… الحكومة تضغط بشدة على المواطن الفقير والمواطن المتوسط الحال أيضاً» . وقالت نادية السيد (55 سنة) أرملة وأم لأربع بنات تقول بمرارة «احنا كده بنموت بالبطيء.. الأيام دي صعبة قوي…نعيش إزاي؟»

حلم الاستقرار تبخر

وبصوت جهوري غاضب قال عضو البرلمان السابق البدري فرغلي عبر الهاتف: التوقيت خطأ والطريقة خطأ. القرار لم يراع الظروف السياسية التي تمر بها البلاد ولم يراع الأغلبية العظمى من الشعب.. لم تعد هناك قدرة للإنسان على أن يواصل الحياة. وأضاف: كنت من أوائل المؤيدين للسيسي في ثورة 30 يونيو لكني الآن لست مع سياسته ولا مع طريقة حكمه لنا. كنا نحلم باستقرار اقتصادي وسياسي، لكن ما يحدث لنا بعيد تماماً عن حلمنا.

السابق
عملية اندماج مصارف قطر تسير رغم الحصار.. الريان يفصح عن بياناته
التالي
وزارة البلدية: خطة الاكتفاء الذاتي تسير بشكل جيد