رجال أعمال: الحصار دفع قطر لتسريع برامج الاكتفاء الذاتي

الدوحة – وكالات:

قال رجل الأعمال وعضو مجلس إدارة غرفة قطر، السيد راشد بن حمد العذبة: إن الإجراءات التي اتبعتها الدولة خلال فترة الحصار الجائر على الدوحة من شأنها تحقيق الاكتفاء الذاتي، إضافة إلى تصدير المصانع المحلية بضائعها للخارج خلال الفترة القريبة المقبلة.
وأضاف، خلال حوار خاص مع صحيفة «العرب»، أن العديد من رجال الأعمال القطريين قاموا مؤخراً بإقامة شراكات مع شركات أجنبية من أجل إقامة مصانع مختلفة الأنشطة داخل الدولة.
ولفت العذبة إلى أهمية الإجراءات التي اتبعتها الدولة في تسهيل استيراد المواد الغذائية والتمونية ومواد البناء، إضافة إلى تقديم حوافز لا مثيل لها من أجل إقامة المصانع الغذائية والتي من شأنها جذب المستثمر المحلي والأجنبي.
ونوّه العذبة إلى أهمية الجهود التي قامت بها جميع المؤسسات والوزارات الرسمية، إضافة إلى الدور الكبير لرجال الأعمال المحليين الذين تكاتفوا من أجل سد الحاجة في السوق لكل المنتجات خلال ساعات قليلة من فرض الحصار الجائر على الدوحة.
وبيّن العذبة أهمية ميناء حمد البحري في كسر الحصار، مشيراً إلى أنه أكبر ميناء في الشرق الأوسط؛ إذ افتتح عدد كبير من الخطوط الملاحية المباشرة مع عدد من البلدان الشقيقة والصديقة إضافة إلى الدول المصنعة الكبرى.
وأوضح عضو مجلس إدارة غرفة قطر أن دول الحصار قامت بعدد من الخروقات الواضحة والصريحة للاتفاقيات الدولية التجارية، إضافة إلى اتفاقيات مجلس التعاون، عبر إجراءات تعسفية من شأنها الإضرار بمصالح وأعمال المواطن ورجال الأعمال القطريين.
وأشار العذبة إلى أن غرفة قطر استقبلت العديد من الشكاوى التي تخص رجال الأعمال الذين يستثمرون في دول الحصار عبر شركات وأصول عقارية؛ حيث قامت برفع تلك الشكاوى إلى قسم التعويضات في لجنة حقوق الإنسان من أجل اتخاذ الإجراءات القانونية.
وتحدث العذبة حول الانتهاكات العديدة التي قامت بها دول الحصار على النسيج الاجتماعي الخليجي؛ إذ فككت البيت الخليجي الواحد على مستوى العائلات والأفراد، ذاكراً عدداً من الحالات التي تم بها انتهاك هذا النسيج.
وكان لـ «العرب» الحوار التالي مع رجل الأعمال وعضو مجلس إدارة غرفة قطر السيد راشد العذبة، مالك مجموعة العذبة القابضة.

كيف كانت اللحظات الأولى للحصار الجائر المفروض على قطر بالنسبة لرجال الأعمال؟
– تفاجأنا بقرار الحصار في الساعات الأولى، ولكن خلال ساعات قليلة تضافرت الجهود بتوجيهات من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وبجهود السادة الوزراء وأعضاء غرفة قطر، قام رجال الأعمال بإجراء اتصالات عالية المستوى مع نظرائهم من الدول الصديقة. مضيفاً: «أوجدنا بدائل عديدة من المواد الغذائية ومواد البناء من عدة بلدان مثل سلطنة عُمان والكويت وتركيا والهند وباكستان وغيرها من الدول؛ إذ تم الاستيراد بسرعة كبيرة ولم يحصل أي قصور في تواجد منتجات الأغذية في الأسواق المحلية.

ما هي آثار الحصار الجائر على المستوى الاجتماعي والإنساني؟
– لقد حقق الحصار أضراراً كبيرة على مستوى النسيج الاجتماعي في الأمور العائلية؛ فهناك عائلات كثيرة تشردت على مستوى صلة الرحم، وعلى مستوى الطلبة وفي المستويات كافة؛ حيث إن النسيج الاجتماعي لدول مجلس التعاون يعتبر واحداً؛ وهناك العديد من الأسر تفرقت بسبب الإجراءات التعسفية التي أقامتها دول الحصار.
على مستوى الأفراد كان هناك العديد من السيارات القطرية في شوارع الإمارات، ولم يستطع ملاكها إحضارها إلا عبر الذهاب لسلطنة عُمان وبعدها شحنها إلى الدوحة، كما انأالمواشي لم تسلم من الحصار وتم طردها بطريقة غير إنسانية من السعودية.

هل كفلت دول الحصار حقوق المستثمر القطري؟ وما هي الإجراءات التي أدت إلى الإضرار بمصالح رجال الأعمال المحليين؟
– لم تكفل دول الحصار حقوق ومصالح رجال الأعمال الذين قاموا بالاستثمار فيها؛ إذ حققت أضراراً كبيرة مادية برجال الأعمال القطريين، وذلك عبر مجموعة من الإجراءات التعسفية التي اتخذت في ليلة وضحاها.
لقد تضررت شخصياً؛ حيث إنني أملك بناية تجارية في المملكة العربية السعودية، قمت بشرائها قبل عاميين بمبلغ 15.500 مليون ريال، وهي مؤجرة بعقود رسمية لمدة تتجاوز 10 سنوات، وفوجئت بعدها بأن هناك إخلاءً للعقار من قِبل القضاة هناك؛ إذ إن القاضي كان يتخذ قرار الإخلاء بمكتبه دون اللجوء إلى قاعات المحاكم الرسمية؛ حيث جرت العادة أن تكون هناك جلسة بالمحكمة من أجل الإخلاء ويتم استدعاء جميع الأطراف، ومن ثَم يأتي الحكم القضائي وهو ما لم يحصل، كما أنني لا أعرف عنها شيئاً حتى الآن.
كما أنني أمتلك بناية ومحلات تجارية وشقق في الإمارات؛ ولا أعلم عنها شيئا منذ فرض الحصار الجائر، كما أنني لا أعلم أن كان هناك إخلاءً للمستأجرين أم أنهم باقون في استخدام العقارات؛ إذ لا أستطيع متابعة ومعرفة أحوال أملاكي العقارية.
ويوجد العديد من رجال الأعمال القطريين الذين يملكون أصولاً وشركات في دول الحصار؛ إذ تم اتخاذ إجراءات تعسفية ضدهم، فمنهم من تم إلغاء رخصة أعماله في السعودية، كما أن هناك من تم منع تجديد رخص شركاتهم العاملة في السعودية ما كبّدهم خسائر وأضراراً كبيرة.
كان العديد من رجال الأعمال القطريين الذين يملكون بضائع في جبل علي، والتي تم منعها من الوصول مباشرة إلى الدوحة، ما أدى بالمستثمر المحلي بأن يقوم بإحضارها إلى الدولة عن طريق الموانئ العُمانية، الأمر الذي أضاف تكاليف شحن لتلك المنتجات، كما أنه أضاف كثيراً من الوقت على موعد وصولها، الأمر الذي زعزع الثقة لدى جميع المستثمرين من مختلف الجنسيات في ميناء جبل علي، خصوصاً بعد انتهاك كل اتفاقيات التجارة العالمية والاتفاقيات الدولية واتفاقيات دول مجلس التعاون، حيث إن هناك العديد من الشركات الأجنبية قامت بسحب أعمالها من هناك.

ما هي الإجراءات التي قمتم بها في غرفة قطر من أجل الحفاظ على حقوق المستثمرين القطريين في تلك الدول؟
– جميع المتضريين من رجال الأعمال قاموا بتسجيل شكاوى لدى غرفة قطر، والغرفة قامت برفعها إلى لجنة حقوق الإنسان، في قسم إدارة التعويضات الذي تم إنشاؤه مؤخراً، والذي يستقبل طلبات أيضاً من المتضررين من أجل القيام بالإجراءات القانونية.

كيف أدى الحصار الجائر إلى توافر فرص استثمارية في السوق أمام المستثمر المحلي؟
– بعد خروج عدد من الشركات التابعة لدول الحصار والتي حققت خسائر مالية كبيرة، وأعرف ذلك جيداً من رجال أعمال في تلك الدول، فتحت فرصاً عديدة أمام المستثمر المحلي؛ إذ رأينا العديد من الشركات والأفراد الذين قاموا باستيراد مواد غذائية مختلفة من عدة بلدان؛ حيث إن العديد منهم لم ينظر إلى هامش الربح بل كان التركيز على سد الحاجة في السوق. وخلال فترة بسيطة سنرى اكتفاءً ذاتياً في قطر، فالمنتج المحلي بدء بالتواجد بقوة في الأسواق، إضافة إلى إنشاء عدد من المصانع الجديدة بجهود ذاتية وشراكات أجنبية والمزارع الكبيرة التي تفي بسد كافة احتياجات المستهلكين، وخلال فترة وجيزة سيرى الجميع أن المنتج المحلي قادر على تلبية احتياجات السوق المحلي والتصدير للخارج أيضاً.

كيف ساهم ميناء حمد البحري بكسر الحصار الجائر؟
– في السابق كان اعتمادنا الأول على البضائع القادمة من جبل علي في دولة الإمارات، أو عن طريق السعودية، وبعد الحصار الجائر على الدوحة تم التوجه إلى ميناء حمد الذي كان يعمل بنصف طاقته قبل الحصار، ولكن منذ الفترة الأولى للحصار بدأ الميناء بالعمل بطاقته كاملة، الأمر الذي خلق منفذاً مهماً لدخول البضائع المختلفة من عدة دول إلى الدوحة؛ ففي الأيام الأولى للحصار كان الشحن جوياً، ولكن مع أعمال ميناء حمد أصبح الاعتماد على الشحن البحري الذي حقق انخفاضاً في تكلفة المنتجات.
كما يعتبر ميناء حمد البحري أكبر ميناء بحري في الشرق الأوسط، كما أن هناك عدداً كبيراً من الخطوط البحرية المباشرة له، إضافة إلى أن الحكومة تدعم كل أعمال رجال الأعمال والشركات المحلية فيه وتسهيل جميع الإجراءات لهم.

ما هي التسهيلات التي قدمتها الدولة للقطاع الخاص؟
– هناك العديد من التسهيلات بالنسبة للاستيراد؛ حيث إن الأمور أصبحت أبسط من ذي قبل، وكانت الشحنات القادمة للدوحة تدخل البلاد خلال ساعات قليلة؛ إذ يتم إنهاء جميع الإجراءات خلال سرعة كبيرة جداً.
كما أن وزارة الاقتصاد والتجارة قامت مشكورة بفتح النافذة الواحد بالنسبة لمنح الأراضي الصناعية خلال 7 أيام؛ حيث تعتبر حافزاً لا مثيل له بالنسبة لرجال الأعمال من أجل إقامة المصانع المختلفة، كما ساهم هذا الإجراء في تشجيع الشركات الأجنبية أيضاً.

حول ترأسك وفداً من غرفة قطر لدولة باكستان، ما هي الانعكاسات الإيجابية للزيارة؟
– نعم ترأست وفداً من رجال الأعمال لزيارة دولة باكستان، والتقينا بوزير الاقتصاد الباكستاني وعدد كبير من رجال الأعمال، وكانت الزيارة لمدة 48 ساعة، وكان التجاوب كبيراً لرجال الأعمال وأصحاب المصانع الغذائية واللحوم والدواجن في باكستان. وعندما عدنا للدوحة وجدناً عدداً منهم في الأسواق المحلية يبرمون عقوداً مع عدد من الشركات القطرية، وكما نرى هناك منتجات باكستانية وخصوصاً من اللحوم والدواجن في الأسواق المحلية.

ما هو الدور الذي لعبته غرفة قطر في جذب الشركات الأجنبية وإقامة الشراكات؟
– غرفة تجارة قطر قامت بترتيب العديد من الملتقيات الداخلية والخارجية، أبرزها في تركيا وسلطنة عُمان والكويت وباكستان وغيرها من الدول؛ إذ جمعت بين رجال الأعمال المحليين ونظرائهم في تلك البلدان، وقد شهدنا عدداً من الافاقيات، إضافة إلى تنظيم بعض المعارض المحلية. كما أن هناك وفوداً تزور غرفة قطر يومياً؛ حيث تم إبرام عدد من الاتفاقيات والشراكات الأجنبية.

السابق
أشغال: انتهاء شبكة الصرف الصحي في معيذر
التالي
تدشين الخط الساخن في “أمان”