رؤساء أميركا لا يرتدون إلا ربطات عنق زرقاء أو حمراء.. ما سرّ هذين اللونين؟

 

في عالم السياسة والأعمال ذي المعايير العالية، هناك لونان فقط من رابطات العنق: الأحمر والأزرق. نعم، بالتأكيد، ربما تتمكن من رؤية الأرجواني أو الأصفر من حين لآخر، ولكن هذه حالات واضحة من الانعزال، سواء كانت محسوبة أو تنمّ عن الإهمال.

لا يوجد قادة أو مديرون تنفيذيون كُثر يريدون أن يبدوا منعزلين، ولكن هل يهم ما إذا كان أحدهم يرتدي الأحمر أو الأزرق؟

نعم، وفي التقرير التالي لموقع Live Science، يرصد واحدة من الدراسات حول هذا الموضوع، نُشرت في مجلة Science العلمية يوم 6 فبراير/شباط 2009. وفيما يلي المزيد عن هذا الأمر.
أولاً.. بعض الألوان
الليلة (28 فبراير)، خلال أول خطاب له أمام جلسة مشتركة للكونغرس، ارتدى الرئيس دونالد ترامب رابطة عنق مخططة بالأزرق والأبيض. جلس وراءه، نائب الرئيس مايك بنس، وبول ريان رئيس مجلس النواب الأميركي، وارتدى كلاهما رابطات عنق زرقاء.

في يوم تنصيبه (20 يناير/كانون الثاني)، ارتدى الرئيس دونالد ترامب رابطة عنق حمراء مع بذلته السوداء، في حين ارتدى الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما رابطة عنق زرقاء. ارتدت زوجتاهما العكس، ميشيل أوباما ارتدت فستاناً أحمر وميلانيا ترامب ارتدت ثوباً أزرق.

في أول مناظرة رئاسية عام 2016، ارتدى دونالد ترامب، المرشح وقتها، رابطة عنق زرقاء، بينما ارتدت المرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون، حُلة حمراء. ربما قرر الديمقراطيون ارتداء “الأحمر” خلال الانتخابات؛ إذ ارتدى السيناتور تيم كاين، زميل كلينتون، المُرشح، رابطة عنق حمراء خلال أولى مناظرات النواب في 4 أكتوبر/تشرين الأول، بينما ارتدى زميل ترامب المرشح وحاكم ولاية إنديانا وقتها مايك بنس رابطة عنق زرقاء.
في أول 11 يوماً من تولي أوباما الرئاسة، لم يرتدِ سوى رابطات عنق باللونين الأحمر والأزرق، كما لاحظ مراسل Daily News جو ديميانوفيتش.

يقول ويندل براون محرر الأزياء في مجلة Esquire: “أوباما يمثل شيئاً مختلفاً في السياسة، ولكنه يرتدي ما يرتديه الجميع نفسه” ويضيف: “واشنطن العاصمة مكان غريب عندما يتعلق الأمر بالأناقة. التركيز كله على التأقلم”.

في يوم التنصيب يناير عام 2009، بدا أوباما وجو بايدن ينسّقان جهودهما: كتبت ليزا إيرازاري من مجلة The Star-Ledger في نيوجيرسي: “لاحتفالات التنصيب، اختار كلاهما بذلة رمادية داكنة متوقعة، وقميصاً أبيض، ومعها رابطة عنف إما زرقاء فاتحة وإما حمراء”.

وتابعت: “بينما ارتدى أوباما رابطة عنق زرقاء يوم الإثنين وارتدى بايدن الأزرق نفسه يوم الثلاثاء، فربما قد رتبا معاً مسبقاً ألا يكررا الألوان بالتناوب”.

يذكر أن الرئيس السابق جورج بوش الأب والسيدة الأولى السابقة باربارا بوش قد ارتديا معاً معاطف بلون الخوخ وأوشحة أرغوانية يوم التنصيب، ما يعد تصرف شاذاً عن المعمول به. ويرتبط اللون الأرغواني بالملوك.
من أين أتى كل هذا؟

تعود العلاقات بين اللونين الأحمر والأزرق إلى زمن بعيد. يُقال إن رابطات العنق هي سلالة الكرافات واستُخدمت على مر التاريخ، على الأقل في أجزائه التي كان البشر فيها يرتدون ثياباً كاملة. ارتبط الأزرق في وقت ما بالدم الأزرق لطبقة النبلاء البريطانيين، بينما كان اللون الأحمر يمثل دماء الحراس.

لطالما ارتبط اللون الأحمر بالحب، وهناك علم يؤيد هذا. كانت هناك دراسة في العام الماضي وجدت أن ارتداء النساء الملابس الحمراء يزيد عاطفة الرجال تجاههن.

في الرياضة، من المعروف أن الرياضيين الذين يرتدون الأحمر يتفوقون على خصومهم، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الحكام يتهاونون قليلاً مع مرتدي اللون الأحمر، كما اكتشف الباحثون.

السياسيون بطبيعة الحال يحبون الحصول على المزايا، ورابطات العنق إحدى محاولاتهم لذلك.

كتب توم شيلز، من صحيفة Washington Post، عن المناظرة الرئاسية المتلفزة لبوش وكيري في عام 2004: “ارتدى بوش رابطة العنق الزرقاء التقليدية، ولكن بدرجة أغمق من الأزرق الفاتح المعتاد، وارتدى كيري رابطة العنق الحمراء الكلاسيكية للظهور على التلفاز، يُفترض أن رابطات العنق الحمراء تُعطي لوناً لوجه من يلبسها، وإذا كان هناك ما يحتاجه سيناتور ماساتشوستس فهو اللون”.
الأحمر والأزرق يحسّنان أداء الدماغ
يعتقد علماء النفس أيضاً أن اللونين الأحمر والأزرق يحسّنان أداء الدماغ وتقبّله للدعاية، وقد أيدت الدراسة التي أُجريت عام 2009 في مجلة Science هذه الفكرة.

كما أنها تشير إلى الفوارق الدقيقة التي ربما قد يرغب قادة العالم والمرشحون الرئاسيون في معرفتها، ووجدت الدراسة أن الأحمر هو الأكثر فاعلية في تعزيز اهتمامنا بالتفاصيل، بينما الأزرق هو الأفضل في تعزيز قدرتنا على التفكير الخلاق.

قالت رئيسة الدراسة جولييت تشو، من جامعة كولومبيا البريطانية: “الدراسات السابقة ربطت الأزرق والأحمر بتحسين الأداء المعرفي، ولكنها اختلف على أيهما الذي يُقدم الدفعة الأكبر”، وأضافت: “الأمر في الحقيقة يعتمد على طبيعة المهمة”.

تتبعت تشو وزملاؤها أداء أكثر من 600 شخص المهام المعرفية التي تتطلب إما الإبداع وإما الاهتمام بالتفاصيل. أُجريت معظم التجارب على أجهزة كمبيوتر شاشاتها إما حمراء وإما زرقاء وإما بيضاء.

ساعدت الشاشات الحمراء على تعزيز الأداء في المهام المتعلقة بالتفصيل مثل استعادة الذاكرة والتصحيح أكثر بـ31% من الشاشات الزرقاء. في العصف الذهني والمهام الإبداعية الأخرى، دفعت النماذج الزرقاء المشاركين إلى إنتاج ضعف عدد النتائج الإبداعية مقارنة مع النماذج الحمراء.
ما السبب في ذلك؟
تقول تشو: “بفضل علامات التوقف على الطريق وسيارات الإسعاف وأقلام المعلمين الحمراء، فنحن ننسب اللون الأحمر إلى الخطر والأخطاء والحذر”، وتضيف: “حافز التفادي أو حالة الخطر التي ينشطها اللون الأحمر تجعلنا متيقظين، ومن ثم تساعدنا على أداء المهام التي تتطلب عناية فائقة لإخراج إجابة صحيحة أو خاطئة”.
وقيمة اللون الأزرق؟
تقول تشو التي أجرت البحث مع رافي ميتا الحاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة كولومبيا “من خلال ارتباطه بالسماء وبالمحيطات والمياه، فإن معظم الناس ينسبون اللون الأزرق إلى الانفتاح والسلام والهدوء”، وتكمل: “النماذج اللطيفة تجعل الناس يشعرون بالأمان لأن يكونوا خلاقين واستكشافيين. وليس من المستغرب أن يكون هو اللون المفضل لدى الناس”.

السابق
بريطاني يتقاضى 13 ألف جنيه إسترليني يومياً لتقديم المشورة فقط!
التالي
بسبب بطانية و12 دولاراً.. طائرة أميركية تهبط اضطرارياً لإنزال راكب “مزعج”