ديلي تلغراف: هذا حال الدوحة بعد عام من الحصار

وكالات – بزنس كلاس:

نشرت صحيفة “ذي ديلي تلغراف” البريطانية، مقالاً تحليلياً للكاتب “جاك تورانس”، قائلاً إن قطر إذا كانت تمر بأزمة فإن المرء لا يمكنه ملاحظتها، لا في رحلة طيران ولا أثناء شهر رمضان الذي تغلق فيه العديد من المحلات التجارية والمطاعم أبوابها خلال ساعات النهار.

ويضيف “تورانس” الذي يكتب أثناء زيارة يقوم بها إلى الدوحة: لكن يمكن مشاهدة شوارع شبه الجزيرة الصغيرة الوادعة مزدحمة بالسيارات الرباعية الدفع التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود، وهي تنقل القطريين بين المكاتب المكيفة والمنازل الفخمة والمطار الجديد اللامع.

 

ناطحات سحاب

 

ويمضي بالقول: إن المرء إذا نظر إلى الدوحة من ناطحات السحاب فيها، فإنه سرعان ما يشاهد المناظر الطبيعية الرملية وقد تناثرت عليها مواقع عمرانية مزدحمة وسط طفرة إنشائية، مما يعني أن الأمير الحاكم نفسه الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لا بد أن يشعر بالضجيج الناتج عن ورشات العمل الضخمة التي تكدح على مرمى حجر من أحد مساكنه المفضلة في العاصمة الدوحة.

 

كل هذا يحدث في قطر بالرغم من الحصار والعقوبات التي يفرضها عليها جيرانها الأقوياء، بمن فيهم السعوديةوالإمارات ومصر، وسط مزاعم شتى.

 

ويشير الكاتب إلى الحصار الذي تعرضت له قطر فجأة في يونيو/حزيران الماضي، والذي كان بمثابة الحصار البري والبحري والجوي في لحظة واحدة، ويقول إن من بين الشركات الأكثر تضررا في قطر جراء هذا الحصار: الخطوط الجوية القطرية.

 

ويضيف أن الخطوط القطرية المملوكة للدولة سبق أن تمتعت بنمو أسرع من منافسيها ممثلين في طيران الاتحاد وطيران الإمارات، بيد أن الحصار أجبر الخطوط القطرية على تعليق الطرق إلى 19 وجهة في المستقبل المنظور، وأصبحت رحلاتها المتبقية بتكلفة أكثر بكثير، حيث اضطرت طائراتها إلى اتخاذ مسارات أطول تجنبا للمجال الجوي لدول الحصار، مما يجعلها تستهلك وقودا إضافيا في هذه الحال.

 

الخطوط القطرية

 

وينسب الكاتب إلى الرئيس التنفيذي للخطوط القطرية أكبر الباكر القول إن الشركة تمكنت من خفض تكاليف العقوبات من خلال تأجيرها تسعا من طائراتها مع أطقمها إلى الخطوط الجوية البريطانية، وذلك تجنبا لأي طائرات تكون زائدة على الحاجة.

وانتقد الباكر منظمة الطيران المدني الدولي لطريقة تعاملها مع الأزمة، وقال إنها تعتبر جزءا من الأمم المتحدة ومسؤولة عن وضع القواعد الخاصة باستخدام الفضاء الجوي، بيد أنها “اتخذت مقعدا خلفيا”، مما ترك قطر دون فرصة للطعن في هذه القيود.

 

ويضيف أن الفضاء الجوي لا يعود لبلد ما، بل ينتمي إلى مجتمع دولي، وأن قطر تعتبر جزءا من المجتمع الدولي، وهي عضو في منظمة الطيران المدني الدولي والأمم المتحدة، ولذا فهما بحاجة لأن تقوما بعملهما.

 

ويقول الباكر “نحن لا نطلب الإذن بالهبوط في بلادهم، بل نحن نطلب أن يتم استخدام هذا المجال الجوي الدولي لحركة الطيران المدني الدولي”.

 

الاكتفاء الذاتي

 

ويمضي الكاتب بالحديث بإسهاب عن ما تواجهه بعض الشركات القطرية والأجنبية من مصاعب في ظل هذا الحصار.

 

بيد أن الحصار أجبر قطر على التفكير في طرق لتحقيق الاكتفاء الذاتي، ويضرب العديد من الأمثال على كيفية محاولة التعامل مع الحصار، من بينها قوله إن قطر بصدد استيراد عشرة آلاف بقرة تسمح لها بإنتاج ما يكفي من المنتجات بدلا عن تلك التي كانت تستوردها من السعودية.

 

ويضيف أن قطر لا تواجه مشاكل تتعلق بالبطالة، وأنها تمكنت من مواجهة العاصفة بشكل كبير في ظل احتياطاتها الهائلة من النفط والغاز، والتي استمرت في التدفق، مما يوفر لها عشرات المليارات في كل عام.

 

ويقول إن ما يساعد قطر هو ما يتمثل في كون أكبر شركائها في التصدير هم ليسوا من جيرانها المباشرين، حيث لا يظهر طلب الدول مثل اليابان وكوريا الجنوبية والصين والهند على البتروكيماويات من قطر أي علامة على التراجع.

 

كما تحدث الكاتب عن التدابير الأخرى المختلفة التي تتخذها قطر في مواجهة هذا الحصار، ومن بينها قيام صندوق الثروة السيادية -الذي تقدر أصوله بأكثر من ثلاثمئة مليار دولار- بضخ 38 مليار دولار في اقتصاد البلاد في الأشهر التي تلت إعلان الحصار، أو ما يعادل ربع إجمالي الإنتاج المحلي.

 

كأس العالم

 

ويقول الكاتب إن السؤال الرئيسي للكثيرين هو ما إذا كان الحصار سيتوقف في الوقت المناسب لاستضافة قطر كأس العالم لكرة القدم في 2022.

 

ويضيف أن قطر تستثمر مليارات الدولارات في هذا السياق استعدادا لاستضافة البطولة، وليس ذلك في الملاعب ذات التقنية العالية مع تكييف الهواء فحسب، ولكن أيضا في مشاريع البنية التحتية الضخمة بما في ذلك نظام قطار الأنفاق الجديد والمطار الموسع ومدينة لوسيل التي تعتبر مدينة جديدة كاملة.

 

وتقع لوسيل شمالي الدوحة، حيث تبلغ تكلفة تشييدها نحو 45 مليار دولار، وستكون موطنا لملعب لوسيل المتميز الذي ستقام فيه المباراة النهائية لكأس العالم 2022.

 

وأما بشأن احتمال انتهاء الحصار، فيقول الكاتب إن من غير المرجح أن ينتهي في أي وقت قريب، بل إن السعودية تفكر بحفر قناة مائية يكون من شأنها تحويل شبه الجزيرة القطرية إلى جزيرة يحيط بها الماء من كل الجهات.

 

وأما الباكر فيقول إننا “لا نرى أي ضوء في نهاية النفق، وذلك لأن البلدان التي تفرض الحصار تصرّ على أن ما تفعله يعتبر هو الصحيح”.

السابق
شهر رمضان المبارك.. موعد سنوي لمؤامرات دول الحصار!
التالي
مفاوضات الفندق.. طهران تحاور تل أبيب؟!!