ديربي برشلونة .. أسباب الحقد الدفين والحرب بين الناديين

 

مشاهدة ديربي برشلونة الموسم الماضي كان أشبه بمشاهدة عرض للمصارعة الحرة، كل طرف يحاول أن يوجه أكبر قدر ممكن من الضربات لمنافسه، مع محاولات مستمرة للاستفزاز التي تصل أحياناً لدرجة الإهانة، كل ذلك حدث في بطولة لا تتسم بالخشونة والاندفاع البدني بالأساس، إذاً ما سبب كل هذه الحرب؟!

هي حرب فعلية بين الناديين حتى لو لم نشاهدها على الصعيد الرياضي، فالمسألة تأخذ أبعاد سياسية بل وحربية أيضاً، فما يحدث بين إسبانيول وبرشلونة على أرض الملعب ليس سوى امتداد للصراع السياسي في القرن العشرين، الذي ربما يكون مستمراً حتى الآن!
القصة بدأت منذ تأسيس برشلونة على يد المهاجرين السويسريين والإنجليز في إقليم كتالونيا عام 1899 من ثم اتخاذ النادي مسار حماية الهوية الكتالونية، وتعزيز ثقافة اللغة الكتالونية في الإقليم والبدء بالمطالبة بالاستقلال، برشلونة يرى نفسه كمدافع عن كتالونيا التي تعرضت للاضطهاد من قبل الدكتاتوريات الإسبانية المتعاقبة منذ تأسيسه.

بالمقابل فإن هذا الأمر لم يعجب جزء من سكان إقليم كتالونيا، وبالتحديد برشلونة، مما دفعهم لتأسيس نادي إسبانيول برشلونة عام 1900 على يد أبناء برشلونة أنفسهم، بهدف أن يكون “مضاد لنادي برشلونة” حيث يعرف إسبانيول على أنه أول نادي إسباني يتأسس على يد المشجعين من نفس المدينة.

منذ تأسيس الناديين أخذ كل منهما مسار مضاد للآخر في فترة شهدت خلالها أوروبا حروباً طاحنة، كما شهدت إسبانيا خلالها حرباً أهلية أودت بحياة الآلاف من المواطنين، الأمر الذي حول الصراع بين الناديين إلى حرب فعلية داخل المدينة.

لافتات رفعتها جماهير إسبانيول توضح أنه تأسس عن طريق أبناء برشلونة عكس منافسهلافتات رفعتها جماهير إسبانيول توضح أنه تأسس عن طريق أبناء برشلونة عكس منافسه

برشلونة بقي وفياً لقضية هوية كتالونيا الانفصالية بل واتخذ اللغة الكتالونية كلغة أساسية للنادي، بينما كان ينظر لإسبانيول على أنها صورة لتكريس هوية الحكم الإسباني داخل المدينة، أما رؤوساء إسبانيول وعشاقه فكانوا ينظرون على أن البرسا نادي الغرباء والأجانب لذلك هم الأحق بتقرير مصير مدينتهم.

الخلاف بدأ حينما حصل إسبانيول على تاج الملكية الإسبانية عام 1912 وهو من أوائل الأندية التي حصلت على ذلك، بل سبق ريال مدريد ابن العاصمة في نيل هذا الشرف، رغم أن برشلونة وإسبانيول كان كلاً منهما قد حصل على لقب بطل كتالونيا 4 مرات.

وتعمقت المشاكل بين الناديين في فترة حكم ميجيل بريمو دي ريفيرا ثم فرانشيسكو فرانكو كون الرجلان يصنفان ضمن خانة “الديكتاتوريون” ، حيث يؤمن برشلونة بأنه تعرض للاضطهاد الواضح والتمييز العنصري من قبل هذه الأنظمة بسبب اعتناقه لثقافة إقليم كتالونيا، في الوقت الذي كان خلاله إسبانيول يتلقى الدعم من شرائح مقربة من النظام مثل جنرالات الجيش والشرطة.

ورغم أن الكثيرون يرون بأن الخلاف السياسي بين الناديين تلاشى بعد سقوط الديكتاتوريات في إسبانيا خصوصاً بعد اعتناق إسبانيول للغة الكتالونية كلغة أساسية له، لكن قضية انفصال كتالونيا عن إسبانيا وإعلان استقلالها توضح عكس ذلك، حيث لا تلقى هذه القضية أي دعم من إسبانيول على عكس برشلونة الذي يتخذها شعاراً دائماً للنادي وجماهيره.

لكن هل بقي إسبانيول هو نادي النظام في الفكر الشعبي للأبد؟ في الحقيقة هذا الشعور ليس هو السائد اليوم وفي العقود الأخيرة أيضاً، حيث أصبح عشاق إسبانيول ولاعبوه يؤمنون بأن برشلونة يتمتع بامتيازات داخل إقليم كتالونيا بل وإسبانيا لا يحصل ناديهم عليها من ناحية توزيع حقوق البث، والدعم الإعلامي وخلافه.

ما يؤكد ذلك هو قول جوان كويت رئيس إسبانيول السابق بعد مواجهة الديربي في الدوري الإسباني الموسم الماضي “يحاولون دائماً التأثير على الحكام ويريدون طرد لاعبين منا في لقاء الكأس. فقط اتركونا نعيش بسلام وكفوا أيدي الصحف عنا” تصريح يوضح أن إسبانيول يشعر بالظلم في الزمن الحالي وليس العكس في ظل تمتع برشلونة بنفوذ إعلامي هائل داخل الإقليم، ثم إسبانيا.

كما أن علاقة إسبانيول الجيدة بنادي ريال مدريد الذي يقوم بإعارة العديد من اللاعبين له جعلته مكروهاً بشكل أكبر من وسائل الإعلام في كتالونيا، حيث دائماً ما يتم السخرية من النادي واتهام لاعبيه بالتخاذل قبل مواجهات ريال مدريد، وهو ما يزيد شعور إسبانيول بالظلم والاستهداف من قبل القوة الإعلامية في الإقليم.

كل ذلك يفسر السبب في العداء بين الفريقين على أرض الملعب رغم الفارق الشاسع بين قوة برشلونة رياضياً مقارنة بمنافسه إسبانيول.

السابق
أليجري ينتقد يوفنتوس رغم التفوق على روما
التالي
بنزيما يرد على انتقادات جماهير ريال مدريد بإحصائية مميزة