دفع التنمية في قطر.. مشاريع كبيرة وأفكار خلاقة

لا يتوقف التقدم والعمل الجاد في قطر، ليلا أو نهارا، للدفع بالتنمية في البلاد لمصاف الدول الكبرى، فمسيرة التنمية في قطر واعدة وطموحة، ولا تقف عند حد. ومن هنا، تحرص البلاد على تطوير قطاع الأعمال الصغير في قطر، وهي مهمة ليست بالهينة، يتولاها السيد عبد العزيز بن ناصر آل خليفة، الرئيس التنفيذي لبنك قطر للتنمية، المؤسسة التمويلية والتطويرية الرائدة والداعمة لنمو القطاع الخاص في قطر، ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي. ويحمل السيد عبدالعزيز بن ناصر آل خليفة، شهادة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس (UCLA)، علاوة على شهادات أخرى من جامعة هارفارد وغيرها، من الولايات المتحدة والجامعات في الشرق الأوسط. شغل آل خليفة مناصب قيادية سابقة في بنك قطر للتنمية، حيث كان المدير التنفيذي للتخطيط الاستراتيجي وتطوير الأعمال مدة ثلاث سنوات.

وشغل في الوقت نفسه منصب نائب الرئيس في عدة لجان داخلية وخارجية. وقبل انضمامه إلى «قطر للتنمية»، تولى إدارة تطوير الأعمال في شركة شل قطر لنحو ثلاث سنوات، كما شغل قبلها مناصب فنية وإدارية في المؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء لست سنوات.

ويتمتع بخبرة واسعة في القطاع الخاص، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وريادة الأعمال. وقد لعب دوراً قيادياً في إطلاق العديد من المبادرات التنموية الرائدة، ومنها برنامج «الضمين» لضمان القروض، وإنشاء وكالة قطر لتنمية الصادرات «تصدير»، وإطلاق برنامج قروض الإسكان للمواطنين القطريين.

ومنذ توليه مقاليد العمل في بنك قطر للتنمية – بنك دولة قطر الرئيسي للمشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم- في عام 2014، قام بإجراء مراجعة شاملة لآليات دعم البنك لمجتمع مزدهر متفوق برجال الأعمال، مستندا على خبرته السابقة في العديد من المناصب المهمة، لدعم التدريب والتوجيه في المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

يوفر بنك قطر للتنمية مجموعة من الخدمات التمويلية، ويدعم الأعمال التجارية.

ومن بين المبادرات التي يقودها «آل خليفة» إطلاق برنامج «الضمين»، الذي يوفر ضمانات جزئية بـ«85» في المائة للقروض في المشاريع الصغيرة والمتوسطة من البنوك الشريكة؛ ووكالة تنمية الصادرات «تصدير» وبنك قطر للتنمية، لتشجيع البيع الدولي للبضائع والمنتجات القطرية، وبرنامج القروض السكنية للمواطنين القطريين.

كشفت مجلة «أريبيان بزنس» في نهاية العام الماضي، أن بنك قطر للتنمية كان يستعد لإطلاق مبادرة تمويل الديون كمبادرة لدعم الأعمال- وهي المبادرة الأولى من نوعها في قطر. وأطلق التمويل «الصندوق» في يناير، والذي يتيح الوصول إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة عبر سندات قابلة للتحويل بما يزيد على مليون ريال قطري (274 ألف دولار) لكل منها.

ويتم تحويل الديون قصيرة الأجل إلى أسهم وقيم مالية. في سياق برنامج إثمار الأول من نوعه في قطر، يعرض حلول مالية بديلة عن القروض، عادة ما تتحول الديون تلقائيا إلى أسهم، بعد المرحلة الأولى من التمويل. وتهدف المبادرة إلى سد الحاجة لرأس المال، وتشجيع رجال الأعمال لبدء مشاريعهم، مع تقييم أقل للمخاطر بشكل عام.

ومن المتوقع أن تكون قطر من بين أفضل الاقتصادات أداء في دول مجلس التعاون الخليجي هذا العام، حيث توقع صندوق النقد الدولي (IMF) نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، الذي بلغ نحو 2.7 في المائة في عام 2016، ليصل إلى 3.4 في المائة من النمو في الناتج المحلي الإجمالي عام 2017. أما في باقي أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي، فمن المتوقع أن يبلغ متوسط حجم النمو حوالي 2 في المائة.

وأشار بنك QNB، في العام الماضي، إلى أن الاقتصاد القطري قد نجا من تأثير انخفاض أسعار النفط ومن المرجح أن يرتد الأمر هذا العام، وأن يحدث انتعاش متوقع في قطاع النفط والغاز، وأن تحدث زيادة في النشاط التجاري في الفترة التي تسبق فعاليات كأس العالم لكرة القدم في قطر عام 2022.

ومع ذلك، فإن البلاد تواصل العمل الدؤوب، ولا تأخذ أي شيء من الأمور كأمر مسلم به- فعائدات النفط ما زالت تشكل أكثر من 70 في المائة من الإيرادات الحكومية، ولذا فالبلاد تعمل على تنمية القطاع الخاص وتنويع الاقتصاد لتخفيف أثر أي تغيرات قد تطرأ أو لا تطرأ اقتصادياً.

ويشكل دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، المحور الرئيسي لهذه الاستراتيجية.

ويقول السيد آل خليفة في مقابلة مع مجلة «أريبيان بزنس» من الدوحة: «كما تعلمون، نحن نحظى بوفر مبارك في قطر من مواردنا الطبيعية». ولفت قائلاً: «ولكن أيضا لدينا قيادة واعية وحكيمة جداً استثمرت عائدات هذه الموارد الطبيعية في، أولا، الناس، وثانيا، في البنية التحتية المناسبة لدعم قطاع الأعمال والاقتصاد بشكل عام».

وأضاف: «ضمن رؤيتنا الوطنية 20300 هناك هدف التنويع الاقتصادي، وفي قلب هذا، نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تلعب دورا حيويا في صنع اقتصاد قائم على المعرفة».

فليس هو الأداة الوحيدة لتنويع الاقتصاد، لكن وسيلة جيدة ومناسبة في البلاد، لاستخدامها لتحفيز النمو داخل القطاع الخاص.

ويشدد آل خليفة، على أن البلاد تشهد حالياً ارتفاعاً في الفائدة بين القطريين بعد بدء مشاريعهم الخاصة. فالمزيد والمزيد من الشباب القطري بدأ المشاريع الريادية الخاصة به، لدرجة ساعدتهم على التوسع، ودخولهم لأسواق جديدة، وذلك انطلاقا من وطنهم قطر، كقاعدة ومرتكز للانطلاق والتحرك للتعامل بشكل مستدام وذاتي مع العالم.

ونوه آل خليفة: «إننا نشهد أيضاً، توسعاً في التعامل في المشاريع المشتركة بين الشركات المحلية والعالمية التي يوجد فيها نقل للخبرة، فقطر مركز للشركات الأجنبية لدخول الأسواق الإقليمية».

وكشف آل خليفة، أن بنك قطر للتنمية سجل ارتفاعاً في الطلب على القروض خلال العام الماضي. وبلغ إجمالي مخصصات القروض إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة 374.6 مليون دولار في نهاية عام 2015، في حين أن الرقم في 2016 اعتبارا من أكتوبر (بحسب أحدث الأرقام المتاحة) كان 346 مليون دولار، وهذا يعني أن البنك في طريقه لتسجيل 20 في المائة في العام على أساس سنوي من النمو في القروض.

وبلغ إجمالي أصول البنك في 31 ديسمبر 2.3 مليار دولار، من 2.05 مليار دولار في العام السابق، وكان صافي الربح للسنة 7.46مليون دولار، مقابل 5.66 مليون دولار في نهاية عام 2015، وفقا للبيان المالي في 2016.

وفي العام الماضي، أطلق «قطر للتنمية» محفظة لأسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة مخصصاً إياها بقيمة 365 مليون ريال قطري في المجمل، وجعل مستويات البطاقة بين 1.5 مليون ريال و7 ملايين ريال قطري وبين 3.5 مليون ريال وبين 18 مليون ريال متاحة للشركات الصغيرة والمتوسطة. ويقول آل خليفة: لقد تم الانتهاء عن حوالي 5 في المائة من الصندوق لمدة خمس سنوات حتى الآن.

ومع ذلك، قال إنه يحذر من أن الحصول على التمويل لا يزال واحدا من أكبر العوائق التي تحول دون نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة، لا سيما في الأوقات المضطربة اقتصاديا عندما تتجه البنوك إلى أن تكون حذرة في الإقراض.

وبإلقاء نظرة على التمويل الذي يحدث في المنطقة، وننظر بعد ذلك في النسبة المئوية للشركات الصغيرة والمتوسطة، فإنها بالكاد تتجاوز 5 في المائة، وهو رقم صغير جدا.. ولذا فعدم وجود نظام بيئي لرأس المال الاستثماري السليم (VC) يوجد فراغا، يواجه خلاله الفاعلون صعوبة في تمويل مشاريعهم.

ويتحدث السيد آل خليفة قائلاً: «نحن في البنك، لا نقرض فقط، نحن نفعل أكثر من ذلك بكثير. عندما بدأنا المشوار في عام 1997 كان لدينا رأس مال بقيمة 200 مليون ريال (55 مليون دولار)، وفي الوقت الراهن تطور البنك من نواح كثيرة، وحاليا لدينا حوالي، 12 مليار ريال- 3.29 مليار دولار».

وأكد «نحن نحاول معالجة فجوة التمويل من خلال مجموعة من الآليات، سواء كان ذلك من خلال الإقراض- حيث محفظتنا تتجاوز 6 مليارات ريال قطري (1.64 مليار دولار أميركي)، ويوجد لدينا ضمانات 1 مليار ريال (274 مليون دولار)، وضمانات جزئية، وتمويل الصادرات وضمان الإقراض بمخططات 600 مليون ريال، (164.7 مليون دولار)، أو عن طريق الأسهم، بـ365 مليون ريال (100.2 مليون دولار)».

وأطلق بنك قطر للتنمية برنامج إثمار الأول من نوعه في دولة قطر وذلك لدعم وتشجيع رواد الأعمال لتحويل أفكارهم الإبداعية إلى مشاريع على أرض الواقع، حيث إن هذا البرنامج يسد الفجوة لأول مرة في مجال تمويل الشركات الناشئة، ويتحمل البنك من خلاله المخاطر عن رائد الأعمال، ويصل حجم الاستثمار المقدم من طرف البنك لكل رائد أعمال حسب تقييم الفكرة إلى مليون ريال قطري كحد أقصى، ويمكن لجميع رواد الأعمال القطريين تقديم أفكارهم عن طريق الموقع الإلكتروني للبنك، أو من خلال التقديم بإدارة الاستثمار بمقر البنك.

وتتلقى أكثر من 1500 من الشركات الصغيرة والمتوسطة في قطر «نوعا من الدعم المالي» من بنك قطر للتنمية، وحوالي 5 آلاف تلقوا مساعدات غير مالية، وهذا يعني أن البنك قد ساعد حوالي 7500 من الشركات الصغيرة والمتوسطة وهو «عدد لا بأس به»، بحسب قول آل خليفة.

وبصرف النظر عن الحصول على التمويل، فالشركات الصغيرة والمتوسطة القطرية تواجه تحديات رئيسية. الأول، هو الحصول على المعلومات «الصحيحة» والتدريبية التي تتيح للشركات البقاء والازدهار في سوق تنافسية.

ويسعى بنك قطر للتنمية لمعالجة هذه المسألة من خلال العمل مع الوكالات المحلية لتقديم المساعدة في دراسات الجدوى وخطط العمل والتدريب على مهارات وفنون القيادة.

على سبيل المثال، تقوم حاضنة قطر للأعمال الذي يقدم خدمات دعم الأعمال التجارية لمساعدة رواد الأعمال، ومركز بداية لريادة الأعمال والتطوير المهني – وكلاهما يرأسهما السيد آل خليفة، كرئيس لمجلس الإدارة- على تقديم الإرشادات العملية والإرشاد لتنمية المهارات التي يجب أن تكون بين رجال الأعمال. كما يوفر بنك قطر للتنمية بيانات السوق بشكل دوري.

والتحدي الثاني، هو الوصول إلى الأسواق المحلية والدولية. فالتحرك في الأسواق المحلية عادة ما يكون من قبل الشركات الكبيرة، فهم يعرفون كبار العملاء، وهؤلاء العملاء عادة ما يترددون في التعامل مع الشركات الصغيرة والمتوسطة وذلك بسبب المخاطر التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار.

ويسهب آل خليفة: «سيكون من الصعب على الشركات الصغيرة والمتوسطة التعامل مع وسيط للتفاهم مع العملاء الدوليين لأن ذلك يتطلب الكثير من التمويل والبحوث – والدخول للأسواق الدولية ليس بالأمر السهل، حتى بالنسبة للشركات الكبيرة».

لكن بنك قطر للتنمية، ينظم فعاليات للتواصل وللربط بين الشركات الصغيرة والمتوسطة القطرية مع الشركات المحلية والدولية ومساعدتهم في دخول سلاسل التوريد العالمية. ويدخل في ذلك الإطار مؤتمر ومعرض المشتريات والتعاقدات الحكومية «مشتريات 2017»، الذي ينظمه بنك قطر للتنمية بالتعاون مع وزارة المالية، السادس من أبريل المقبل، في أعمال النسخة الثانية منه، في مركز الدوحة للمؤتمرات والمعارض..

ويهدف مؤتمر ومعرض المشتريات والتعاقدات الحكومية «مشتريات 2017» إلى تعزيز سبل التعاون بين شركات القطاع الخاص والعام في الدولة، وإلى استعراض فرص المناقصات المتاحة في الدولة حالياً، وفتح المجال للتوسع في التعاقدات بأنواعها المختلفة، إضافة إلى إتاحة فرص التعامل بين أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة المحليين وأهم المشترين.

وفي الوقت نفسه، يعمل بنك قطر للتنمية، في مختلف الجهات الحكومية في قطر، لإعفاء المشاريع الصغيرة والمتوسطة من مختلف المتطلبات التي تحتاج معظم المنظمات الوفاء بها للدخول في سلسلة التوريد، بما في ذلك التأمينات، وسندات الأداء وضمانات الدفع مقدما. لقد حظيت المشاريع الصغيرة والمتوسطة بدعم هائل وحتى الآن حددنا أكثر من 3 مليارات ريال (823.88 مليون دولار) من فرص الشراء.

وقد تم توقيع اتفاقيات مع أربعة كيانات بالقطاع الخاص (المحلي والعالمي) التي تعمل في قطر، واحد منها، هو عملاق الطاقة «شل»، وبموجب هذا الاتفاق، فشركة شل قطر، لديها هدف لمنح قيمة الحد الأدنى من العقود إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وفي الوقت نفسه، تساعد وكالة تنمية الصادرات «تصدير» وبنك قطر للتنمية، الشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية للوصول إلى الأسواق الدولية من خلال توفير بيانات عن السوق وغيرها من الأحداث لربطها مع المشترين الدوليين.

التحدي الثالث الذي يواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة هو بيئة الأعمال- تكلفة إقامة الخدمات اللوجسيتية (تكلفة الإيجار، وغيرها).

والتحدي الرابع، هو التحدي القانوني والحواجز التنظيمية، بما في ذلك عدم وجود نظام للمنازعات التجارية المناسبة للشركات الصغيرة، علاوة على استراتيجيات الخروج المتاحة للمستثمرين، وعدم وجود أي تشريع قوي في حالات الإعسار. وقطر بصدد صياغة تشريعات تعمل على المساعدة في هذا الاطار.

ورغم التحديات، إلا أن آل خليفة يؤكد، أن كل هذه التحديات يمكن معالجتها بشكل أسرع إذا كان هناك تحول جذري في الناحية الثقافية.
يقول: «إذا كان هناك ثقافة ريادة أعمال، فيمكن أن نقبل النتائج، ونرحب بالناس رغم ما قد يحدث من تراجع، ونشجعهم على إنشاء مشاريع جديدة والمحاولة مرة أخرى، حيث يمكن أن تكون الأمور أسهل، وهذا ما نعمل على تحقيقه».

ويعتقد آل خليفة أن قطر «حالة فريدة»: «حيث أنعم الله علينا بالموارد الطبيعية الضخمة وذلك ببساطة ليس ضرورة لأن يصبح الناس أصحاب مشاريع.

إن ريادة الأعمال عادة ما تنبع من عاطفة أو ضرورة. ولحسن الحظ، أننا نرى الكثير من العاطفة بين رجال الأعمال لدينا هنا، وهو أمر جيد».

على الرغم من الانتعاش المتوقع في أسعار النفط هذا العام، يرى آل خليفة أن الأشهر الستة القادمة ستظل صعبة بالنسبة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في قطر، لكنه يأمل أن أنظمة التمويل وغيرها من أشكال الدعم التي يجري بناؤها من قبل بنك قطر للتنمية، والوكالات الشريكة، ستعمل على تعزيز الرسوخ لهذه المنشآت وتجاوز المعوقات.

إن قطر تلتزم بالتنوع في المشاريع، وذلك لضمان نمو متناسب (في الاقتصاد غير النفطي).

واليوم، تفتح الأبواب أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة بقطر، والقطاع الخاص بشكل عام للمساهمة في هذا الهدف.

السابق
انتهاء المقابلات الداخلية للمعلمين المرشحين الاثنين.. تطبيق قانون الموارد البشرية الجديد على موظفي التعليم
التالي
الريل: محطات مترو الدوحة تتضمن 9500 م2 لتجار التجزئة والعلامات التجارية