خسائر فادحة لـ “المراعي.. قطر: الاكتفاء الذاتي من منتجات الألبان خلال عام

بزنس كلاس – الدوحة:

أبرزت الأزمة الخليجية ومحاولة الحصار الجائرة التي تمت مباغتة قطر بها نقاط لا بد من تسليط الضوء عليها من مبدأ رب ضارة نافعة. فقد حاول أشقاءنا تجويعنا منذ أول يوم للأزمة وسارعوا إلى قطع إمدادات المواد الغذائية ومن ضمنها الحليب ومنتجاته. وسرعان ما تعاملت قطر دولة ومؤسسات وقطاع خاص بسرعة ومرونة مع تلك المحاولات ووجدت مصانع المنتجات الغذائية نفسها في موقف ألزمها برفع طاقاتها الإنتاجية للحد الأقصى إضافة إلى تفعيل ومباشرة مشاريع كانت تطبخ على نار هادئة لتحقيق الأمن الغذائي.

فقد كشفت مصادر بشركات الألبان القطرية أن دولة قطر تتجه لتحقيق اكتفاء ذاتي من الألبان ومنتجاتها خلال أقل من عام، وأن تلك الشركات تتلقى دعماً مفتوحاً من قبل أجهزة الدولة المختصة لتحقيق هذا الهدف، وتضاعفت معدلات إنتاج الألبان بالدولة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية إلى 240 طنا تغطي نسبة 40% من احتياجات البلاد التي تقدر من 550 إلى 600 طن من الألبان ومنتجاتها يومياً، بينما تغطي الشركات التركية والأجنبية 60% من احتياجات الأسواق الآن، تلك الشركات التي حلت محل شركة المراعي السعودية التي قالت مصادر مطلعة إنها منيت بعد مرور شهر من الأزمة بخسائر تقدر بـ 100 مليون ريال، وطالبت الحكومة السعودية بتعويضات عن خسائرها.

تكبدت شركة المراعي السعودية التي كانت تصدر لقطر 450 طنا من الألبان ومنتجاتها يوميا قبيل الأزمة الأخيرة خسائر في العديد من مجالات الإنتاج تقدرها سجلات تجار ووكلاء تجاريين بمجال الألبان الطازجة ومنتجاتها بحوالي 2.5 مليون ريال يومياً بمعدل 75 مليون ريال شهرياً، وحال استمرار الأزمة ترتفع إلى 900 مليون ريال سنويا.

وقالت مصادر سعودية إن مجلس إدارة المراعي طلب من الحكومة السعودية تعويضات عن الخسائر التي تكبدتها، ومن المتوقع أن تؤثر تلك الخسائر بقوة على مركزها المالي.

وتشير سجلات تجارية إلى أن الشركة تصدر أيضا للأسواق القطرية ما قيمته نصف مليون ريال يوميا من دواجن «اليوم» ومنتجاتها، أي 15 مليون ريال شهريا و180 مليون ريال سنويا، إضافة إلى أنواع مختلفة من الخبز وغذاء الأطفال تصل كلفتها إلى 90 مليون ريال بالعام بمعدل 7.5 مليون ريال بالشهر وبحسبة بسيطة – حسب السجلات التجارية – يكون مجمل خسائر شركة المراعي بقطاعات الدواجن والألبان ومنتجاتهما وبالأغذية والخبز ما يقرب من 100 مليون ريال شهريا، أي 8.2 مليون يومياً وإن تواصلت الأزمة سيصل مجمل الخسائر السنوية إلى 1.2 مليار ريال سنويا تمثل 10% من مبيعات المراعي.

انخفاض الأسهم

وتعد شركة المراعي السعودية، التي انخفضت أسهمها إلى المستوى الأدنى منذ أكثر من 8 أشهر منذ 5 يونيو الماضي أحد أبرز الخاسرين من تداعيات الأزمة الخليجية والجدير بالذكر أن أكثر 25% من صناعات الشركة السعودية تتجه نحو دول الخليج، أكثر من ثلث تلك النسبة تتجه إلى دولة قطر.

وحسب بيانات المراعي نهاية 2016 فإن مجمل مبيعات المراعي يصل إلى 14.7 مليار ريال، وأرباحها 2.1 مليار ريال، وتتكون الشركة من 800 مليون سهم، ومؤخرا اعتمد مجلس إدارتها خطة استثمار خمسية 2018 – 2022 تقدر بـ 12.5 مليار ريال أي قيمتها ضعف مبيعاتها الراهنة.

وتقول المراعي إن منتجاتها تصل إلى 650 منتجا ولديها 18 مليون مستهلك وتملك 104.5 ألف بقرة حلوب و85 ألف بقرة صغيرة تحت التربية إلى جانب 200 مليون دجاجة، وتستورد سنويا 15 مليون طن من الأعلاف الحيوية، وتعمل لديها 200 شاحنة على طرق دول مجلس التعاون وتنتج الشركة 135 مليار لتر حليب سنويا ويصل متوسط إنتاج البقرة اليومي إلى 42.25 وتبلغ القيمة السوقية للشركة 54.8 مليار ريال، ووزعت أرباحا نقدية العام الماضي بـ 720 مليون ريال، ولديها 68 ألف هكتار مساحة أراضٍ تنتج منها 770 ألف طن من الحبوب والأعلاف سنويا ويعمل بالمراعي 3 آلاف موظف ضمن 88 مستودعا وتملك الشركة 110 آلاف مخزن.

دعم مفتوح

وعلى صعيد الإنتاج المحلي من الألبان والجهود المبذولة لسد الفجوة التي خلفتها الأزمة، كشف المهندس إبراهيم مراد «مدير الشركة العربية القطرية لإنتاج الألبان غدير»، عن تضاعف إنتاج شركته من الألبان 300% حيث ارتفع خلال 3 أسابيع من 20 طنا باليوم إلى 80 طنا. وأوضح أن إنتاج غدير يمثل 35% من الإنتاج المحلي وأن مجلس إدارة الشركة قرر فتح خطوط إنتاج جديدة يتم التفاوض حولها الآن ويتوقع أن ترى النور خلال شهور، وتصل كلفة تلك الخطوط إلى 25 مليون ريال مع الأخذ في الاعتبار تطوير المزرعة التابعة للشركة.

وأشار إلى أن خطوط الإنتاج الجديدة سترفع إنتاج الألبان بمعدل يتراوح من 250 إلى 300 طن يوميا.

وأن العقبة الوحيدة التي تواجه غدير الآن ونعمل على التغلب عليها بدعم من الدولة هي توفير مستلزمات مواد التعبئة والتغليف والخامات التي كانت تستورد من السعودية والإمارات، إلا أننا نجحنا في توفير بدائل من دول الاتحاد الأوروبي وتركيا، بيد أن البدائل تحتاج بعض الوقت للتجريب قبيل تعميم استخدامها، وذلك بعد اختبار العينات على ماكيناتنا.

وقال المهندس إبراهيم مراد إن إنتاج الشركات المحلية من الألبان الآن يصل إلى 240 طنا يوميا ويغطي أكثر من 40% من احتياجات الأسواق، إذا ما وضعنا في الاعتبار أن الاستهلاك اليومي من الألبان ومنتجاتها يتراوح من 550 إلى 600 طن، طن من الحليب ومنتجاته ونحن الآن ما يهمنا تحقيق اكتفاء ذاتي للدولة قبيل أي مكاسب أخرى.

وأشار إلى أن شركة المراعي كانت تغطي من 70 إلى 85٪ من الألبان ومنتجاتها بالسوق القطري، ونحن قادرون والشركات المحلية على أن نغطي الحد الأدنى من الاحتياجات، كنا ننتج من 12 إلى 15 طنا يوميا وبعد 4 أسابيع من الأزمة ضاعفنا الإنتاج 4 مرات ونواصل مضاعفته.

وأكد أن الشركة وضعت إستراتيجية قبل الأزمة للعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي للدولة من الألبان، إلا أن الأزمة عجَّلَت بتنفيذها وأن مجلس الإدارة وفر لنا كافة الاعتمادات وأعطانا أمرا بذلك للتوسع في الحليب ومنتجاته.

الجمارك والضرائب

وقال المهندس إبراهيم مراد إن الجهات المسؤولة بالدولة «تساعدنا وتذلل كل المعوقات وتتعاون معنا، وأن المسؤولين يبادرون ويأتون إلينا بالمصانع ويعرضون عليا أي مساعدات ورفعوا عن كاهلنا الضرائب والجمارك وتولوا استيراد المواد الخام لمصانعنا نيابة عنا بسعر التكلفة». ومضى قائلاً: «بالفعل سجلنا للمسؤولين المعوقات التي تواجهنا ووعدوا بمساعدتنا ودعمنا وتذليلها». وأعرب المهندس إبراهيم مراد عن أمنياته بأن يتم «تجنيب المزارع أيضا الضرائب والجمارك بالنسبة للأعلاف وقطع الغيار».

وخلص المهندس إبراهيم مراد «المدير العام للشركة العربية لإنتاج الألبان» للقول: إنه في ظل استمرار التسهيلات الراهنة من قبل المسؤولين لمصانع ومزارع الألبان نعتقد أن كل الشركات تزود خطوط الإنتاج وفي خلال سنة يمكن أن تحقق قطر اكتفاء ذاتيا من الألبان، مؤكدا أن «غدير تملك مزرعة مساحتها 1200 هكتار مزروعة بالأعلاف من البرسيم والرودس، وتلك المزرعة تكفي 2500 بقرة لإنتاج الألبان شيدت لها حظائر مكيفة الهواء لتوفير البيئة المناسبة لها للإنتاج، وما يفيض من الأعلاف يتم تسويقه».

8 آلاف بقرة 

وفي إطار الجهود المبذولة من قبل مزارع الألبان الوطنية للاعتماد على النفس وتوفير الألبان المحلية، قال رجل الأعمال معتز الخياط رئيس شركة «باور إنترناشونال هولدنغ» وصاحب مزرعة بلدنا أحدث المزارع القطرية التي لا تكتفي بإنتاج الألبان ومنتجاتها من الأبقار فحسب، إنما تنتجها من الأغنام والماعز أيضا قال: إنه تعاقد على استيراد 8 آلاف بقرة فرزيان من أستراليا والولايات المتحدة لتحقيق الاكتفاء الذاتي للدولة من الألبان والتعجيل بتلبية احتياجات المواطنين والمقيمين.

والأبقار التي اشترتها مزرعة بلدنا من سلالة هولشتاين الشهيرة وتزن الواحدة منها نحو 590 كيلو جراما- سيتطلب الأمر 120 رحلة للخطوط الجوية القطرية لنقلها للدولة، كما يقول الخياط.

وتقع مزرعة بلدنا على مسافة 50 كيلو مترا شمال الدوحة، وتعادل مساحتها نحو 50 دونما، أي 50 ألف متر مربع.
ويقول الخياط: «كانت الخطط موضوعة لاستيراد آلاف الأبقار عبر البحر، لكن حصار قطر أدى إلى التعجيل بشحنها جوا».

وقال الخياط إن إنتاج الحليب الطازج سيبدأ نهاية يونيو، بدلا من سبتمبر في الخطة الأصلية. وأضاف أن هذا الإنتاج سيغطي ثلث احتياجات قطر بحلول منتصف يوليو، واكتملت المنشآت اللازمة لهذه الأبقار، لكن الشركة ستتحمل عبئا بسبب تكلفة شحن الأبقار التي زادت أكثر من 5 أمثال التكلفة الأصلية لتصبح ثمانية ملايين دولار.

مشروع ضخم 

ويقول جون جوزيف دور مدير مزرعة بلدنا: «اليوم يوجد بالمزرعة 100 ألف رأس من الأغنام تنتج الحليب والألبان والأجبان، وستغطي كامل احتياجات السوق المحلية من هذه المواد بعد اكتمال وصول 8 آلاف بقرة، ينتظر وصول أربعة آلاف منها بعد أسبوعين». ويسابق العمال الزمن للانتهاء من تجهيز حظائر الأبقار التي أنشئت وفق أفضل أنظمة الرعاية الحيوانية في العالم، وستنتج هذه الأبقار فور وصولها 100 طن من الحليب يومياً.

ويقول لموسوعة الجزيرة إن «مزرعة بلدنا أنشئت لتكون نواة لمشروع وطني طموح يحقق لقطر اكتفاء ذاتيا من الألبان ومشتقاتها، ويساعد في تحقيق هذ الهدف التشجيع الكبير من الدولة وقدرة الطاقم المتخصص». ويضيف أنه «منذ إنشائها حتى اليوم استطعنا رفع إنتاجنا من الأغنام حتى أصبحت 100 ألف رأس تنتج 40% من احتياجات مصانع شركة بلدنا لإنتاج الألبان ومشتقاتها»، مشيرا إلى أن مصانع الشركة تنتج حاليا الحليب والألبان وثلاثة أنواع من الأجبان. مشيرا إلى أن مساحة المزرعة حاليا قادرة على استيعاب أربعة آلاف بقرة، أما الأربعة آلاف الأخرى فسيتم وضعها في المزرعة الفرعية التابعة للمزرعة الأم وهي مزرعة العشب المائي «الهايدروبونيك». وفيما يتعلق بالمعدات والتجهيزات المتوفرة في المزرعة، تحدث المدير عن عناصر عديدة يقول إنها ستجعل هذا المشروع من المشاريع العملاقة في المنطقة.

حظائر مبردة

وأشار إلى نظام التبريد في الحظائر المخصصة للأبقار، ولصغارها، وتلك المخصصة لصغار الأغنام، والرضاعات التي تؤمن للصغار الاستفادة من كمية الحليب المنتجة يوميا، بالإضافة إلى المحلب الآلي الحديث القادر على حلب 180 رأسا خلال ثلاث دقائق، والطاقم الطبي المتخصص.

أما الأعلاف فيبدو أنها لن تكون مشكلة للقائمين على المزرعة، فمديرها يشير إلى مبنى مغطى بالكامل، يبدو كما لو كان مخزنا، لكن عندما تدخله تجد أنه أرضية صناعية ومزرعة عشبية مائية لإنتاج العشب الطبيعي تستطيع الآن إنتاج 25 طنا من الأعشاب التي تؤمن 50% من الأعلاف، بفضل التقنية الحديثة المستخدمة في المزرعة «الهايدروبونيك».

الأعلاف مؤمنة

وقال تجار أعلاف لـ»لوسيل» إن استيراد الأعلاف لا يعتمد على الإمارات، كما يحاول البعض أن يصور ذلك، وأن التجار القطريين يستوردون الأعلاف من السودان والولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية والآسيوية وأن الإمارات أيضا تعتمد على الاستيراد وإنتاجها لا يكفي 10 % من احتياجاتها من الأعلاف، التجار أوضحوا أن الأعلاف لم تتأثر من قريب أو بعيد بالأزمة.

السابق
رئيس حملة كلينتون يدلي بشهادته حول دور موسكو بالانتخابات الأمريكية
التالي
فنزويلا: مروحية تلقي قنابل على المحكمة العليا