
كانت سنة 2016 على المستوى الإقتصادي سنة التحول على مستوى العلاقات الإقتصادية التي تربط بين قطر وتونس. وشكلت زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى الى تونس ومشاركته في أعمال الجلسة الإفتتاحية للمؤتمر الدولي لدعم الإقتصاد والإستثمار “تونس 2020” في نهاية نوفمبر الماضي، نقلة كبيرة في مستوى العلاقات بين البلدين، أكدت مدى اهتمام صاحب السمو برعاية هذه العلاقات ودفعها الى مستويات أعلى.
وكان حضور صاحب السمو الحدث الأبرز في المؤتمر بعد ان كان خبر اعتزامه المشاركة في اعماله رافدا اساسيا شجع عشرات الدول العربية والغربية على ايفاد ممثلين كبارا للمؤتمر، ثم جاء اعلان سموه عن قيام دولة قطر بتوجيه مبلغ مليار ومائتين وخمسين دولارا امريكيا اسهاما منها في دعم اقتصاد تونس وتعزيز مسيرتها التنموية ليكون خير حافز لبقية الدول وخاصة منها الخليجية للعودة والإستثمار في تونس بعد ان كانت اما غادرتها او جمدت مشاريعها الإستثمارية بها.
والحقيقة ان الحدث الأبرز في العلاقات السياسية القطرية التونسية يكتسي بعدا اقتصاديا صرفا لا يمكن معه فصل السياسي عن الإقتصادي، ذلك ان دولة قطر كانت السباقة منذ ثورة 14 يناير 2011 الى مد يد العون للشعب التونسي حرصا من قيادتها السامية على ضمان صيرورة الإقتصاد التونسي وديمومته بما لا يترك مجالا لزعزعته مهما كانت الأحداث، وذلك من خلال ضخ الوديعة القطرية الهامة بالبنك المركزي التونسي (قدرت بنحو 500 مليون دولار لدعم احتياطي تونس من العملة الصعبة) والتي كانت اكبر ضمانة للإقتصاد المحلي امام العواصف التي حفت به جراء تصاعد المطلبية وتوقف عجلة الإنتاج بعدة قطاعات حيوية وتنامي الإضرابات وتصاعد وتيرة الإحتجاجات الى جانب تتالي الضربات الإرهابية الموجعة التي اضرت بالسياحة وبحجم الإستثمارات الخارجية بتونس.
وكان فخامة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي أكد في وقت سابق على “عمق الروابط الأخوية والسياسية والاقتصادية التي تجمع بين قطر وتونس، والتي تجلت في كثير من المحطات السياسية والأحداث الاقتصادية الهامة قبل الثورة وبعدها، والدعم الكبير الذي قدمته حكومة قطر لتونس ووقوف الأشقاء القطريين إلى جانب الشعب التونسي بغض النظر عن الحاكم والقيادة السياسية التي تقود زمام السلطة في البلاد.”
وأضاف فخامته إن العلاقات القطرية التونسية متميزة، حيث تعتبر قطر الشريك الاقتصادي الثاني لتونس عالمياً، والأولى عربياً والتعاون بين الدولتين مستمرّ في ازدهاره، لافتاً إلى ما حققته الحكومة التونسية خلال السنوات الخمس الماضية من عمر الثورة التونسية، والتي تشهد اليوم استقراراً يشير بدخول تونس في مرحلة نمو مرتقبة خلال السنوات الخمس المقبلة.
وأشار في تصريح خلال العام المنقضي الى “وجود تطابق في وجهات النظر والمواقف بين تونس وقطر في شأن العديد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك في مقدمها الأزمة في ليبيا التي تؤثر بشكل مباشر على الأوضاع في تونس”.