حرب اليمن: محاولة بائسة لاستنساخ سيناريو “بول بريمر”

الدوحة – وكالات – بزنس كلاس:

كان ظهور السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، في مقدمة مستقبلي الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي لدى وصوله محافظة المهرة قبل يومين، أكبر مؤشر على نموذج الاحتلال السعودي الإماراتي لليمن، والذي يكرر فيه السعوديون والإماراتيون السيناريو الأمريكي في العراق بعد الغزو وتنصيب بول برايمر حاكما يأتمر العراقيون بأمره.

السفير السعودي الذي ظهر مستقبلا لهادي في محافظة المهرة، عده مراقبون أمرا ليس مخالفا للبرتوكولات المعمول بها، فقط، وهو ما يمثل انتقاصا للسيادة اليمنية، بل تتجاوز ذلك إلى ضرب هيبة الشرعية، وجعلها مجرد أداة.

وتساءل تقرير بثته قناة “الجزيرة” كيف يستقيم أن يستقبل سفير دولة أخرى، رئيس أي بلاد في وطنه وعلى أرضه؟، مشيرة إلى أن ذلك الحدث استوقف كثيرون ذهب بعضهم إلى اعتبار الأمر أكبر من خطأ بروتكولي، بقدر ما هو كما قالوا إقرار لأمر واقع على الأرض، فمن يسيطر هناك ليس الشرعية بل تحالف السعودية والإمارات اللذين أصبح جنودهما وأي دبلوماسي تابع لهما يتصرف بذهنية من يسيطر ويملك فيسمح بوصول ذلك المسؤول اليمني ويمنع ذاك إذا شاء ورغب. وأضاف التقرير “أنه عمليا فإن قضم الشرعية وتآكل هيبتها على الأرض، أنتجا ما يشبه المندوب السامي الذي قد يكون إماراتيا حينا، وسعوديا حينا آخر .. والوصف كما يقول البعض يقصر عن حقيقة ما يجري فعليا، فالسفير السعودي وفق هؤلاء يتصرف داخل اليمن تماما كما كان يفعل بول بريمر في العراق .. يزور ويتفقد ويأمر وينهي ويمنح ويمنع”.

وأوضح التقرير أنه “وبحسب معارضي التدخل العسكري الإماراتي والسعودي في اليمن فإن الوجود السعودي في المهرة تحول إلى ما يشبه الاحتلال، فالمنافذ البحرية والبرية والجوية في المحافظة بأيدي السعوديين، بل أن مطار الغيظة تحول إلى ما يشبه الثكنة العسكرية، وهناك ما هو أسوأ وهو تحكم القوات السعودية بحركة السكان ومركباتهم في الشوارع الرئيسية، فأين ما ذهب ابن المحافظة يصادف نقاط تفتيش سعودية أقامتها قوات وصلت إلى المهرة نهاية العام الماضي وسيطرت وبسرعة على مفاصل المحافظة ووصل بها الأمر إلى منع صيادي المحافظة من الصيد الذي يعتاشون منه في ميناء نشطون على مضيق هرمز”.

وخلال الزيارة دعا هادي لوقف الخلافات والصراعات السياسية والقبلية في محافظة المهرة، حيث تأتي الزيارة بعد موجة من الغضب الشعبي واعتصامات ميدانية لأبناء المهرة احتجاجاً على انتشار قوات سعودية وإماراتية في عدد من المنشآت الحيوية بمحافظة المهرة بينها المطار وأبرز الموانئ والمنافذ البرية، حيث اعتبروا ذلك انتهاكاً للسيادة اليمنية بقوة السلاح.

وقال هادي، في لقاء مع قيادة السلطة المحلية والوجهاء والمشايخ والأعيان بالمهرة، بحضور السفير السعودي آل جابر، “تقف المهرة، اليوم، على أعتاب مرحلة جديدة، عنوانها البناء والتنمية والأمن والاستقرار والرخاء”. ودعا أبناء المهرة، إلى “الحفاظ على محافظتهم والتعاون والتكاتف والابتعاد عن الخلافات والصراعات السياسية والقبلية”.

ورأى مراقبون أن قيام هادي والسفير السعودي وضع حجر الأساس لجملة من المشاريع التعليمية والطبية والخدمي، بدعم من السعودية، هي محاولة مفضوحة من الرياض، لتهدئة الاحتجاجات الشعبية الواسعة والمناهضة لوجودها العسكري في المهرة المستمرة منذ نحو شهرين.

رسالة سعودية

وفي رسالة سعودية واضحة الدلالة نشرت صفحة السفارة السعودية في اليمن بموقع تويتر، تغريدة تضمنت صورتين الأولى لهادي أثناء نزوله من الطائرة والثانية أثناء استقبال السفير السعودي له بحرم المطار، فيما تضمن نص التغريدة : “سفير خادم الحرمين الشريفين لدى اليمن محمد آل جابر في مقدمة مستقبلي رئيس الجمهورية اليمنية عبدربه منصور هادي والذي وصل لمحافظة المهرة لافتتاح عدد من المشاريع التنموية ضمن برنامج إعادة إعمار اليمن الممول والمقدم من المملكة العربية السعودية للشعب اليمني الشقيق”، كما نشرت صفحة السفارة هذه التغريدة باللغتين العربية والإنجليزية، وهو ما اعتُبر رسالة سعودية واضحة، عبّر عنها ناشطون بالقول إن السعودية تريد أن تقول أنها هي صاحبة السيادة في محافظة المهرة.

وكان محللون يمنيون أكدوا أن السعودية تخطط للسيطرة على موانئ المهرة لتصدير النفط عبر بحر العرب والمحيط الهندي، بالنظر للتصعيد والتهديدات بإغلاق مضيقي هرمز وباب المندب. وسعت المملكة منذ وقت مبكر إلى إيجاد موطئ قدم لها بالمهرة، ويعود ذلك إلى رغبتها بالسيطرة على الشريط الحدودي لمد أنابيب النفط من صحراء الربع الخالي إلى بحر العرب، للتخلص من تهديدات طهران. وقال الباحث السياسي والخبير العسكري اليمني الدكتور علي الذهب إن “التحكمات الإيرانية في مضيق هرمز، تدفع السعودية إلى التخفيف من ذلك عبر مد أنابيب من حقل شيبة النفطي إلى سواحل المهرة بوصفها أقرب نقطة بحرية على المحيط الهندي خارج نفوذ إيران”.

شواهد على الاحتلال

ويبدو أن اتهامات الحوثيين للحكومة الشرعية بأنها لم تعد تملك أي قرار سيادي على الأراضي الخاضعة لسيطرة تحالف السعودية والإمارات جنوب وشرق اليمن، باتت تؤكده كل الشواهد من عدن الى المهرة وسقطرى وحضرموت وغيرها من محافظات جنوب اليمن.

ففي عدن، حيث تحكم الإمارات قبضتها على العاصمة المؤقتة، لا يستطيع أي مسؤول يمني بمن في ذلك الرئيس هادي، دخولها دون إذن الحاكم الإماراتي.

وكان نائب رئيس الوزراء اليمني وزير الداخلية أحمد الميسري أكد قبل أشهر أن الإمارات تمنع هادي من التواجد في عدن وترى وجوده في عدن غير مرغوب. وقال الميسري في حديث خاص لإذاعة فرنسا الدولية إن الإمارات العربية المتحدة للجنوب اليمني، تقف وراء منع الرئيس هادي من العودة إلى عدن“. كما كشف المسيري عن قيام جنود دولة الاحتلال الإماراتي وميلشياتها بتنفيذ مداهمات عشوائية مؤكدا تهميش دور الأمن السياسي والأمن القومي في مكافحة ما وصفه بالإرهاب.

السابق
حقيقة استراتيجية بسيطة: الحصار يفشل دوماً بتغيير سياسات الدول
التالي
البلدية: غرامة 100 ألف ريال لمزاولة الهندسة دون ترخيص