تفاصيل كاملة.. كيف عمل جورج نادر على قلب مواقف ترمب في الخليج!

وكالات – بزنس كلاس:

تتكشف كل يوم تافصيل المؤامرة التي تقودها الرياض وأبوظبي ضد مختلف الدول في المنطقة وقصة “تطويع” إدارة الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترمب للوصول إلى هذا الهدف. فقد كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن أن مستشار نظام أبوظبي، جورج نادر، عمل لأكثر من عام لتحويل “إليوت برويدي”، أحد كبار ممولي الرئيس ترامب، ليصبح أداة للتأثير على البيت الأبيض لصالح الإمارات والسعودية، بحسب مقابلات ووثائق لم تكشف سابقاً.

وفيما يلي أبرز ما جاء في تقرير صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، الذي ترجمته “عربي21”:
على مدى أكثر من عام، بذل مستشار نظام أبو ظبي، جورج نادر، كل ما في وسعه لتحويل أحد كبار جامعي التبرعات الجمهوريين إلى أداة تأثير على البيت الأبيض لصالح حكام السعودية ودولة الإمارات، وذلك بحسب ما ورد في مقابلات ووثائق لم يكشف النقاب عنها من قبل.

تكشف مئات الصفحات من الرسائل المتبادلة بين الرجلين عن أن جهدا كبيرا قد مورس للتأثير على الرئيس ترامب لصالح الإمارات والسعودية.

والرجلان هما: جورج نادر، مستشار سياسي لدى الحاكم الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة، وإليوت برويدي، نائب الرئيس المالي للجنة الوطنية في الحزب الجمهوري.

وكان يترأس قائمة أولوياتهما دفع البيت الأبيض نحو التخلص من وزير الخارجية ريكس دبليو تيلرسون، وتبني مقاربات عدائية لكل من إيران وقطر، وكذلك الضغط مرارا وتكرارا لحمل الرئيس على الاجتماع خارج البيت الأبيض بزعيم الإمارات.

وما حصل هو أن نادر أغرى جامع التبرعات برويدي بإمكانية حصوله على عقود تزيد قيمتها على مليار دولار لشركته التي تعمل في مجال توفير الأمن الخاص، واسمها سيرسيناس، وساعده فعلا في إبرام صفقات مع الإمارات بما تزيد قيمته على 200 مليون دولار.

وكان نادر قد كال المديح لبرويدي قائلا له: “كم تجيد التعامل مع الرئيس”، في إشارة إلى ترامب، وكرر على مسامع صديقه صاحب العلاقات القوية مع المتنفذين وصناع القرار، أنه أخبر الحكام الفعليين في كل من السعودية والإمارات عن “الدور المحوري والضروري والسحري الذي تقوم به لمساعدتهم”. ما مارسه نادر مع برويدي من تعهد وتأهيل، بحسب ما ورد في وثائق حصلت صحيفة “نيويورك تايمز” عليها، يعد نموذجا للأسلوب الذي سعت من خلاله دولتان في الخليج لكسب النفوذ داخل البيت الأبيض في عهد ترامب.

وكان نادر قد حصل على الحصانة جزءا من صفقة أبرمها للتعاون مع المحامي الخاص روبرت مولر، بحسب ما صرح به أشخاص على اطلاع جيد بمجريات القضية.
وقد تكشف علاقته ببرويدي عن مؤشرات حول المسار الذي يتجه نحوه التحقيق.

واستدعي نادر للعودة من الخارج للإدلاء بشهادة إضافية، بحسب ما خبر به شخص مطلع على الأمر هذا الأسبوع، علما أن المحققين في فريق مولر كانوا قد وجهوا أسئلة لعدد من الشهود حول العلاقات التي أنشأها نادر مع كبار المسؤولين في إدارة ترامب وحول دوره المحتمل في تحويل المال الإماراتي ليصب في خدمة الجهود السياسية للسيد ترامب، وهو ما يشير إلى أن التحقيق قد توسع ليشمل دور المال الأجنبي في صياغة السياسة التي تنتهجها إدارة ترامب.

ومن الأدلة التي تحتويها الوثائق، التي لم يكشف عنها النقاب من قبل، أن نادر قدم نفسه للمسؤولين على أنه وسيط مكلف بالإنابة عن القيادة السعودية. ورفض محامي نادر التعليق على الأنباء. أما بالنسبة للسيد برويدي فقد قال شخصان مقربان منه إنه لم يتلق اتصالاً من فريق التحقيق الذي يديره المحامي الخاص.

وقال برويدي في تصريح له إن جهوده “تهدف إلى تعزيز الأمن القومي للولايات المتحدة، وذلك بتنسيق تام مع الحكومة الأمريكية.” وأضاف: “طالما ترسخ لدي الاعتقاد بضرورة التصدي لإيران وللتطرف الإسلامي، وبضرورة التعاون الوثيق مع أصدقائنا في العالم العربي لإنجاز ذلك.”

وحصلت صحيفة النيويورك تايمز على الوثائق، التي تشتمل على رسائل إيميل وعروض وعقود تجارية، من مجموعة مجهولة الهوية تنتقد نهج برويدي في الدفاع عن السياسات الأمريكية الخارجية في منطقة الشرق الأوسط. وعرضت الصحيفة على ممثلين للسيد برويدي نسخاً من جميع رسائل الإيميل التي كانت تنوي الإشارة إليها في هذا التقرير، فما كان من برويدي إلا أن قال في تصريحه المشار إليه آنفاً إنه لا يستطيع تأكيد مدى صحتها جميعاً.

تشكيل العلاقة
التقى الرجلان لأول مرة خلال حفلات استقبال ومناسبات أخرى ذات علاقة بتنصيب ترامب. بدأ برويدي – البالغ من العمر ستين عاماً والذي طالما نشط كمتبرع للحزب الجمهوري وشغل منصب نائب رئيس لجنة جمع التبرعات داخل الحزب – حياته المهنية في قطاع التجارة والأعمال كمحاسب ثم أصبح مديراً للاستثمار في مؤسسة غلين بيل التي أسست شركة تاكو بيل.

وسرعان ما أصبح الاثنان صديقين، وبدآ منذ شهر فبراير يتبادلان رسائل الإيميل حول إمكانية الحصول على عقود لشركة سيرسيناس في كل من دولة الإمارات والسعودية، وكذلك حول الأهداف السعودية والإماراتية في واشنطن مثل إقناع واشنطن باتخاذ إجراء ضد الإخوان أو ممارسة الضغوط على حليفها الإقليمي دولة قطر.

في الخامس والعشرين من مارس، أرسل برويدي رسالة إيميل إلى نادر كانت عبارة عن بيانات مجدولة يستعرض فيها مقترحاً لتنظيم حملة في واشنطن للضغط السياسي والعلاقات العامة ضد قطر وضد الإخوان المسلمين، وأخبره في الرسالة أن الحملة ستكلف ما مقداره 12.7 مليون دولار.

إلا أن الشخصين المقربين من برويدي قالا إن الخطة كانت من إعداد طرف ثالث وزعها على من قد يروق لهم مثل هذا الأمر من المتبرعين الأمريكيين، وأكدا أن بعضاً مما ورد فيها من بنود هي التي تم تنفيذها فقط لا غير.  ومع ذلك فقد قدم نادر لبرويدي دفعة قدرها 2.7 مليون دولار مقابل “استشارات وتسويق وغير ذلك من الخدمات الاستشارية التي تم تقديمها”، والتي اعتبرت فيما يبدو مساهمة في دفع تكاليف تنظيم مؤتمرات عقدت في مركزين من مراكز الأبحاث في واشنطن هما معهد هدسون ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات.

وتحظر سياسات معهد هدسون تلقي التبرعات من حكومات أجنبية ليست ديمقراطية، أما مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية فتمنع تلقي التبرعات من جميع الحكومات الأجنبية، الأمر الذي يثير القلق بشأن الدور الذي يقوم به نادر بوصفه مستشارا لدولة الإمارات فيما لو ثبت أنه تبرع لأي من المركزين بشكل مباشر.

يتبين من الوثائق أن الدفعة التي قدمها نادر وردت من شركة يديرها هو وتتخذ من الإمارات مقراً لها اسمها جي إس للاستثمارات لصالح مؤسسة غامضة تتخذ من فانكوفر، بريتش كولومبيا، مقراً لها يديرها برويدي واسمها زيمان إنترناشيونال. وبحسب ما يقوله شخص مقرب من برويدي، تم دفع الأموال من خلال الشركة الكندية بناء على طلب نادر، ولم يتسن معرفة السبب وراء انتهاج هذا الطريق الملتوي في التمويل.

ويبدو من الوثائق أيضاً أن المحامين الذين يمثلون مصالح برويدي ناقشوا معه إمكانية إبرام اتفاق لمشاركة نادر في جزء من الأرباح التي ستجنى من الجولة الأولى من النشاط التجاري الذي مارسته شركته مع السعوديين والإماراتيين – الأمر الذي يعكس فيما يبدو الدور الأساسي الذي يلعبه في مساعدة شركة سيرسيناس في التفاوض للحصول على عقود أمنية مجزية.

ارتباطات قوية ومؤثرة
وبعد شهور، وبينما كان برويدي يعد لاجتماع داخل المكتب البيضاوي مع ترامب، ألح عليه نادر في رسالة مؤرخة في الأول من أكتوبر، بأن يحاول ترتيب لقاء خارج البيت الأبيض بين ترامب وقيادة الإمارات، والتي أشار إليها بعبارة “الصديقة”.

بعد ستة أيام، قام برويدي بما طلب منه تماماً، حيث ألح مراراً وتكراراً على ترامب أن يلتقي بالقيادة الإماراتية في مكان “هادئ” خارج البيت الأبيض – ربما في نيويورك أو في نيوجيرسي – بحسب ما ورد في تقرير مفصل حول الاجتماع أرسله برويدي إلى نادر بعد اللقاء بوقت قصير. قال برويدي في تقريره إن مستشار ترامب للأمن القومي العقيد إتش آر ماكماستر اعترض على الطلب.

وفي مذكرة إلى نادر حول اجتماع المكتب البيضاوي يوم السادس من أكتوبر، أكد برويدي أنه شخصياً حث ترامب على طرد تيلرسون، الذي كان السعوديون والإماراتيون يرون أنه لم يكن شديداً بما فيه الكفاية على إيران وقطر.

وفيما بعد، في فصل الخريف تحديداً، اشتكى نادر من أن الأمن الشخصي للرئيس منعه من التقاط صورة له مع ترامب في حفل لجمع التبرعات. ولم يستوعب برويدي الاعتراضات التي أبداها الأمن الرئاسي على نادر، فهو مستشار لحاكم الإمارات، وقد التقى بهذه الصفة عدة مرات مع كبار المسؤولين في الإدارة داخل البيت الأبيض خلال الأسبوع الأول من تسلم ترامب للرئاسة، ويبدو أن برويدي نجح في مهمته، ففي الرابع عشر من ديسمبر أرسل إلى نادر رسالة عبر البريد الإلكتروني تتضمن صورة له وهو يبتسم إلى جانب ترامب.

السابق
الدوحة: رفع الإنتاج الزراعي بنحو 50% في الصيف
التالي
تخريج دورة المستجدين 89