تفاصيل كاملة.. الدوحة -باريس: خط شراكة اقتصادية مزدهر.. والقادم وعد بالأفضل

تعتبر العلاقات الفرنسية-القطرية من العلاقات النموذجية بين دول العالم لما يسودها من التفاهم والتناغم على المستويين السياسي والاقتصادي وفق استراتيجيات تلتقي في كثير من النقاط بُني عليها لتعزيزها وقد انعكس نمو هذه العلاقات بين البلدين ازدهاراً اقتصادياً واستثمارياً متبادلاً بين الدوحة وباريس. ويعتبر العام 2016 عاماً مثالياً وشاهداً على العلاقات المتميزة بين قطر وفرنسا، التي تدخل في إطار الشراكة الإستراتيجية لكونها شهدت زخماً استثنائياً وتعاوناً مثمراً على كافة المستويات وفي مختلف الميادين والقطاعات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والتجارية والثقافية والعلمية والطبية والفنية والرياضية..

كما أن فرنسا تدعم مرشح قطر ليفوز بمنصب مدير عام اليونسكو بسبب إنجازات قطر في منظمة الأمم المتحدة في مجالات التعليم والثقافة وحماية التراث العالمي والاستثمار في الإنسان ومساعدة أطفال العالم.

متجر برانتامب أحد الاستثمارات القطرية في فرنسا

وتدرك فرنسا أن قطر تمثل أهمية حيوية في الاقتصادي والتجاري لكونها تسجل أفضل وضع اقتصادي ومالي، فهي تملك ثالث احتياطي الغاز في العالم وخامس دولة لديها فائض تجاري في العالم، كما تسجل أعلى معدل نمو اقتصادي في المنطقة بفضل الرؤية الحكيمة للقيادة في قطر ولاسيَّما رؤية قطر الوطنية لعام 2030، من خلال المنهجية والعقلانية التي تصور ما ينبغي أن تكون عليه قطر في المستقبل، ولهذا تريد فرنسا أن تكون لها مساهمة في تحقيق هذه الرؤية القطرية، كما تؤدي قطر في الاقتصاد الدولي دوراً جديداً شديد البروز في الساحة الدولية بفضل مواردها الهائلة.

عقود استثمارية

وقد أسهمت دولة قطر في إعادة إطلاق الاقتصاد الفرنسي بتعاقدات مهمة عبر الصندوق السيادي القطري وتوسيع الاستثمارات القطرية في السوق الفرنسي وفق خطة التنويع الاقتصادي والاستثماري للبلدين، حيث تضاعف مستوى التجارة الثنائية بين البلدين لعام 2016، ووصلت قيمة العقود التي وقعتها الشركات الفرنسية في قطر حوالي 8 مليارات دولار أمريكي بينما كانت في العام الماضي حوالي 4 مليارات دولار أمريكي، مما جعل فرنسا الشريك التجاري الثاني لقطر، والوجهة الثانية للاستثمار القطري في العالم، بما يعود بالنفع على دولة قطر والجمهورية الفرنسية.

فرنسا ضمن قائمة الدول المستوردة للغاز القطري

وحقّقت فرنسا طفرة وقد كانت تحل في المرتبة التاسعة منذ عامين وتبلغ حجم الاستثمارات القطرية في الجمهورية الفرنسية أكثر من 25 مليار دولار، هذا بالإضافة إلى الاستثمارات القطرية الخاصة التي تقدر بحوالي خمسة مليارات دولار، ولهذا تعتبر فرنسا أكبر بلد للاستثمارات القطرية في الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا.

نمو الصادرات

وسجّلت صادرات فرنسا إلى قطر في الأشهر الثمانية الأولى لعام 2016 ارتفاعاً بمعدل 300% مقارنة بنفس الفترة لعام 2015 (ارتفاع بمعدل 460% في خلال الأشهر الستة الأولى) إذ بلغت 8 مليارات يورو. كما سجّلت الصادرات في غير الصناعات الجوية ارتفاعاً بمعدل 55% وبلغت 463 مليون يورو، وهو اتجاه مطّرد منذ عدة أعوام، سواء فيما يخص التجهيزات أو السلع الاستهلاكية.

باريس الشريك الاستثماري الثاني للدوحة

وتشير التقديرات الأولية لصندوق النقد الدولي إلى أن حصة فرنسا من السوق في الربع الأول من عام 2016 تبلغ 7.3%، بينما كانت 3.5% في عام 2015، ومن ثم تتبوأ فرنسا المرتبة الثانية في قائمة مورّدي قطر في عام 2016، قبل الصين والمملكة المتحدة وبعد الولايات المتحدة الأمريكية (16.3%).

الاستثمارات الفرنسية

وسجّلت الاستثمارات الفرنسية المباشرة في قطر ارتفاعاً ملحوظاً في السنوات الماضية، كما فرضت المنشآت الفرنسية نفسها في القطاعات العديدة التالية: الصناعات الجوية ومعالجة المياه والتوزيع والإنشاء والترف.

وتشير بيانات مصرف فرنسا إلى أن مخزون الاستثمارات الفرنسية المباشرة في قطر بلغ 4.6 مليار يورو في عام 2016، ولا ينفك عدد فروع المنشآت الفرنسية في قطر يتزايد ليتضاعف في عام 2017.

فندق رويال مونسو.. أحد الاستثمارات القطرية في فرنسا
وزير الاقتصاد والتجارة الفرنسي إيمانويل ماكرون

وتوقع قصر الإليزيه في تصريحات لمندوب “الشرق” في باريس، أن يرتفع حجم الاستثمارات الفرنسية في قطر بالمرحلة المقبلة بمعدلات متسارعة في عام 2017 لدخول السوق القطرية والفوز بنصيب أكبر من الفرص المتاحة التي يوفرها الاقتصاد القطري، ولاسيَّما مع اقترابنا من العام 2022 والاتفاق على العديد من المشاريع الفرنسية المرتبطة بتنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم لإطلاق عجلة التنمية في فرنسا وتوفير فرص عمل تتجاوز 6000 وظيفة، عبر سلسلة من المشاريع الفرنسية الموقعة هذا العام ويجري العمل بها كالمترو وميناء الدوحة الجديد وشركات الإضاءة والكهرباء الفرنسية وحتى الشركات الأمنية والبرامج السياحية الفرنسية.

200 شركة

ويوجد في السوق القطري أكثر من 200 شركة فرنسية تستثمر في البلاد نصفها مسجلة برأسمال مملوك بنسبة 100% للمؤسسات الفرنسية، وتأمل فرنسا في مضاعفتها فضلًا عن وجود 100 شركة أخرى برأسمال مشترك قطري فرنسي، فقد استقطب السوق القطري مؤسسات فرنسية كبرى مثل فنسي ولاجرديار، بالإضافة إلى الاستثمار في قطاع البترول والغاز عبر شركة توتال، حيث زادت الاستثمارات في الشركات القطرية هذا العام، سيما: قطر للكيماويات وشركة قطر للغاز المسال المحدودة وشركة قاتوفين وشركة غزال وشركة سفيربترليوم، وكذلك شركة كيو دي في سي، وهناك شركات مختصة في المعارض والمؤتمرات حيث تعتبر الدوحة واجهة كبيرة للمؤتمرات والمعارض.

صفقات هامة

ورغم أن المملكة المتحدة تتصدر بفارق كبير وجهات استقطاب الاستثمارات القطرية من حيث عدد الاستثمارات وقيمتها، فإن فرنسا غدت هدفا جذّاباً على نحو خاص لهذه الاستثمارات بعد خروج لندن من الفلك الأوروبي، وتمثل استثمارات جهاز قطر للاستثمار حافظة طويلة الأجل موجهة لملكية الأسهم، وتعزّز صورة قطر على الصعيد الدولي، إذ إنها تنجز صفقات شراء مرموقة (شبكة متاجر لو برانتان، ونادي كرة القدم باريس-سان-جيرمان، ومجموعة لو تانور) ولاسيَّما فيما يخص العقارات والفنادق الفخمة في كل من باريس ونيس وكان. كما يستثمر جهاز قطر للاستثمار عبر الصندوق المشترك بينه وبين صندوق الودائع والأمانات الفرنسي لدعم المنشآت المتوسطة والصغيرة الحجم، الذي يطلق عليه اسم “أبطال المستقبل الفرنسيون”.

كادران

أنشأ مع مستهل عام 2016 سفير دولة قطر السابق في باريس والحالي في واشنطن الشيخ مشعل بن حمد آل ثاني وطاقم السفارة القطرية المتميز في باريس، مجموعة اقتصادية مشتركة بين قطر وفرنسا (كادران) لتكون بمثابة الرابطة الاقتصادية الفرنسية القطرية بجمع رموز الاقتصاد الفرنسي والقطري وإنشاء حلقة كادران الاقتصادية الفرنسية القطرية واجتماعهم بشكل دوري في لقاءات شراكة اقتصادية مهمة بين الجانبين حول المواضيع والرهانات والتحديات التي تواجه البلدين.

علاقات متميزة

وكان وزير الاقتصاد والتجارة الفرنسي إيمانويل ماكرون، أشاد في تصريحات سابقة بالعلاقات المتميزة بين فرنسا وقطر، لافتاً إلى أن هذه العلاقة تدخل في إطار الشراكة الإستراتيجية، لتميزها، لكونها تشهد زخماً استثنائياً في شتى المجالات، ولاسيَّما السياسية والاقتصاد والتجارة والمجالات الأمنية والعسكرية، وهناك تعاون أيضاً في المجال الثقافي والعلمي، وقال: إن بلاده تسعى إلى تعميق العلاقات الثنائية وتعزيزها.

وأضاف ماكرون: إن دولة قطر تعتبر أفضل بلد مسلح اقتصاديًا، لأن لديها اقتصاداً سليماً وقوياً وصلباً، ولم تتأثر قطر بالهزة المالية في الأزمة الاقتصادية العالمية، ولا بانخفاض سعر النفط الذي هو تحدٍ كبير.

السابق
أمين عام “إيكاو”.. إنجازات نوعية لقطاع الطيران القطري بزمن قياسي
التالي
مكاتب السفر.. أين يفضل القطريون قضاء إجازة الربيع؟